حرف التاء / التوسل

           

قال ابن فارس رحمه الله: «الواو والسين واللام كلمتان متباينتان: الأولى: الرغبة والطلب؛ يقال: وسل: إذا رغب، والواسل: الراغب إلى الله سبحانه وتعالى، وهو في قول لبيد:
بل كلُّ ذي دين
إلى اللَّه واسل
ومن ذلك القياس: الوسيلة. والأخرى السرقة: يقال: أخذ إبله توسلاً»[1].
التوسل: مصدر توسل، يقال: توسلت إلى فلان بكذا؛ أي: تقربت إليه بذلك الشيء، وتوسلت إلى الله وسيلة؛ أي: عملت عملاً أتقرب به إليه، فمعناه: التقرب، ويأتي أيضًا بمعنى: الرغبة والطلب، يقال: وسل فهو واسل؛ أي: رغب فهو راغب إلى الله تعالى، ويقال أيضًا: وسَّل فلان إلى ربه وسيلة؛ يعني: أنه عمل عملاً تقرب به إليه، وتطلق الوسيلة كذلك على المنزلة العلية عند الملك[2].
فتحصل مما تقدم: أن التوسل يطلق في اللغة على الأمور التالية: القربة، والرغبة، والحاجة، والمنزلة، وهذه المعاني للوسيلة متداخلة ومتلازمة؛ فالقربة والرغبة والحاجة والمنزلة تتقارب في المعنى ويستلزم بعضها بعضًا.


[1] مقاييس اللغة (6/110) [دار الجيل، ط1420هـ].
[2] انظر: تهذيب اللغة (13/67) [الدار المصرية للتأليف والترجمة]، ولسان العرب (15/301) [دار إحياء التراث العربي، ط3، 1419هـ].


التوسل: هو التقرب إلى الله تعالى بما شرعه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلّى الله عليه وسلّم، من الواجبات، والمستحبات[1].


[1] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (1/199 ـ 202، 247) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف]، والشرك ومظاهره (293) [دار الراية، ط1، 1422هـ]، وأضواء البيان (6/130) [دار عالم الفوائد، ط1].


التوسل لغة لا يخرج عن معنى التقرب أو ما يؤول إليه، وهو كذلك في الشرعي، لكنه مقيد بكونه فيما يحبه الله ويرضاه؛ ولهذا قال الراغب الأصفهاني: «حقيقة الوسيلة إلى الله: مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحري مكارم الشريعة وهي كالقربة»[1].


[1] مفردات غريب القرآن للراغب (524) [دار المعرفة].


حقيقة التوسل الوارد في نصوص الكتاب والسُّنَّة هو التقرب إلى الله بطاعته، وهذا يدخل فيه كل ما أمر الله به، وأمر به رسوله صلّى الله عليه وسلّم، يتناول كل واجب ومستحب، وأما ما ليس بواجب، ولا مستحب فلا يدخل فيه، سواء كان محرمًا، أو مكروهًا، أو مباحًا، والتوسل بطاعته فرض لا يتم الإيمان إلا به.
وأما التوسل بدعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم وشفاعته، فهذا نوع آخر، هو من باب قبول الله دعاءه، وشفاعته؛ لكرامته عليه[1].
ولفظ التوسل من الألفاظ التي وقع فيها إجمال واشتراك، وحصل بسبب ذلك لبس وخلط في أفهام بعض الناس.
يقول الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: «لفظ التوسل صار مشتركًا؛ فعبّاد القبور يطلقون التوسل على الاستغاثة بغير الله، ودعائه رغبًا ورهبًا، والذبح والنذر، والتعظيم بما لم يشرع في حق مخلوق، وأهل العلم يطلقونه على المتابعة، والأخذ بالسُّنَّة، فيتوسلون إلى الله بما شرعه لهم من العبادات، وبما جاء به عبده ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم، وهذا هو التوسل في عرف القرآن والسُّنَّة... ومنهم من يطلق على سؤال الله ودعائه بجاه نبيّه، أو بحق عبده الصالح، أو بعباده الصالحين، وهذا هو الغالب عند الإطلاق في كلام المتأخرين؛ كالسبكي والقسطلاني، وابن حجر؛ أي: الهيتمي»[2].


[1] انظر: مجموع الفتاوى (1/199 ـ 200، 247).
[2] منهاج التأسيس (339) [دار الهداية، ط2، 1407هـ]. وانظر: دعاوي المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لعبد العزيز آل عبد اللطيف (241) [دار طيبة، ط1409هـ].


قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35] ، قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: 57] .
عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا أقحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال: «اللَّهُمَّ إنا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيِِّنا فاسقنا. قال: فيسقون»[1].
أقوال أهل العلم:
قال ابن تيمية رحمه الله: «لفظ التوسل يراد به ثلاثة معان:
أحدها: التوسل بطاعته، فهذا فرض لا يتم الإيمان إلا به.
والثاني: التوسل بدعائه وشفاعته، وهذا كان في حياته ويكون يوم القيامة، يتوسلون بشفاعته.
والثالث: التوسل به بمعنى الإقسام على الله بذاته، والسؤال بذاته، فهذا هو الذي لم تكن الصحابة يفعلونه في الاستسقاء ونحوه، لا في حياته، ولا بعد مماته، لا عند قبره، ولا غير قبره، ولا يعرف هذا في شيء من الأدعية المشهورة بينهم، وإنما ينقل شيء من ذلك في أحاديث ضعيفة مرفوعة، وموقوفة أو عن من ليس قوله حجة»[2].
وقال مبارك بن محمد الميلي رحمه الله: «وإذا استعنا بالمعنى اللغوي لتحديد المعنى الشرعي، كان معناها في الشرع: قربة مشروع توصل إلى مرغوب فيه، والتوسل: هو التقرب إلى الله بتلك القربة، وتوسل الداعي: هو طلبه المبني على تلك القربة، وليس في الشرع مطلوب، ومدعو إلا الله، وليس فيه قربة إلا ما شرعه في الكتاب والسُّنَّة»[3].
وقال الشنقيطي رحمه الله: «التحقيق في معنى الوسيلة: هو ما ذهب إليه عامة العلماء: من أنها التقرب إلى الله تعالى، بالإخلاص له بالعبادة، على وفق ما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وتفسير ابن عباس داخل في هذا[4]؛ لأن دعاء الله، والابتهال إليه في طلب الحوائج من أعظم أنواع العبادة، التي هي الوسيلة إلى نيل رضاه ورحمته، وبهذا التحقيق: تعلم أن ما يزعمه كثير من ملاحدة أتباع الجهال، المدَّعين للتصوف، من أن المراد بالوسيلة في الآية الشيخ الذي يكون له واسطة بينه وبين ربه، أنه تخبُّطٌ في الجهل والعمى، وضلال مبين، وتلاعب بكتاب الله، واتخاذ الوسائط من دون الله من أصول كفر الكفار»[5].


[1] أخرجه البخاري (كتاب الاستسقاء، رقم 1010).
[2] قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة ضمن مجموع الفتاوى (1/202).
[3] الشرك ومظاهره (293).
[4] يريد بتفسير ابن عباس: تفسيره للوسيلة بالقُربة، كما أخرجه الطبري في تفسيره (17/474) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وذكره ابن كثير في تفسيره (3/103) [دار طيبة، ط2].
[5] أضواء البيان (6/130).


