هذا المصطلح مركَّب من كلمتين، الأولى: حقوق، وهي من مادة: (حقق)، قال ابن فارس: «الحاء والقاف أصل واحد، وهو يدل على إحكام الشيء وصحته. فالحق: نقيض الباطل، ثم يرجع كل فرع إليه بجودة الاستخراج وحسن التلفيق، ويقال: حق الشيء: وجب»[1]. وقال الجوهري: «الحق: خلاف الباطل. والحق: واحد الحقوق. والحقة أخص منه. يقال: هذه حقتي؛ أي: حقي»[2]. والمقصود به هنا: الشيء الواجب والثابت.
وأما الكلمة الأخرى فهي: الرسول، وهي من مادة (رسل)، قال ابن فارس: «الراء والسين واللام أصل واحد مطرد منقاس، يدل على الانبعاث والامتداد»[3]. تقول: «أرسلت فلانًا في رسالة، فهو مُرسَل ورسول، والجمع: رُسْل ورُسُل»[4].
وقال الفيروزآبادي: «والرسول أيضًا: المرسل، ج: أرسُل ورُسُل ورُسُلاء، والموافق لك في النضال ونحوه. و{إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ *} [الشعراء] ، لم يقل: رُسُل؛ لأن (فعولاً) و(فعيلاً) يستوي فيهما المذكر والمؤنث، والواحد والجمع»[5].
[1] مقاييس اللغة (2/15) [دار الفكر، 1399هـ].
[2] الصحاح (4/1460) [دار العلم للملايين، ط4].
[3] مقاييس اللغة (2/392).
[4] الصحاح (4/1709).
[5] القاموس المحيط (1006).
هي الأمور التي أوجبها الله عزّ وجل لرسوله صلّى الله عليه وسلّم على أمته؛ كالإيمان به وتعزيره وتوقيره واتباعه ومحبته ونحو ذلك، وكذا الأمور التي حرَّمها عليهم لحرمة نبيّه مما يباح أن يفعل مع غيره[1].
العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي:
معلوم أن المعنى اللغوي أوسع من المعنى الشرعي، كما هو الحاصل هنا، حيث شمل المعنى اللغوي عدة معان، ومنها: الواجب الثابت، وهذا بعينه هو المعنى الشرعي.
[1] انظر: الصارم المسلول (3/801، و807) [رمادي للنشر، والمؤمن للتوزيع، ط1، 1417هـ].
يجب الإيمان بحقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم على أمته والقيام بها بقدر الطاقة؛ لثبوتها بدلالة الكتاب والسُّنَّة، وقد قال الله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: 3] ، وقال سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] .
حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم لها أهمية كبرى؛ إذ لا يتحقق الإيمان لأحد إلا بها، ولا يصح الإسلام بدونها، فمن لا يؤمن بالرسول، ولا يقر بصدقه، ولا يطيع له أمرًا، ولا يجتنب له نهيًا، ولا يوقره؛ بل يستهزئ به فهذا لا حظ له في الإسلام، قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا *} [النساء] . وقال عزّ وجل: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ *} [آل عمران] ، وقال سبحانه: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا *} [الجن] ، وقال تعالى: {...قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة] .
قال الله تعالى: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ} [الأعراف: 158] .
وقال تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ *} [آل عمران] .
وقال تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطِّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *} [الأعراف] .
قال القاضي عياض: «القسم الثاني فيما يجب على الأنام من حقوقه صلّى الله عليه وسلّم:... وهذا قسم لخَّصنا فيه الكلام في أربعة أبواب على ما ذكرناه في أول الكتاب، ومجموعها في وجوب تصديقه واتباعه في سُنَّته وطاعته ومحبته ومناصحته وتوقيره وبره صلّى الله عليه وسلّم[1].
