حرف الباء / أبو بكر الصديق خليفة رسول الله (ص) رضي الله عنه

           

عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي[1].
ولأمير المؤمنين خليفة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألقاب متعددة، أشهرها:
1 ـ العتيق: لقَّبه به النبي صلّى الله عليه وسلّم، فقد قال له: «أنت عتيق الله من النار» ، فسمي عتيقًا[2].
وفي رواية عائشة رضي الله عنها قالت: دخل أبو بكر الصديق على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أبشر، فأنت عتيق الله من النار»[3].
فمن يومئذ سُمي عتيقًا، وقد ذكر المؤرخون أسبابًا أخرى لهذا اللقب.
2 ـ الصدِّيق: لقَّبه به النبي صلّى الله عليه وسلّم، ففي حديث أنس رضي الله عنه؛ أنه قال: إن النبي صلّى الله عليه وسلّم صعد أُحدًا، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فرجف بهم فقال: «اثبت أحد، فإنما عليك نبيٌّ وصدِّيق وشهيدان»[4].
وقد لُقِّب بالصدِّيق؛ لكثرة تصديقه للنبي صلّى الله عليه وسلّم، وفي هذا تروي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: «لما أسري بالنبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد الأقصى، أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعى رجال إلى أبي بكر، فقالوا: هل لك إلى صاحبك؟ يزعم أن أسري به الليلة إلى بيت المقدس! قال: وقد قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن قال ذلك فقد صدق. قالوا: أو تصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس، وجاء قبل أن يصبح!؟ قال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر: الصديقَ»[5].
وقد أجمعت الأمة على تسميته بالصديق؛ لأنه بادر إلى تصديق الرسول صلّى الله عليه وسلّم، ولازمه الصدق فلم تقع منه هناة أبدًا[6].
3 ـ الصاحب: لقَّبه به الله عزّ وجل في القرآن الكريم، فقال: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ *} [التوبة] .
وقد أجمع العلماء على أن الصاحب المقصود هنا هو: أبو بكر رضي الله عنه؛ فعن أنس أن أبا بكر حدثه فقال: قلت للنبي صلّى الله عليه وسلّم وهو في الغار: لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه! فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟»[7].
والأحاديث في كونه كان معه في الغار كثيرة شهيرة، ولم يشركه في هذه المنقبة غيره[8].


[1] الإصابة لابن حجر (4/144، 145) [دار الكتب العلمية، بيروت].
[2] الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان (15/280) [مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1]، وإسناده صحيح.
[3] أخرجه الترمذي (أبواب المناقب، رقم 3679) وقال: «غريب»، وضعفه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/102)، لكن له شاهد عند ابن حبان (كتاب إخباره صلّى الله عليه وسلّم عن مناقب الصحابة، رقم 6864)، قال الألباني: «سنده جيد». السلسلة الصحيحة (4/103).
[4] أخرجه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، رقم 3675).
[5] أخرجه الحاكم في المستدرك (كتاب معرفة الصحابة، رقم 4407) وصححه، وصححه الألباني بشاهده انظر: السلسلة الصحيحة (رقم 306).
[6] الطبقات الكبرى (2/172) [دار صادر، بيروت].
[7] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3653)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2381).
[8] الإصابة في تمييز الصحابة (4/148).


مولده:
لم يختلف العلماء في أنه ولد بعد عام الفيل، وإنما اختلفوا في المدة التي كانت بعد عام الفيل، فبعضهم قال: بثلاث سنين، وبعضهم ذكر أنه ولد بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وآخرون قالوا: بسنتين وأشهر، ولم يحددوا عدد الأشهر[1].
وقد نشأ نشأة كريمة طيبة في حضن أبوين لهما الكرامة والعز في قومهما، مما جعل أبا بكر ينشأ كريم النفس، عزيز المكانة في قومه[2].
وفـاتـه:
توفي أبو بكر الصديق وهو ابن ثلاث وستين سنة، مجمع على ذلك في الروايات كلها، استوفى سن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وغسَّلته زوجه أسماء بنت عميس، وكان قد أوصى بذلك[3]، ودفن بجانب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وقد جعل رأسه عند كتفي رسول الله[4]، وصلى عليه خليفته عمر بن الخطاب، ونزل قبره عمر وعثمان وطلحة وابنه عبد الرحمن، وألصق اللحد بقبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم[5].


[1] سيرة وحياة الصديق، لمجدي فتحي السيد (29)، وتاريخ الخلفاء (56) [دار صادر، بيروت، ط1].
[2] تاريخ الدعوة إلى الإسلام في عهد الخلفاء الراشدين (30).
[3] الطبقات لابن سعد (3/203، 204) [دار صادر، بيروت]، وإسناده صحيح.
[4] تاريخ الإسلام للذهبي، عهد الخلفاء الراشدين (120) [دار الكتاب العربي، ط1، 1407هـ].
[5] أصحاب رسول الله (1/106) [مكتبة أبي حذيفة السلفي، ط1، 1420هـ].


كان أبو بكر الصديق ملازمًا للنبي صلّى الله عليه وسلّم في الجاهلية؛ بحكم ما يجمعهما من تقارب في السن، وكونهما من بلد واحد، وتلازمهما في التجارة، وتشابههما في السجايا والأخلاق التي جعلت نفسيهما طاهرتين من عقيدة الوثنية، وميالتين إلى الحق والفضيلة.
وقد ساعدت هذه العوامل الصديق بعد توفيق الله له على سرعة الاستجابة للإسلام، والإيمان برسالة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم لأول وهلة من غير تردد[1].
وقد ثبت عن أبي الدرداء؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال حين خاصم بعض الصحابة أبا بكر: «إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت..»[2].
والخلاف في أول من أسلم خلاف مشهور قديم، وجمع القرطبي رحمه الله بين أقوال أهل العلم بقوله: «كان إسحاق بن إبراهيم بن راهويه الحنظلي يجمع بين هذه الأخبار، فكان يقول: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الصبيان علي، ومن الموالي زيد بن حارثة، ومن العبيد بلال. والله أعلم»[3].