قسَّم العلماء المحققون التوسل إلى قسمين: توسل مشروع، وتوسل ممنوع، وكل منهما ينقسم إلى عدة أنواع[1]:
القسم الأول: التوسل المشروع:
وهو كل توسل دلَّ على جوازه نصٌّ من كتاب الله تعالى، أو سُنَّة نبيِّه صلّى الله عليه وسلّم، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} [المائدة: 35] [2].
والتوسل المشروع أنواع: فمن العلماء من أوصلها إلى سبعة ومنهم من أوصلها إلى ستة، وعند التأمل ترجع إلى ثلاثة أنواع:
الأول: التوسل بأسماء الله تعالى الحسنى وصفاته العليا:
ودليله قوله تعالى: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:180] ؛ والمعنى: «ادعوا الله تعالى متوسلين بأسمائه الحسنى، ولا شكَّ أن صفاته العليا سبحانه وتعالى داخلة في الطلب؛ لأن أسمائه الحسنى سبحانه صفات له خصت به تبارك وتعالى »[3].
الثاني: التوسل بالأعمال الصالحة:
فكل عمل صالح سواء كان ذلك العمل من أعمال القلوب، أو أعمال الجوارح فهو وسيلة صحيحة إلى الله تعالى، قال تعالى: {رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ *} [آل عمران] .
قال السعدي رحمه الله: «أي: هؤلاء الراسخون في العلم والإيمان، يتوسلون إلى ربهم بإيمانهم؛ لمغفرة ذنوبهم، ووقايتهم عذاب النار، وهذا من الوسائل التي يحبها الله أن يتوسل العبد إلى ربه»[4].
ومن أدلة السُّنَّة النبوية على مشروعية توسل العبد إلى ربه بالأعمال الصالحة: حديث أصحاب الغار الثلاثة الذين توسلوا بأعمالهم الصالحة، من برِّ الوالدين، وترك الفواحش، وأداء الحقوق فاستجاب الله سبحانه وتعالى لهم[5].
الثالث: التوسل بدعاء الصالحين الأحياء الحاضرين:
وهذا النوع من التوسل جائز؛ لثبوته من فعل الصحابة رضي الله عنهم مع النبي صلّى الله عليه وسلّم، وإقراره صلّى الله عليه وسلّم لهم على ذلك، فقد كانوا يسألونه صلّى الله عليه وسلّم أن يدعو الله لهم بدعاء عام كدعاء الاستسقاء، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه «أن أعرابيًّا قام يوم الجمعة والنبي صلّى الله عليه وسلّم يخطب فقال: يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا، فرفع يديه، وما نرى في السماء قزعة فوالذي نفسي بيده ما وضعها حتى ثار السحاب أمثال الجبال، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر من لحيته صلّى الله عليه وسلّم...» الحديث[6].
القسم الثاني: التوسل الممنوع:
وهو التقرُّب إلى الله تعالى بما لم يثبت في الشرع أنه وسيلة صحيحة، فلا دليل عليه من كتاب، ولا سُنَّة، وإطلاق اسم التوسل على تلك التوسلات البدعية لم يرد في الشرع وإنما هو من الإطلاقات المبتدعة التي ابتدعها الجهال؛ لتسويغ دعاء غير الله تعالى باسم التوسل، والعبرة إنما هي بالمعاني والمقاصد لا بالألفاظ والأقوال.
وهو ثلاثة أنواع:
الأول: التوسل إلى الله تعالى بذات فلان أو شخصه، أو يتوسل بحق فلان، أو بجاهه، سواء كان نبيُّنا صلّى الله عليه وسلّم أو غيره من الأنبياء، أو كان أحدًا من الصالحين، وذلك أن يجعل ذات المتوسل به وسيلة في قبول دعائه كأن يقول: اللَّهُمَّ إني أسألك بنبيِّك محمد صلّى الله عليه وسلّم، أو يقول: أسألك بحق نبيِّك، أو بجاه عندك، وهذا غير جائز شرعًا.
فالتوسل بالذات: إن كانت الباء للقسم فهو إقسام على الله تعالى بمخلوق، وهو باطل؛ لأنه إن كان الإقسام بالمخلوق على المخلوق لا يجوز وهو شرك كما قال صلّى الله عليه وسلّم: «من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك» [7]، فكيف بالإقسام بالمخلوق على الخالق سبحانه وتعالى.
وإن كانت الباء للسببية فالله سبحانه وتعالى لم يجعل السؤال بالمخلوق سببًا للإجابة، ولم يشرعه لعباده، فهو إذًا بدعة لا يجوز التعبد بفعله[8].
ومما يدل على بطلان التوسل بالذوات أن السؤال بالذوات سؤال بأمر أجنبي، لا يقتضي المطلوب؛ لأنه لا ارتباط بين شرف ذات المتوسل به، وبين دعاء السائل؛ بخلاف ما إذا توسل بإيمانه بتلك الذات الصالحة صلّى الله عليه وسلّم فقد توسل بسبب له علاقة وارتباط به؛ لأن ذلك من أعماله الصالحة التي جعلها الله سببًا لخيري الدنيا والآخرة[9]؟
وأما التوسل بالحق، أو بالجاه: فهو توسل غير مشروع لم يشرعه الله تعالى لعباده ولم يرشد إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمته ولم يفعله أحد من أصحابه رضي الله عنهم؛ بل هو سؤال لله تعالى بما لا يناسب إجابة الدعاء وقد منع منه جمع من أهل العلم.
ومنهم الإمام أبو حنيفة رحمه الله: فكان يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، أو بحق البيت الحرام والمشعر الحرام، وكذلك تلميذه أبو يوسف رحمه الله كره مثل ذلك[10]، والكراهة المراد بها التحريم، كما هو معلوم من إطلاقها في كتب الحنفية.
وقال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: «هذا محذور من وجهين:
ـ أحدهما: أنه أقسم بغير الله.
ـ الثاني: اعتقاده أن لأحد على الله حقًّا، ولا يجوز الحلف بغير الله، وليس لأحد على الله حق إلا ما أحقه على نفسه؛ كقوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ *} [الروم] »[11].
وأيضًا: «فلا مناسبة بين ذلك، وبين إجابة دعاء هذا السائل، فكأنه يقول: لكون فلان من عبادك الصالحين أجب دعائي! وأي مناسبة في هذا، وأي ملازمة؟ وإنما هذا من الاعتداء في الدعاء»[12].
الثاني: الإقسام على الله صلّى الله عليه وسلّم بالمتوسّل به.
وصفة هذا التوسل أن يقول الداعي في دعائه: «اللَّهُمَّ إني أقسم عليك بفلان أن تقضي حاجتي» ومما تقرر شرعًا أن الحلف لا يكون إلا بالله سبحانه وتعالى؛ إذ الحلف تعظيم لا يستحقه إلا الله تعالى وحده، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت» [13].
فإذا كان الحلف بالمخلوق على المخلوق شركًا، فكيف بالحلف بالمخلوق على الخالق سبحانه وتعالى؟!
قال ابن أبي العز الحنفي رحمه الله: «وإن كان مراده الإقسام على الله بحق فلان فذلك محذور؛ لأن الإقسام بالمخلوق لا يجوز فكيف على الخالق؟!».
قال الشيخ عبد العزيز الحصين رحمه الله: «وأما الإقسام على الله بمخلوق فهو منهي عنه باتفاق العلماء، وهل هو منهي عنه نهي تنزيه أو تحريم؟ على قولين أصحهما أنه كراهة تحريم»[14].
الثالث: دعاء غير الله تعالى، والاستغاثة بغيره: أطلق المخالف على دعاء غير الله تعالى، والاستغاثة بغيره سبحانه وتعالى في تفريج الكربات، وقضاء الحاجات، ونحوها: مسمى التوسل، وقالوا: لا فرق بين التوسل، والاستغاثة، والاستشفاع، فكلها من باب واحد[15]، وهذا عين المحادة لله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهو الشرك الأكبر، الذي هو أظلم الظلم.
وهذ حجة البكري التي احتج بها قديمًا على شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ قال شيخ الإسلام: «هذا الرجل قد فسَّر الاستغاثة بالتوسل، كما تقدم قوله: إن كل من توسل إلى الله بنبيِّه في تفريج كربة، فقد استغاث به، سواء كان بلفظ الاستغاثة، أو التوسل أو غيره»[16].
وهذا الذي ذهب إليه هؤلاء هو من تحريف لغة القرآن؛ بل لا يعرف في لغة أحد من بني آدم، فلما حرفوا اللغة، حرفوا معها الشريعة؛ فكل عاقل يدرك الفرق بين الاستغاثة، وبين التوسل؛ إذ الاستغاثة طلب من المدعو المسؤول، والتوسل طلب به والمستغيث بالنبي صلّى الله عليه وسلّم طالب منه، والمتوسَّل به لا يُدعى، ولا يُطلب منه، ولا يسأل، وإنما يطلب به، كل أحد يفرق بين المدعو والمدعو به[17].
والمصنِّفون في أسماء الله تعالى يقولون: يجب على مكلف أن يعلم أن لا غياث، ولا مغيث على الإطلاق إلا الله، ويقولون: ومن أسمائه المغيث والغياث[18].
فدعاء غير الله تعالى، أو الاستغاثة بغيره تعالى، في تفريج الكربات، وقضاء الحاجات، ونحوها مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى هو من الشرك الأكبر، الذي لا يغفره الله تعالى، وصاحبه مخلد في نار جهنم، أبد الآباد، كما هو مقرر في القرآن والسُّنَّة، وهو مما يعلم بالدين من الضرورة، وإن سموا ذلك توسلاً، فالعبرة بالحقائق والمعاني، لا بالأسماء والألقاب.
قال العلاَّمة ابن عثيمين رحمه الله: «أما توسل المشركين بأصنامهم وأوثانهم، وتوسل الجاهلين بأوليائهم، فهو توسل شركي، لا نقول توسل بدعي؛ بل هو توسل شركي، ولا يصح أن نسميه توسلاً؛ بل هو شرك محض؛ لأن هؤلاء المتوسلين يدعون من يزعمون أنهم وسيلة، يأتي الرجل إلى من يزعمه وليًّا، ويقول: يا ولي الله أنقذني ـ بهذا اللفظ ـ، يا آل البيت أنقذوني، يا نبي الله أنقذني، فهذا لا يصح أن نسميه وسيلة، ولكن نسميه شركًا؛ لأن دعاء غير الله شرك في الدين، وسفه في العقل، شرك في الدين؛ لأنهم اتخذوا شريكًا مع الله، وسفه في العقل؛ لأن الله يقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لاَ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ *} [الأحقاف] ... فلا يصح أن نقول: إنها وسيلة؛ بل هو شرك أكبر، مخرج من الدين»[19].