وقال ابن تيمية: «إن الله سبحانه وتعالى أوجب لنبيِّنا صلّى الله عليه وسلّم على القلب واللسان والجوارح حقوقًا زائدة على مجرد التصديق بنبوته... وحرم سبحانه لحرمة رسوله ـ مما يباح أن يفعل مع غيره ـ أمورًا زائدة على مجرد التكذيب بنبوته؛ فمن ذلك: أنه أمر بالصلاة عليه والتسليم، بعد أن أخبر أن الله وملائكته يصلون عليه... ومن ذلك: أنه أخبر أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن حقه أن يجب أن يؤثره العطشان بالماء والجائع بالطعام، وأنه يجب أن يوقى بالأنفس والأموال، كما قال سبحانه وتعالى: {مَا كَانَ لأَِهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ} [التوبة: 120] ... ومن حقه: أن يكون أحب إلى المؤمن من نفسه وولده وجميع الخلق... ومن كرامته المتعلقة بالقول: أنه فرق بين أذاه وأذى المؤمنين فقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِيناً *وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْمًا مُبِيناً *} [الأحزاب] »[2].
وقال السعدي في قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الفتح: 9] : «أي: بسبب دعوة الرسول لكم، وتعليمه لكم ما ينفعكم، أرسلناه لتقوموا بالإيمان بالله ورسوله، المستلزم ذلك لطاعتهما في جميع الأمور. {وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}؛ أي: تعزروا الرسول صلّى الله عليه وسلّم وتوقروه؛ أي: تعظموه وتُجلّوه، وتقوموا بحقوقه، كما كانت له المنة العظيمة برقابكم. {وَتُسَبِّحُوهُ}؛ أي: تسبحوا لله {بُكْرَةً وَأَصِيلاً *} أول النهار وآخره، فذكر الله في هذه الآية الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو الإيمان بهما، والمختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، والمختص بالله، وهو التسبيح له والتقديس بصلاة أو غيرها»[3].
[1] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/2) [دار الفكر، 1409هـ].
[2] الصارم المسلول (3/801 ـ 807).
[3] تفسير السعدي (792).
المسألة الأولى: وجوب الإيمان بالنبي صلّى الله عليه وسلّم الكريم[1]:
من حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم على أمته: الإيمان به ظاهرًا وباطنًا، وتصديقه في نبوته ورسالته؛ لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [النساء:136] ، وقوله سبحانه: {فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا} [التغابن: 8] . وعن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله»[2].
فالإيمان بالنبي صلّى الله عليه وسلّم واجب متعين لا يتم الإيمان لأحد إلا به، ولا يصح له الإسلام إلا معه؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَعِيرًا *} [الفتح] [3].
وثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ أنه قال: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار»[4].
المسألة الثانية: وجوب طاعته، وعدم الخروج عن شريعته[5]:
من حقوق النبي الكريم صلّى الله عليه وسلّم على أمته: طاعته فيما أمر به ونهى عنه، فتُمتثل أوامره بقدر الطاقة، وتجتنب نواهيه جملة وتفصيلاً؛ لقول الله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور: 54] ، وقوله سبحانه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] ، وقوله تعالى: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ *} [النور] ، ولما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله، ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» [6]، وثبت من حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: رأيت النبي صلّى الله عليه وسلّم يرمي على راحلته يوم النحر، ويقول: «لتأخذوا مناسككم، فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه»[7].
قال ابن تيمية: «وأما ما أوجبه من طاعته، والانقياد لأمره، والتأسي بفعله، فهذا باب واسع، لكن ذاك قد يقال: هو من لوازم الرسالة، وإنما الغرض هنا أن ننبه على بعض ما أوجبه الله له من الحقوق الواجبة والمحرمة، مما يزيد على لوازم الرسالة، بحيث يجوز أن يبعث الله رسولاً ولا يوجب له هذه الحقوق»[8].
ومن لم يلتزم بشريعة النبي صلّى الله عليه وسلّم، أو اعتقد جواز الخروج عنها فقد وقع في ناقض من نواقض الإسلام، ولهذا عدَّ أهل العلم أن من اعتقد أن أحدًا يسعه الخروج عن شريعة النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما وسع الخضر عليه السلام الخروج عن شريعة موسى عليه السلام فقد ارتد عن الإسلام.
قال ابن قدامة رحمه الله: «ومن اعتقد لأحد طريقًا إلى الله غير متابعة محمد صلّى الله عليه وسلّم، أو لا يجب عليه اتباعه، أو أن لغيره خروجًا عن اتباعه، أو قال: أنا محتاج إليه في علم الظاهر دون علم الباطن، أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة، أو قال: إن من العلماء من يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى كفر في هذا كله»[9].