[1] أبو بكر الصديق، لعلي الطنطاوي (71 ـ 72) [دار المنارة، جدة، ط3]، والخلفاء الراشدون لمحمد بن إسماعيل إبراهيم (18) [دار الفكر العربي، ط1].
[2] أخرجه البخاري (كتاب تفسير القرآن، رقم 4640).
[3] تفسير القرطبي (8/237) [دار إحياء التراث العربي، بيروت، لبنان، ط1، 1965م].


أبو بكر الصديق رضي الله عنه أفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين، لا يشك في ذلك ولا يرتاب فيه من وفقه الله إلى المعتقد الصحيح الواجب اعتقاده، وقد ورد في فضله ومنزلته آيات في كتاب الله تبارك وتعالى، منها:
1 ـ قول الله تعالى: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] .
وهذه الآية من أوضح ما يدل على فضيلة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وقد أجمع المسلمون على أن المراد بالصاحب المذكور في الآية هو: أبو بكر الصديق رضي الله عنه[1].
قال ابن تيمية رحمه الله: «لا ريب أن الفضيلة التي حصلت لأبي بكر في الهجرة لم تحصل لغيره من الصحابة بالكتاب والسُّنَّة والإجماع، فتكون هذه الأفضلية ثابتة له دون عمر وعثمان وعلي وغيرهم من الصحابة، فيكون هو الإمام، فهذا هو الدليل الصدق الذي لا كذب فيه. يقول الله: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: 40] ، ومثل هذه الفضيلة لم تحصل لغير أبي بكر قطعًا... والأفضلية إنما تثبت بالخصائص لا بالمشتركات»[2].
2 ـ وقول الله جلّ جلاله: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ *} [الزمر] ، فقد روى ابن جرير بإسناده[3] إلى علي رضي الله عنه قال: «{وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ}، قال: محمد صلّى الله عليه وسلّم، {وَصَدَّقَ بِهِ}، قال: أبو بكر رضي الله عنه».
«والصحابة الذين كانوا يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن مـحمدًا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأن القرآن حق، هم أفضل من جاء بالصدق وصدق به، بعد الأنبياء»[4]، وأبو بكر الصديق رضي الله عنه أولى من تحقق فيه هذا الوصف رضي الله عنه.
3 ـ وقوله سبحانه وتعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ *} [التحريم] ؛ وقد جاء عن كثير من المفسرين من الصحابة وغيرهم أن المراد بـ(صالح المؤمنين): أبو بكر وعمر رضي الله عنهما[5].
4 ـ وقال الله تبارك وتعالى : {وَلاَ يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلاَ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ *} [النور] ، قال الآلوسي رحمه الله: «واستدل بها على فضل الصديق رضي الله عنه؛ لأنه داخل في أولي الفضل قطعًا؛ لأنه وحده أو مع جماعة سبب النزول، ولا يضر في ذلك عموم الحكم لجميع المؤمنين»[6].
وأما عن فضله في سُنَّة النبي صلّى الله عليه وسلّم فكثيرة ومتنوعة الدلائل، ومن ذلك:
1 ـ اشتراكه مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في معية الاختصاص والنصرة:
فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: حدثني أبو بكر فقال: «كنت مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في الغار فرأيت آثار المشركين، قلت: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه رآنا، قال: «ما ظنك باثنين الله ثالثهما»»[7].
فهذا الحديث تضمن منقبة عظيمة ظاهرة لأبي بكر رضي الله عنه، وتلك منقبة أنه كان ثاني اثنين ثالثهما رب العالمين[8].
2 ـ أبو بكر الصديق أعلم الناس بالنبي صلّى الله عليه وسلّم ومراده:
فعن أبي سعيد الخدري قال: خطب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، الناس وقال: «إن الله خيَّر عبدًا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ذلك العبد ما عند الله» ، قال: فبكى أبو بكر، فعجبنا لبكائه: أن يخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن عبد خُيِّر، فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هو المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن من أمنّ الناس علي في صحبته وماله أبا بكر، ولو كنت متخذًا خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته، لا يبقين في المسجد باب إلا سُدَّ إلا باب أبي بكر»[9].
3 ـ أبو بكر الصديق رضي الله عنه أحب الرجال إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم:
فعن عمرو بن العاص رضي الله عنه؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم بعثه على جيش ذات السلاسل، فأتيته فقلت: «أيّ الناس أحبّ إليك؟ قال: «عائشة»، فقلت: من الرجال؟ فقال: «أبوها»، قلت: ثم مَنْ؟ قال: «ثم عمر بن الخطاب» فعد رجالاً»[10].
4 ـ شهادة النبي صلّى الله عليه وسلّم له بالجنة بعينه :
فعن عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة»[11].
وفضائل هذا الصحابي الجليل كثيرة، وما ذكر إنما هو نزر يسير، وفيه ما يكفي، والله الهادي.


