موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة


اصدار الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب

تصنيف وإعداد: مجموعة من الأكاديميين والباحثين المختصّين في جامعات العالم

مراجعة وتقديم: عدد من كبار العلماء والمختصّين في العالم الإسلامي


تقديم المشرف العام

د. سعود بن سلمان بن محمد آل سعود

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، ربي لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه ملء السماوات والأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله معلم البشرية الخير، صلَّى الله عليه وسلّم وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرًا.

فأحمد الله على فضله وإحسانه وتوفيقه أن يسّر إنجاز هذا العمل الكبير الجليل «موسوعة العقيدة والأديان والفرق والمذاهب المعاصرة، القسم الأول: العقيدة» ، كان حلمًا فأصبح حقيقةً، بفضل الله ثم بجهود المخلصين، الذين بذلوا طاقتهم في الإعداد والتخطيط الدقيق، ثم تكوين اللجان المختلفة، ثم الكتابة والتحكيم والمراجعة من المتخصصين، ثم المراجعة العامة في كل الفنون ـ اللغة والبلاغة والتخريج وغيرها ـ، وخاتمة المطاف مراجعة أصحاب السماحة والمعالي والفضيلة، علماء الأمة الإسلامية في أقطار شتى، من الهند شرقًا إلى أقصى الغرب، الذين تفضلوا بمراجعة الموسوعة كاملة أو بعض الأجزاء حسبما سمحت به أوقاتهم، وبفضل جهود هؤلاء العلماء وطلاب العلم، الذين واصلوا ليلهم بنهارهم، وبذلوا سنوات من أوقاتهم، فجمعوا في هذه الموسوعة خلاصة علمهم وتجاربهم وخبراتهم، حتى تم هذا العمل وخرجَ إلى النور، هذا باختصار شديد قصة إعداد هذه الموسوعة وإنجازها.

وهذه الموسوعة موضوعها أشرف العلوم وأساسها، ولب الدين وقاعدة الإيمان، وهو علم العقيدة الإسلامية، عقيدة السلف الصالح، أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأتباعهم إلى يوم الدين، واحتضنتها وتولّت الإشراف عليها الجمعية العلمية المختصة في العقيدة والأديان والفرق والمذاهب، والتي ينتسب لها علماء أفاضل، ونخبة من الباحثين المختصين في العقيدة والأديان والفرق والمذاهب، وهي «الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفرق والمذاهب»، والتي هي من أهم الجمعيات العلمية في المملكة العربية السعودية، أحلنا إليها مقترح إعداد الموسوعة، فتحملوا على كواهلهم هذه المسؤولية الثقيلة، وهذه الأمانة العظيمة، حتى أنجزوها وأحسنوا الإنجاز.

ومن أهم ما يميّز هذه الموسوعة المباركة، أنه شارك في كل مرحلة من مراحل أعمالها، أعيان العالم الإسلامي وعلماؤه، ونوابغ رجاله، على اختلاف الأعراق والأجناس، والألوان واللغات، كما هو واضح في أسماء أصحاب السماحة والمعالي والفضيلة العلماء المراجعين لها، وفي أسماء الباحثين والعاملين فيها، فهي موسوعة عالمية بكل ما تحمل هذه الكلمة من المعاني، عالمية في جمعها وتأليفها، وإعدادها وإخراجها، وعالمية في هدفها ونشرها، ونقلها إلى معظم اللغات الحيّة ـ في المستقبل القريب ـ، وبإذن الله تعالى سيتم نشرها إلكترونيًّا، بكل الوسائل المتاحة، وإطلاق موقع لها، يمكن التواصل من خلاله أو من خلال البريد الإلكتروني.

ولا يسعني في هذه المقدمة إلا أن أزجي خالص الشكر والتقدير والدعاء لكل من ساهم في إعداد هذه الموسوعة، من الباحثين والمحكمين والمراجعين، وهيئة التحكيم واللجنة العليا للموسوعة، وأصحاب السماحة والمعالي الذين تفضلوا ـ مع كثرة أعمالهم ـ بمراجعة الموسوعة، كما أقدم جزيل شكري للجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب ومنسوبيها، وكل من أعان أو سأل عن هذا المشروع المبارك أو ساهم بفكرة أو دعوة صالحة، في هذا العهد الزاهر عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز حفظهما الله تعالى.

وفي الختام لا شك أن الكمال لله وحده، فالموسوعة عمل بشري، يعتريها كل ما يعتري أي عمل بشري من النقص والخلل والضعف واختلاف الآراء، وقد جعلتها وقفًا لله تعالى، فشارك في هذا الوقف المبارك بسد الخلل، وإكمال النقص، فلا تضنّ علينا بالتواصل مشكورًا ومأجورًا، على عنوان الموسوعة، كما نرحب بكل من يريد نشرها بأي وسيلة بشرط أن النشر خيري، وعليه أخذ الموافقة الرسمية من لجنة الموسوعة، وسوف تباع بإذن الله تعالى بأقل من سعر التكلفة.

والله أسأل أن يجعل هذا العمل لوجهه الكريم خالصًا، وأن يفتح له القلوب، ويكتب له القبول، وينفع به الناس، ويجزل أجر كل من شارك فيها أو سوف يشارك فيها.

والله الموفق، وصلى الله وسلم وبارك على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم.