المسألة الثالثة: وجوب نصرته صلّى الله عليه وسلّم:
من حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم على أمته نصرته، وتأييده في نشر دعوته، والوقوف معه في حياته بالسيف والسنان واللسان، وأما بعد موته فنشر سُنَّته والدعوة إليها والذب عنها، وقد عاتب الله من ترك نصرة النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال: {إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] ، وقد بيَّن الله ثواب من قام بهذا الحق ونحوه، فقال سبحانه: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *} [الأعراف] .
وقال ابن تيمية في قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9] : « التعزير: اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما يؤذيه»[10].
المسألة الرابعة: وجوب تعظيم النبي صلّى الله عليه وسلّم حيًّا وميتًا وإجلاله وبره، وتعظيم أمره[11]:
من حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم الثابتة له على أمته تعظيمه وإجلاله، كما قال الله عزّ وجل: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح: 9] .
روى ابن جرير بسنده حسن[12] عن قتادة؛ أنه قال: «{وَتُعَزِّرُوهُ}: ينصروه، {وَتُوَقِّرُوهُ} أمر الله بتسويده وتفخيمه»[13].
قال القاضي عياض: «واعلم أن حرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته»[14].
وقال ابن تيمية: «التوقير: اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة من الإجلال والإكرام، وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما يخرجه عن حد الوقار»[15].
وتعظيم النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقول له صور؛ منها:
ـ عدم التقدم بالكلام بين يدي النبي صلّى الله عليه وسلّم، وعدم رفع الصوت فوق صوته صلّى الله عليه وسلّم؛ لقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات] ؛ ففي هاتين الآيتين بيان لبعض حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومنها أن الله «حرم التقدم بين يديه بالكلام حتى يأذن، وحرم رفع الصوت فوق صوته»[16].
قال ابن القيم: «أي: لا تقولوا حتى يقول، ولا تأمروا حتى يأمر، ولا تفتوا حتى يفتي، ولا تقطعوا أمرًا حتى يكون هو الذي يحكم فيه ويمضيه... والقول الجامع في معنى الآية: لا تعجلوا بقول ولا فعل قبل أن يقول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أو يفعل... فإذا كان رفع أصواتهم فوق صوته سببًا لحبوط أعمالهم، فكيف تقديم آرائهم وعقولهم وأذواقهم وسياساتهم ومعارفهم على ما جاء به ورفعها عليه؟ أليس هذا أولى أن يكون محبطًا لأعمالهم؟»[17].
وقال الشنقيطي في تفسير آية الحجرات: «هذه الآية الكريمة علَّم الله فيها المؤمنين أن يعظموا النبي صلّى الله عليه وسلّم ويحترموه ويوقروه، فنهاهم عن رفع أصواتهم فوق صوته»[18].
ـ مخاطبته صلّى الله عليه وسلّم بما يليق بمقامه، كـ:يا نبي الله، ويا رسول الله، وعدم مناداته باسمه كما يفعل الناس فيما بينهم. فقد خصَّ الله نبيَّه محمدًا «في المخاطبة بما يليق به فقال: {لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] ، فنهى أن يقولوا: يا محمد أو يا أحمد أو يا أبا القاسم، ولكن يقولوا: يا رسول الله يا نبي الله، وكيف لا يخاطبونه بذلك والله سبحانه وتعالى أكرمه في مخاطبته إياه بما لم يكرم به أحدًا من الأنبياء، فلم يدعه باسمه في القرآن قط؛ بل يقول: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَِزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] »[19].
وقال الله تعالى: {ولاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ *} [الحجرات] .
ففي هذه الآية الكريمة نهى الله المؤمنين عن أن يجهروا للنبي صلّى الله عليه وسلّم: «بالقول كجهر بعضهم لبعض؛ أي: ينادونه باسمه: يا محمد، يا أحمد، كما ينادي بعضهم بعضًا، وإنما أُمروا أن يخاطبوه خطابًا يليق بمقامه، ليس كخطاب بعضهم لبعض؛ كأن يقولوا: يا نبي الله أو يا رسول الله ونحو ذلك.