[1] ينظر: الإصابة (2/335)، وتاريخ الخلفاء (48)، والروض الأنيق في إثبات إمامة الصديق (99)، وغيرها.
[2] منهاج السُّنَّة (7/121) [جامعة الإمام، ط1].
[3] أخرجه الطبري في تفسيره (21/290) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[4] منهاج السُّنَّة (2/33).
[5] ينظر لذلك: جامع البيان (28/162).
[6] روح المعاني (18/125 ـ 126) [دار إحياء التراث العربي، بيروت].
[7] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3653)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2381).
[8] الصحابة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لصالح طه (40) [مكتبة الغرباء، الأردن، ط2، 1435هـ].
[9] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3654).
[10] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3662)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2384).
[11] أخرجه الترمذي (أبواب المناقب، رقم 3747)، وأحمد (3/209) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب إخباره صلّى الله عليه وسلّم عن مناقب الصحابة، رقم 7002)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 50) [المكتب الإسلامي].


يكفي في إبراز مكانة هذا الصحابي الجليل أن الأمة أجمعت على أنه خير البشر بعد الأنبياء والمرسلين، ومن تلك النقول التي تبرز هذه الفضيلة العظيمة وتحكيها إجماعًا عن الأمة ما يلي:
ـ روى البيهقي بإسناده عن الإمام الشافعي قوله: «ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقديمهما على جميع الصحابة...»[1].
ـ وقال الحافظ ابن حجر: «ونقل البيهقي في الاعتقاد بسنده إلى أبي ثور عن الشافعي أنه قال: أجمع الصحابة وأتباعهم على أفضلية أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي»[2].
ـ وقال النووي: «اتفق أهل السُّنَّة على أن أفضلهم أبو بكر ثم عمر»[3].
ـ وقال ابن تيمية: «وقد اتفق أهل السُّنَّة والجماعة على ما تواتر عن علي بن أبي طالب أنه قال: خير هذه الأمة بعد نبيِّها أبو بكر ثم عمر»[4].
وقال ابن تيمية أيضًا: «سأل الرشيد مالك بن أنس عن منزلتهما [يعني: أبا بكر وعمر] من النبي صلّى الله عليه وسلّم في حياته، فقال: منزلتهما منه في حياته كمنزلتهما منه بعد مماته. وكثرة الاختصاص والصحبة، مع كمال المودة والائتلاف والمحبة والمشاركة في العلم والدين، تقتضي أنهما أحق بذلك من غيرهما. وهذا ظاهر بيِّن لمن له خبرة بأحوال القوم. أما الصدِّيق فإنه مع قيامه بأمور من العلم والفقه عجز عنها غيره ـ حتى بيَّنها لهم ـ لم يحفظ له قول مخالف نصًّا.
هذا يدل على غاية البراعة. وأما غيره فحفظت له أقوال كثيرة خالفت النص؛ لكون تلك النصوص لم تبلغهم»[5].


[1] الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد (192) [دار الفضيلة، ط1، 1420هـ].
[2] فتح الباري (7/17).
[3] المنهاج شرح صحيح مسلم (15/148).
[4] الوصية الكبرى (32) [مكتبة الصديق، الطائف، ط1].
[5] مجموع الفتاوى (4/403) [طبعة مجمع الملك فهد، ط1، 1416هـ].