تقديم معالي الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ

وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين والصلاة والسلام على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ وبعد:

لقد حظي كلُّ فنٍّ من فنون العلم بجمع مُصطلحات خاصَّة به، وحظي كلُّ فرعٍ من فروع الفنِّ الواحد بجمع ما يخصُّه من مصطلحات لا يُشاركه في معناها الخاصِّ غيرهُ، وإنَّ أشرفَ العلوم ما يتَّصل بتوحيد الله تعالى في عبادته، وربوبيَّته وأسمائه وصفاته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله والقدر واليوم الآخر مما ترتكز عليه سائر مسائل الاعتقاد، وهذا الفنُّ الشريف له ألفاظٌ ومُصطلحات تخصَّه أكثرَ من غيره من الفنون، وربَّما يستأثر بها، ولهذا اشتغل الباحثون في جمعِ ألفاظ الاعتقاد، واختلفت حدودهم.

ولمَّا طالعتُ موسوعة العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب المعاصرة التي أعدَّها نُخبةٌ من المختصِّين، وراجعها وحكَّمها لجنةٌ من أساتذة وأساتذة مشاركين؛ وجدتها أوسع كُتب الفهارس والمعاجم العقديَّة حدودًا، ومن أكثرها مادةً وألفاظًا.

ولقد أحسن صاحبُ السموِّ الأمير د. سعود بن سلمان بن محمد آل سعود باقتراح فكرة الموسوعة، وعَرْضِ عمل المشروع على الجمعيَّة العلميَّة السعودية لعلوم العقيدة، والتي جمعت أقلامًا من الداخل والخارج لتكتب موسوعةً مرتكزةً على عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة، وتجعل ذهنَ قارئها تتمثَّلُ فيه حقيقةُ كون العلم رحمًا بين أهله، وحقيقةُ أنَّ توحيد ربِّ العالمين ـ وهو رأس العلم ـ خيرُ جامعة، وأقوى رابطة.

شكر الله لصاحب السموِّ الأمير د. سعود بن سلمان بن محمد آل سعود أُستاذ العقيدة والمذاهب المشارك في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود بالرياض، وأصحاب الفضيلة رئيس وأعضاء اللجنة العليا للموسوعة، ورئيس وأعضاء هيئة تحكيم الموسوعة، والباحثين المشاركين في كتابتها وإعدادها.

وأسأل الله تعالى أن يجزيَهم خير الجزاء على هذا العمل الجليل وأن يعمّ بنفعه المسلمين، كما أسأله سبحانه أن يعينهم على إتمامه.

وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم.

وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ




تقديم معالي الشيخ أ. د. عبد الله بن عبد المحسن التركي

عضو هيئة كبار العلماء، وزير الشؤون الإسلامية والإرشاد في المملكة العربية السعودية سابقًا

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فقد سُررت كثيرًا حينما وصلتني نسخة من هذه الموسوعة المباركة، والتي أشرفت على جمعها وإصدارها الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والفِرَق والأديان والمذاهب.

وكان لصاحب السمو الأمير الفاضل سعود بن سلمان بن محمد آل سعود، الأستاذ المشارك في جامعة الملك سعود، اهتمام بهذه الموسوعة ومتابعة لها، فله ولزملائه في الجمعية الشكر والتقدير، والدعاء الخالص لله سبحانه وتعالى أن يعظم لهم الأجر والمثوبة، وأن يوفقهم إلى مزيدٍ من خدمة الإسلام والمسلمين.

ولا يستغرب أن تصدر هذه الموسوعة المباركة في المملكة العربية السعودية، وبجهد من أبنائها.

فالمملكة متنزل رسالة الإسلام الخالدة على خاتم الأنبياء والمرسلين، ورحمة الله للعالمين أجمعين، رسولنا وقدوتنا محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.

ومن المملكة انطلق الإسلام، حمله أبناؤها البررة إلى العالم أجمع، فهدى الله به البشر، وجمعهم على إفراد الله بالعبادة، وطاعته فيما أمر، والابتعاد عما نهى عنه وزجر.

وتتميز المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها وإلى الآن، والحمد لله بقيامها على الكتاب والسُّنَّة، وفق فهم السلف الصالح، وتطبيق شرع الله، وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، والإسلام والمسلمين حيثما كانوا.

وهذه خصوصية لا توجد في غيرها من الدول والمجتمعات.

والعقيدة في الإسلام، هي أساس الدين، وهي الإيمان الحق، وترتبط بها الأعمال الصالحة، وتصلح بذلك أحوال المسلمين في دنياهم وأخراهم.

والاهتمام والعناية بها له الأولوية في حياة المسلمين، علمًا ودعوة، وسلوكًا، منذ نزول الوحي على محمد صلّى الله عليه وسلّم في مكة المكرمة، واستمرار المسيرة المباركة في المدينة المنورة في العهد النبوي، ثم في عهد الخلفاء الراشدين، رضي الله عنهم وأرضاهم، ثم في الدول الإسلامية المتتابعة، على اختلافٍ بينها في بعض الأولويات والأعمال.

وإعطاء العقيدة الإسلامية وعلومها، ومصادرها من كتاب الله سبحانه وتعالى، وسُنَّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وإجماع المسلمين، إعطاؤها الأهمية والعناية بها بالنسبة لعلماء المسلمين وأئمتهم، واضح كل الوضوح في سير العلماء وتاريخهم وما صدر من مؤلفات ورسائل لا تُحصى في مختلف العصور والأماكن.