وقوله: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ}؛ أي: لا تفعلوا ذلك لئلا تحبط أعمالكم، أو ينهاكم عن ذلك كراهة أن تحبط أعمالكم، {تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ *}؛ أي: لا تعلمون بذلك... وقد دلَّت آيات من كتاب الله على أن الله تعالى لا يخاطبه في كتابه باسمه، وإنما يخاطبه بما يدل على التعظيم والتوقير؛ كقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ} [التوبة: 73] ... مع أنه ينادي غيره من الأنبياء بأسمائهم»[20].
المسألة الخامسة: في وجوب محبته صلّى الله عليه وسلّم، وتقديمها على محبة النفس وجميع الخلق[21]:
فقد ثبت من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» [22]. وبيَّن النبي صلّى الله عليه وسلّم علو شأن محبته، حيث إنها مما تنال بها حلاوة الإيمان، كما جاء من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما...» [23].
وعن عبد الله بن هشام رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك» ، فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «الآن يا عمر» [24].
وقد توعّد الله من قدَّم على محبة الله ومحبة رسوله صلّى الله عليه وسلّم محبة غيرهما كائنًا من كان بالعقاب، فقال سبحانه: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ *} [التوبة] .
المسألة السادسة: من حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم الصلاة والسلام عليه:
لقول الله عزّ وجل: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *} [الأحزاب] ، وثبت عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا سمعتم المؤذن، فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرًا» [25]، وعن أبي هريرة؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من صلّى علي واحدة صلّى الله عليه عشرًا»[26].
والصلاة على النبي صلّى الله عليه وسلّم «تتضمن ثناء الله عليه، ودعاء الخير له، وقربته منه، ورحمته له. والسلام عليه يتضمن: سلامته من كل آفة، فقد جمعت الصلاة عليه والتسليم جميع الخيرات، ثم إنه يصلي سبحانه عشرًا على من يصلي عليه مرة واحدة؛ حضًّا للناس على الصلاة عليه؛ ليسعدوا بذلك وليرحمهم الله بها»[27]. وللصلاة على النبي صيغ عديدة، منها ما جاء عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ فقلت: بلى؛ فأهدِها لي فقال: سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ فإن الله قد علَّمنا كيف نسلم عليكم، قال: «قولوا: اللَّهُمَّ صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللَّهُمَّ بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» [28]. ولها مواطن تكون فيها[29].
المسألة السابعة: وجوب التحاكم إليه:
لقد أمر الله المؤمنين بالتحاكم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وردّ المتنازَع فيه إلى هديه، فقال الله عزّ وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً *} [النساء] ، وقال سبحانه وتعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *} [النساء] .
المسألة الثامنة: محبة أصحابه صلّى الله عليه وسلّم وأهل بيته وموالاتهم[30]:
من حقوقه صلّى الله عليه وسلّم على أمته محبة أصحابه وأهل بيته وموالاتهم جميعًا، والاستغفار لهم، و«الحذر من تنقّصهم أو سبهم أو الطعن فيهم بشيء؛ فإن الله قد أوجب على هذه الأمة موالاة أصحاب نبيِّه، وندب من جاء بعدهم إلى الاستغفار لهم، وسؤال الله أن لا يجعل في قلوبهم غلًّا لهم»[31]. قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلاَ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ *} [الحشر] ، وثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تسبُّوا أصحابي، لا تسبُّوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا، ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه» [32]، وثبت من حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله: «أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» [33]. ففي هذا الحديث «أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم بالإحسان إلى أهل بيته، وأن يعرف لهم قدرهم وحقهم، لقربهم منه وشرفهم»[34].
قال الطحاوي في بيان عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة في الصحابة: «ونحب أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا نفرّط في حب أحد منهم، ولا نتبرأ من أحد منهم. ونبغض من يبغضهم، وبغير الخير يذكرهم. ولا نذكرهم إلا بخير. وحبهم دين وإيمان وإحسان، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان»[35].
