الحفظ هو مراعاة الشيء، قال ابن فارس: «الحاء والفاء والظاء أصلٌ واحد، يدلُّ على مراعاةِ الشيء»[1]. والحفظ نقيض النسيان وهو التعاهد وقلة الغفلة، والحافظ، والحفيظ: الموكل بالشيء يحفظه، يقال: فلان حفيظنا عليكم، وحافظنا. وحفظت الشيء حفظًا؛ أي: حرسته، والمحافظة: المراقبة[2].
[1] مقاييس اللغة (256) [دار إحياء التراث العربي، 1429هـ].
[2] ينظر: لسان العرب (7/440) [دار صادر].
هم الملائكة الذين يحفظون العبد بأمر الله تعالى من كل ما يضره؛ فإذا جاء القدر أسلموا أمره إلى الله تعالى. وهم غير ملازمين للإنسان ملازمة الكتبة؛ بل يتعاقبون عليه، ويخلف بعضهم بعضًا في حماية بني آدم[1].
العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي:
لا شكَّ في أن هناك تلازمًا بينهما، فالملائكة ترعى بني آدم وتحفظهم بإذن الله تعالى.
[1] معتقد فرق المسلمين واليهود والنصارى والفلاسفة والوثنيين في الملائكة المقربين (179 ـ 180) [أضواء السلف، ط1، 1422هـ].
قال الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ *} [الأنعام] ، وقال جلّ جلاله: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ *} [الرعد] ، وقال عزّ وجل: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ *} [الطارق] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: وكلني رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام، فأخذته وقلت: والله لأرفعنك إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحديث... وفيه: «فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما فعل أسيرك البارحة؟ قلت: يا رسول الله! زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها؛ فخليت سبيله. قال: ما هي؟ قلت: قال لي: إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255] وقال لي: لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، وكانوا أحرص شيء على الخير . فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال يا أبا هريرة؟ قال: لا. قال: ذاك شيطان»[1].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون، وأتيناهم وهم يصلون»[2].
[1] أخرجه البخاري (كتاب الوكالة، رقم 2311).
[2] أخرجه البخاري (كتاب مواقيت الصلاة، رقم 555)، ومسلم (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم 632).
1 ـ «أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة»، لنخبة من العلماء.
2 ـ «الجامع لشعب الإيمان» (ج1)، للبيهقي.
3 ـ «شرح العقيدة السفارينية»، لابن عثيمين.
4 ـ «شرح العقيدة الطحاوية»، لابن أبي العز.
5 ـ «شرح العقيدة الطحاوية» (ج2)، لصالح بن عبد العزيز آل الشيخ.
6 ـ «عالم الملائكة الأبرار»، للأشقر.
7 ـ «لوامع الأنوار البهية» (ج1)، للسفاريني
8 ـ «معارج القبول» (ج2)، للحكمي.
9 ـ «معتقد فرق المسلمين واليهود والنصارى والفلاسفة والوثنيين في الملائكة المقربين»، للعقيل.
10 ـ «المنهاج في شعب الإيمان» (ج1)، للحليمي.
11 ـ «الحبائك في أخبار الملائك»، للسيوطي.