حرف الجيم / الجبروت

           

قال ابن فارس: «الجيم والباء والراء أصل واحد، وهو جنس من العظمة والعلو والاستقامة»[1]. وقال الجوهري: «الجبر أن تغني الرجل من فقر أو تصلح عظمه من كسر»[2]. ويقال: جبرت العظم فانجبر، ويقال: نخلة جبارة إذا طالت وارتفعت وفاتت اليد، ويقال: تجبر الرجل؛ أي: تكَبَّرَ، ويقال: أجبرت فلانًا على الأمر؛ أي: أكرهته عليه، ولا يكون ذلك إلا بالقهر وجنس من التعظم عليه[3]. فالجبروت معناه: الجبر والإصلاح، والعلو والفوقية، والقهر والغلبة.


[1] مقاييس اللغة (1/256) [دار الكتب العلمية، ط1420هـ].
[2] الصحاح (2/607) [دار العلم للملايين].
[3] انظر: مقاييس اللغة (1/257)، والصحاح (2/607 ـ 608).


إن الله سبحانه وتعالى متَّصف بالعظمة والغلبة والقهر والعلو، وهو الذي يغني الفقير ويجبر الكسير ويصلح الأحوال[1].
العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي:
إن الله سبحانه وتعالى لم يزل ولا يزال متَّصفًا بالعلو والجبروت والعظمة والكبرياء والقهر والغلبة، وهو الذي يقهر العدو ويغني الفقير ويجبر الكسير ويصلح.


[1] انظر: غريب القرآن لابن قتيبة (19) [دار الكتب العلمية، 1398هـ]، ومعالم التنزيل للبغوي (5/220) [دار الفكر، ط1، 1422هـ]، وصفات الله سبحانه وتعالى الواردة في الكتاب والسُّنَّة للسقاف (78) [دار الهجرة الرياض، ط1، 1414هـ].


يجب الإيمان بهذه الصفة، ويجب إثباتها لله تعالى كما يليق بجلاله وكبريائه وعظمته سبحانه، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل؛ لدلالة القرآن والسُّنَّة عليها.



الكبرياء والعظمة والجبر والإصلاح، والله سبحانه وتعالى موصوف بالعلو والعظمة التي لا يصل إليها ولا يدانيها أحد، وهو الذي يجبر الكسير ويصلح المعوج. قال السعدي: «الجبار بمعنى: القهار، وبمعنى أنه يجبر الكسير، ويغني الفقير، ويجبر القلوب المنكسرة من أجله، ويجبر عبده المؤمن بإصلاح حاله، وهو بمعنى العلي الأعلى، وبمعنى المتكبر عن كل نقص وسوء ومثال»[1]. وقال أيضًا: «إن للجبار من أسمائه الحسنى ثلاثة معان، كلها داخلة باسمه (الجبار) فهو الذي يجبر الضعيف، وكل قلب منكسر لأجله، فيجبر الكسير، ويغني الفقير، ويُيّسر على المعسر كل عسير، ويجبر المصاب بتوفيقه للثبات، والصبر، ويعيضه على مصابه أعظم الأجر إذا قام بواجبها، ويجبر جبرًا خاصًّا قلوب الخاضعين لعظمته وجلاله، وقلوب المحبين بما يفيض عليها من أنواع كراماته وأصناف المعارف والأحوال الإيمانية، فقلوب المنكسرين لأجله جبرها دان قريب، وإذا دعا الداعي فقال: اللَّهُمَّ اجبرني، فإنه يريد هذا الجبر الذي حقيقته إصلاح العبد ودفع جميع المكاره عنه.
والمعنى الثاني: أنه القهار لكل شيء، الذي دان له كل شيء، وخضع له كل شيء.
والمعنى الثالث: أنه العلي على كل شيء.
فصار الجبار متضمنًا لمعنى الرؤوف القهار العلي، وقد يراد به معنى رابع، وهو المتكبر عن كل سوء، ونقص، وعن مماثلة أحد، وعن أن يكون له كفؤ أو ضد أو سمي أو شريك في خصائصه، وحقوقه»[2].


[1] توضيح الكافية الشافية (386) [مركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة، ط2، 1412هـ].
[2] الحق الواضح المبين للسعدي (252) [مركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة، ط2، 1412هـ].