المسألة الأولى: ثباته رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وسلّم:
قال الحافظ ابن رجب: «ولما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اضطرب المسلمون؛ فمنهم من دهش فخولط، ومنهم من أقعد فلم يطق القيام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام، ومنهم من أنكر موته بالكلية»[1].
قال القرطبي مبيِّنًا عظم هذه المصيبة وما ترتب عليها من أمور: «من أعظم المصائب المصيبة في الدين.. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصابه بي؛ فإنها أعظم المصائب»[2] ، وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لأن المصيبة به أعظم من كل مصيبة يصاب بها المسلم بعده إلى يوم القيامة؛ انقطع الوحي، وماتت النبوة، وكان أول ظهور الشر بارتداد العرب وغير ذلك، وكان أول انقطاع الخير وأول نقصانه»[3].
وقال ابن إسحاق: «ولما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عظمت به مصيبة المسلمين، فكانت عائشة فيما بلغني تقول: لما توفي النبي صلّى الله عليه وسلّم ارتدت العرب، واشرأبت اليهودية والنصرانية، ونجم النفاق، وصار المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة الشاتية لفقد نبيِّهم»[4].
ولما سمع أبو بكر الخبر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح، حتى نزل، فدخل المسجد، فلم يكلم الناس، حتى دخل على عائشة فتيمم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو مغشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبله وبكى، ثم قال: بأبي أنت وأمي، والله لا يجمع الله عليك موتتين؛ أما الموتة التي كتبت عليك فقدمتها[5]، وخرج أبو بكر وعمر يتكلم، فقال: اجلس يا عمر، وهو ماض في كلامه وفي ثورة غضبه، فقام أبو بكر في الناس خطيبًا بعد أن حمد الله وأثنى عليه، فقال: «أما بعد، فإن من كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت»، ثم تلا هذه الآية: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ *} [آل عمران] فنشج الناس يبكون[6].
قال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت، حتى ما تقلني رجلاي، وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، علمت أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد مات[7].
قال القرطبي: «هذه الآية أدل دليل على شجاعة الصديق وجراءته؛ فإن الشجاعة والجرأة حدهما ثبوت القلب عند حلول المصائب، ولا مصيبة أعظم من موت النبي صلّى الله عليه وسلّم، فظهرت شجاعته وعلمه، قال الناس: لم يمت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، منهم عمر، وخرس عثمان، واستخفى علي، واضطرب الأمر، فكشفه الصديق بهذه الآية حين قدومه من مسكنه بالسنح»[8].
كان موت محمد صلّى الله عليه وسلّم مصيبة عظيمة، وابتلاء شديدًا، ومن خلالها وبعدها ظهرت شخصية الصديق كقائد للأمة، فذ لا نظير له ولا مثيل[9].
تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: «فوالله لكأن الناس لم يكونوا يعلمون أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه، فتلقاها منه الناس، فما يسمع بشر إلا يتلوها»[10].
المسألة الثانية: مبايعته في سقيفة بني ساعدة وإجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك:
لما علم الصحابة رضي الله عنهم بوفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة في اليوم نفسه، وهو يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة، وتداولوا الأمر بينهم في اختيار من يلي الخلافة من بعده[11].
والتف الأنصار حول زعيم الخزرج سعد بن عبادة رضي الله عنه، ولما بلغ خبر اجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة إلى المهاجرين، وهم مجتمعون مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه لترشيح من يتولى الخلافة[12]، قال المهاجرون لبعضهم: انطلقوا بنا إلى إخواننا من الأنصار، فإن لهم في هذا الحق نصيبًا[13].
قال عمر رضي الله عنه: فانطلقنا نريدهم، فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلين صالحين[14]، فذكر ما تمالأ عليه القوم، فقالا: أين تريدون يا معشر المهاجرين؟ قلنا: نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار، فقالا: لا؛ عليكم أن لا تقربوهم، اقضوا أمركم، فقلت: والله لنأتينهم، فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة، فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم، فقلت: من هذا؟ فقالوا: هذا سعد بن عبادة، فقلت: ما له؟ قالوا: يوعك. فلما جلسنا قليلاً تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم ـ معشر المهاجرين ـ رهط، وقد دفت دافة من قومكم[15]. فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر[16]، فلما سكت أردت أن أتكلم ـ وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر ـ وكنت أداري منه بعض الحد، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك، فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر، فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت، فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم ـ فأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ـ فلم أكره مما قال غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحبّ إليّ من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللَّهُمَّ إلا أن تسول إلي نفسي عند الموت شيئًا لا أجده الآن.
فقال قائل من الأنصار: أنا جذيلها المحكك، وعذيقها المرجب[17]، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش، فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، حتى فرقت من الاختلاف فقلت: ابسط يدك، فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعته الأنصار[18].
وفي رواية أحمد: «... فتكلم أبو بكر رضي الله عنه فلم يترك شيئًا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من شأنهم إلا وذكره، وقال: ولقد علمتم أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «لو سلك الناس واديًا وسلكت الأنصار واديًا سلكت وادي الأنصار» ، ولقد علمت يا سعد[19] أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال وأنت قاعد: «قريش ولاة هذا الأمر، فبر الناس تبع لبرهم، وفاجر الناس تبع لفاجرهم» ، فقال له سعد: صدقت، نحن الوزراء وأنتم الأمراء[20].
وبهذا حصل الإجماع على خلافة أبي بكر الصديق رضوان الله عليه[21].
فأهل السُّنَّة والجماعة سلفًا وخلفًا على أن أحق الناس بالخلافة بعد النبي صلّى الله عليه وسلّم أبو بكر الصديق رضي الله عنه؛ لفضله وسابقته، ولتقديم النبي صلّى الله عليه وسلّم إياه في الصلوات على جميع الصحابة.
وقد فهم أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم مراد المصطفى صلّى الله عليه وسلّم من تقديمه في الصلاة، فأجمعوا على تقديمه في الخلافة ومتابعته ولم يتخلف منهم أحد، ولم يكن الرب جلّ جلاله ليجمعهم على ضلالة، فبايعوه طائعين وكانوا لأوامره ممتثلين ولم يعارض أحد في تقديمه[22].
فعندما سئل سعيد بن زيد: متى بويع أبو بكر؟ قال: يوم مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كرهوا أن يبقوا بعض يوم وليسوا في جماعة[23]، وقد نقل جماعة من أهل العلم المعتبرين إجماع الصحابة ومن جاء بعدهم من أهل السُّنَّة والجماعة على أن أبا بكر رضي الله عنه أولى بالخلافة من كل أحد[24]، وهذه بعض أقوال أهل العلم:
أ ـ قال الخطيب البغدادي: «أجمع المهاجرون والأنصار على خلافة أبي بكر، قالوا له: يا خليفة رسول الله، ولم يسم أحد بعده خليفة. وقيل: إنه قبض النبي صلّى الله عليه وسلّم عن ثلاثين ألف مسلم، كل قال لأبي بكر: يا خليفة رسول الله، ورضوا به من بعده رضي الله عنهم»[25].
ب ـ وقال أبو الحسن الأشعري: «أثنى الله عزّ وجل على المهاجرين والأنصار والسابقين إلى الإسلام، ونطق القرآن بمدح المهاجرين والأنصار في مواضع كثيرة، وأثنى على أهل بيعة الرضوان، فقال عزّ وجل: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح: 18] ، قد أجمع هؤلاء الذين أثنى عليهم ومدحهم على إمامة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وسموه خليفة رسول الله وبايعوه وانقادوا له وأقروا له بالفضل، وكان أفضل الجماعة في جميع الخصال التي يستحق بها الإمامة في العلم والزهد، وقوة الرأي وسياسة الأمة، وغير ذلك»[26].
المسألة الثالثة: إنفاذ أبي بكر الصديق جيش أسامة رضي الله عنهما:
