قال ابن فارس رحمه الله: «الكاف والفاء والراء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على معنىً واحد، وهو السَّتْر والتَّغطية»[1].
وسُميَ الفلاّحُ كافرًا ـ كما في قوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} [الحديد: 20] ـ وذلك لتغطية الحَبِّ بالتراب، وسمي الليل كافرًا لتغطية كل شيء[2].
[1] مقاييس اللغة (5/191) [دار الجيل، ط2].
[2] انظر: لسان العرب (5/144) [دار صادر، ط1]، والقاموس المحيط (470)، وتاج العروس (14/50) [دار الهداية]، ومفردات القرآن (714) [دار المعرفة]، والمعجم الوسيط (791).
التكفير حكم شرعي، وهو حق لله تعالى، والكافر من كفَّره الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، فليس الكفر حقًّا لأحد من الناس؛ بل هو حق الله تعالى، ومعنى ذلك ألا نحكم على فعل ما أنه كفر، وأن فاعله كافر إلا بموجب نص من الكتاب أو صحيح السُّنَّة[1].
قال ابن تيمية رحمه الله: «الكفر حكم شرعي متلقى عن صاحب الشريعة، والعقل قد يعلم به صواب القول وخطؤه، وليس كل ما كان خطأ في العقل، يكون كفرًا في الشرع، كما أنه ليس كل ما كان صوابًا في العقل، تجب في الشرع معرفته»[2].
[1] انظر: الشفا للقاضي عياض (2/1065) [دار الكتاب العربي]، وفيصل التفرقة للغزالي (128، 146، 158) [مكتبة الجندي]، الرد على البكري (257) [الدار العلمية، ط2، 1405هـ].
[2] درء التعارض (1/242) [دار الكتب العلمية، 1417هـ]، وانظر: مختصر الصواعق المرسلة (2/421) [دار الفكر]، والصواعق المحرقة لابن حجر الهيتمي (78) [دار الكتب العلمية، ط1، 1403هـ].
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94] .
وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ *} [التوبة] .
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أيّما رجلٍ قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما»[1].
وفي روايةٍ لمسلم: «إن كان كما قال وإلاّ رجعت عليه»[2].
وعن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «العهد الذي بيننا وبينهم ترك الصلاة، فمن تركها فقد كفر» [3].
[1] أخرجه البخاري (كتاب الأدب، رقم 5752)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 60).
[2] أخرجه البخاري (كتاب الأدب، رقم 6104)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 60).
[3] أخرجه الترمذي (أبواب الإيمان، رقم 2621) وصححه، والنسائي (كتاب الصلاة، رقم 463)، وابن ماجه (كتاب إقامة الصلاة والسُّنَّة فيها، رقم 1079)، وأحمد (38/20) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (رقم 564) [مكتبة المعارف، ط5].
قال الغزالي رحمه الله: «الكفر حكم شرعي كالرِّق والحرية مثلاً، إذ معناه: إباحة الدم والحكم بالخلود في النار، ومدركه شرعي، فيدرك إما بنص وإما بقياس على منصوص»[1].
وقال القاضي عياض رحمه الله في مطلع كلامه على المكفرات القولية: «اعلم أن تحقيق هذا الفصل، وكشف اللبس فيه، مورده الشرع، ولا مجال للعقل فيه»[2].
وقال ابن تيمية رحمه الله: «فلهذا كان أهل العلم والسُّنَّة لا يكفرون من خالفهم، وإن كان ذلك المخالف يكفرهم؛ لأن الكفر حكم شرعي، فليس للإنسان أن يعاقب بمثله، كمن كذب عليك، وزنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه، ولا تزني بأهله؛ لأن الكذب والزنا حرام لحق الله تعالى، وكذلك التكفير حق الله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله»[3].
[1] فيصل التفرقة (128)، وانظر: (ص146، 158).
[2] الشفا (2/1065).
[3] الرد على البكري (257)، وانظر: منهاج السُّنَّة النبوية (5/244) [مؤسسة قرطبة، ط1، 1406هـ]، والعواصم والقواصم لابن الوزير (4/178، 179) [مؤسسة الرسالة، ط3، 1415هـ].
