قال ابن فارس رحمه الله: «جهل: الجيم والهاء واللام أصلان: أحدهما خلاف العلم، والآخر الخفة وخلاف الطمأنينة. فالأول: الجهل نقيض العلم، ويقال للمفازة التي لا علم بها: مَجْهل. والثاني: قولهم للخشبة التي يحرك بها الجمر: مجهل. ويقال: استجهلت الريحُ الغصنَ، إذا حركته فاضطرب»[1].
الجاهلية: مصدر مأخوذ من الجهل الذي هو نقيض العلم يقال: جهل فلانٌ جهلاً وجهالةً، والجاهلية الجهلاء: زمان الفترة، ولا إسلام، ويطلق الجهل: ويراد به ضد الخبرة، ولا يراد به ضد العقل، كما قال تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273] [2].
[1] مقاييس اللغة (1/489) [دار الجيل، ط1420هـ].
[2] انظر: تهذيب اللغة (6/56 ـ 57) [الدار المصرية للتأليف والترجمة]، ولسان العرب (2/402) [دار إحياء التراث العربي، ط3، 1419هـ].
الجاهلية تطلق ويراد بها معنيان[1]:
أحدهما: اسم للحال، أو الصفة التي هي راجعة إلى الجهل، وهذا الإطلاق هو الغالب في الكتاب والسُّنَّة؛ كقوله صلّى الله عليه وسلّم لأبي ذرّ رضي الله عنه: «إنك امرؤ فيك جاهلية»[2].
الثاني: اسم لذي الحال، أو لذي الصفة؛ كقولهم: شاعر جاهلي، أو طائفة جاهلية، وأمثال ذلك.
وكِلا المعنيين يرجعان إلى: عدم العلم، وعدم اتباع العلم، والعمل به، فالجاهلية: هي الحال التي كان عليها الناس قبل بعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم، من الأقوال والأعمال المخالفة للهدي الرباني، مما أحدثه الجاهلون، ولا يفعله إلا الجاهلون، وهذه الجاهلية العامة المطلقة.
[1] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/227 ـ 232) [مكتبة الرشد]، وشرح صحيح مسلم للنووي (2/110) [المطبعة المصرية بالأزهر، ط1، 1347هـ]، ومفتاح دار السعادة (3/266) [دار ابن عفان، ط1، 1416هـ]، وفتح القدير (4/278) [دار إحياء التراث العربي]، وفتح المجيد لشرح كتاب التوحيد (366) [دار ابن الأثير، ط15].
[2] أخرجه البخاري (كتاب الإيمان، رقم 30)، ومسلم (كتاب الأيمان، رقم 1661).
الجاهلية كلها مذمومة محرمة، وهي نوعان[1]:
النوع الأول: جاهلية كفر، وهي مثل الجاهلية التي كان عليها أهل الشرك والعناد، من عبادة غير الله تعالى، والذبح، والنذر، للأوثان، ونحوها من الشركيات، والكفريات، ومنه قوله جلّ جلاله: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ} [آل عمران: 145] .
النوع الثاني: جاهلية معصية، وهي ما كان بترك واجب، أو فعل محرَّم دون الكفر، وهذه لا يكفر صاحبها عند أهل السُّنَّة والجماعة، ومن هذا النوع قوله صلّى الله عليه وسلّم لأبي ذرّ رضي الله عنه: «إنك امرؤ فيك جاهلية»[2].
قال الإمام البخاري رحمه الله: «باب: المعاصي من أمر الجاهلية، ولا يكفر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك؛ لقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إنك امرؤ فيك جاهلية»» [3].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وفيه أن الرجل مع فضله، وعلمه ودينه، قد يكون فيه بعض هذه الخصال، المسماة بجاهلية، وبيهودية، ونصرانية، ولا يوجب ذلك كفره، ولا فسقه»[4].
[1] انظر: شرح المسائل التي خالف فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل الجاهلية (1/60 ـ 65) [دار المؤيد، ط1].
[2] أخرجه البخاري (كتاب الإيمان، رقم 30)، ومسلم (كتاب الأيمان، رقم 4313).
[3] صحيح البخاري (63) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[4] اقتضاء الصراط المستقيم (1/224).