وفي الوقت الحاضر تخصصت كليات وأقسام ومراكز في ذلك.

ومن نتائج ذلك أن معظم المسلمين، والحمد لله في التاريخ الإسلامي، وإلى الآن على منهج أهل السُّنَّة والجماعة في قضايا الاعتقاد خاصة، وإن ضعفت في بعض الفترات والأماكن.

ومن آثار ذلك وضوح الرؤية في المواقف من الفِرَق والطوائف التي لم تتقيد بمنهج أهل السُّنَّة والجماعة، سواء في مواقف ولاة الأمر منهم، أم مواقف العلماء، وعامة المسلمين، والحرص على هدايتهم وعودتهم للمنهج الحق، وهو ما كان عليه رسولنا صلّى الله عليه وسلّم، وصحابته الكرام، وسلف الأمة الصالح.

وإذا تأمل الإنسان بموضوعية وعدل وأمانة أسباب خروج تلك الفِرَق والطوائف عن المنهج الحق، أدرك بيقين أنها نتائج لفهم خاطئ، وتصرفات فردية لظروف خاصة، وأن لأعداء الإسلام والمسلمين أثرًا قويًّا في ذلك.

ولو أن الأمة الإسلامية: ولاة الأمر، والعلماء والمثقفين، والإعلاميين، وذوي الشأن والتأثير، قاموا بما يجب عليهم تجاه عقيدتهم ودينهم، واجتمعوا عليها، وتحاكموا وِفق شرع الله، لما كان لهذه الطوائف والفِرَق تأثيرها في المجتمعات الإسلامية، التي تعج الآن بالفتن والخلاف والطائفية.

ولن نيأس ـ بإذن الله ـ من مواجهة التحديات واجتماع الكلمة، وعودة المسلمين إلى مكانتهم وشأنهم وحضارتهم، مصدر اعتزازهم وفخرهم.

لقد سررت بالاطلاع على بعض الموضوعات في هذه الموسوعة المباركة.

والأمل كبير أن تكون وافية في مجالها، مفيدة لكلٍّ من أراد التعرُّف على العقيدة الصحيحة، والعلماء الذين خدموها في التاريخ الإسلامي.

ومن أراد التعرُّف على المواقف المخالفة لهم وأسبابها، وإيضاح الحق في ذلك.

أداءً لأمانة العلم، وتمسُّكًا بالمنهج الحق، ومعرفة من يسيئون للإسلام وأهله، مستندين على أدلة غير صحيحة.

وهذه رسالة أهل العلم في الإسلام؛ فالعلماء ورثة الأنبياء، وفضلهم كبير ومكانتهم عالية، كما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له به طريقًا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض، حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه بحظٍّ وافر».

وإذا قام العلماء بواجبهم في العلم الشرعي، بيانًا له ودعوة إليه، وعملاً به، وبخاصة في أمر العقيدة، وتوحيد الله في عبادته، جوهر الرسالات الإلهية كلها، وما سار عليه رسل الله.

إذا قاموا بذلك قلَّت البدع والشركيات، وتحققت خشية الله في نفوس المسلمين، وابتعدوا عن الفتن والخلاف والمعاصي.

إن الأمل كبير أن تكون هذه الموسوعة مرجعًا متميزًا في علوم الأديان والفِرَق والمذاهب، وتصحيح الأخطاء والمفاهيم المغلوطة.

وذلك من خلال استقراء المسائل العقدية، وتسهيل معرفتها للباحثين، وتوثيق النقول بأمانة وموضوعية وعدل، وتوضح ما يحتاج إلى توضيح.

وأن مشاركة عدد من الباحثين المتخصصين من عدد من الدول تتميز به هذه الموسوعة، مما يعطيها تداولاً أوسع، واستفادة أكثر، باعتبار أن المسلمين أمة واحدة.

ومن مزاياها الواضحة: تحكيم أبحاثها من قِبَل متخصصين، وتوفُّر عدد من اللجان في ذلك.

كل ذلك يطمئن الباحثين والمستفيدين منها.

وإننا لنحمد الله ونشكره أننا في ظل دولة قامت على الكتاب والسُّنَّة، واعتنت بما كان عليه سلف الأمة الصالح عقيدة وشريعة، إيمانًا وعملاً ودعوة.

أسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وأن يوفقهما وأعوانهما إلى ما يحبه ويرضاه، مما يخدم المسلمين، ويعمق إيمانهم على الصراط المستقيم، ويجمع كلمتهم على الحق.

وأن يحفظ مملكتنا، وبلاد المسلمين كافة من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

وأكرر شكري للجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والقائمين عليها، وأشكر الباحثين والمسهمين بآرائهم وإشادتهم بهذه الموسوعة، مقدرًا لسمو الأمير سعود بن سلمان بن محمد، جهده وحرصه على ما فيه الخير.