[1] انظر: تلخيص الاستغاثة (1/119) [مكتبة الغرباء الأثرية]، والدرر السنية في الأجوبة النجدية (2/1160) [جمع: عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، ط1، 1417هـ]، وقرة عيون الموحدين لعبد الرحمن بن حسن (44) [مكتبة الرشد، ط1، 1421هـ]، وصيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان للسهسواني (203) [ط5، 1395هـ]، والشرك ومظاهره للميلي (293)، والتوسل أنواعه وأحكامه للألباني (29)، ومجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (5/279) [دار الوطن، 1413هـ].
[2] انظر: الشرك ومظاهره للميلي (293)، والتوسل أنواعه وأحكامه للألباني (29).
[3] التوسل أنواعه وأحكامه للألباني (31).
[4] تفسير السعدي (1/363).
[5] أخرجه البخاري (كتاب الإجارة، رقم 2215)، ومسلم (كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، رقم 2743). وانظر: تلخيص الاستغاثة (1/127).
[6] أخرجه البخاري (كتاب الاستسقاء، رقم 1033)، ومسلم (كتاب صلاة الاستسقاء، رقم 897).
[7] أخرجه أبو داود (كتاب الإيمان والنذور باب كراهية الحلف بالآباء، رقم 3251)، والترمذي (كتاب النذور والأيمان عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، رقم 1535) قال عقبه: هذا حديث حسن، وأحمد (9/275) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب الأيمان، رقم 4358)، وصححه الألباني في الإرواء (رقم 2561).
[8] انظر: شرح العقيدة الطحاوية (1/297 ـ 299) [مؤسسة الرسالة، ط13، 1419هـ].
[9] تلخيص الاستغاثة (1/119 ـ 120).
[10] إتحاف السادة المتقين للمرتضى (2/285) [مؤسسة التاريخ العربي، ط1414هـ]، وشرح العقيدة الطحاوية (1/297).
[11] شرح العقيدة الطحاوية (1/294).
[12] المصدر السابق (1/296).
[13] أخرجه البخاري (كتاب الأيمان والنذور، رقم 6646)، ومسلم (كتاب الأيمان، رقم 1646).
[14] الدرر السنية (2/85).
[15] انظر: شفاء الأسقام للسبكي (171)، والدرر السنية في الرد على الوهابية لزيني دحلان (15، 18) [مكتبة الحقيقة باستانبول تركيا].
[16] تلخيص الاستغاثة (1/367).
[17] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (1/103 ـ 1 ـ 4)، وتلخيص الاستغاثة (1/368)، وغاية الأماني في الرد على النبهاني لشكري الآلوسي (2/291).
[18] تلخيص الاستغاثة (1/295).
[19] مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (5/288 ـ 289)، وانظر: الدرر السنية في الأجوبة النجدية (2/166).