حقيقة الجاهلية: هي عدم العلم، وعدم العمل بالعلم، وهي الجهل بحقوق الله تعالى؛ كعبادة غير الله تعالى، واتخاذ معبودات من دونه تعالى، ونحوها، والجهل بحقوق أنبيائه عليهم الصلاة والسلام؛ كقتلهم، وتنكب طريقهم؛ كفعل بني إسرائيل مع أنبيائهم، وعلى رأسها الجهل بحقوق خاتم النبيين محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ كالجهل عليه، والإساءة إليه حيًّا، وبعد موته، وتنكب سيرته، ونحو ذلك، والجهل بحقوق عباد الله تعالى؛ كالتعدي عليهم في أعراضهم، وأنفسهم، وأموالهم، ونحو ذلك[1].
[1] انظر: القول المفيد لابن عثيمين (2/22) [دار ابن الجوزي، ط2، 1423هـ].
قال الله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ *} [المائدة] ، وقال تعالى: {إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ *} [هود] ، وقال تعالى: {وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى} [الأحزاب: 33] ، وقال تعالى: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [الفتح: 62] .
ومن السُّنَّة: عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أبغض الناس إلى الله ثلاثة: ملحد في الحرم، ومبتغ في الإسلام سُنَّة الجاهلية، ومطلب دم امرئ بغير حق ليريق دمه»[1].
وعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألا كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع»[2].
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى أهل الجاهلية» [3].
[1] أخرجه البخاري (كتاب الديات رقم 6882).
[2] أخرجه مسلم (كتاب الحج، رقم 1218).
[3] أخرجه البخاري (كتاب الجنائز، رقم 1294)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 1661).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فإذا تبيَّن ذلك: فالناس قبل مبعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم كانوا في حالة جاهلية منسوبة إلى الجهل، فإن ما كانوا عليه من الأقوال، والأعمال إنما أحدثه لهم جاهل، وإنما يفعله جاهل، وكذلك كل ما يخالف ما جاءت به المرسلون؛ من يهودية، ونصرانية فهي جاهلية، وتلك كانت الجاهلية العامة، فأما بعد مبعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد تكون في مصر دون مصر، كما هي في دار الكفار، وقد تكون في شخص دون شخص؛ كالرجل قبل أن يسلم، فإنه في جاهلية، وإن كان في دار الإسلام، فأما في زمان مطلق، فلا جاهلية بعد مبعث محمد صلّى الله عليه وسلّم؛ فإنه لا تزال من أمته طائفة ظاهرين على الحق، إلى قيام الساعة»[1].
وقال العلامة ابن القيم رحمه الله: «أعني بالجاهلية: كل من ليس من أتباع الرسل؛ كالفلاسفة، والمنجمين، والكهان، وجاهلية العرب الذين كانوا قبل النبي صلّى الله عليه وسلّم»[2].
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: «وسُنَّة الجاهلية اسم جنس يعمّ جميع ما كان أهل الجاهلية يعتمدونه من أخذ الجار بجاره، والحليف بحليفه، ونحو ذلك، ويلتحق بذلك ما كانوا يعتقدونه، والمراد منه ما جاء الإسلام بتركه؛ كالطيرة، والكهانة، وغير ذلك»[3].
[1] اقتضاء الصراط المستقيم (1/230 ـ 231) [مكتبة الرشد، تحقيق: ناصر بن عبد الكريم العقل].
[2] مفتاح دار السعادة (3/266) [دار ابن عفان، ط1، 1416هـ].
[3] فتح الباري (12/211) [دار المعرفة، قام بإخراجه: محب الدين الخطيب].
تتنوع الجاهلية أنواعًا عدة، وذلك بحسب اعتبارات مختلفة يمكن إجمالها في الآتي[1]:
أولاً: من حيث الإطلاق والتقييد فهي على نوعين:
النوع الأول: جاهلية مطلقة، وهي الجاهلية العامة وهي التي كانت قبل مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم، أما بعد البعثة فلا؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تزال طائفةٌ من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس»[2].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فأما في زمان مطلق فلا جاهلية بعد مبعث محمد صلّى الله عليه وسلّم»[3].
وبهذا يتضح خطأ من يعمِّمون الجاهلية في هذا الزمان بقول: جاهلية هذا القرن، أو جاهلية القرن العشرين، أو ما شابه ذلك؛ لأنه ببعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم زالت الجاهلية العامة.