سائلاً الله أن يجعل أعمالنا وأقوالنا خالصة لوجهه الكريم، متَّبعين في ذلك إمامنا وقدوتنا، محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

د. عبد الله بن عبد المحسن التركي




تقديم معالي الشيخ أ. د. صالح بن عبد الله بن حميد

عضو هيئة كبار العلماء، وإمام الحرم المكي الشريف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده؛ وبعد:

فإن المسلم ينطلق من عقيدته الإسلامية، ترسمُ له معالم صلتِه بالله تعالى وبالحياة والأحياء والكونِ من حوله، وعليها تقوم أحكام الشريعة والنظام والأخلاق وفي كل جوانب الحياة، كما يضبط كلَّ حركته بضوابطها، وتفسِّر الحكمة من خلقه ونشأتِه وغايتِه، ومصيرِه.

إنها عقيدة ربانيةٌ من عند اللهِ، مبرأةٌ من النقص، سالمةٌ من العيب، بعيدةٌ عن الحيفِ والظلم، وقد قال عزَّ شأنه في هذا الدين العظيم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3] ؛ فدين أكمله فلن ينقص أبدًا، ودين رضيه فلن يسخط عليه أبدًا، وفي شموله وعمومه، قال في محكم تنزيله: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ *} [النحل: 90] .

عقيدة لا تتغيرُ ولا تتبدلُ، فهي خيرٌ لأنفسِنا، والسعادة تكمنُ في تنفيذها، والشقاءَ في تركها والإعراض عنها، والخيرُ والبركةُ والسعادةُ والتوفيق والتسديد في التزامها وتطبيق منهجها. قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ *} [الأعراف: 96] ، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا *وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا *} [النساء: 66، 68] .

وإن إسلام الوجه لله وإفراده بالعبادة من أصول العقيدة، يرتقي بالمؤمن في خُلُقه وتفكيره، ويسلم من زيغ القلوب وانحراف الأهواء وظلمات الجهل وأوهام الخرافة، ومن المحتالين والدَّجّالين وأحبار السوء ورهبانه، ممن يشترون بآيات الله ثمنًا قليلاً.

التوحيد الخالص المخلص يحفظ الإنسان من الانفلات بلا قيد ولا ضابط. وفي الكتاب الكريم يقول المولى : {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ *} [البقرة: 112] .

ولا يتحقق الفلاح والسعادة والسرور في الدارين إلا بالعلم بهذه العقيدة، والقيام بها قولاً وعملاً واعتقادًا، ثم التفقُّه في الشريعة المبنية عليها والعمل بها. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «والمقصود هنا: أن السعادة التي هي كمال البهجة والسرور واللذة ليس هي نفس العلم، ولا تحصل بمجرد العلم؛ بل العلم شرط فيها؛ بل لا بد من العلم بالله، وبأمره، كما قال النبي في الحديث المتفق على صحته: «مَنْ يُرِد اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ».

فكل من أراد الله به خيرًا، فلا بد أن يفقِّهه في الدين، فمن لم يفقِّهه في الدين لم يرد به خيرًا، فليس كل من فقّهه في الدين قد أراد به خيرًا؛ بل لا بد مع الفقه في الدين من العمل به، فالفقه في الدين شرط في حصول الفلاح، فلا بدّ من معرفة الرب ـ تعالى ـ، ولا بد مع معرفته من عبادته، والنعيم واللذة حاصل بذلك، لا أنه هو ذلك»[(1)].

أما اسم العقيدة فلم تجر به أقلام العلماء المتقدمين ولم يظهر في استعمالهم كاصطلاح لهذا العلم، وإنما استعملوا ما يدل عليها؛ كالسُّنَّة والشريعة والإيمان، كما في عناوين مصنفاتهم في ذلك، وإن كان لفظ العقيدة يعبر بمشتقاته عما يدل على جزم القلب واطمئنانه في أقوال الصحابة واستعمالات التابعين ومن جاء بعدهم، ولعلَّ أول من استعمل لفظة العقيدة كاصطلاح علمي إن لم يكن ـ والله أعلم ـ أولهم: الإمام أبا عثمان الصابوني رحمه الله في عنوان كتابه: «عقيدة السلف أصحاب الحديث».

هذا؛ وقد اعتنى علماء الإسلام بتدوين هذا الفن العظيم أيًّا ما كان اسمه؛ فألَّفوا فيه المختصرات والمطولات تحقيقًا لأصول الدين ومبانيه، وامتد هذا التدوين إلى وقتنا الحاضر.

وقد استقرأ بعض الباحثين دواعي وبواعث تدوين العقيدة فكان محصل ما توصلوا إليه الآتي:

أولاً: رغبة طلاب العلم والمهتمين من العلماء التأليف في مسألة أو نازلة علمية أو الرد على شبهات بعض أهل الزيغ ونحو ذلك، وهذا كثيرًا ما يصرحون به في بداية مصنفاتهم بيانًا لبواعث التصنيف.

ثانيًا: انتشار مذاهب أهل البدع ومقالاتهم فلم يسع العلماء من أهل السُّنَّة السكوت، فصدعوا بالحق وأفاضوا في البيان حتى لا يغتر العامة والدهماء بمثل هذه الشبهات.

ثالثًا: الجهل ببعض المسائل وعدم التفريق بين الأصول الكبار التي لا يعذر فيها بالجهل وبين المسائل التي للنظر والاجتهاد فيها مجال، فحصلت الفرقة والشقاق، فاحتاج أهل العلم للتأليف في بعض تلك المسائل لبيان الحق وتضييق الخلاف.

رابعًا: قصد بعض الأئمة إلى بيان عقيدته حتى لا ينسب إليه شيء لم يقل به خاصة، وأن من عادة أهل البدع الكذب على أئمة أهل السُّنَّة وعلمائهم.