ـ الاستشفاع بالرسول صلّى الله عليه وسلّم:
هو طلب الشفاعة من النبي صلّى الله عليه وسلّم باستجلاب دعائه لربه بحصول منفعة أو دفع مضرة.
ويختلف حكم الاستشفاع بالرسول صلّى الله عليه وسلّم باختلاف أحواله كما دلَّت على ذلك النصوص الشرعية الواردة في هذا الباب، وفيما يلي تفصيل ذلك.
الحالة الأولى: طلب الشفاعة من الرسول صلّى الله عليه وسلّم حال حياته في الأمور الدنيوية، فهذا جائز، وقد وقع في حياته صلّى الله عليه وسلّم، فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا جاء السائل أو طُلبت إليه حاجة قال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء»[1].
الحالة الثانية: طلب الشفاعة الأخروية من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وهذا موضع تفصيل يتميز به الحق من الباطل والسُّنَّة من البدعة، وبيانه فيما يلي:
الأول: إن كان طلبها في حال حياته صلّى الله عليه وسلّم وحضوره فهذا جائز بالنص والإجماع، وواقع كما في حديث السبعين ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وأجمع أهل العلم على أن الصحابة رضي الله عنهم كان يستشفعون به في حياتهم ويتوسلون به في حضرته»[2].
الثاني: إن كان طلبها بعد موته صلّى الله عليه وسلّم ـ أي: في حال الحياة البرزخية ـ فهذا لا يجوز بل هو من البدع المحدثة والعقائد المنكرة، ولا دليل عليه من كتاب ولا سُنَّة ولا فعل صاحب أو تابع من سلف الأمة وأئمتها[3].
الثالث: طلب الشفاعة من الرسول صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة، فهذا ثابت في النصوص الشرعية أن الناس يطلبونها منه صلّى الله عليه وسلّم كما في حديث الشفاعة الطويل، وفيه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «فيأتوني فيقولون: يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر اشفع لنا إلى ربك» [4].
واستشفاع الناس بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في هذا المقام يوم القيامة هو كاستشفاعهم وتوسلهم به في حال حياته، فإنهم يطلبون منه يوم القيامة أن يشفع لهم إلى الله تعالى كما كانوا في الدنيا يطلبون منه أن يدعو لهم في الاستسقاء وغيره.