النوع الثاني: جاهلية مقيَّدة، وهي الجاهلية التي تقوم في بعض البلدان، أو ببعض الأشخاص، وهذا النوع يكون حتى بعد مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلّم لأبي ذرّ رضي الله عنه: «إنك امرؤ فيك جاهلية»[4].
وتنقسم الجاهلية باعتبار الحكم إلى جاهلية كفر، وجاهلية دون الكفر، كما تقدم في الحكم.
[1] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (1/230 ـ 231)، وشرح المسائل التي خالف فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل الجاهلية ليوسف السعيد (1/60 ـ 65) [دار المؤيد، ط1، 1416هـ].
[2] أخرجه البخاري (كتاب التوحيد، رقم 7460)، ومسلم (كتاب الإمارة، رقم 1037).
[3] اقتضاء الصراط المستقيم (1/227).
[4] أخرجه البخاري (كتاب الإيمان، رقم 30)، ومسلم (كتاب الأيمان، رقم 4313).
المسألة الأولى: الجاهلية تكون من عدم العلم، وتكون من عدم العمل بالعلم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فإذا تبيَّن ذلك: فالناس قبل مبعث الرسول صلّى الله عليه وسلّم كانوا في حالة جاهلية منسوبة إلى الجهل، فإن ما كانوا عليه من الأقوال، والأعمال إنما أحدثه لهم جاهل، وإنما يفعله جاهل، وكذلك كل ما يخالف ما جاءت به المرسلون؛ من يهودية، ونصرانية فهي جاهلية»[1].
ومما يبيِّن أنها تكون كذلك من عدم العمل بالعلم قول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في مشركي العرب: «فمن جهلهم أنهم ينصبون النصب ويعبدونها من دون الله، ويقتل أحدهم ابنته لكي لا يعيّر بها، ويقتل أولاده من ذكور وإناث خشية الفقر»[2].
المسألة الثانية: النهي عن إحياء أمور الجاهلية:
لقد نهى الشرع نهيًا شديدًا عن إحياء أمور الجاهلية، أو الفخر بها، أو الاعتزاء إلى ذلك فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «أربع في أمتي من أمر الجاهلية، لا يتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم، والنياحة. وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب»[3].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «ذمَّ في الحديث من دعا بدعوى الجاهلية، وأخبر أن بعض أمر الجاهلية لا يتركه الناس كلهم، ذمًّا لمن لم يتركه، وهذا كله يقتضي أن ما كان من أمر الجاهلية وفعلهم فهو مذموم في دين الإسلام، وإلا لم يكن في إضافة هذه المنكرات إلى الجاهلية ذم لها، ومعلوم أن إضافتها إلى الجاهلية خرج مخرج الذم»[4].
ومن أمور الجاهلية المنتشرة بين الناس: تتبع الآثار التاريخية، وإحياؤها، وإظهارها، والسفر إليها، وقد نهى الشرع عن تتبع ذلك، أو الذهاب إليها، والصلاة عندها، ونحوها؛ مما يؤول إلى تعظيمها، والمبالغة في الاحتفاء بها، وذلك من أكبر ذرائع الشرك ووسائله.
قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين، فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم لا يصيبكم ما أصابهم» [5].
قال المعرور بن سويد رحمه الله: خرجت مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه من مكة إلى المدينة فلما أصبحنا صلى بنا الغداة ثم رأى الناس يذهبون مذهبًا. فقال: «أين يذهب هؤلاء»؟ فقيل: يا أمير المؤمنين مسجد صلَّى فيه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهم يأتون يصلون فيه. فقال: «إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا؛ كانوا يتبعون آثار أنبيائهم فيتخذونها كنائس وبيعًا، فمن أدركته الصلاة في هذه المسجد فليصل فيه ومن لا فليمض ولا يتعمدها»[6].