قال عزّ وجل: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ *} [الحشر] .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلاً لأهل الجنة» [1].
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حديث طويل، وجاء فيه: «فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة فيقول أنا ربكم... فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون: ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا، ويصومون معنا، ويعملون معنا، فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه... فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار: بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار فيخرج أقوامًا قد امتحشوا يلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له: ماء الحياة...»[2].
وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: قمت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: «سبحانه ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»[3].


[1] أخرجه البخاري (كتاب الرقاق، رقم 6520)، ومسلم (كتاب صفة القيامة والجنة والنار، رقم 2792).
[2] أخرجه البخاري (كتاب التوحيد، رقم 7439)، واللفظ له، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 183).
[3] أخرجه أبو داود (كتاب الصلاة، رقم 873)، والنسائي (كتاب صفة الصلاة، رقم 1132)، وصححه النووي في الخلاصة (1/396) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (4/27) [مؤسسة غراس، ط1].


قال ابن قتيبة رحمه الله: «جبروته: تجبُّره؛ أي: تعظمه»[1].
وقال البغوي رحمه الله: «{الْجَبَّارُ} قال ابن عباس رضي الله عنهما: «الجبار هو العظيم، وجبروت الله عظمته»، وهو على هذا القول صفة ذات الله، وقيل: هو من الجبر، وهو الإصلاح»[2].
وقال ابن القيم رحمه الله في نونيته المشهورة:
وكذلك الجبار من أوصافه
والجبر في أوصافه قسمان
جَبْرُ الضعيفِ وكلِّ قلبٍ قد غدا
ذا كسرة فالجبر منه دان
والثانِ جبر القهر بالعز الذي
لا ينبغي لسواه من إنسان
وله مسمى ثالث وهو العلو
فليس يدنو منه من إنسان
من قولهم جبارة للنخلة الــعليا التي فاتت لكل بنان[3].


[1] غريب القرآن (19) [دار الكتب العلمية، 1398هـ].
[2] معالم التنزيل للبغوي (5/220).
[3] الكافية الشافية (3/726) [دار عالم الفوائد، ط1].


