بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلِّم تسليمًا كثيرًا.
أمّا بعدُ: فإن الله تعالى بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، حتى أبان لعباده دينهم ووضَّحه لهم، فهذا الدين العظيم أعظم وأكبر وأجل نعمة امتنَّ الله بها على البشرية، قال الله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3] ، ويعرف قدر هذه النعمة وعِظَمها من نظر في حال العالم، وما ظهر فيه من أنواع الفساد والانحراف العقدي والخلقي.
فأساس هذا الدين وقاعدته وأصله: العقيدة الصحيحة الخالية من كل بدعة وشائبة ضلال؛ فالعقيدة أساس قبول العمل وسبب النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة، وتوحيد الله عزّ وجل هو أول ما يجب على المكلف، فلذا لم يبدأ الرسل عليهم الصلاة والسلام دعوتهم إلا بالتوحيد، قبل الدعوة إلى أي شيء سواه، وعلى نهج رسل الله عليهم الصلاة والسلام مضى سلف الأمة الكرام، من الصحابة رضي الله عنهم والتابعين وأتباعهم وأئمة المسلمين، قرنًا بعد قرن.
وفي هذا العصر اشتدت الحاجة إلى عرض العقيدة الصحيحة بأسلوب سهل ميسر، يصل إلى أكبر عدد من المتلقِّين، فاتساع شبكة الاتصالات وسرعة نقل المعلومات وتطوّر وسائل التواصل بين الناس؛ سهّل لكلّ واحد نشْرَ معتقداته وأفكاره، فكل صاحب فكرٍ أو دينٍ أو مبدأ يسخّر هذه الوسائل لبثّ ما يدعو إليه، سواء أكان ما يدعو إليه حقًّا أم باطلاً، فنتج عن ذلك انتشار العقائد الفاسدة، والأفكار المنحرفة.
فالحاجة ماسّة إلى إصدار عمل يسدُّ هذه الثغرة، ويذبّ عن عقيدة الإسلام الصافية، ويشبع نهم الباحثين عن الحقيقة، تبنّى صاحب السمو الأمير د. سعود بن سلمان بن محمد آل سعود أستاذ العقيدة المشارك بجامعة الملك سعود ـ وفَّقه الله ـ مشروعَ إعداد موسوعة شرعية عقدية، تعرض مسائل العقيدة بطريقة علمية رصينة وأسلوب واضح.
وقد عرض صاحب السموّ فكرةَ المشروع على الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان والفِرَق والمذاهب، وبعد موافقة الجمعية عليها، دعمها بماله وجاهه، وأحال الإشراف عليها وتحريرها إلى الجمعية، وكوّن مجلس إدارة الجمعية «اللجنة العليا للموسوعة»، التي واصلت اجتماعاتها، ووضعت خطة طموحة للموسوعة بعد استعراضها للموسوعات السابقة، وتواصلها مع أصحاب الخبرة، وشكَّلت هذه اللجنة فريق عملها، وأشرفت على تنفيذها، وفق ما سيأتي إيضاحه في البنود الآتية بحول الله.