الشرط الأول: أن يقصد المعين بكلامه المعنى المكفر:
وذلك يشتمل على أمرين:
1 ـ أن لا يُكفَّر المعيَّن بلازم القول (إذا كان لازم القول كفرًا)، إلا إذا علم المعينُ ذلك اللازم والتزمه.
2 ـ أن من الألفاظ ما يكون مجملاً ومحتملاً لأكثر من معنى بعضها كفر وبعضها ليس بكفر، فربما قصد الشخص المُعيَّن من اللفظ معنى غير المعنى الكفري، فلا يجوز أن يحكم عليه بالكفر حينها حتى نتأكد من مُراده[1].
الشرط الثاني: قيام الحجة، وزوال الشبهة:
وذلك ببلاغ الحجة الرسالية للشخص المعين، وتمكُّنه من استماعها وتدبرها.
وذلك يختلف باختلاف المقالات والأشخاص والأحوال والأزمنة والأماكن، فما كان معلومًا من الدين بالضرورة ليس كالأمور الخفيَّة، وحديث العهد بالإسلام ليس كغيره، والجاهل بدلالات الألفاظ ليس كالعالم بها، والبلد التي يظهر فيها العلم والسُّنَّة ليست كغيرها، وكذا الحال في الزمان الذي ينتشر فيه العلم، فليس كأزمنة الجهل والفترات[2].
وإن مما يعتبر في تكفير المعين: انتفاء موانع التكفير عنه. وموانع التكفير هي:
1 ـ الخطأ؛ أي: ما لم يكن عن عمد، فكل من اجتهد من أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم وقصد الحق فأخطأ لم يكفر؛ بل يُغفر له خطؤه، وإن حصل منه نوعُ تقصير في طلبه للحق فذلك التقصير ذنب، لكن لا يجب أن يبلغ به حد الكفر، حتى ولو أُطلِقَ أن ما وقع به كفرًا[3]. قال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5] .
2 ـ الجهل؛ فمن أنكر أمرًا من أمور الشرع جاهلاً به، ولم تبلغه الحجة، فلا يكفر بذلك الإنكار[4]. قال تعالى: {رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: 165] .
ويندرج في حكم الجاهل: المقلد، إذا عجز عن الاجتهاد في الوصول للحق[5].
3 ـ العجز؛ فمن عجز عن الوصول إلى الحق، بعد بذل الجهد في تطلُّبِه، فوقع تبعًا لذلك في أمر مكفِّر، فإن عجزه يكون مانعًا من إيقاع الكفر عليه، وكذا لو عجز عن القيام بما شرعه الله، من الأقوال والأعمال، وذلك كحال النجاشي الذي عجز عن أداء ما أوجبه الله عليه من إظهار الدين ونشره في قومه، فعذره الله لعجزه[6].
4 ـ الإكراه؛ قال تعالى: {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ *مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *} [النحل] . فأباح الله أن ينطق الرجل بالكفر عند الإكراه، إذا كان قلبه مطمئنًّا بالإيمان، فالإكراه يسقط الأحكام المترتبة على النطق بالكفر بإجماع العلماء[7].
5 ـ التأويل؛ فالمتأول الذي أخطأ في تأويله لشبهة، وكان في قوله ما يخالف نصًّا أو إجماعًا، وهو لم يتبيَّن له تلك المخالفة، فإنه يعذر بذلك التأويل، وإن كان قد يلحقه شيء من الإثم بحسب تقصيره وتفريطه في الاجتهاد الواجب، لكنه لا يكفَّر حتى تقوم عليه الحجة الرسالية، ويعاندها مشاقًّا ما جاء به الرسول، ومتبعًا غير سبيل المؤمنين[8].
والعذر بهذه الموانع ليس على إطلاقه؛ بل لكل واحدٍ منها تفصيل لا يتسع المقام لذكره.
[1] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (5/306 ـ 307) (20/217 ـ 218)، والرد على البكري (341 ـ 342، ومنهج ابن تيمية في مسألة التكفير للمشعبي (209 ـ 211، 224) [دار أضواء السلف، ط1، 1418هـ].
[2] انظر: مجموع الفتاوى (1/112) (6/60 ـ 61) (12/466) (18/53 ـ 54) (20/37 ـ 38)، والرد على البكري (211، 214، 259)، وبغية المرتاد (311) [مكتبة العلوم والحكم، ط1، 1408هـ]، وضوابط التكفير عند أهل السُّنَّة والجماعة لعبد الله القرني (225 ـ 261) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1413هـ]، ومنهج ابن تيمية في مسألة التكفير، للمشعبي (212).