في العام الحادي عشر ندب النبي صلّى الله عليه وسلّم الناس لغزو الروم بالبلقاء وفلسطين، وفيهم كبار المهاجرين والأنصار، وأمَّر عليهم أسامة رضي الله عنه[27].
قال الحافظ ابن حجر: «كان تجهيز أسامة يوم السبت قبل موت النبي صلّى الله عليه وسلّم بيومين، وكان ابتداء ذلك قبل مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم، فندب الناس لغزو الروم في آخر صفر، ودعا أسامة فقال: سر إلى موضع مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش»[28].
ثم مرض النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد البدء بتجهيز هذا الجيش بيومين، واشتد وجعه صلّى الله عليه وسلّم، فلم يخرج هذا الجيش وظل معسكرًا بالجرف، ورجع إلى المدينة بعد وفاة النبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم.
وقد حصل اضطراب بعد وفاته صلّى الله عليه وسلّم بارتداد بعض العرب، ونجوم النفاق لبَّث الفتنة بين المسلمين، فرأى بعض الصحابة رضي الله عنهم عدم إنفاذ جيش أسامة رضوان الله عليه[29].
فلما تولى الصديق الخلافة أمر رضي الله عنه رجلاً في اليوم الثالث من متوفى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن ينادي في الناس: ليتم بعث أسامة، ألا لا يبيتن في المدينة أحد من جيش أسامة إلا خرج إلى عسكره بالجرف.
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: «لما وقعت هذه الأمور أشار كثير من الناس على الصديق أن لا ينفذ جيش أسامة؛ لاحتياجه إليه فيما هو أهم الآن مما جهز بسببه في حال السلامة، وكان من جملة من أشار بذلك عمر بن الخطاب، فامتنع الصديق من ذلك، وأبى أشد الإباء إلا أن ينفذ جيش أسامة، وقال: والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولو أن الطير تخطفنا، والسباع من حول المدينة، ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين، لأجهزن جيش أسامة. فجهزه وأمر الحرس يكونون حول المدينة، فكان خروجه في ذلك الوقت من أكبر المصالح، والحالة تلك، فساروا لا يمرون بحي من أحياء العرب إلا أرعبوا منهم، وقالوا: ما خرج هؤلاء من قوم إلا وبهم منعة شديدة. فغابوا أربعين يومًا، ويقال: سبعين يومًا، ثم آبوا سالمين غانمين، ثم رجعوا فجهزهم حينئذ مع الأحياء الذين أخرجهم لقتال المرتدة، ومانعي الزكاة، على ما سيأتي تفصيله.
وهذا دليل على قوة إيمان الصديق، وقوة امتثاله لما أمر به النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولهذا حصل النفع العظيم بإنفاذ جيش أسامة رضي الله عنه كما هو معلوم.
المسألة الرابعة: قتال أبي بكر الصديق رضي الله عنه للمرتدين:
لما كانت الردة قام أبو بكر رضي الله عنه في الناس خطيبًا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: «الحمد لله الذي هدى فكفى، وأعطى فأعفى. إن الله بعث محمدًا صلّى الله عليه وسلّم والعلم شريد، والإسلام غريب طريد، قد رث حبله وخَلَق ثوبه وضل أهله منه، ومقت الله أهل الكتاب فلا يعطيهم خيرًا لخير عندهم، ولا يصرف عنهم شرًّا لشر عندهم، وقد غيروا كتابهم وألحقوا فيه ما ليس منه، والعرب الآمنون يحسبون أنهم في منعة من الله لا يعبدونه ولا يدعونه، فأجهدهم عيشًا وأظلهم دينًا، في ظلف من الأرض مع ما فيه من السحاب، فختمهم الله بمحمد وجعلهم الأمة الوسطى، ونصرهم بمن اتبعهم، ونصرهم على غيرهم، حتى قبض الله نبيّه فركب منهم الشيطان مركبه الذي أنزل عليه، وأخذ بأيديهم، وبغى هلكتهم: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ *} [آل عمران] . إن من حولكم من العرب قد منعوا شاتهم وبعيرهم، ولم يكونوا في دينهم ـ وإن رجعوا إليه ـ أزهد منهم يومهم هذا، ولم تكونوا في دينكم أقوى منكم يومكم هذا على ما قد تقدم من بركة نبيكم، وقد وكلكم إلى المولى الكافي الذي وجده ضالًّا فهداه وعائلاً فأغناه: {وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا} [آل عمران: 103] .
والله لا أدع أن أقاتل على أمر الله حتى ينجز الله وعده ويوفي لنا عهده، ويقتل من قتل منا شهيدًا من أهل الجنة، ويبقى من بقي منها خليفته وذريته في أرضه، قضاء الله الحق، وقوله الذي لا خلف له: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ} [النور: 55] »[30].
وقد أشار بعض الصحابة ـ ومنهم عمر ـ على الصديق بأن يترك مانعي الزكاة ويتألفهم حتى يتمكن الإيمان من قلوبهم، ثم هم بعد ذلك يزكون، فامتنع الصديق عن ذلك وأباه[31].
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «لما توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان أبو بكر رضي الله عنه، وكفر من كفر من العرب، فقال عمر رضي الله عنه: كيف نقاتل الناس وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فمن قالها فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه، وحسابه على الله» ؟ فقال: والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لقاتلتهم على منعها. وفي رواية: والله لو منعوني عقالاً، كانوا يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم على منعه. قال عمر: فوالله ما هو إلا أن قد شرح الله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق[32]، ثم قال عمر بعد ذلك: والله لقد رجح إيمان أبي بكر بإيمان هذه الأمة جميعًا في قتال أهل الردة[33].
لقد كان أبو بكر رضي الله عنه أبعد الصحابة نظرًا وأحقهم فهمًا وأربطهم جنانًا في هذه الطامة العظيمة[34]، والمفاجأة المذهلة، ومن هنا أتى قول سعيد بن المسيب رحمه الله: وكان أفقههم ـ يعني: الصحابة ـ وأمثلهم رأيًا[35].
* وهنا لا بد من التنبيه إلى أن الذين قاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه أصناف، كما يوضح ذلك تقريرات أهل العلم، ومن ذلك:
ـ قول الإمام الشافعي رحمه الله: «وأهل الردة بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضربان:
1 ـ منهم قوم كفروا بعد الإسلام، مثل: طليحة، ومسيلمة، والعنسي، وأصحابهم.
2 ـ ومنهم قوم تمسكوا بالإسلام ومنعوا الصدقات»[36].
ـ وقول أبي سليمان الخطابي رحمه الله: «ومما يجب أن يعلم هاهنا أن الذين يلزمهم اسم الردة من العرب كانوا صنفين:
1 ـ صنف منهم ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة وعاودوا الكفر، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله: «وكفر من كفر من العرب»؛ وهم: أصحاب مسيلمة، ومن سلك مذهبهم في إنكار نبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم.
2 ـ والصنف الآخر: هم الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة؛ فأقروا بالصلاة وأنكروا الزكاة[37]، وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي، وإنما لم يدعوا بهذا الاسم على الاختصاص به لدخولهم في غمار أهل الردة، فأضيف الاسم في الجملة إلى الردة؛ إذ كانت أعظم الأمرين خطبًا...»[38].
ـ وقول القاضي عياض رحمه الله: «وكان أهل الردة ثلاثة أصناف:
1 ـ صنف كفر بعد إسلامه، ولم يلتزم شيئًا، وعاد لجاهليته، أو اتبع مسيلمة أو العنسي وصدق بهما.
2 ـ وصنف أقرَّ بالإسلام إلا الزكاة فجحدها، وأقر بالإيمان والصلاة، وتأوَّل بعضهم أن ذلك كان خاصًّا للنبي صلّى الله عليه وسلّم...
3 ـ وصنف اعترف بوجوبها، ولكن امتنع من دفعها إلى أبي بكر رضي الله عنه، وقال: إنما كان قبضُها للنبي صلّى الله عليه وسلّم خاصةً لا لغيره ممن يقوم مقامه بعده، وفرقوا صدقاتهم بأيديهم، فرأى أبو بكر والصَّحابة رضي الله عنهم قتال جميعهم، الصنفان الأولان لكفرهم، والثالث لامتناعه بزكاته، شمل جميعهم اسم الردة؛ إذ كانوا الأكثر، حتى لم يكن صُلِّي لله إلا في المدينة ومكة وجُوَاثا»[39].
المسألة الخامسة: استخلاف أبي بكر لعمر بن الخطاب رضي الله عنهما:
ما قام به أبو بكر الصديق رضي الله عنه من استخلاف عمر الفاروق عليه رضي الله عنه هو منهج شرعي أجمع عليه أهل العلم قاطبة؛ وقد نقل الإجماع على ذلك عدد من أهل العلم؛ منهم:
1 ـ الخطابي رحمه الله، فقال: «فالاستخلاف سُنَّة اتفق عليها الملأ من الصحابة، وهو اتفاق الأمة، لم يخالف فيه إلا الخوارج المارقة الذين شقوا العصا، وخلعوا ربقة الطاعة»[40].
2 ـ وابن حزم الظاهري[41]، وأقرَّه ابن تيمية على ذلك[42]؛ بل جعلها ابن حزم أول وجوه عقد الإمامة وأفضلها وأصحها[43]، فقال: «وهذا هو الوجه الذي نختاره ونكره غيره؛ لما في هذا الوجه من اتصال الإمامة، وانتظام أمر الإسلام وأهله، ورفع ما يتخوف من الاختلاف والشغب، مما يتوقع في غيره من بقاء الأمة فوضى، ومن انتشار الأمر، وارتفاع النفوس، وحدوث الأطماع»[44]، وغيرهم.


