حرف الحاء / الحَـقْو

           

قال ابن فارس: «الحاء والقاف والحرف المعتل أصل واحد، وهو بعض أعضاء البدن. فالحقو الخصر ومشد الإزار»[1].


[1] مقاييس اللغة (2/88) [دار الفكر، ط1399هـ]، وانظر: الصحاح (6/2317) [دار العلم للملايين].


الحَقْو: صفة من الصفات الذاتية لله تعالى، تثبت له كما يليق بجلاله وعظمته[1].


[1] انظر: إبطال التأويلات لأبي يعلى (1/208) [دار إيلاف الدولية، الكويت، ط1، 1416هـ]، وبيان تلبيس الجهمية (6/210 ـ 213 و222) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط1]، وصفات الله عزّ وجل الواردة في الكتاب والسُّنَّة للسقاف (91 ـ 93) [دار الهجرة الرياض، ط1، 1414هـ].


الحُجْزة.



يجب الإيمان بهذه الصفة، ويجب إثباتها لله تعالى كما يليق بجلاله وكبريائه وعظمته سبحانه، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل؛ لدلالة الحديث النبوي عليها[1].


[1] انظر: إبطال التأويلات (1/208)، وبيان تلبيس الجهمية (6/206 و210 ـ 213 و222).


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «خلق الله الخلق، فلما فرغ منه، قامت الرحم، فأخذت بِحَقْوِ الرحمن، فقال لها: مَهْ! قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: ألا ترضَين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال: فذاك لك» ، قال أبو هريرة: اقرؤوا إن شئتم: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ *} [محمد] [1].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الرحم شُجْنَة آخذة بحُجْزَة الرحمن، يصل من وصلها، ويقطع من قطعها» [2].


[1] أخرجه البخاري (كتاب التفسير، رقم 4830)، ومسلم (كتاب البر والصلة والآداب، رقم 2554).
[2] أخرجه أحمد (5/110) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1429هـ]، وابن أبي عاصم في السُّنَّة (1/237 ـ 238) [المكتب الإسلامي، ط1، 1400هـ]، وقال الهيثمي: «فيه صالح مولى التوأمة، وقد اختلط، وبقية رجاله رجال الصحيح». مجمع الزوائد (8/150) [مكتبة القدسي]، وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/132 ـ 133، رقم 1602) [مكتبة المعارف، الرياض، ط1، 1416هـ].


قال ابن أبي حاتم: «سألت أبي عن تفسير حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الرحم شجنة من الرحمن، وإنها آخذة بحقو الرحمن» فقال: قال الزهري: على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم البلاغ ومنا التسليم، قال: أمرُّوا حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ما جاء»[1].
وقال الحافظ أبو موسى المديني: «وفي الحديث: «إن الرحم أخذت بحجزة الرحمن» ثم ذكر تفسيرين للحديث، ثم قال: «وإجراؤه على ظاهره أولى»[2].
وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي: «ونظير هذا الحديث قوله صلّى الله عليه وسلّم في الرحم: «يأخذ بحقو الرحمن» ، قد أخذ أحمد بظاهره»[3].
وقال الحسن بن حامد الحنبلي: «ومما يجب التصديق به: أن لله حقوًا، وهذه أحاديث مأثورة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في الرحم والحقو، فأما الحديث في الرحم والحقو فحديث صحيح، ذكره البخاري، وقد سئل إمامنا عنه فأثبته، وقال: يمضى الحديث كما جاء»[4].
وقال ابن تيمية في ردِّه على الرازي في زعمه أن هذا الحديث مما يجب تأويله: «هذا من الأخبار التي يقرها من يقر نظيره، والنزاع فيه كالنزاع في نظيره، فدعواك أنه لا بد فيه من التأويل بلا حجة تخصه لا يصح»[5].
وقال أيضًا: «إن هذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات التي نصَّ الأئمة على أنه يمر كما جاء، وردوا على من نفى موجبه»[6].


[1] كتاب العلل لابن أبي حاتم (6/465 ـ 467 رقم السؤال: 2118) [ط1، 1427هـ].
[2] المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث (1/405) [جامعة أم القرى بمكة المكرمة، ط1، 1406هـ].
[3] إبطال التأويلات لأخبار الصفات (1/208).
[4] نقله عنه ابن تيمية في بيان تلبيس الجهمية (6/210 ـ 213).
[5] بيان تلبيس الجهمية (6/206).
[6] المصدر السابق (6/222).


الظاهر: أن الحقو والحجزة متقاربان في المعنى، ويطلق أحدهما على الآخر، والحقو معناه: مشد الإزار كما تقدم، وأما معنى الحجزة فقد قال ابن فارس: «الحاء والجيم والزاء أصل واحد مطرد القياس، وهو الحول بين الشيئين. وذلك قولهم: حجزت بين الرجلين، وذلك أن يمنع كل واحد منهما من صاحبه، وحجزة الإزار: معقده. وحجزة السراويل: موضع التكة، وهذا على التشبيه والتمثيل؛ كأنه حجز بين الأعلى والأسفل»[1]؛ فالحقو والْحُجْزَة كلاهما بمعنى: مشد الإزار ومعقد الإزار.
وقال القاضي أبو يعلى الحنبلي في معرض كلامه عن حديث الحجزة: «ونظير هذا الحديث قوله صلّى الله عليه وسلّم في الرحم: «يأخذ بحقو الرحمن» ، قد أخذ أحمد بظاهره»[2].


[1] مقاييس اللغة (2/140)، وانظر: الصحاح (3/872 ـ 873).
[2] إبطال التأويلات لأخبار الصفات (1/208).


الحقو: صفة من صفات الله الذاتية، فهي من جملة الصفات التي أنكرتها الجهمية والمعتزلة الذين ينكرون الصفات بالكلية[1]، والذين يقولون بإثبات الصفات الخبرية الذاتية بعضهم لم يعدُّوا هذا الحديث من أحاديث الصفات، وذهبوا إلى تأويله، والصحيح: أن هذا الحديث من أحاديث الصفات، ويجب قبوله والتسليم له، وإمراره كما جاء، وهذه هي طريقة الصحابة التابعين وأتباعهم، وهذه هي طريقة جمهور أئمة الحديث وأئمة الفقهاء[2].


[1] انظر من كتب الأشاعرة: أساس التقديس للرازي (108) [مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1406هـ]، وانظر أيضًا ما ذكره عنهم ابن تيمية في: بيان تلبيس الجهمية (6/238).
[2] انظر: بيان تأسيس الجهمية (6/238 ـ 240)، والفتوى الحموية الكبرى (65 ـ 70) [دار ابن حزم، بيروت، ط1، 1426هـ].


1 ـ «إبطال التأويلات لأخبار الصفات» (ج1)، للقاضي أبي يعلى.
2 ـ «الأسماء والصفات» (ج2)، للبيهقي.
3 ـ «بيان تلبيس الجهمية» (ج6)، لابن تيمية.
4 ـ «شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري» (ج2)، لعبد الله بن محمد الغنيمان.
5 ـ «صفات الله عزّ وجل الواردة في الكتاب والسُّنَّة»، لعلوي بن عبد القادر السقاف.
6 ـ «الفتوى الحموية الكبرى»، لابن تيمية.
7 ـ كتاب «العلل» (ج6)، لابن أبي حاتم.
8 ـ «قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر»، لمحمد صديق حسن خان القنوجي.
9 ـ «المجموع المغيث في غريبي القرآن والحديث» (ج1)، لأبي موسى محمد المديني.
10 ـ «معجم ألفاظ العقيدة»، لعالم عبد الله فالح.