[3] انظر: مجموع الفتاوى (1/113) (3/229 ـ 230) (12/180، 466) (20/32 ـ 33) (35/100)، والاستقامة (1/163 ـ 165)، وفتح الباري (11/551)، ونواقض الإيمان الاعتقادية للوهيبي (1/302) [دار المسلم، ط2، 1422هـ]، ومنهج ابن تيمية في مسألة التكفير للمشعبي (230، 249).
[4] انظر: السُّنَّة لعبد الله بن أحمد (745) [دار ابن القيم، ط1، 1406هـ]، والتمهيد لابن عبد البر (18/46 ـ 47)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (1/113) (3/231) (11/406) (12/466)، والرد على الإخنائي (61 ـ 62) [الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والدعوة والإرشاد، ط2]، ومنهج ابن تيمية في مسألة التكفير (251)، ونواقض الإيمان الاعتقادية (1/225).
[5] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (2/106 ـ 107، 131 ـ 133، 378) (19/261) (20/32 ـ 33) (23/349)، ونواقض الإيمان الاعتقادية (2/39 ـ 51).
[6] انظر: مجموع الفتاوى (12/478 ـ 479) (19/217)، ومنهج ابن تيمية في مسألة التكفير (262).
[7] انظر: تفسير القرطبي (3/432) [دار إحياء التراث العربي، ط2]، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (3/231) (7/219 ـ 220) (8/504)، ومنهاج السُّنَّة (6/424)، الاستقامة (2/319 ـ 320)، وفتح الباري (12/314)، وضوابط التكفير عند أهل السُّنَّة والجماعة (267)، ونواقض الإيمان الاعتقادية (2/5).
[8] انظر: شرح الأصفهانية لابن تيمية (144 ـ 145) [دار الكتب الحديثة]، ومجموع الفتاوى (3/229 ـ 231)، والرد على البكري (258)، ومدارج السالكين (1/367) [دار الكتاب العربي، ط1392هـ]، وإيثار الحق على الخلق لابن الوزير (435) [دار الكتب العلمية، ط1318هـ]، وتوضيح الكافية الشافية للسعدي (156 ـ 158) [مكتبة ابن الجوزي، ط1، 1407هـ]، وضوابط التكفير عند أهل السُّنَّة (261)، ونواقض الإيمان الاعتقادية (2/20 ـ 30).
(التكفير) على قسمين: مطلق ومعين.
القسم الأول: التكفير المطلق:
وهو التكفير المضاف إلى من اتصف بوصف معين مخرج عن الإسلام، أو من انتسب إلى فرقة أو مذهب حكم العلماء أنه خارج على الإسلام، دون أن يضاف هذا التكفير إلى شخص بعينه.
والتكفير المطلق في كلام السلف على نوعين:
النوع الأول: التكفير بالمقالة أو الوصف:
فيقال: من قال كذا، أو فعل كذا، أو اعتقد كذا كفر، وهذا هو الغالب.
كقول نعيم بن حماد وغيره: «من شبّه الله بشيء من خلقه فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه فقد كفر»[1].
وكقول جماهير السلف؛ كسفيان الثوري وأبي ثور ووكيع وغيرهم: «من زعم أن القرآن مخلوق فقد كفر»[2].
وهذا التكفير المطلق لا يلزم فيه النظر إلى الشروط والموانع، من الجهل والإكراه ونحوها؛ بل يذكر حكمه مطلقًا، فيقال على سبيل المثال: من سبَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقد كفر.
النوع الثاني: التكفير بالفرقة:
كتكفيرهم لغلاة الجهمية والرافضة والقدرية[3].
القسم الثاني: تكفير المعين:
وهو الحكم بالكفر على شخص بعينه، بعد تلبسه بمكفِّر من المكفرات، مع توفر شروط التكفير، وانتفاء موانعه[4].
والكفار على قسمين:
1 ـ الكفار الأصليون، وهم الذين لم يدخلوا في الإسلام أصلاً؛ كالمشركين واليهود والنصارى.