المسألة الثالثة: وجوب التعرف على أمور الجاهلية للبعد عنها:
وينبغي معرفة ما كان عليه أهل الجاهلية حتى يجتنبها المسلم، ولا يقع في أمورهم، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ *} [الأنعام] .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله: «وكما فصلنا لك في هذه السورة من ابتدائها وفاتحتها يا محمد إلى هذا الموضع حجّتنا على المشركين من عبدة الأوثان، وأدلتنا، وميزناها لك وبيّنّاها، كذلك نفصل لك أعلامنا وأدلتنا في كل حق ينكره أهل الباطل من سائر أهل الملل غيرهم، فنبيِّنها لك، حتى تبيّن حقه من باطله، وصحيحه من سقيمه»[7].
عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني. فقلت: يا رسول الله إنَّا كنَّا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟. قال: «نعم» [8]... الحديث.
قال ابن القيم رحمه الله: «والمقصود: أن الله سبحانه يحب أن تعرف سبيل أعدائه لتجتنب وتبغض، كما يجب أن تعرف سبيل أوليائه لتحب وتسلك، وفي هذه المعرفة من الفوائد والأسرار ما لا يعلمه إلا الله»[9].
[1] اقتضاء الصراط المستقيم (1/230 ـ 231).
[2] انظر: القول المفيد لابن عثيمين (2/23).
[3] أخرجه مسلم (كتاب الجنائز، رقم 934).
[4] اقتضاء الصراط المستقيم (1/235).
[5] أخرجه البخاري (كتاب الصلاة، رقم 433)، ومسلم (كتاب الزهد والرقائق، رقم 2980).
[6] أخرجه ابن وضاح في البدع والنهي عنها (78 رقم 105) [مكتبة ابن تيمية، ط3، 1429هـ]. وقال محققه: إسناده صحيح، والطحاوي في مشكل الآثار (12/544) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصححه الألباني في تخريج أحاديث فضائل الشام (50) [مكتبة المعارف، ط1].
[7] جامع البيان (11/394) [تحقيق: أحمد شاكر].
[8] أخرجه البخاري (كتاب الفتن، رقم 7084)، ومسلم (كتاب الإمارة، رقم 1847).
[9] الفوائد لابن القيم111) [دار الكتب العلمية].
من أعظم الآثار المترتبة عن الجاهلية الأولى: انتشار الشرك، وعبادة الأوثان، وصرف خالص حق الله تعالى إلى غير من المعبودات، وهذا من أظلم الظلم، وأقبح الذنب، وانتشارها نذير شر، كما قال تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ *} [الروم] .
انتشار العداوة بين الناس، والفرقة والتنازع؛ بل قد يصل الأمر إلى الاقتتال والحروب، وذلك بسبب العصبية والحمية الجاهلية، التي كانت معروفة لدى الجاهلية الأولى، قبل بعثة النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن أعظم أسباب الفشل والهزيمة: التنازع والتناحر، والدعاء بدعوى الجاهلية، كما قال تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 41] .
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: غزونا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد ثاب معه ناس من المهاجرين حتى كثروا، وكان من المهاجرين رجل لعَّاب، فكسع أنصاريًّا، فغضب الأنصاري غضبًا شديدًا حتى تداعوا، وقال الأنصاري: يا للأنصار. وقال المهاجري: يا للمهاجرين، فخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: «ما بال دعوى أهل الجاهلية»؟ ثم قال: «ما شأنهم»؟ فأخبر بكسعة المهاجرين الأنصاري، قال: فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «دعوها فإنها خبيثة» [1].
[1] أخرجه البخاري (كتاب المناقب، رقم 3518)، ومسلم (كتاب البر والصلة والآداب، رقم 2584).
1 ـ «اقتضاء الصراط المستقيم»، لابن تيمية.
2 ـ «تيسير العزيز الحميد»، لسليمان بن عبد الله.
3 ـ «زوائد مسائل الجاهلية»، لعبد الله الدويش.
4 ـ «السنن والآثار في النهي عن التشبه بالكفار»، لسهيل عبد الغفار.
5 ـ «عقيدة التوحيد»، لصالح الفوزان.
6 ـ «فتح الباري» (ج1)، لابن حجر.
7 ـ «القول المفيد على كتاب التوحيد» (ج2)، لابن عثيمين.
8 ـ «شرح المسائل التي خالف فيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أهل الجاهلية»، ليوسف السعيد.
9 ـ «معجم المناهي اللفظية»، لبكر أبو زيد.
10 ـ «من تشبه بقوم فهو منهم»، لناصر العقل.