[1] لطائف المعارف (114) [دار ابن حزم، ط1].
[2] أخرجه الدارمي (كتاب دلائل النبوة، رقم 86) عن عطاء مرسلاً، وأخرجه ابن المبارك في الزهد (2/77) [دار الكتب العلمية] عن عبد الرحمن بن سابط مرسلاً أيضًا، وذكر له الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 1106) شواهد أخرى، وقال: وبالجملة فالحديث بهذه الشواهد صحيح.
[3] الجامع لأحكام القرآن (2/176).
[4] السيرة لابن هشام (4/323) [دار إحياء التراث].
[5] أخرجه البخاري (كتاب المغازي، رقم 4452).
[6] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3668).
[7] أخرجه البخاري (كتاب المغازي، رقم 4454).
[8] الجامع لأحكام القرآن (4/22).
[9] أبو بكر رجل الدولة، مجدي حمدي (25 ـ 26) [دار طيبة ـ الرياض، ط1، 1415هـ].
[10] أخرجه البخاري (كتاب المغازي، رقم 4454).
[11] التاريخ الإسلامي (9/21).
[12] عصر الخلافة الراشدة للعمري (40) [مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة].
[13] عصر الخلافة الراشدة للعمري (40).
[14] الرجلان هما: عويم بن ساعدة، ومعن بن عدي رضي الله عنهما.
[15] أي: عدد قليل.
[16] أي: يخرجونا من أمر الخلافة.
[17] الجذيل: عود ينصب للإبل الجربى لتحتك به، والمحكك: الذي يحتك به كثيرًا، أراد: أنه يستشفي برأيه، والعذيق: أي: النخلة؛ أي: الذي يعتمد عليه.
[18] أخرجه البخاري (كتاب الحدود، رقم 6830).
[19] يعني: سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله عنه.
[20] أخرجه أحمد (1/198) [مؤسسة الرسالة، ط1] عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، وقال الهيثمي: «رجاله ثقات، إلا أن حميد بن عبد الرحمن لم يدرك أبا بكر». مجمع الزوائد (5/191) [مكتبة القدسي]، لكن لجملة: «قريش ولاة هذا الأمر...» شواهد. انظر: السلسلة الصحيحة (رقم 1156).
[21] ينظر: الموقف من خصائص وخلافة أبي بكر الصديق للدكتور حامد محمد الخليفة (389) [وزارة الشؤون الإسلامية، قطر، ط1، 1432هـ].
[22] عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في الصحابة (2/550) [مكتبة الرشد، الرياض، ط1، 1413هـ].
[23] أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ، لإبراهيم شعوط (101) [المكتب الإسلامي].
[24] عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في الصحابة (2/550).
[25] تاريخ بغداد (10/130، 131) [دار الكتب العلمية].
[26] الإبانة عن أصول الديانة (66) [ط. الجامعة الإسلامية].
[27] ذكره ابن بطال في شرحه على البخاري (8/285) [مكتبة الرشد، ط2].
[28] فتح الباري (8/152) [دار المعرفة، ط1].
[29] السيرة النبوية لابن هشام (2/665 ـ 666).
[30] البداية والنهاية (6/316).
[31] المصدر نفسه (6/315).
[32] أخرجه البخاري (كتاب الزكاة، رقم 1399، 1400)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 20).
[33] أخرجه البيهقي في الشعب (1/143) [مكتبة الرشد، ط1]، عن عمر رضي الله عنه قال: «لو وزن إيمان أبي بكر بإيمان أهل الأرض لرجح بهم»، وصحح سنده السخاوي في المقاصد الحسنة (555) [دار الكتاب العربي، ط1]. وانظر أيضًا: حروب الردة (24) [دار الفكر، 1399هـ].
[34] حركة الردة، للعتوم (165) [مكتبة الرسالة الحديثة].
[35] البدء والتاريخ للمقدسي (5/153).
[36] الأم (4/226) [دار المعرفة، بيروت].
[37] وقد ذكر رحمه الله في موضع آخر صنفًا آخر من مانعي الزكاة فقال: «وقد كان في ضمن هؤلاء المانعين للزكاة من كان يسمح بالزكاة ولا يمنعها، إلا أن رؤساءهم صدوهم عن ذلك الرأي وقبضوا على أيديهم في ذلك؛ كبني يربوع؛ فإنهم قد جمعوا صدقاتهم وأرادوا أن يبعثوا بها إلى أبي بكر رضي الله عنه فمنعهم مالك بن نويرة عن ذلك وفرقها فيهم»، معالم السنن (2/4) [المطبعة العلمية، حلب، ط1].
[38] أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري (1/741) [مركز البحوث العلمية وإحياء التراث الإسلامي بجامعة أم القرى، ط1، 1409هـ].
[39] إكمال المعلم بفوائد مسلم (1/243 ـ 244) [دار الوفاء، مصر، ط1]، وقد نقل غير واحد تقسيم القاضي عياض؛ كالحافظ في الفتح (12/276 ـ 277)، والنووي في شرح مسلم (2/202 ـ 203)، واستحسنه.
[40] انظر: معالم السنن (3/605) و(4/198 ـ 199) [المطبعة العلمية، حلب، ط1، 1351هـ]، وانظر كذلك لمعرفة موقف الإمام الخطابي من هذه المسألة، وغيرها من مسائل المعتقد كتاب: الإمام الخطابي ومنهجه في العقيدة، لأبي عبد الرحمن الحسن العلوي، وقد ذكر مسألة نصب الإمام عند الإمام الخطابي (487 ـ 496).
[41] انظر: مراتب الإجماع (126) [دار الكتب العلمية]، والفصل (4/129 ـ 130) [مكتبة الخانجي].
[42] كما في حاشية مراتب الإجماع (نقد مراتب الإجماع).
[43] انظر: الفصل (4/130)، وما بعدها.
[44] الفصل (4/131).