المسألة الأولى: الجبار اسم من أسماء الله الحسنى:
ورد هذا الاسم بصيغة الاسم في القرآن الكريم مرة واحدة، وعدة مرات في الأحاديث النبوية، وعَدَّه من أسماء الله الحسنى وذكره فيها عامة من اعتنى بأسماء الله تعالى وصنَّف فيها[1].
المسألة الثانية: الجبروت لله وحده:
فمن تجبَّر من الخلق باء بسخط الله واستحق وعيده سبحانه، وقد توعد الله تعالى المتجبرين المتكبرين بالنكال الشديد، والطبع على قلوبهم وإدخالهم النار يوم القيامة، فقال تعالى: {وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصُوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} [هود] ، وقال تعالى: {وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ *مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ *يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ *} [إبراهيم] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم. قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي...» الحديث[2].
فالتجبّر والتكبّر لا يليق إلا بالله العزيز الجبار المتكبر، وهذا وصف كمال خاص بالله سبحانه وتعالى، واتصاف المخلوق به ليس كمالاً؛ بل هو ذمٌّ له ونقص، كما قال الله تعالى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ *} [غافر] وقال تعالى لنبيِّه صلّى الله عليه وسلّم: {وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ} [ق: 45] ولذلك كان مصير الجبارين المتكبرين المنازعين الرب تعالى فيما هو خاص به سبحانه إلى الذل والهوان والعار والنار[3].
المسألة الثالثة: إن الله سبحانه وتعالى نزه نفسه عن كل نقص وعيب:
ووصف نفسه بالرأفة والرحمة والحكمة، وكذلك وصف الله نفسه بالغلبة والقهر والعزة والعظمة والجبروت والكبرياء، وذلك في آيات كثيرة من القرآن الكريم، وقد جمع الله ذلك في الآيات الثلاث الأخيرة من سورة الحشر، ووَصْفُ الله نَفْسَه بهذه الصفات دليل على أن عزة الله وجبروته وكبرياءه وقهره مقرون بالحكمة والرحمة والعدل، ومنزّه عن كل ظلم وجور وعن كل نقص وعيب[4].
المسألة الرابعة: لا شكَّ أن الله سبحانه وتعالى موصوف بالغلبة والقهر والعزة والجبروت والكبرياء:
فهو القاهر على كل شيء، والغالب على كل شيء، وهو العزيز الجبار المتكبر، والعالم العلوي والسفلي بما فيهما من المخلوقات العظيمة كلها خاضعة له سبحانه وليس لها من الأمر شيء، ولكن الله سبحانه وتعالى من كمال عدله لم يجعل العباد مجبورين على الإيمان والطاعة أو الكفر والمعصية؛ بل جعل لهم المشيئة والقدرة والاختيار، قال تعالى: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] ، وقال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا *فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا *قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا *وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا *} [الشمس] ، والله سبحانه وتعالى أعلى وأجل من أن يجبر العباد ويكرههم على فعل ما يريده منهم[5].
المسألة الخامسة: معنى حديث غلظ جلد الكافر بذراع الجبار:
عن أبي هريرة عن النَّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبار، وضرسَه مثل أُحد» [6]. فقوله: «بذراع الجبار» المقصود به بذراع الرجل الطويل الذي لا تبلغه أيدي الناس من أجل إفراطه في الطول، كما يقال: نخلة جبارة إذا طالت وارتفعت وفاتت اليد، وليس المقصود به الرب تبارك وتعالى ؛ لأن تفسير الجبار في الحديث بأنه الله سبحانه يلزم منه أن يكون جلد الكافر أعظم من ذراع الله تعالى باثنين وأربعين، وهذا ممتنع؛ فالله سبحانه وتعالى أكبر من كل شيء، وهو سبحانه يطوي السماوات بيمينه، وأيضًا إن المقاسات الواردة في الحديث هي في المخلوق مثل قوله: «ضرسه مثل أُحد» ، فالحديث ليس من أحاديث الصفات على الصحيح من أقوال أهل العلم، وفيما يلي ذكر جملة من أقوال العلماء المحققين في ذلك:
قال الحافظ أبو بكر بن إسحاق ـ شيخ الحاكم ـ: «معنى قوله: (بذراع الجبار)؛ أي: جبَّار من جبابرة الآدميين، مِمَّن كان في القرون الأولى، مِمَّن كان أعظمَ خلقًا وأطولَ أعضاء وذراعًا من الناس»[7].
وقال الذهبي رحمه الله: «ليس ذا من الصفات في شيء»[8].


[1] انظر: معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى (162) [دار إيلاف الدولية، الكويت، ط1].
[2] أخرجه البخاري (كتاب التفسير، سورة ق، رقم 4850)، ومسلم (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم 2846).
[3] انظر: شفاء العليل (208) [دار الكتب العلمية ط2].
[4] انظر: شفاء العليل (208)، وأسماء الله الحسنى لماهر مقدم (128 ـ 129) [مكتبة الإمام الذهبي، الكويت، ط4].
[5] انظر: شفاء العليل (220)، وأسماء الله الحسنى (128)، وفقه الأسماء الحسنى لعبد الرزاق البدر (247) [مطابع الحميضي، ط1، 1429هـ].
[6] أخرجه أحمد (14/134) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وعبد الله بن أحمد في السُّنَّة (2/510) [دار ابن القيم، ط1]، وابن حبان (باب صفة النار وأهلها، رقم 7486)، والحاكم (كتاب الأهوال، رقم 8760) وصححه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/251) [مكتبة المعارف، ط5].
[7] ذكره الحاكم في المستدرك بعد إخراجه الحديث المذكور.
[8] ذكر عنه المناوي في فيض القدير (4/255 رقم 5215).