2 ـ المرتدون، وهم من كان منتسبًا إلى الإسلام، غير أنه قد حكم بكفرهم الكفر الأكبر من أهل العلم الراسخين لقيام موجب التكفير فيهم وانتفاء مانعه.
ولكل من القسمين أحكامه المختصة.
[1] انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة (3/532) [دار طيبة، 1402هـ]، وشرح العقيدة الطحاوية (120) [المكتب الإسلامي، ط4، 1391هـ].
[2] انظر: السُّنَّة لعبد الله بن أحمد (1/115) [دار ابن القيم، ط1، 1406هـ]، والشريعة للآجري (1/489) [دار الوطن، ط2، 1420هـ]، وشرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة (1/172) (2/258)، والإبانة للأشعري (95) [دار الأنصار، ط1، 1397هـ].
[3] انظر: خلق أفعال العباد للبخاري (32) [مكتبة التراث الإسلامي]، والسُّنَّة لعبد الله بن أحمد (1/104 ـ 109)، وشرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة (1/178) (2/332)، والصفدية (2/165)، والنونية لابن القيم مع شرح ابن عيسى (1/47، 290) [المكتب الإسلامي، ط3، 1406هـ].
[4] انظر: مجموع الفتاوى (3/230 ـ 231) (12/497 ـ 498)، والاستقامة (1/163 ـ 165)، وبغية المرتاد (354)، ومنهج ابن تيمية في مسألة التكفير (1/193).
المسألة الأولى: الحكم بالتكفير يكون بالظاهر:
فالحكم على الشخص بالإسلام أو الكفر إنما يكون بما ظهر لنا، وليس لنا أن نتقحم الغيب ونحكم على الناس بالظنون والأوهام، فإن ما عدا الظاهر غيب، والغيب علمه موكول إلى الله، وتكليف العباد به تكليف بما لا يطاق {قُلْ لاَ يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلاَّ اللَّهُ} [النمل: 65]
والمراد ههنا الحكم الظاهر بالإسلام أو الكفر، وإجراء الأحكام الدنيوية على المعين، أما الحكم على الحقيقة فلا سبيل إليه.
يقول الإمام الشاطبي رحمه الله: «إن أصل الحكم بالظاهر مقطوع به في الأحكام خصوصًا، وبالنسبة إلى الاعتقاد في الغير عمومًا، فإن سيد البشر مع إعلامه بالوحي يجري الأمور على ظواهرها في المنافقين وغيرهم، وإن علم بواطن أحوالهم، ولم يكن ذلك بمخرجه عن جريان الظواهر على ما جرت عليه...»[1].
ومما يدل على هذا الضابط:
1 ـ قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94] .
قال الشوكاني رحمه الله: «والمراد هنا: لا تقولوا لمن ألقى بيده إليكم واستسلم: لست مؤمنًا... والمراد نهي المسلمين عن أن يهملوا ما جاء به الكافر مما يستدل به على إسلامه ويقولوا: إنه إنما جاء بذلك تعوذًا وتقية»[2].
2 ـ ومن الأدلة الصريحة في ذلك: قصة أسامة رضي الله عنه المشهورة، قال: «بعثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة، فأدركت رجلاً، فقال: لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك، فذكرته للنبي صلّى الله عليه وسلّم فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أقال لا إله إلا الله وقتلته؟! قال: قلت: يا رسول الله إنما قالها خوفًا من السلاح، قال: أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا، فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ[3]»[4].
والحديث فيه زجر شديد وتحذير من الإقدام على قتل من تلفظ بالتوحيد وتحذير صريح من تجاوز الظاهر والحكم على ما في القلب دون بينة[5].
المسألة الثانية: خطورة التكفير:
وفي ذلك يشار إلى الأمور التالية:
1 ـ أن البحث في التكفير متعلق بمسألة (الأسماء والأحكام)؛ أي: اسم صاحب الكبيرة في الدنيا، وحكمه في الآخرة، وهي من أعظم مسائل الاعتقاد، فبها تتعلق السعادة والشقاوة للشخص، واستحقاقه للجنة أو النار[6].
2 ـ خطورة الوقوع في (التكفير) بغير علم، أو مع الهوى، وفتنة التكفير هي أول البدع التي ظهرت في الأمة، من قِبَل فرقة الخوارج، حيث وقعوا في تكفير خيار الناس، من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومن بعدهم، فكانت هذه الفتنة منبعًا لكثير من الانحرافات العقدية والفكرية والسلوكية في تاريخ الأمة.