من أبرز المخالفين لأهل السُّنَّة والجماعة في مسائل الصحابة عمومًا وفي أبي بكر الصديق رضي الله عنه على وجه الخصوص الرافضة الإمامية الاثنا عشرية، وفيما يلي أبرز أقوالهم ومواقفهم المخزية في الصديق رضي الله عنه:
لقد أعلن علماء الشيعة التكفير والتفسيق واللعن... لأبي بكر رضي الله عنه ولم يتبعوا أئمتهم في ذلك، ومما يعتقدونه فيه رضي الله عنه:
أنه رضي الله عنه أمضى أكثر عمره مقيمًا على الكفر، خادمًا للأوثان[1]، عابدًا للأصنام[2]، وأن إيمانه رضي الله عنه كإيمان اليهود والنصارى[3].
وأنه رضي الله عنه «كان له صنم يعبده ويسجد عليه في زمن الجاهلية والإسلام سرًّا، واستمر على ذلك إلى أن توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فأظهر ما في قلبه»[4].
وجزم شيخهم المجلسي بعدم إيمانه رضي الله عنه[5]، وأن علماء الشيعة اطلعوا على باطنه رضي الله عنه، فتبيَّن لهم أنه كافر[6].
وأن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لم يأخذ أبا بكر رضي الله عنه معه إلى الغار إلا خوفًا منه أن يخبر المشركين بمكانه صلّى الله عليه وسلّم[7].
كما أجمع علماء الشيعة على وجوب لعن الشيخين، وعلى التبرؤ منهما رضي الله عنهما؛ بل وعدُّوا ذلك من ضروريات دين الإمامية[8]، ومنكر الضروري عندهم كافر، وأن من لعنهما في المساء لم يكتب عليه ذنب حتى يصبح[9]، وقال المجلسي: «إن أبا بكر وعمر كانا كافرين، الذي يحبهما فهو كافر أيضًا»[10].
وأنه ما أهريق في الإسلام من دم، ولا اكتسب مال من غير حله، ولا نكح فرج حرام، إلا كان ذلك في عنق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما[11]، و«إنهما لم يكن عندهما مثقال ذرة في الإسلام»[12].
وحكم علماء الشيعة: على من زعم بأن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما نصيب في الإسلام: أن الله تعالى لا يكلمه يوم القيامة، ولا يزكيه، وله عذاب أليم[13].
ويسمونهما رضي الله عنهما بفرعون وهامان[14]، وبالوثنين[15]، وباللات والعزى[16].
وصرح علماء الشيعة بأن مهديهم المنتظر يحيي أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ثم يصلبهما على جذع نخلة، ويقتلهما كل يوم ألف قتلة[17].
فهذا الافتراء والطعن كله مصادم لما سبق نقله وتقريره من نصوص الكتاب والسُّنَّة في فضل هذا الصحابي الجليل رضي الله عنه، كما أن الذي يقع في هذا الصحابي الجليل ـ وغيره من الصحابة رضي الله عنهم هو على خطر عظيم، فإن «حرمة سب الصحابة رضي الله عنهم مما لا ينبغي أن ينتطح فيه كبشان أو يتنازع فيه اثنان»[18].
يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: «أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان؛ فيا ويل من أبغضهم أو سبهم، أو أبغض أو سب بعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول صلّى الله عليه وسلّم وخيرهم وأفضلهم؛ أعني: الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم، عياذًا بالله من ذلك.
وهذا يدلُّ على أن عقولهم معكوسة، وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن؛ إذ يسبون من رضي الله عنهم!؟ وأما أهل السُّنَّة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه، ويسبُّون من سبَّه الله ورسوله، ويوالون من يوالي الله، ويعادون من يعادي الله، وهم متبعون لا مبتدعون، ويقتدون ولا يبتدون، ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون»[19]، والله المستعان.
وأما عن موقف الخوارج ـ فكما قال أبو الحسن الأشعري ـ: «والخوارج بأسرها يثبتون إمامة أبي بكر وعمر...»[20].
وقال الرازي: «سائر فرقهم... يعظمون أبا بكر وعمر»[21].
وأما المعتزلة فجمهورهم على عدالة الصحابة جميعًا ـ بما في ذلك أبو بكر وعمر ـ خاصة ما قبل الفتنة، إلا من شذَّ منهم، فوقع في الشيخين رضي الله عنهما؛ كالنظام مثلاً[22].