1 ـ إن المؤمن حينما يدرك أن ربه وإلهه جبار، وأنه متصف بكمال العظمة والجبروت، وأن الناس لا يستطيعون أن يجبروا عظمًا والله كاسره، وأنهم لا يستطيعون أن يهيضوا عظمًا والله جابره، وأنه هو الذي يجبر الكسير ويغني الفقير وييسر العسير، فهذا الاسم يدل على أن الله سبحانه وتعالى متصف بكمال الكبرياء والجبروت وأنه متصف بكمال اللطف والرأفة والرحمة، وعلم العبد وإيمانه بهذا الاسم وبهذه الصفة لله تعالى يورث في قلبه المحبة له والاعتزاز به والافتقار إليه، فلا يطلب إصلاح نفسه وجبر قلبه ودفع ما أصابه وجبر ما فاته إلا من الله سبحانه وتعالى، وهذا هو الجبر الذي كان يطلبه النبي صلّى الله عليه وسلّم من ربه في صلاته، فعن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يقول بين السجدتين: «اللَّهُمَّ! اغفر لي، وارحمني، واجبرني، واهدني، وارزقني»[1].
2 ـ إن الله من أسمائه الجبار ومن صفته الجبروت، فمن يظهر الافتقار إلى الله، ويلجأ إليه، ويعتصم به، ويسترجع عند المصيبة ويصبر، ويكل أمره إليه، ويرضى بقضائه وقدره فإنه سبحانه يجبر مصيبته في الحال أو المآل، فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللَّهُمَّ أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها إلا أخلف الله له خيرًا منها» قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أيّ المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم. قالت: أرسل إليَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حاطب بن أبي بلتعة يخطبني له، فقلت: إن لي بنتًا وأنا غيور. فقال: «أما ابنتها فندعو الله أن يغنيها عنها، وأدعو الله أن يذهب بالغيرة»[2]. ومن التجأ إلى الله العزيز الجبار المتكبر بصدق وإخلاص دخل في حماه ثم لا يضره، أحد كائنًا من كان.
مذهب المخالفين:
الجبروت صفة من صفات الله الذاتية ومن صفات الله الفعلية، فهي من جملة الصفات التي أنكرتها الجهمية والمعتزلة الذين ينكرون الصفات بالكلية، ومن جملة الصفات التي أنكرتها الكلابية ومن وافقهم الذين ينكرون صفات الأفعال لله تعالى[3]. وإنكار الصفات كلها يفضي إلى العدم، ولا توجد ذات مجردة عن جميع الصفات إلا في الأذهان دون الأعيان، وإنكار صفات الكمال يفضي إلى الوصف بالنقص، والله سبحانه وتعالى متصف بصفات الكمال ومنزه عن كل نقص، ومعاني الجبروت الثابتة لله تعالى كلها صفات كمال، ولذا؛ فالحق الصحيح أنه يجب إثبات هذه الصفة لله جلّ جلاله كما يليق بجلال الله وعظمته، لدلالة القرآن والحديث على ذلك.
المصادر والمراجع:
1 ـ «أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسُّنَّة»، لماهر مقدم.
2 ـ «تأويل مختلف الحديث»، لابن قتيبة.
3 ـ «توضيح الكافية الشافية»، للسعدي.
4 ـ «الحق الواضح المبين»، للسعدي.
5 ـ «شفاء العليل»، لابن القيم.
6 ـ «صفات الله سبحانه وتعالى الواردة في الكتاب والسُّنَّة»، لعلوي بن عبد القادر السقاف.
7 ـ «فقه أسماء الله الحسنى»، لعبد الرزاق البدر.
8 ـ «الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية» (ج3)، لابن القيم.
9 ـ «معالم التنزيل» (ج5)، للبغوي.
10 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، لمحمد بن خليفة التميمي.


[1] أخرجه الترمذي (كتاب مواقيت الصلاة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، رقم 284)، وابن ماجه (كتاب إقامة الصلاة والسُّنَّة فيها، رقم 898)، وأحمد (5/460) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والحاكم (كتاب الإمامة، رقم 1004) وصححه، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (1/270 رقم 740).
[2] أخرجه مسلم (كتاب الجنائز، رقم 918).
[3] انظر: مجموع الفتاوى (5/410 و510) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، 1416هـ]، ومن كتب المعتزلة: شرح الأصول الخمسة للقاضي عبد الجبار (151) [مكتبة وهبة، ط2، 1408هـ]، ومن كتب الأشاعرة: أهل السُّنَّة الأشاعرة لحمد السنان وفوزي العنجري (171 ـ 212) [دار الضياء للنشر].