خامسًا: تعرُّض بعض أهل العلم لبعض الفتن والأحداث التي تدعوه إلى بيان موقفه الصحيح من بعض القضايا العقدية، ولعل المثل الذي يستحضر دائمًا فتنة اللفظ التي أوذي بسببها الإمام البخاري، ومن أجلها ألَّف كتابه العظيم: «خلق أفعال العباد» حتى يبيِّن الحق في المسألة ويرد التهمة عن نفسه أداءً منه للأمانة وإبراءً للذمة.

سادسًا: خشية ضياع العلم بسبب موت العلماء من الصحابة ومن بعدهم رضوان الله عليهم أجمعين.

سابعًا: دور الحكام والأمراء في توجيه العلماء لتدوين العلم أو التأليف عمومًا.

ثامنًا: المؤثرات الخارجية من احتكاك المسلمين بغيرهم من أهل المِلل والنحل، ولا سيما بعد الفتح الإسلامي الكبير لبلدان الدنيا.

تاسعًا: مسائل العقيدة المستجدة، ومن أهمها: مسائل الصفات، وما يتعلق بالإيمان ومسائل القضاء والقدر، فهذه المسائل العظيمة وغيرها، كانت دافعًا قويًّا وباعثًا لأهل العلم ليبيِّنوا الحق فيها.

وعلى تعدُّد تلك البواعث، تنوَّعت المؤلفات في العقيدة من حيث طريقتها وعرض محتواها؛ فمن أنواع المؤلفات في علم العقيدة: المؤلفات الشاملة لأبواب العقيدة، والمؤلفات في باب معين من أبواب الاعتقاد، أو مسألة خاصة من مسائله، والمؤلفات في ذكر البدع والتحذير منها والرد على المبتدعة.

وامتدت عناية أهل الاختصاص إلى تبنِّي الأعمال الشمولية في تدوينها، ومن أجل تلك العناية، جاء تدوين الموسوعات العلمية الجامعة لأصول العلم ومصطلحاته، ومسالك العلماء فيه، وتجلية مضامينه وفق عرض مدروس، كاشف لذلك العلم ومسائله في قالب علمي يسهل معه الوصول للمعلومة، وبصياغات ميسّرة للباحثين التصور والفهم، وقد يكون هذا مما اختص بها عصرنا لتوسُّع العلوم والمعارف، وتنوُّع المصادر، وتقريب الوصول إليها، وسهولة استعمالها.

ومن تلك الأعمال: «موسوعة العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب المعاصرة» ، الصادرة عن الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب، بإشراف صاحب السمو الأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد آل سعود ـ حفظه الله ـ فهو عمل علمي متين في فكرته، وموضوعاته، وترتيبه، وصياغته.

وهذا العمل بلا شك، عمل ريادي يبرز الدور العلمي والعملي للجمعيات العلمية المتخصصة، كما يعكس أثر الجهد العلمي الجماعي المؤسسي في بناء العلم وخدمته، فإن الأفكار والمشاريع العلمية الرائدة هي التي تحقق رغبات المهتمين والمتخصصين من حيث التواصل المعرفي والبناء العلمي لكل قاصد للتعلُّم والتعليم.

ومن وقف على أهداف هذه الموسوعة، وخصائصها، ومراحل العمل فيها، ومنهج تدوينها أدرك مقدار الجهد المبذول فيها، لا حرم الله القائمين عليها الأجر والمثوبة والرفعة في الدارين.

وأشكر الله تعالى أن وفّق المشرف العام على الموسوعة صاحب السمو الأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد آل سعود ـ حفظه الله ـ لهذه الفكرة الرائدة، فهي لبنة علمية في جدار الحفظ والتحصين لمنهج أهل السُّنَّة والجماعة، كما أشكر الله على تسديده لأعضاء اللجان والباحثين من أصحاب الفضيلة، والفنيين في هذا المشروع في عملهم، وأسأله تعالى أن يتمه على الوجه الذي يرضيه.

كما أشيد بالجهود المبذولة من «الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب» ، فيما يعزز عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة بيانًا، وتأصيلاً، وتقريبًا لعموم المسلمين تحقيقًا لوحدة الأمة واجتماع صفها على كتاب الله وسُنَّة رسوله عليه الصلاة والسلام وفق منهج السلف الصالح.

سائلاً المولى العلي القدير أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى. وصلّى الله وسلّم على نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليمًا كثيرًا.

كتبه د. صالح بن عبد الله بن حميد 29/7/1438هـ




تقديم سماحة الشيخ أحمد المرابط الشنقيطي

مفتي عام موريتانيا، وإمام الجامع الكبير

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه؛ أما بعد:

فمن المعلوم من دين الإسلام ضرورة أن أساس الإسلام الذي يقوم عليه مبناه: هو عقيدة توحيد الله تعالى في ألوهيته وفي ربوبيته وفي أسمائه وصفاته، لذلك اقتصر الوحي من بدئه على تقريرها طيلة ثلاث عشرة سنةً، وضمَّن الله تعالى أقسامها الثلاثة فاتحةَ كتابه، إضافةً إلى تقريرها فيما لا يحصى من الآيات المحكات اللاتي هنَّ أُمُّ الكتاب، والأحاديث كثيرة مستفيضة في الباب، فدلَّ ذلك على أنَّ أهم ما يهتم به المؤلفون والباحثون هو تطوير التأليف والبحث فيها، وتخليصها وتنقيتها من شوائب البدع والضلالات والخرافات.