ولذا جاءت الأحاديث في ذمِّ هذه الفتنة والفرقة القائلة بها بما لم يأت مثله في الفرق الأخرى، بيانًا لخطورتها[7].
3 ـ أن الغلط في الحكم بالتكفير يرجع على المكفر ـ إن حكم بغير اجتهاد ـ ولذا تواترت النصوص في النهي عن تكفير الناس بغير حق.
4 ـ أن الحكم على المعين بالكفر ينبني عليه آثار عظيمة في الأحكام؛ كالتفرقة بين الزوجين، وحد الردة، والبراءة من المرتد، وعدم التوارث بينه وبين المسلمين، وعدم دفنه في مقابر المسلمين، وغيرها من الأحكام المذكورة في أبواب الردة في مدونات الفقه والحديث، ولذا كان الحكم على المعين بالكفر من الخطورة بمكان.
5 ـ وكما أن الغلو والإفراط في التكفير مذموم، فكذلك الجفاء والتفريط في التكفير، ومن ذلك من يزعم أنه لا يكفر إلا بالأوصاف، لا بالأعيان، وينفي التكفير بالأعيان مطلقًا، وهذا باطل ومخالف لفعل السلف، فكما أن من ثبت إسلامه بيقين لم يزل إلا بيقين، فكذلك من ثبت كفره بيقين وتوفرت فيه الشروط وانتفت عنه الموانع فإنه لا يسوغ التوقف في تكفيره من قبل أهل العلم الراسخين، فثمة أحكام شرعية مهمة تتعلق بمن وقع في ذلك، من التفرقة بينه وبين زوجه المؤمن، والحكم بردته، واستتابته، وغير ذلك، والحق وسط بين الغلو والجفاء.
المسألة الثالثة: لا يلزم من التكفير المطلق تكفير المعين:
وذلك أن التكفير المطلق هو إضافة الكفر إلى فعلٍ معين، أو فرقة معينة، من غير اعتبار لقيام الشروط وانتفاء الموانع فيه.
وأما التكفير المعين فلا بد فيه من توفر شروط التكفير (كالعلم المنافي للجهل والنسيان، والاختيار المنافي للإكراه)، وكذا انتفاء الموانع، وهي المقابلة للشروط.
وعليه؛ فإن الذنب قد يكون كفرًا، ولا يكون جميع الفاعلين كفارًا، فقد يتلبَّس الشخص المعين بفعل مكفرِّ، ولا يحكم على عينه بالكفر، لجهله، أو للإكراه؛ كحديث الإسلام إذا أنكر وجوب الصلاة أو تحريم الخمر، أو حجَّ لغير الله، إذا لم تبلغه الحجة[8].
المسألة الرابعة: حكم التكفير مرجعه إلى أهل العلم:
ولمّا كان الحكم بتكفير المعين من الخطورة بمكان، سواء في حق المُكَفِّر أو المكفَّر، ولمّا كان ذلك الحكم متوقفًا على شروط دقيقة، وعلى قرائن الأحوال لذلك الشخص؛ كالتحقق من كون الذنب كفرًا أكبر مخرجًا من الملة، وأنه ليس من قبيل الكفر الأصغر، وأنه قام فعلاً بهذا المعين، وأنه قد توفرت فيه الشروط، وانتفت عنه الموانع، تعذر أن يكون الحكم بالكفر متاحًا لكل فرد من آحاد الناس، أو المتعالمين منهم؛ بل ولا على كل طالب علم، وإن اطَّلع على تلك الشروط، فمعرفة الشروط شيء، وتحقُّقها على الواقع شأن آخر، وإنما المرجع في التكفير لأهل العلم الراسخين، قال تعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83] .
وقال الإمام الشاطبي رحمه الله: «من أنفع طرق العلم الموصلة إلى غاية التحقق به، أخذه عن أهله المتحققين به على الكمال والتمام.. فلا يؤخذ إلا ممن تحقق به، وهذا أيضًا واضح في نفسه، وهو أيضًا متفق عليه بين العقلاء، إذ من شروطهم في العالم بأيِّ علم اتفق أن يكون عارفًا بأصوله وما ينبني عليه ذلك العلم»[9].
