الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو محمد القرشي الهاشمي، سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وريحانته، أمه فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، سماه النبيُّ الحسنَ، وعقَّ عنه يوم سابعه، وحلق شعره وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة[1].
[1] انظر: طبقات خليفة بن خياط (30) [دار الفكر]، والاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/383) [دار الجيل، بيروت]، وأسد الغابة في معرفة الصحابة (2/13) [دار الكتب العلمية]، وسير أعلام النبلاء (3/245) [مؤسسة الرسالة، ط3]، والإصابة في تمييز الصحابة (2/68) [دار الجيل، بيروت ط1].
ولد في نصف شهر رمضان المبارك، سنة ثلاث من الهجرة النبوية، وقيل: ولد في شعبان منها، وقيل: سنة أربع، وقيل: سنة خمس[1]. وذكر الحافظ ابن حجر أن القول الأول أثبت[2]. ومات بالمدينة سنة تسع وأربعين للهجرة[3]، وهو ابن سبع وأربعين، وقيل: بل مات سنة خمسين، وقيل: بعدها[4].
[1] انظر: سير أعلام النبلاء (3/246).
[2] انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (2/68).
[3] الطبقات لخليفة بن خياط (30).
[4] انظر: تقريب التهذيب (رقم 1264).
ـ أنه هو وأخاه الحسين رضي الله عنهما سيّدا شباب أهل الجنة؛ لما ثبت من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة» [1].
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: سألتني أمي: متى عهدك؟ تعني: بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: ما لي به عهد منذ كذا وكذا، فنالت مني، فقلت لها: دعيني آتي النبي صلّى الله عليه وسلّم فأُصلي معه المغرب، وأسأله أن يستغفر لي ولك، فأتيت النبي صلّى الله عليه وسلّم فصليت معه المغرب، فصلى حتى صلى العشاء، ثم انفتل فتبعته فسمع صوتي، فقال: «من هذا؟ حذيفة؟» قلت: نعم. قال: «ما حاجتك؟ غفر الله لك ولأمك» ، قال: «إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة، استأذن ربه أن يسلم عليّ، ويبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، وأن الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة»[2].
ـ أن الله عزّ وجل أصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، كما أخبر بذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم الكريم، فقد ثبت من حديث أبي بكرة رضي الله عنه؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أخرج ذات يوم الحسنَ فصعد به على المنبر فقال: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين»[3].
ـ أنه ريحانة النبي صلّى الله عليه وسلّم من الدنيا، لما ثبت من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «هما ريحانتاي من الدنيا» [4]؛ يعني: الحسن والحسين رضي الله عنهما.
ـ أنه حِبّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لما ثبت من حديث البراء رضي الله عنه قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم والحسن بن علي على عاتقه يقول: «اللَّهُمَّ إني أحبُّه، فأحبَّه»[5].
ـ أنه رضي الله عنه شبّه النبي صلّى الله عليه وسلّم خلقةً، لما جاء عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: «رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم وكان الحسن يشبهه»[6].
[1] أخرجه الترمذي (أبواب المناقب، رقم 3768) وقال: «هذا حديث حسن صحيح»، وأحمد (17/31) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب إخباره صلّى الله عليه وسلّم عن مناقب الصحابة، رقم 6959)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (رقم 796).
[2] أخرجه الترمذي (أبواب المناقب، رقم 3781)، وقال: «هذا حديث حسن غريب»، وأحمد (38/353) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب إخباره صلّى الله عليه وسلّم عن مناقب الصحابة، رقم 6960)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (2/426).
[3] أخرجه البخاري (كتاب المناقب، رقم 3629).
[4] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3753).
[5] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3749)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2422).
[6] أخرجه البخاري (كتاب المناقب، رقم 3543).
الحسن بن علي رضي الله عنهما كانت له منزلة كبرى ومكانة عظمى، فهو ابن بنت النبي صلّى الله عليه وسلّم فاطمة، وأبوه ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلّم وأحد الخلفاء الراشدين وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ولذا كان الصحابة يحبونه ويكرمونه ويعظمونه، وينزلونه منزلته اللائقة به هو وأخاه الحسين.
وكان أيضًا الخليفة الراشد عمر بن الخطاب يلحق الحسن والحسين بمنزلة أبيهما في العطاء، فقد ذكر الإمام الذهبي «أن عمر لما دوّن الديوان، ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما؛ لقرابتهما من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فرض لكلٍّ منهما خمسة آلاف درهم»[1].
[1] سير أعلام النبلاء (3/259).
المسألة الأولى: خلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما:
بويع الحسن بن علي رضي الله عنهما بالخلافة بعد وفاة أبيه مقتولاً سنة أربعين[1]. وقد دلَّ على خلافته حديث سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله الملك ـ أو ملكه ـ من يشاء» . قال سعيد: «قال لي سفينة: أمسك عليك أبا بكر سنتين، وعمر عشرًا، وعثمان اثنتي عشرة، وعلي كذا»[2].