وفي هذا الميدان أصدرت الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب «موسوعة العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب المعاصرة» بإشراف المشرف العام عليها: صاحب السمو الأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد آل سعود، أستاذ العقيدة والمذاهب، المشارك في قسم الدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود، ولقد اطَّلعتُ استجابةً لسمو الأمير على البعض من القسم الأول منها: قسم العقيدة الإسلامية، فلمستُ غزارة في العلم، وسلاسة في العبارة، ووضوحًا في الاستدلال، وتمكُّنًا في منهجية البحث.

لذلك؛ أُوصي بكامل العناية بها طبعًا ونشرًا، كما أنصح طلاب العلم بالرجوع إليها، والجد في الحصول عليها.

شكر الله مساعي الساعين فيها من: مشرفها العام صاحب السمو الأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد آل سعود، إلى لجنتها العليا، إلى هيئة تحكيمها، إلى الباحثين المشاركين في كتابتها، كلٌّ باسمه، وجميل وسمه.

وصلّى الله على نبيِّنا وعلى آله وصحبه وسلِّم.

قاله وأملاه مفتي عام موريتانيا أحمد المرابط الشنقيطي




تقديم سماحة الشيخ أ. د. أحمد محمد هليل

وزير الأوقاف في المملكة الأردنية الهاشمية سابقًا

بسم الله الرحمن الرحيم

إن «موسوعة العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب المعاصرة» ، تعتبر عملاً عظيمًا، وجهدًا موفّقًا كريمًا، وهي إضافة نوعية فريدة، ينهل منها طلبة العلم ويسترشد بها الباحثون والدارسون، ويهتدي بعلومها ومعارفها أبناء العالم الإسلامي، عقيدةً وعبادةً وثقافةً وفكرًا، تستحق الشكر والتقدير والعرفان والتوقير.

ذلك أن الأمة الإسلامية بحاجة ماسّة إلى هذه الموسوعة الشاملة، لتكون مرجعية في موضوعها بأسلوب ميسّر وصورة متكاملة، مع العناية الفائقة بالبحث والتدقيق، والمراعاة اللائقة بالتحقيق والتوثيق، والحرص الشديد، والاهتمام الأكيد بالاستقراء الوافي، والاستيعاب الضافي لموضوعات هذه الموسوعة وما يتعلق بها من مسائل بما يخفف العناء عن القارئ والباحث والسائل، ومراعاة حسن التبويب ودقة الترتيب.

مع الالتزام بمرجعية تنطق بالحق، وتهدي إلى الصدق، مرجعية الكتاب والسُّنَّة، بفهم السلف الصالح للأمة، من خير القرون، ومن هم على نهجهم سائرون، والإفادة من أقوال الأئمة والفقهاء، دون تعصُّبٍ أو انتقاء، أو تحيُّزٍ أو إقصاء، وِفق الأحكام الشرعية، والقواعد المرعية.

وفي الأثر المعروف: «يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين».

فكان هذا العمل المبارك، وكانت هذه الموسوعة العقدية بإشراف: صاحب السمو الأمير العالِم الدكتور سعود بن سلمان بن محمد آل سعود، أستاذ العقيدة والمذاهب بجامعة الملك سعود بالرياض، فقد وجَّه وأَشرفَ، وراجعَ وناقشَ، فأثرى وتابع، حتى أخرجَ هذا العمل الجليل، نسأل الله عزّ وجل أن يجزيه به الأجر الجزيل، والذكر الجميل.

تؤازر سموه لجنة علمية عليا رفيعة المستوى، قدمت عملاً فريدًا، بديع المحتوى، {كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ} [الفتح: 29] وعلى سوقه بفضل الله استوى، وهيئة تحكيم من الأساتذة الفضلاء، والعلماء الأجلاّء، دقَّقت وفحصت، وحقَّقت ومحَّصت، ثم توثَّقت، وبما رأت حكمت وأوصت.

وللأساتذة الباحثين الأكارم، والعلماء الأفاضل، الشكر والتقدير، والامتنان على جهدهم الميمون.

فأي تشريف للعلم والعلماء أعظم وأي إجلال لهم أزكى وأكرم من تزكية الله عزّ وجل لشهادتهم له بوحدانيته، ومطلق قسطه وعدالته، وبالغ عزته وحكمته، مقرونة بجلال شهادته، وموافقة لشهادة ملائكته. قال الله عزّ وجل: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *} [آل عمران: 18] .

ثم أي شهادة في الوجود أجلّ من الشهادة لله عزّ وجل بالتوحيد، والإقرار لجلاله بالصمدانية والتمجيد سبحانه لا إله غيره ولا ربّ سواه، {...لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ *} [الأعراف: 54] ، له الحمد والثناء والشكر، وله خالص الدعاء والعبادة والذكر، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، ولا راد لما قضى، ولا مبدّل لما حكم، قوله فصل، وعطاؤه فضل، وحكمه حقٌّ وعدل.

