حرف الحاء / الحسين بن علي رضي الله عنهما

           

هو: أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم القرشي الهاشمي، سبط رسول الله وريحانته من الدنيا، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم[1].


[1] الطبقات لخليفة بن خياط (30) [دار الفكر]، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1/141) [دار الغرب الإسلامي]، وتاريخ دمشق لابن عساكر (14/111) [دار الفكر]، وأسد الغابة في معرفة الصحابة (2/24) [دار الكتب العلمية]، وسير أعلام النبلاء (3/280) [مؤسسة الرسالة، ط3]، والبداية والنهاية (11/473) [دار هجر].


ولد الحسين بن علي رضي الله عنهما في المدينة لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع للهجرة، وهذا قول الزبير بن بكار[1]، وقيل: سنة ثلاث[2]، وقيل: سنة ست وخمسة أشهر ونصف، وهذا منقول عن قتادة، فقد ساقه ابن عساكر بإسناده عنه أنه قال: «ولدت فاطمة حسينًا بعد حسن بسنة وعشرة أشهر، فمولده لست سنين وخمسة أشهر ونصف من التاريخ، وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء لعشر مضين من المحرم، سنة إحدى وستين، وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر ونصف»[3]. حضر مع أبيه معركة الجمل وصفين وقتال الخوارج في يوم النهروان[4].
وقتل مظلومًا في كربلاء من ناحية الكوفة، في يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وله ست وخمسون سنة[5].


[1] انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/392) [دار الجيل، بيروت]، وتاريخ دمشق (14/115)، والبداية والنهاية (11/473).
[2] انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/392).
[3] تاريخ دمشق لابن عساكر (14/116) وانظر: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (1/474 ـ 475).
[4] انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (2/78).
[5] انظر: الطبقات لخليفة بن خياط (30)، والمعارف لابن قتيبة (213) [الهيئة المصرية العامة للكتاب]، والبداية والنهاية (11/473)، وتقريب التهذيب (رقم 1334).


ـ أنه هو وأخاه الحسن رضي الله عنهما سيِّدا شباب أهل الجنة، لما صحَّ من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة» [1].
ـ أنه ريحانة النبي صلّى الله عليه وسلّم من الدنيا؛ لما ثبت من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ أنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «هما ريحانتاي من الدنيا» [2]؛ يعني: الحسن والحسين رضي الله عنهما.
ـ أنه محبوب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ لما ثبت من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ أنه كان يأخذه والحسن ويقول: «اللَّهُمَّ إني أحبُّهما، فأحبَّهما» ، أو كما قال[3].
وعن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحبَّ حسينًا، حسين سبط من الأسباط»[4].


[1] أخرجه الترمذي (أبواب المناقب، رقم 3768) وقال: «هذا حديث حسن صحيح»، وأحمد (17/31) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب إخباره صلّى الله عليه وسلّم عن مناقب الصحابة، رقم 6959)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (رقم 796).
[2] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3753).
[3] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة، رقم 3747).
[4] أخرجه الترمذي (أبواب المناقب، رقم 3775) وقال: «هذا حديث حسن»، وابن ماجه (المقدمة، رقم 144)، وأحمد (29/102) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وجوَّد الألباني إسناده في السلسلة الصحيحة (رقم 1227).


الحسين بن علي كانت له منزلة كبرى، ومكانة عظمى، فهو ابن بنت النبي صلّى الله عليه وسلّم فاطمة، وأبوه ابن عم النبي صلّى الله عليه وسلّم وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ولذا كان الصحابة يحبونه ويكرمونه ويعظمونه، وينزلونه منزلته اللائقة به هو وأخاه الحسن.
ثبت من حديث عبد الرحمن بن أبي نعم قال: «سمعت عبد الله بن عمر وسأله عن المحرم؟ قال شعبة: أحسبه يقتل الذباب؟ فقال: أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم!»[1].


[1] أخرجه البخاري (كتاب فضائل الصحابة رضي الله عنهم، رقم 3753).