[1] أخرجه البخاري (كتاب الزكاة رقم 1432)، ومسلم (كتاب البر والصلة والآداب، رقم 2627).
[2] تلخيص الاستغاثة (1/267).
[3] مجموع الفتاوى (1/241).
[4] أخرجه البخاري (كتاب التفسير، رقم 4712)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 194).


الفرق بين التوسّل والاستغاثة:
ثمة فروق عدة بين التوسل والاستغاثة يمكن إجمالها في الآتي[1]:
أولاً: أن لفظ الاستغاثة في الكتاب والسُّنَّة وكلام العرب إنما هو مستعمل في معنى الطلب من المستغاث به مباشرة لا بمعنى أن يكون المستغاث به وسيلة فقط، فقول القائل: أستغيث به بمعنى: أتوسل بجاهه، هذا كلام لم ينطق به أحد من الأمم لا حقيقة ولا مجازًا.
ثانيًا: أنه لا يقال استغثت إليك يا فلان بفلان أن تفعل بي كذا، وإنما يقال: أستغيث بفلان أن يفعل بي كذا.
فأهل اللغة يجعلون فاعل المطلوب هو المستغاث به ولا يجعلون المستغاث به واحدًا والمطلوب منه آخر فالاستغاثة طلب منه لا به.
ثالثًا: أن من سأل بالنبي لا يكون مخاطبًا له ولا مستغيثًا به؛ لأن قول السائل: أتوسل إليك يا إلهي بفلان إنما هو خطاب لله لا لذلك المتوسل به بخلاف المستغاث به، فإنه مخاطب مسؤول مباشرة، فإن كان ما طلب منه ما لا يقدر عليه إلا الله وجب أن يكون الله هو المدعو فيه فقط، ولم يجز صرف ذلك لغيره سبحانه وتعالى.
رابعًا: أن الاستغاثة بالمخلوق فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك أكبر، وأما التوسل بسؤال الله بجاه فلان أو حق فلان فهو بدعة منكرة وليست شركًا.


[1] انظر: مجموع الفتاوى (1/103 ـ 105).


من آثار التوسل المشروع:
1 ـ طاعة الله تعالى، وامتثال أمره؛ إذ أمر عباده بابتغاء الوسيلة إليه، وذلك لا يكون إلا بالإيمان به، واتباع نبيّه صلّى الله عليه وسلّم، وفي ذلك الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة.
2 ـ التوسل المشروع من أعظم الأسباب في نيل المطالب الدنيوية، والأخروية، وقصة أصحاب الغار أكبر شاهد على ذلك، إذ لمّا توسل كل واحد بعمله الصالح، انفرجت عنهم الصخرة، وذلك بفضل الله ورحمته.
3 ـ هو مدعاة إلى الإكثار من الأعمال الصالحة، والمبادرة إليها، فمن علم أنه يتوسل بها لنيل المطلوب المرغوب، سارع في العمل الصالح، والإكثار منه، ومثله التوسل بأسماء الله وصفاته، فإنه مدعاة إلى معرفتها، وتعلمها، وحفظها، والدعاء بها.
وأما من آثار التوسل الغير المشروع:
1 ـ الوقوع في الشرك الأكبر، والالتحاق بركب المشركين بالله في أعظم أنواع العبادة، وهو الدعاء، وذلك إذا جعل التوسل الشرعي بمعنى سؤال المخلوقين ما لا يقدر عليه إلا ربِّ العالمين.
2 ـ الوقوع في البدع المنكرة، وذلك حينما يجعل التوسل الشرعي بمعنى السؤال بجاه فلان، أو بذاته، فإن هذا من البدع التي لم تعرف في عهد السلف، وهذا مما يؤدي إلى سخط الله، وغضبه، وأليم عقابه.
3 ـ التوسل البدعي ذريعة إلى الشرك الأكبر، وهذا معلوم مشاهد من عباد القبور؛ إذ إنهم لما ادعوا جواز التوسل بذوات الأنبياء، والصالحين، والتوسل بجاههم، والإقسام بها على الله تعالى، أدى بهم إلى دعوى جواز دعائهم، والاستغاثة بهم في الملمات، ونحوها مما هو حق الله الخالص، بدعوى التوسل بهم.