وثمّة نعمة أنعم الله بها على عبده المؤمن لا تُحصى بركاتها ولا تُعد ولا تُستقصى خيراتها ولا تُحد، أن تفضل الله عزّ وجل على هذا العبد فقسَّم بين ذاته العلية وبينه سورة الحمد، سورة التحميد والتمجيد والتوحيد، ففي الحديث الذي يرويه أبو هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «قال الله تعالى: قسَّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ *} قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *} قال: مجّدني عبدي، وقال مرة: فوّض عبدي، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ *} قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *} قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل»[(2)].

أسأل الله جلّت قدرته، وعزّت حكمته، أن يجزي خير الجزاء، كل من خدم هذه الموسوعة، وأن يجزل لهم المثوبة والعطاء، وأن يحقق لهم الأمل والرجاء، إنه سميع قريب مجيب الدعاء.

والحمد لله ربِّ العالمين.

أ. د. أحمد محمد هليل وزير الأوقاف الأسبق ـ المملكة الأردنية الهاشمية




تـقـديـم أ. د. محمود محمد مزروعة.

أستاذ العقيدة والأديان بجامعة الأزهر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رحمة الله إلى العالمين، وعلى إخوانه النبيِّين المرسلين، وآله الطيبين الطاهرين، وأصحابه المهديين الهادين، والتابعين لهم، والمتمسكين بهديهم إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فلقد جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فبلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ولقي ربه ـ سبحانه ـ راضيًا عن أصحابه رِضْوان الله عليهم.

لكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يبلِّغ رسالة ربه فقط، بل تولَّى عليه السلام تحذير المسلمين من الافتراق، وكثيرة هي تلك الأحاديث الصحيحة التي تناولت تحذير المسلمين من الاختلاف والتفرُّق، ولم يكن ذلك التحذير يصدر عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على الهيئة التحذيرية أو النهي أو التخويف والترهيب؛ بل يأتي على هيئة التبليغ.

فإذا ما عرفنا أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم لا ينطق عن الهَوَى، وأن أخباره ـ في قضايا الدين ـ لا تكذب أبدًا لأنها وحي من الله، واجبة التبليغ، أدركنا أنها واقعة لا محالة. وأما أخباره عليه السلام في أمور الدنيا فشيء آخر، مثل: تأبير النخل.

ومن أمثلة تلك الأحاديث: حديثه صلّى الله عليه وسلّم الذي يقول فيه: «افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة، وتختلف أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة» . وحديث النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم عن اتباع أمته سنَنَ من كان قبلها شبرًا بشبر، وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلوه، لكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يقف عند هذه الأخبار المفزعة؛ بل جاء بالمبشرات مسندًا إيَّاهَا لِقَبيلٍ من أمته، حيث أخبر أن طائفة من أمته ما تزال ملتزمة جانب الحق، لا يضرهم من ضلَّ حتى تقوم السَّاعة وهم على ذلك.

وهذه الطائفة التي استأثرت بفضل الله ـ سبحانه ـ عليها، فضَّلها الله تعالى بأمور أهمها:

1 ـ آمنت بالله ربًّا، وبالإسلام دِينًا، وبمحمد نبيًّا ورسولاً، وثبتت على ذلك.

2 ـ التزمت في إيمانها المتَّقد الوحيين الشريفين: الكتاب والسُّنَّة.

3 ـ آمنت بأنها لم ترَ محمدًا صلّى الله عليه وسلّم ولا صحبته، ولكنها أخذت دينها عمن أخذ عن محمد صلّى الله عليه وسلّم من الصحابة، والتابعين وأتباع التابعين وأتباعهم، حتى جاء عصر التّدوين، فالتزموا ما كان عليه محمد وأصحابه.

4 ـ لم يقفوا عند إيمانهم وتبعات أنفسهم، وإنما حملوا هموم الأمة كلها، فتابعوا جهاد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وجهاد أصحابه وأتباعه في إحقاق الحق، وإبطال الباطل، ونفي بدع المبتدعين، وضلالات المضلّين. ولم يقفوا عند قول الله: (لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم) ؛ بل فهموا من الآية الكريمة ما فهم أبو بكر والأخيار مَعَه ـ رضوان الله عليهم ـ فرأوا هداية الآخرين حقًّا لله ورسوله عليهم، فقاموا بذلك.

5 ـ لم يكن ذلك الأمر سهلاً ولا ميسورًا؛ إلا بالاستعانة بالله الذي لا سهل إلاَّ ما سَهَّلَه، فاستعانوا بالله ـ سبحانه ـ، وتوكلوا عليه.

6 ـ احتاج الأمر إلى لجان، ثم من بعدها لجان، ثم من بعدها كذلك. كما احتاج الأمر إلى أموال ومتاعب ومشقات، فضحَّوْا بكل ذلك محتسبين الأجر والمثوبة عند الله عزّ وجل.

وهذا العمل الذي بين أيدينا هو من آثارهم، وجهاد من جهادهم، وليس لنا ـ نحن العجزة ـ إلا أن نسأل الله لهم التوفيق والسّداد، وأن يجعل ذلك، وما سبقه من مقصد ونيات مقبولاً عنده، وأن يجعله في موازين حسناتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم.

والله عزّ وجل من وراء القصد.

وصلّى الله وسلَّم وبارك على النبيِّ الكريم.