[1] ذكر ذلك البياضي في الصراط المستقيم (3/155)، والكاشاني في علم اليقين (2/707).
[2] بحار الأنوار (25/172).
[3] الكشكول، للآملي (104).
[4] الأنوار النعمانية، للجزائري (2/111).
[5] مرآة العقول، للمجلسي (3/429 ـ 430).
[6] الاستغاثة في بدع الثلاثة، لأبي القاسم الكوفي (20).
[7] الطرائف في معرفة مذهب الطوائف، لابن طاوس الحسيني (401).
[8] الاعتقادات، للمجلسي (90 ـ 91).
[9] ضياء الصالحين، لمحمد صالح الجوهري (513).
[10] حق اليقين، للمجلسي (522)، كشف الأسرار، للخميني (112).
[11] رجال الكشي (41).
[12] وصول الأخيار إلى أصول الأخبار، للعاملي (94).
[13] أصول الكافي ( 1 / 373 - 374).
[14] قرة العيون، للكاشاني ( 432 - 433).
[15] انظر: تفسير العياشي (2/116)، بحار الأنوار (27/58).
[16] إكمال الدين، لابن بابويه القمي (246)، ومقدمة البرهان، لأبي الحسن العاملي (294).
[17] إيقاظ من الهجعة بتفسير البرهان على الرجعة، للحر العاملي (287).
[18] الأجوبة العراقية على الأسئلة اللاهورية (144).
[19] تفسير القرآن العظيم (2/384 ـ 385).
[20] مقالات الإسلاميين (1/204) [مكتبة النهضة المصرية، ط1، 1369هـ].
[21] اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (46).
[22] ينظر: أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومذاهب الناس فيهم لعبد العزيز العجلان (175) [دار طيبة، ط1، 1431هـ].


1 ـ «أباطيل يجب أن تمحى من التاريخ»، لإبراهيم شعوط.
2 ـ «أبو بكر رجل الدولة»، لمجدي حمدي.
3 ـ «أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومذاهب الناس فيهم»، لعبد العزيز العجلان.
4 ـ «الانشراح ورفع الضيق في سيرة أبي بكر الصديق»، لعلي الصلاّبي.
5 ـ «الخلفاء الراشدون»، لمحمد بن إسماعيل إبراهيم.
6 ـ «سيرة وحياة الصديق»، لمجدي فتحي السيد.
7 ـ «الصحابة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»، لصالح بن طه.
8 ـ «عصر الخلافة الراشدة»، لأكرم ضياء العمري.
9 ـ «عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في الصحابة».
10 ـ «العواصم والقواصم»، لابن الوزير اليماني.
11 ـ «الموقف من خصائص وخلافة أبي بكر الصديق»، لحامد محمد الخليفة.