قال ابن فارس: «الكاف والواو والنون أصل يدل على الإخبار عن حدوث شيء»[1]، وجاء في «المعجم الوسيط»: «كان الشيء يكون كونًا وكيانًا وكينونة: حَدَثَ، كَوَّنَ الشيءَ: رَكَّبَه بالتأليف بين أجزائه، وكَوَّنَ الله الشيء: أخرجه من العدم إلى الوجود»[2]. فالتكوين معناه: الإيجاد من العدم.
[1] مقاييس اللغة (2/429) [دار الكتب العلمية، 1420هـ].
[2] المعجم الوسيط (806) [مكتبة الشروق الدولية، ط4].
التكوين ـ عند الماتريدية ـ صفة أزلية قائمة بذات الله يُوجِد بها ويُعْدِمُ، فهي لو تعلقت بالوجود تسمى إيجادًا، ولو تعلقت بالحياة تسمى إحياء، ولو تعلقت بالخلق تسمى تخليقًا، وهكذا... فالصفات الفعلية كلها راجعة إليها وليست صفات حقيقة عندهم[1].
[1] انظر: معجم ألفاظ العقيدة (101) [مكتبة العبيكان، ط2، 1420هـ]، والماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات الإلهية للشمس الأفغاني (1/418) [ط2، 1419هـ]، ومنهج أهل السُّنَّة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد بن عبد اللطيف (2/555) [مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة المنورة، ط1، 1416هـ]، وانظر من كتب الأشاعرة والماتريدية: شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري (42 ـ 43) [دار الكتب العلمية، ط2، 1428هـ]، والقصيدة النونية في الخلاف بين الأشاعرة والماتريدية لتاج الدين السبكي (71) [دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1424هـ]، والروضة البهية في ما بين الأشاعرة والماتريدية لأبي عذبة (122) [دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1424هـ]، ونظم الفرائد وجمع الفوائد لشيخ زاده (191 ـ 194) [دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1424هـ].
إن إثبات صفة التكوين لله تعالى من المسائل الخلافية المشهورة بين الأشاعرة والماتريدية؛ فالأشاعرة ينفون أن يكون التكوين صفة لله تعالى زائدة على الصفات السبع المعروفة المقررة لديهم، والماتريدية يقولون بتلك الصفات السبع التي قالت بها الأشاعرة ويزيدون عليها صفة التكوين، وقد اتفقت الأشاعرة والماتريدية على نفي قيام صفات الأفعال بالله تعالى؛ فالماتريدية يرجعونها إلى صفة التكوين والأشاعرة يرجعونها إلى الإرادة والقدرة، وكلا الطائفتين قد جانبهما الصواب في هذه المسألة؛ لأنهم عطلوا بذلك كثيرًا من صفات الله تعالى، وناقضوا الكتاب والسُّنَّة وسلف هذه الأمة، وارتكبوا مخالفة العقل الصريح، والحق في ذلك أن أفعاله تعالى صفات له سبحانه وقائمة به تعالى، تتعلق بها مشيئته وقدرته، نوعها قديم وآحادها متجددة، وهذا هو الصواب في المسألة[1]، والله أعلم.
[1] انظر: منهاج السُّنَّة النبوية (1/422 ـ 432) [جامعة الإمام، ط1، 1406هـ]، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (6/217 ـ 236) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، 1416هـ]، وشفاء العليل لابن القيم (260 ـ 266) [دار الكتب العلمية، ط2]، والماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات (1/420 ـ 422)، والنفي في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل السُّنَّة والجماعة والمعطلة لأرزقي بن محمد سعيداني (601 ـ 607، 673) [مكتبة دار المنهاج، الرياض، ط1، 1426هـ].
1 ـ «شفاء العليل»، لابن القيم.
2 ـ «الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات الإلهية» (ج1)، للشمس السلفي الأفغاني.
3 ـ «مجموع الفتاوى» (ج6)، لابن تيمية.
4 ـ «معجم ألفاظ العقيدة»، لعالم عبد الله فالح.
5 ـ «منهاج السُّنَّة النبوية» (ج1)، لابن تيمية.
6 ـ «منهج أهل السُّنَّة والجماعة ومنهج الأشاعرة في توحيد الله تعالى» (ج2)، لخالد بن عبد اللطيف بن محمد نور.
7 ـ «النفي في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل السُّنَّة والجماعة والمعطلة»، لأرزقي بن محمد سعيداني.