قال الإمام ابن كثير: «والدليل على أنه أحد الخلفاء الراشدين الحديث الذي أوردناه في دلائل النبوة من طرق عن سفينة مولى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الخلافة بعدي ثلاثون سنة، ثم تكون ملكًا» ، وإنما كملت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي رضي الله عنهما، فإنه نزل عن الخلافة لمعاوية في ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين، وذلك كمال ثلاثين سنة من موت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فإنه توفي في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة، وهذا من أكبر دلائل النبوة»[3].
وقال الإمام الذهبي في الحسن رضي الله عنه: «بقي في الخلافة بعد أبيه سبعة أشهر»[4].
المسألة الثانية: تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية رضي الله عنهما:
لما قُتل الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه بايع الذين كانوا تحت إمرته ابنه الحسن، وهو لم تكن له رغبة في قتال أحد، لكن الذين معه غلبوه على رأيه، وحملوه على الاستعداد لقتال أهل الشام؛ معاوية رضي الله عنه ومن معه من المسلمين[5]، ولما رأى معاوية رضي الله عنه الجيوش الكبيرة المتجهة إليه عرض الصلح على الحسن رضي الله عنه. يوضح هذا حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: سمعت الحسن رضي الله عنه يقول: «استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية ـ وكان والله خير الرجلين ـ: أي عمرو؛ إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس، من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس عبد الرحمن بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز؛ فقال: اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه، وقولا له واطلبا إليه، فأتياه فدخلا عليه، فتكلما وقالا له فطلبا إليه، فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك، قال: فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئًا إلا قالا: نحن لك به، فصالحه»[6]. فقبل منه الحسن هذا العرض مقابل شروط اشترطها عليه، وهي: «أن يسلم له ثلاث خصال: يسلم له بيت المال، فيقضي منه دينه ومواعيده ويتحمل منه هو وآله، ولا يُسَبّ عليٌّ وهو يسمع، وأن يحمل إليه خراج فسا ودرابجرد كل سنة إلى المدينة، فأجابه معاوية، وأعطاه ما سأل»[7].
وقال ابن تيمية: «إن الحسن تخلى عن الأمر وسلمه إلى معاوية ومعه جيوش العراق، وما كان يختار قتال المسلمين قط، وهذا متواتر من سيرته»[8].
وهكذا تنازل له عن الخلافة، وحقنت بذلك دماء المسلمين، واجتمعت كلمة المسلمين على معاوية رضي الله عنه، وسمي هذا العام عام الجماعة.
قال الإمام ابن كثير: «المشهور أن مبايعة الحسن لمعاوية كانت في سنة أربعين، ولهذا يقال له: عام الجماعة؛ لاجتماع الكلمة فيه على معاوية، والمشهور عند ابن جرير وغيره من علماء السير أن ذلك كان في أوائل سنة إحدى وأربعين»[9].
وممن جزم بأن تنازل الحسن كان في عام إحدى وأربعين شيخُ الإسلام ابن تيمية، حيث قال: «كان إصلاح ابن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحسن بن علي السيد، بين فئتين من المؤمنين، بنزوله عن الأمر عام إحدى وأربعين في شهر جمادى الأولى، وسمي: عام الجماعة؛ لاجتماع الناس على معاوية، وهو أول الملوك»[10].
ولا شكَّ أن تنازله عن الخلافة من الأمور العظيمة؛ لما تضمنه من أهداف نبيلة، وغايات كريمة، أشار إلى طائفة منها الإمام ابن كثير بقوله: «وقد مدحه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على صنيعه هذا، وهو تركه الدنيا الفانية، ورغبته في الآخرة الباقية، وحقنه دماء هذه الأمة، فنزل عن الخلافة وجعل الملك بيد معاوية، حتى تجتمع الكلمة على أمير واحد»[11].
وقد كان الحسين رضي الله عنه غير راض بتنازل أخيه الحسن عن الخلافة. قال الإمام ابن كثير: «وقد لام الحسين أخاه الحسن على هذا الرأي، فلم يقبل منه، والصواب مع الحسن رضي الله عنه»[12].
المسألة الثالثة: فيما قيل من موت الحسن رضي الله عنه مسمومًا:
قيل: إن الحسن بن علي رضي الله عنهما مات بالسم، وأن من سمه هي زوجته جعدة بنت الأشعث، فقد ذكر المجلسي أن الحسن «مات مسمومًا، سمته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي»[13].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «وأما موته، فقد قيل: إنه مات مسمومًا، وهذا شهادة له وكرامة في حقه، لكن لم يمت مقاتلاً»[14].