المجيزون للتوسل البدعي بأنواعه الثلاثة يحتجون لما ذهبوا إليه من تجويز التوسلات البدعية بجملة من الأحاديث النبوية، ونعرض هنا ما استدلوا به على النحو التالي:
أولاً: التوسل بالذات أو الجاه أو بحرمة فلان:
استدلوا لجواز هذا النوع من التوسل البدعي بما يلي:
1 ـ حديث عثمان بن حنيف رضي الله عنه: «أن رجلاً ضرير البصر أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت دعوت لك وإن شئت أخَّرت ذاك، فهو خير، فقال: ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء: اللَّهُمَّ إني أسألك وأتوجه إليك بنبيِّك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربك في حاجتي هذه، فتقضى لي، اللَّهُمَّ فشفعه فيَّ وشفِّعني فيه، قال: ففعل الرجل فبرأ»[1].
قال السبكي: «والاحتجاج من هذا الأثر بفهم عثمان رضي الله عنه ومن حضره الذين هم أعلم بالله ورسوله وفعلهم»[2].
والجواب عن هذا من عدة أوجه:
أولاً: أن الأعمى إنما جاء إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ليدعو له فهو توسل إلى الله تعالى بدعائه صلّى الله عليه وسلّم.
ثانيًا: لو كان السر في دعاء الأعمى هو توسله بذات النبي صلّى الله عليه وسلّم وجاهه دون دعائه لكان كل من دعا بهذا الدعاء من العميان مخلصًا يعافى من وقته أو بعد حين.
ثالثًا: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم وعده بالدعاء وهو صلّى الله عليه وسلّم لا يخلف وعده وقد دعا له كما وعده.
رابعًا: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم علَّم الأعمى دعاءً يدعو به وفيه قوله: «اللَّهُمَّ فشفِّعه فيّ وشفعني فيه» والشفاعة هي الدعاء، (فشفِّعه فيّ)؛ أي: شفع نبيك فيّ؛ أي: اقبل دعاءه لي بأن ترد عليّ بصري، (وشفِّعني فيه)؛ أي: اقبل دعائي في أن تقبل دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم لي[3].
2 ـ حديث أنس رضي الله عنه؛ أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا أقحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال: «اللَّهُمَّ إنا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيِّنا قال: فيسقون»[4].
وهذا الأثر ليس فيه دليل على جواز التوسل البدعي؛ بل هو دليل على التوسل الشرعي وهو طلب الدعاء من الحي الحاضر، وذلك من وجوه:
الأول: أن توسل عمر رضي الله عنه بدعاء العباس لا بذاته.
الثاني: أن قول عمر رضي الله عنه: إنا كنا نتوسل إليك بنبيِّنا هذه الجملة يفسرها ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم في حياة النبي صلّى الله عليه وسلّم أنهم كانوا يطلبون من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يدعوا لهم، لا أنهم يسألون الله بذاته أو بجاهه، كما في قصة الأعرابي الذي قال للنبي صلّى الله عليه وسلّم: ادعُ الله أن يغيثنا، وقصة المرأة التي كانت تصرع؛ حيث جاؤوا إلى النبي وطلبوا منه الدعاء.
الثالث: لو كان التوسل بالذات جائزًا كما يدعيه المجيزون للتوسل البدعي لما عدل عمر رضي الله عنه عن التوسل بذات النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى العباس رضي الله عنه؛ لأنه ممكن لو كان مشروعًا.
3 ـ حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما خرج رجل من بيته إلى الصلاة فقال: اللَّهُمَّ إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي... فإني لم أخرج بطرًا ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، إلا وكّل الله به سبعين ألف ملك يستغفرون له، وأقبل الله سبحانه وتعالى عليه بوجهه حنى يفرغ من صلاته» [5].
فهذا الحديث ضعيف لأنه من رواية عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري وعطية ضعيف وقد حكم بضعفه جمع من الأئمة كالنووي وابن تيمية والذهبي رحمه الله، فإذا تبين ضعفه سقط الاحتجاج به ولم يحل الاستشهاد به في مسألة كهذه، ولفظه لا حجة فيه؛ فإن حق السائلين عليه أن يجيبهم، وحق العابدين أن يثيبهم، وهو حق أحقه الله سبحانه وتعالى على نفسه الكريمة، بوعده الصادق باتفاق أهل العلم، وبإيجابه على نفسه في أحد أقوالهم[6].
4 ـ حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي، فقال الله تعالى: يا آدم كيف عرفت محمدًا، ولم أخلقه؟ قال: يا رب إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوبًا: لا إله إلا الله محمد رسول الله فعلمت إنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال الله تعالى: صدقت يا آدم إنه لأحب الخلق إليّ وإذا سألتني بحقه فقد غفرت لك ولولا محمد ما خلقتك» [7].
وهذا الحديث قد حكم جمع من الأئمة ببطلانه؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية والذهبي وابن حجر وغيرهم رحمهم الله.
فإذا تبيَّن بطلانه فلا يحل الاحتجاج به أو اعتقاد ما تضمنه أو العمل به، ثم هو مخالف للقرآن لأن الله سبحانه وتعالى ذكر قصة آدم عليه السلام وتوبته وتوسله ولم يذكر أنه توسل بالنبي صلّى الله عليه وسلّم[8].
5 ـ حديث: «إذا كانت لكم إلى الله حاجة فسلوه بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم» وهذا حديث باطل لا أصل له في شيء من كتب الحديث.
قال ابن تيمية رحمه الله: «حديث باطل لم يروه أحد من أهل العلم ولا هو في شيء من كتب الحديث»[9].
وقال أيضًا: «هو من المكذوبات التي لم يروها أحد من علماء المسلمين، ولا هو في شيء من كتب الحديث»[10].