فالراسخون وأهل الاستنباط من أئمة العلم هم الذين يدركون مثل هذه الأمور والشروط التي قد يعز اجتماعها، ويخفى قيامها، وقد يتخلف بعض شروط التكفير الدقيقة فيها، وتتنوع وتخفى موانعها، فالعلماء هم الذي ينظرون في تحققها في المعيَّن من المكلفين، وإذا كنا مأمورين بالرجوع لأهل الذكر في دقائق أمور الشريعة، فكيف بمثل هذا الحكم الذي يفرق بين الزوج وزوجه، ويبيح دمه، ويخرجه عن أهل الإسلام.
المسألة الخامسة: من حكم بكفره لا يلزم أن يُعامَل معاملةَ المرتدين:
وذلك مقول فيمن كانت ردَّته بأمر خفي غير مُعلن، وإن علمه بعض الناس؛ كالمنافق ونحوه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «إن كثيرًا من الناس ـ بل أكثرهم ـ في كثير من الأمصار لا يكونون محافظين على الصلوات الخمس ولا هم تاركيها بالجملة؛ بل يصلون أحيانًا ويدعون أحيانًا، فهؤلاء فيهم إيمان ونفاق، وتجري عليهم أحكام الإسلام الظاهرة في المواريث ونحوها من الأحكام، فإن هذه الأحكام إذا جرت على المنافق المحض؛ كابن أُبيّ وأمثاله من المنافقين فلأن تجري على هؤلاء أولى وأحرى، وبيان هذا الموضع مما يزيل الشبهة، فإنَّ كثيرًا من الفقهاء يظن أن من قيل: (هو كافر) فإنه يجب أن تجري عليه أحكام المرتد ردة ظاهرة، فلا يرث ولا يورث ولا يناكح، حتى أجروا هذه الأحكام على من كفروه بالتأويل من أهل البدع، وليس الأمر كذلك، فإنه قد ثبت أن الناس كانوا ثلاثة أصناف: مؤمن، وكافر مظهر للكفر، ومنافق مظهر للإسلام مبطن للكفر، وكان في المنافقين من يعلمه الناس بعلامات ودلالات؛ بل من لا يشكون في نفاقه، ومن نزل القرآن ببيان نفاقه؛ كابن أُبيٍّ وأمثاله، ومع هذا فلما مات هؤلاء ورثهم ورثتهم المسلمون، وكان إذا مات لهم ميت آتوهم ميراثه، وكانت تُعصَم دماؤهم، حتى تقوم السُّنَّة الشرعية على أحدهم بما يوجب عقوبته»[10].
المسألة السادسة: ما يمحو الكفر بعد ثبوته على المعين:
أجمع أهل السُّنَّة والجماعة؛ على أن الكفر إذا ثبت ووقع في حق المعين؛ لم يمحه شيء إلا التوبة الصادقة وبشروطها المعروفة؛ لأن التوبة تمحو جميع الخطايا والسيئات.
والله تعالى يقبل توبة العبد الصادق المقبل إليه إقبالاً صادقًا من قلبه، ويغفر جميع الذنوب والخطايا والمعاصي والكفر والشرك وما دونه، وإن كل من تاب وأناب إلى الله في هذه الدنيا؛ تاب الله عليه وغفر له، وليس شيء يغفر جميع الذنوب إلا التوبة.
قال تعالى: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ *} [الزمر] .
قال ابن تيمية: «فثبت بكتاب الله، وسُنَّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن كل من تاب، تاب الله عليه. ومعلوم أن من سب الرسول من الكفار المحاربين، وقال: هو ساحر، أو شاعر، أو مجنون، أو معلم، أو مفتر، وتاب تاب الله عليه. وقد كان طائفة يسبون النبي صلّى الله عليه وسلّم من أهل الحرب؛ ثم أسلموا، وحسن إسلامهم، وقبل النبي صلّى الله عليه وسلّم منهم، منهم: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعبد الله بن سعد بن أبي السرح، وكان قد ارتد، وكان يكذب على النبي صلّى الله عليه وسلّم، ويقول: أنا كنت أعلمه القرآن؛ ثم تاب، وأسلم، وبايعه النبي صلّى الله عليه وسلّم على ذلك»[11].