وفي موضع آخر قال: «والحسن رضي الله عنه قد نقل عنه أنه مات مسمومًا»[15].
وفي السبب والدافع لها على ذلك ذُكرت أقوال عديدة، منها: أن أباها الأشعث بن قيس هو الذي أمرها بذلك؛ لأنه كان ناقمًا على علي والحسن، ولو كان معه في الظاهر. ومنها: أن يزيد بن معاوية أمرها بقتله؛ لتكون الخلافة له بعد أبيه، لا للحسن كما اتفق عليه في الصلح بينهما، وأنه سيتزوجها من بعده. وقيل: إن معاوية هو الذي أمر جعدة بنت الأشعث، وقيل: إن زوجته ربما سمّته لغرض آخر؛ لأنه كان رجلاً مطلاقًا[16].
قال ابن الأثير: «وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس سقته السم»[17].
وهذه الأقوال ليس عليها دليل يمكن أن يعتمد عليه. قال ابن تيمية في أثناء رده على الحلي: «وأما قوله: «إن معاوية سم الحسن» فهذا مما ذكره بعض الناس، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية، أو إقرار معتبر، ولا نقل يُجزم به. وهذا مما لا يمكن العلم به؛ فالقول به قول بلا علم... والحسن رضي الله عنه قد نقل عنه أنه مات مسمومًا، وهذا مما يمكن أن يعلم، فإن موت المسموم لا يخفى، لكن يقال: إن امرأته سمته، ولا ريب أنه مات بالمدينة، ومعاوية بالشام، فغاية ما يظن الظان أن يقال: إن معاوية أرسل إليها وأمرها بذلك. وقد يقال: بل سمته امرأته لغرض آخر مما تفعله النساء؛ فإنه كان مطلاقًا لا يدوم مع امرأة... وإذا قيل: إن معاوية أمر أباها، كان هذا ظنًّا محضًا، والنبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث» [18]. وبالجملة؛ فمثل هذا لا يحكم به في الشرع باتفاق المسلمين، فلا يترتب عليه أمر ظاهر، لا مدح ولا ذم»[19].
وقال الذهبي ردًّا على من زعم أن الذي سم الحسن زوجته بإيعاز من معاوية رضي الله عنه: «هذا شيء لا يصح، فمن الذي اطلع عليه؟»[20].
وأما اتهام الأشعث رضي الله عنه بأنه أمر ابنته بوضع السم للحسن فهذا باطل؛ لما هو معروف من أن الأشعث رضي الله عنه مات بالكوفة قبل الحسن بعشر سنين، وهو الذي صلى عليه[21]، قال خليفة ابن خياط: «مات في آخر سنة أربعين بعد قتل علي قليلاً»[22]، وتقدم في ترجمة الحسن أنه توفي سنة تسع وأربعين بالمدينة.
قال ابن تيمية: «ثم إن الأشعث بن قيس مات سنة أربعين، وقيل: سنة إحدى وأربعين، ولهذا لم يذكر في الصلح الذي كان بين معاوية والحسن بن علي، في العام الذي كان يسمى عام الجماعة، وهو عام أحد وأربعين، وكان الأشعث حما[23] الحسن بن علي، فلو كان شاهدًا لكان يكون له ذكر في ذلك، وإذا كان قد مات قبل الحسن بنحو عشر سنين، فكيف يكون هو الذي أمر ابنته أن تسم الحسن؟ والله سبحانه وتعالى أعلم بحقيقة الحال، وهو يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون. فإن كان قد وقع شيء من ذلك، فهو من باب قتال بعضهم بعضًا كما تقدم، وقتال المسلمين بعضهم بعضًا بتأويل، وسبّ بعضهم بعضًا بتأويل، وتكفير بعضهم بعضًا بتأويل؛ باب عظيم، ومن لم يعلم حقيقة الواجب فيه وإلا ضل»[24].
[1] انظر: تاريخ خليفة بن خياط (199) [دار القلم، ومؤسسة الرسالة، ط2، 1397هـ].
[2] أخرجه أبو داود (كتاب السُّنَّة، رقم 4646)، والترمذي (أبواب الفتن، رقم 2226) وحسَّنه، وأحمد (36/248) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/129 ـ 130) [دار المعارف، ط1].
[3] البداية والنهاية (11/134) [دار هجر، ط1].
[4] سير أعلام النبلاء (3/260).
[5] انظر: البداية والنهاية (11/131 ـ 132).
[6] رواه البخاري (كتاب الصلح، رقم 2704).
[7] سير أعلام النبلاء (3/264).
[8] منهاج السُّنَّة النبوية (4/42) [جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ط1، 1406هـ].
[9] البداية والنهاية (11/133).
[10] مجموع الفتاوى لابن تيمية (35/19).
[11] البداية والنهاية (11/134)، وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (4/466).