المسألة الأولى: حكم خروج الحسين:
تواردت كتب أهل العراق إلى الحسين يطلبون الخروج إليهم، ويعِدونه فيها بمؤازرته على إقامة العدل، فظن أنه سيتمكن من تحقيق ذلك، وخرج مع ما بذله أفاضل أهل العلم والدين من الصحابة والتابعين لثنيه عن الخروج؛ خوفًا عليه من غدر أهل العراق به، ومؤكدين له أن عدم الخروج هو المطلوب. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «لما أراد الحسين رضي الله عنه أن يخرج إلى أهل العراق لما كاتبوه كتبًا كثيرة، أشار عليه أفاضل أهل العلم والدين؛ كابن عمر وابن عباس وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن لا يخرج، وغلب على ظنهم أنه يقتل، حتى إن بعضهم قال: أستودعك الله من قتيل، وقال بعضهم: لولا الشناعة لأمسكتك، وهم في ذلك قاصدون نصيحته طالبون لمصلحته ومصلحة المسلمين. والله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم إنما يأمر بالصلاح لا بالفساد، لكن الرأي يصيب تارة ويخطئ أخرى. فتبيَّن أن الأمر على ما قاله أولئك، ولم يكن في الخروج لا مصلحة دين ولا مصلحة دنيا؛ بل تمكن أولئك الظلمة الطغاة من سبط رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى قتلوه مظلومًا شهيدًا، وكان في خروجه وقتله من الفساد ما لم يكن حصل لو قعد في بلده؛ فإن ما قصده من تحصيل الخير، ودفع الشر لم يحصل منه شيء؛ بل زاد الشر بخروجه وقتله، ونقص الخير بذلك، وصار ذلك سببًا لشر عظيم وكان قتل الحسين مما أوجب الفتن، كما كان قتل عثمان مما أوجب الفتن، وهذا كله مما يبيِّن أن ما أمر به النبي صلّى الله عليه وسلّم من الصبر على جور الأئمة، وترك قتالهم، والخروج عليهم هو أصلح الأمور للعباد في المعاش والمعاد، وأن من خالف ذلك متعمدًا أو مخطئًا لم يحصل بفعله صلاح؛ بل فساد»[1].
المسألة الثانية: فيمن يزعم أن قتل الحسين كان بحق:
يعتقد بعض الناس أن قتل الحسين كان بحق؛ لأنه خرج ليفرق أمر الجماعة، وقد قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد، يريد أن يشق عصاكم، أو يفرق جماعتكم فاقتلوه»[2].
وقد أشار شيخ الإسلام ابن تيمية إلى هذا الفريق ومزاعمه بقوله: «وإن كان بعض الناس يقول: إنه قتل بحق؛ ويحتج بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من جاءكم وأمركم على رجل واحد...» رواه مسلم، فزعم هؤلاء أن الحسين أتى الأمة وهم مجتمعون فأراد أن يفرق الأمة؛ فوجب قتله»[3].


[1] منهاج السُّنَّة النبوية لابن تيمية (4/530 ـ 531).
[2] أخرجه مسلم (كتاب الإمارة، رقم 1852).
[3] المسائل والأجوبة لابن تيمية (77).


لا شكَّ أن هذا القول باطل؛ لأن «الحسين رضي الله عنه قتل مظلومًا شهيدًا، وقتلته ظالمون متعدون»[1]، وأن استدلال هؤلاء لا ينطبق على حال الحسين كما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله: «وهذا بخلاف من يتخلف عن بيعة الإمام ولم يخرج عليه، فإنه لا يجب قتله، كما لم يقتل الصحابة سعد بن عبادة مع تخلفه عن بيعة أبي بكر وعمر، وهذا كذب وجهل؛ فإن الحسين رضي الله عنه لم يقتل حتى أقام الحجة على من قتله، وطلب أن يذهب إلى يزيد، أو يرجع إلى المدينة، أو يذهب إلى الثغر، وهذا لو طلبه آحاد الناس لوجب إجابته، فكيف لا يجب إجابة الحسين رضي الله عنه إلى ذلك، وهو يطلب الكف والإمساك»[2].


[1] المصدر نفسه.
[2] المصدر نفسه (77 ـ 78).


ـ الروافض:
نسج الروافض حول الحسين طائفة من العقائد الزائفة، والأباطيل البينة، فمنها:
ـ قولهم بالنص على إمامته:
يعتقد الروافض في الحسين بن علي رضي الله عنهما أنه إمام بعد الحسن رضي الله عنه بالنص من النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد قال المفيد: «واتفقت الإمامية على أن النبي نص على إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنين، وأن أمير المؤمنين أيضًا نصَّ عليهما كما نص الرسول»[1].
وقال أيضًا في بيان عقيدة الإمامية: «واعتقاد إمامة الحسن والحسين من بعده، وأن الأئمة بعد الحسين من ولده بالنص عليهم، والتوقيف على إمامتهم، والدعوة إلى اعتقاد فرض طاعتهم»[2].


[1] أوائل المقالات للمفيد (40) [تحقيق: إبراهيم الأنصاري، دار المفيد للطباعة والنشر، ط2، 1414هـ].
[2] أحكام النساء للمفيد (ص15 ـ 16) [تحقيق: مهدي نجف، الناشر: دار المفيد للطباعة والنشر والتوزيع، ط2، 1414هـ].


القول بالنصِّ على إمامة الحسين رضي الله عنه، أو غيره ممن يدعي فيهم الروافض ذلك، وفرض طاعتهم؛ هو قول لا تسنده حجة، ولا يسعفه برهان، وإنما هو مبني على روايات مكذوبة، وحكايات ممجوجة، وما كان كذلك فهو في غاية البطلان ونهاية الفساد.



1 ـ «أحكام النساء»، للمفيد.
2 ـ «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (ج1)، لابن عبد البر.
3 ـ «أسد الغابة في معرفة الصحابة» (ج2)، لابن الأثير.
4 ـ «أوائل المقالات»، للمفيد.
5 ـ «البداية والنهاية» (ج11)، لابن كثير.
6 ـ «تاريخ بغداد» (ج1)، للخطيب البغدادي.
7 ـ «تاريخ دمشق» (ج14)، لابن عساكر.
8 ـ «سير أعلام النبلاء» (ج3)، للذهبي.
9 ـ «الطبقات»، لخليفة بن خياط.
10 ـ «المعارف»، لابن قتيبة.