[1] الموافقات للشاطبي (2/271، 272) [دار المعرفة].
[2] فتح القدير (1/501) [دار الفكر، ط2].
[3] حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ: (أي: لم يكن تقدم إسلامي؛ بل ابتدأت الآن الإسلام ليمحو عني ما تقدم). شرح النووي (2/104).
[4] أخرجه البخاري (كتاب المغازي، رقم 4269)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 96).
[5] انظر: مسلم بشرح النووي (2/104، 107)، ونواقض الإيمان الاعتقادية (1/202 ـ 209).
[6] انظر: الكيلانية ضمن مجموع الفتاوى (12/468)، وجامع العلوم والحكم لابن رجب (30).
[7] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (19/71 ـ 72).
[8] انظر: مجموع الفتاوى (7/291) (12/500، 487، 488) (23/326) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، وبغية المرتاد (311) [مكتبة العلوم والحكم، ط1، 1408هـ]، وانظر: الرد على البكري (258) [الدار العلمية، ط2، 1405هـ]، ومجموعة الرسائل لابن تيمية (4/382) [دار الكتب العلمية، ط2، 1412هـ].
[9] الموافقات (1/91 ـ 92).
[10] مجموع الفتاوى (7/617)، وانظر: نفس المرجع (7/617 ـ 621).
[11] مجموع الفتاوى (3/291).
الفرق بين التكفير المطلق والتكفير المعين:
1 ـ التكفير المطلق ـ كما سبق بيانه ـ لا يتعلق بالأعيان؛ بل بالأوصاف، أو الفِرَق والطوائف.
وأما التكفير المعين فيناول تكفير الشخص بعينه.
2 ـ في التكفير المعين لا بد من النظر في تحقق الشروط وانتفاء الموانع في حق الشخص المعين قبل الحكم عليه بالكفر.
وهذه القاعدة هي أصل قواعد أهل السُّنَّة فيما يتعلق بتكفير المعين، ولهذا كان الإمام أحمد رحمه الله مع تكفيره للجهمية الذين يقولون: إن القرآن مخلوق من حيث الحكم المطلق لا يكفر كل معين منهم بذلك. بل كان رحمه الله يدعو للخليفة وغيره ممن حبسه ويستغفر لهم، وقد حللهم من كل ما فعلوه به من الظلم والدعاء إلى القول الذي هو كفر ولو كانوا مرتدين لم يجز الاستغفار لهم[1].
[1] انظر للتفصيل في ذلك: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (12/484 ـ 501) [مكتبة ابن تيمية، ط2] وهذا اقتباس منه، وانظر: ضوابط التكفير للقرني (68 ـ 69) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1413هـ].
المخالفون في التكفير على طرفي نقيض غلاة ومفرطون:
1 ـ الغلاة فيه، وهم الوعيدية، من الخوارج والمعتزلة، فالإيمان عندهم: قول وعمل واعتقاد لا يزيد ولا ينقص؛ بل هو كُلٌّ إذا زال بعضه زال جميعه.
ولذا؛ فالخوارج يكفِّرون بالذنب في الدنيا، ويخلدون صاحبه في النار في الآخرة. والمعتزلة لا يجعلونه مؤمنًا في الدنيا؛ بل يجعلونه في منزلة بين المنزلتين، فهو قد خرج من الإيمان عندهم ولما يدخل إلى الكفر، لكنهم يخلدونه في الآخرة في النار، موافقين الخوارج في الحكم الأخروي.
2 ـ المفرطون، وهم المرجئة، وقد تقدم أنهم طوائف متعددة، يجمعهم القول بإرجاء العمل عن مسمى الإيمان، فالأعمال عندهم لا تدخل في الإيمان.
وأشهر تلك الفرق:
أ ـ غلاة الجهمية، والإيمان عندهم مجرد المعرفة، وعليه فالكفر عندهم هو الجهل بالله.
ويلزم على قولهم أن يكون إبليس وفرعون ونحوهم مؤمنين، لتحقق المعرفة عندهم، وهذا أقبح المذاهب في الإيمان، وهم المرجئة المحضة الخالصة.
ب ـ الأشاعرة، الذين قالوا: إن الإيمان هو التصديق، وعليه فالكفر عندهم هو التكذيب فقط، أو ما زاد عليه كالجحود.