[1] أخرجه الترمذي (أبواب الدعوات، رقم 3578) وصححه، وابن ماجه (كتاب الصلاة، رقم 1385)، وأحمد (28/478) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 1279).
[2] شفاء الأسقام (368).
[3] اقتضاء الصراط المستقيم (2/287 ـ 387)، والتوصل إلى حقيقة التوسل للرفاعي (229 ـ 232).
[4] أخرجه البخاري (كتاب الاستسقاء، رقم 1010).
[5] أخرجه ابن ماجه (كتاب المساجد والجماعات، رقم 778)، وأحمد (17/247) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة (1/98) [دار العربية، ط2]، والألباني في السلسلة الضعيفة (رقم 24).
[6] انظر: مجموع الفتاوى (1/288).
[7] أخرجه الطبراني في الأوسط (6/313) [دار الحرمين]، والحاكم (كتاب آيات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، رقم 4228)، وهو حديث موضوع، حكم أهل العلم ببطلانه كما سيأتي. وانظر: السلسلة الضعيفة (رقم 25).
[8] الدرر السَّنية (9/233).
[9] مجموع الفتاوى (1/346).
[10] المصدر السابق (24/335).


1 ـ «تلخيص الاستغاثة»، لابن كثير.
2 ـ «التوسل أنواعه وأحكامه»، للألباني.
3 ـ «التوصل إلى حقيقة التوسل»، لمحمد نسيب الرفاعي.
4 ـ «تيسير العزيز الحميد»، لسليمان بن عبد الله.
5 ـ «الدعاء ومنزلته من العقيدة الإسلامية»، لجيلان العروسي.
6 ـ «دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب»، لعبد العزيز العبد اللطيف.
7 ـ «شرح العقيدة الطحاوية»، لابن أبي العز.
8 ـ «قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة».
9 ـ «دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية»، لعبد الله بن صالح الغصن.
10 ـ «الواسطة بين الله وخلقه عند أهل السُّنَّة ومخالفيهم»، للمرابط الشنقيطي.