[12] البداية والنهاية (11/133).
[13] بحار الأنوار للمجلسي (34/330) [ط1].
[14] منهاج السُّنَّة النبوية (4/42).
[15] المصدر نفسه (4/469).
[16] انظر: المصدر نفسه (4/469 ـ 471).
[17] أسد الغابة (2/13).
[18] أخرجه البخاري (كتاب النكاح، رقم 5143)، ومسلم (كتاب البر والصلة والآداب، رقم 2563).
[19] منهاج السُّنَّة (4/469 ـ 471).
[20] تاريخ الإسلام للذهبي (2/403) [دار الغرب الإسلامي، ط1].
[21] انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (6/100)، والاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/134)، وسير أعلام النبلاء (3/365).
[22] الطبقات لخليفة بن خياط (131).
[23] كذا: «حما»، وفي بعض النسخ: «حمو»، والصواب الأول، ذكره محقق الكتاب. والمراد به أبو الزوجة.
[24] منهاج السُّنَّة لابن تيمية (4/471).
ـ الروافض:
يزعم الروافض أن الحسن بن علي رضي الله عنهما هو إمام بالنص، ومما احتجوا به لهذا: ما نسبوه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال في الحسن والحسين: «ابناي هذان إمامان، قاما أو قعدا»[1].
وقال المفيد في بيان عقيدة الإمامية: «واعتقاد إمامة الحسن والحسين من بعده، وأن الأئمة بعد الحسين من ولده بالنص عليهم، والتوقيف على إمامتهم، والدعوة إلى اعتقاد فرض طاعتهم»[2].
[1] علل الشرائع للصدوق (1/211) [المكتبة الحيدرية، 1385هـ]، والإرشاد للمفيد (2/30) [دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 1414هـ].
[2] أحكام النساء للمفيد (15 ـ 16) [تحقيق: مهدي نجف، دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 1414هـ].
هذا الحديث المذكور من أحاديث الروافض الموضوعة على الحسن بن علي رضي الله عنهما، فأقدم من ساقه ـ فيما يظهر ـ هو المفيد في «علل الشرائع»، يدلك متنه على أنه يحرم عزوه إلى الحسن، فضلاً عن الاحتجاج به على النص المزعوم؛ لما فيه من الأباطيل. يقول فيه: «عن أبي سعيد عقيصًا قال: قلت للحسن بن علي بن أبي طالب: يا ابن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته؟ وقد علمت أن الحق لك دونه، وأن معاوية ضال باغ؟ فقال: يا أبا سعيد ألستُ حجة الله تعالى ذكره على خلقه، وإمامًا عليهم بعد أبي؟ قلت: بلى، قال: ألست الذي قال رسول الله لي ولأخي: الحسن والحسين إمامان، قاما أو قعدا؟ قلت: بلى، قال: فأنا إذن إمام لو قمت وأنا إمام إذن لو قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية، علة مصالحة رسول الله لبني ضمرة، وبني أشجع، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية، أولئك كفار بالتنزيل، ومعاوية وأصحابه كفار بالتأويل»[1].
وما نسبوه هنا إلى الحسن رضي الله عنه هو من عقائدهم التي افتروها ثم نسبوها إليه، ومعلوم أن روايات الروافض بلا خطام ولا زمام، هكذا شأنها، وما كان كذلك فهو ساقط.
وتنازل الحسن رضي الله عنه عن الخلافة، يبطل قول الرافضة بأن الإمامة بالنص؛ لأنه كيف يسوغ للحسن أن يتنازل عنها وهي فرض لازم عليه، ويخالف الرسول صلّى الله عليه وسلّم وأباه بذلك؟ وكيف يعطيها للكافر بالتأويل حسب وصفهم لمعاوية رضي الله عنه؟ وحاشاه من ذلك؛ بل فعل رضي الله عنه عين الصواب، وتحقق فيه قول جده رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين» [2]. وفي هذا الحديث وغيره مما في معناه تكذيب للروافض في وصفهم معاوية رضي الله عنه ومن معه بالكفر.
[1] علل الشرائع للصدوق (1/211).
[2] أخرجه البخاري (كتاب المناقب، رقم 3629).
1 ـ «الإرشاد» (ج2).
2 ـ «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (ج1)، لابن عبد البر.
3 ـ «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (ج2)، لابن الأثير.
4 ـ «الإصابة في تمييز الصحابة» (ج2)، لابن حجر.
5 ـ «البداية والنهاية» (ج11)، لابن كثير.
6 ـ «تاريخ خليفة ابن خياط».
7 ـ «سير أعلام النبلاء» (ج3)، للذهبي.
8 ـ «طبقات خليفة بن خياط».
9 ـ «علل الشرائع» (ج1)، للصدوق.
10 ـ «منهاج السُّنَّة النبوية» (ج4)، لابن تيمية.