وهذا القول فاسد، فإن الكفر قد يكون بالفعل والقول، كسب الله، وقتل الرسل، والسجود للصنم، ولو كان صاحبه غير مكذب، وقد تقدم بيان الأدلة على ذلك.
ج ـ مرجئة الفقهاء، ممن قال: إن الإيمان قول اللسان وتصديق القلب فقط، فالكفر عندهم بعدم ذلك.
ويجاب عنهم بنحو ما أجيب عمن قبلهم من دلالة النصوص على تكفير أفعال هي من عمل الجوارح.
وقد بيَّن ابن تيمية رحمه الله أن المرجئة قد أخطؤوا في قولهم: إن الكفر هو التكذيب من وجهين:
الأول: قولهم كل من كفَّره الشارع، فإنما كفَّره لانتفاء تصديق القلب بالرب تبارك وتعالى فحصروا الكفر في مجرد التكذيب فقط[1].
الثاني: قولهم: إن التكذيب يقوم بالباطن، بحيث ينتفي التصديق عن الكافر، مع أن كفر إبليس وفرعون واليهود ونحوهم؛ بل وغالب الأمم الكافرة، لم يكن أصله من جهة عدم التصديق والعلم، فإن إبليس مثلاً لم يخبره أحد بخبر؛ بل أمره الله بالسجود لآدم فأبى واستكبر، وكان من الكافرين، فكفره الإباء والاستكبار وما يتبع ذلك[2].
ولذا؛ يقول ابن القيم رحمه الله: «وهذان القسمان: (كفر الجحود والعناد، وكفر الإعراض) أكثر المتكلمين ينكرونهما، ولا يثبتون من الكفر إلا الأول (كفر التكذيب أو الجهل)، ويجعلون الثاني والثالث (كفر الجحود، والإعراض) كفرًا لدلالته على الأول لا لأنه في ذاته كفر، فليس عندهم الكفر إلا مجرد الجهل، ومن تأمل القرآن والسُّنَّة، وسير الأنبياء في أممهم، ودعوتهم لهم، وما جرى لهم معهم، جزم بخطأ أهل الكلام فيما قالوه، وعلم أن عامة كفر الأمم عن تيقن وعلم، ومعرفة بصدق أنبيائهم»[3].
وقد غلط المرجئة عندما ظنوا أن ترك العمل بالكلية، وعدم الالتزام بالشريعة ليس كفرًا، ما لم يكن عن تكذيب، فكما أنه لا يكفي لتحقيق الإيمان مجرد الالتزام المجمل بالشريعة دون التصديق، فكذلك لا يكفي مجرد التصديق دون تحقيق الالتزام الإجمالي[4].
كما أخطأ المبتدعة ـ عمومًا ـ في دعواهم أن الكفر خصلة واحدة، بناء على ظنهم أن الإيمان شيء واحد، أو شعبة واحدة، مع أن النصوص الشرعية تدل على أن الكفر شعب متفاوتة، فهناك كفر أكبر، وهناك كفر دون كفر[5].
[1] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/364، 557، 558).
[2] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (7/534)، ومدارج السالكين (1/337).
[3] مفتاح دار السعادة (1/94) [دار الإفتاء بالرياض].
[4] انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة (4/850).
[5] انظر: نواقض الإيمان القولية والعملية (48).
1 ـ «اقتضاء الصراط المستقيم»، لابن تيمية.
2 ـ «تعظيم قدر الصلاة»، لمحمد بن نصر المروزي.
3 ـ «جامع العلوم والحكم»، لابن رجب.
4 ـ «الرد على البكري»، لابن تيمية.
5 ـ «شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة»، للالكائي.
6 ـ «الشفا بتعريف حقوق المصطفى»، للقاضي عياض.
7 ـ «الصلاة»، لابن القيم.
8 ـ «ضوابط التكفير»، لعبد الله القرني.
9 ـ «كشف الشبهات»، لمحمد بن عبد الوهاب.
10 ـ «مجموع الفتاوى»، لابن تيمية.
11 ـ «مدارج السالكين»، لابن القيم.
12 ـ «نواقض الإيمان الاعتقادية»، لمحمد الوهيبي.
13 ـ «نواقض الإيمان القولية والعملية»، لعبد العزيز العبد اللطيف.