أ. د. محمود محمد مزروعة جامعة الأزهر ـ جمهورية مصر العربية




تـقـديـم أ. د. مصطفى بن محمد حلمي سليمان

أستاذ العقيدة والمذاهب جامعة القاهرة

بسم الله الرحمن الرحيم

فضيلة أ. د. سعود بن سلمان بن محمد آل سعود ـ حفظه الله ـ.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ وبعد:

فقد تسلَّمت شاكرًا كتابكم رقم 39/أ/خ/38 بتاريخ 19/2/1438هـ، مع موسوعة العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب المعاصرة، وهي ثمرة بحوث مضنية بذل فيها أهل العلم قصارى جهدهم في عرض المذاهب والأديان، تحليلاً ونقدًا بأدلة شرعية وعقلية، وموثقة بالاستناد إلى مصادر ومراجع متعددة، وقد سدّت فراغًا كبيرًا في المكتبة الإسلامية المعاصرة.

جزاكم الله خيرًا، ونفع بعلمكم الإسلام والمسلمين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مصطفى بن محمد حلمي سليمان جامعة القاهرة ـ جمهورة مصر العربية




تقديم فضيلة الشيخ أسعد أعظمي بن محمد أنصاري

الأستاذ بالجامعة السلفية بنارس الهند، وعضو الهيئة العالمية للعلماء المسلمين برابطة العالم الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعد؛ أما بعد:

فإن هذا السِّفر القيِّم «موسوعة العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب المعاصرة» من أنفع الأعمال العلمية التي يمكن بها إثراء المكتبة الإسلامية، ويكون لها دور كبير ـ بإذن الله ـ في غرس العقيدة الصحيحة وإزالة المفاهيم المغلوطة، ومن مميزات هذه الموسوعة أنها أُعدت على منهجٍ علمي دقيق وأسلوب واضح وميسّر، وشارك في إعدادها ومراجعتها المتخصصون من علماء الأمة من أنحاء العالم.

جزى الله صاحب السمو الأمير الدكتور سعود بن سلمان آل سعود على عرض الفكرة وتبنِّي المشروع، وجزى كل من ساهم فيها من أعضاء اللجان المختلفة، وتقبّل مساعيهم، وبارك في جهودهم، وجعلها في ميزان حسناتهم. وهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

وصلّى الله على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أسعد أعظمي بن محمد أنصاري رئيس تحرير مجلة صوت الأمة، بنارس، الهند الأستاذ بالجامعة السلفية، بنارس، الهند عضو الهيئة العالمية للعلماء المسلمين برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة




تقديم أ. د. عبد الله شاكر الجنيدي

أستاذ العقيدة والرئيس العام لجماعة أنصار السّنة المحمدية مصر

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين؛ وبعد:

فمن نعمة الله على هذه الأمة أن أكمل لها الدين وأتم عليها النعمة، ورضي لها الإسلام دِينًا، ولم يقبض الله تعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم إليه إلا بعد أن بلَّغ البلاغ المبين وتركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها، وقد أخبر صلّى الله عليه وسلّم أن أمته سيجري فيها ما جرى في الأمم السابقة من التفرُّق والاختلاف، وقد وقع ما أخبر به صلّى الله عليه وسلّم، غير أن الله تعالى أبقى فيها الطائفة الظاهرة المنصورة المتمسكة بالحقِّ إلى يوم الدين، وهم بحمد الله متوافرون في سائر أرجاء المعمورة، فلا يخلو منهم زمان، ويحرصون على تصحيح العقيدة والدفاع عن السُّنَّة ومحاربة البِدع ومحدثات الأمور، وقد ألَّفوا الكتب النافعة في أصول الدين واجتهدوا في إبراز عقيدة ومنهج سلف الأمة الصالحين، كما تناولوا بالعلم والتحقيق الرد على المخالفين الخارجين على منهج السلف القويم.

ومما انشرح له صدري العمل العلمي التي تقوم به الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب، وذلك في موسوعة مباركة تتعلق بهذا الشأن، وشاء الله ـ تبارك وتعالى ـ أن أطّلع على جزء من هذا العمل المبارك، فألفيته دقيقًا نافعًا، قام به ثلّة من الباحثين المتخصصين ممن لهم قدم صدق في هذا الباب، وهم بهذا العمل يقربون المعتقد الصحيح بين يدي الأمة بأسلوب سهل ميسور، يتميز بالبساطة في العرض مع غزارة المادة العلمية وقوتها، واستيعاب لرؤوس المسائل وما يتفرع عنها، وقد أحالوا إلى المراجع العلمية الأصيلة التي تدعم أقوالهم وتثبت مصداقيتهم في العرض والطرح، وهم بهذا يقطعون الطريق على أهل الأهواء الذين يشنِّعون على منهج السلف ويصفونه بما ليس فيه بغيًا وظلمًا، والموسوعة بهذا الحجم تثري المكتبة الإسلامية، وتسد جانبًا مهمًّا في تقرير عقيدة السلف والدفاع عنها.

جزى الله ـ تبارك وتعالى ـ جميع الباحثين والقائمين عليها خير الجزاء، وأخص بالشكر صاحب فكرة هذا المشروع الضخم: صاحب السمو الأمير الدكتور سعود بن سلمان بن محمد آل سعود.

وفّق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.

أ. د. عبد الله شاكر الجنيدي أستاذ العقيدة الإسلامية والرئيس العام لأنصار السُّنَّة المحمدية