وقال القاضي عياض: «واعلم أن حرمة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد موته وتوقيره وتعظيمه لازم كما كان حال حياته، وذلك عند ذكره صلّى الله عليه وسلّم، وذكر حديثه وسُنَّته، وسماع اسمه وسيرته، ومعاملة آله وعترته، وتعظيم أهل بيته وصحابته»[36].
المسألة التاسعة: الشهادة له صلّى الله عليه وسلّم بتبليغ رسالة ربه على أكمل وجه ونصحه للأمة[37]:
من حقوقه صلّى الله عليه وسلّم على أمته: الإيمان الجازم بأنه بلَّغ رسالة ربه بلاغًا كاملاً، والشهادة له بذلك، كما قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3] ، وجاء من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. فقلنا: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إن هذه لموعظة مودع، فما تعهد إلينا؟ قال: «قد تركتكم على البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هلك» [38].
وقد شهد له أصحابه الكرام بأنه بلَّغ رسالة ربه وأدى الأمانة ونصح الأمة، كما ثبت من حديث جابر رضي الله عنه الطويل، وفيه قوله صلّى الله عليه وسلّم: «قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به؛ كتاب الله، وأنتم تُسألون عني فما أنتم قائلون؟» قالوا: نشهد أنك قد بلَّغت وأديت ونصحت، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: «اللَّهُمَّ اشهد، اللَّهُمَّ اشهد» ، ثلاث مرات[39].
المسألة العاشرة: إنزاله مكانته اللائقة به:
من حقوقه صلّى الله عليه وسلّم على أمته: إنزاله المكانة التي أنزله الله إياها، دون غلو أو جفاء، فهو عبد الله ورسوله، وهو من البشر، فقد ثبت من حديث عمر رضي الله عنه؛ أنه قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ فإنما أنا عبده فقولوا: عبد الله ورسوله»[40].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن رجلاً قال: يا محمد، يا سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا أيها الناس، عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عزّ وجل » [41].
وقد وصفه ربه عزّ وجل في معرض المدح بأنه عبد الله، فقال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *} [الإسراء] ، وقال سبحانه: {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا *} [الجن] ، وقال جلّ جلاله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا *} [الفرقان] ، وقال عزّ وجل: {هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ *} [الحديد] ، وأمره سبحانه أن يخبر الناس بأنه بشر، كما في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [الكهف: 110] .
المسألة الحادية عشرة: سؤال الله الوسيلة له صلّى الله عليه وسلّم:
وهي درجة في الجنة لا تكون إلا لعبد واحد، ورجا صلّى الله عليه وسلّم؛ أن يكون هو ذلك العبد[42]، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي؛ فإنه من صلى عليّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة» [43]. وهذا «ليس من باب سؤالهم؛ بل أمره بذلك لهم؛ كأمره لهم بسائر الطاعات التي يثابون عليها، مع أنه صلّى الله عليه وسلّم له مثل أجورهم في كل ما يعملونه»[44].
المسألة الثانية عشرة: أن الله حرم على الأمة أذيته بأمر، ولو كان فعله مباحًا للأمة فيما بينها؛ تمييزًا له:
لقد حرَّم الله على الأمة أذية رسوله صلّى الله عليه وسلّم بأي أمر، ولو كان مباحًا بين أفراد الأمة؛ كنكاح زوجاته من بعده، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض حديثه عن حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم على أمته: «ومن ذلك: أنه حرَّم على الأمة أن يؤذوه بما هو مباح أن يعامل به بعضهم بعضًا؛ تمييزًا له، مثل نكاح أزواجه من بعده، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا *} [الأحزاب] ، وأوجب على الأمة لأجله احترام أزواجه، وجعلهن أمهات في التحريم والاحترام، فقال سبحانه وتعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6] »[45].
المسألة الثالثة عشرة: الإقرار له صلّى الله عليه وسلّم بكل ما ثبت في حقه من الخصائص السامية العالية الرفيعة والفضائل العظيمة، والمناقب الجمة الجليلة والثناء بها عليه ونشر ذلك بين الناس[46]:
كما جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أعطيت خمسًا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصلِّ، وأحلت لي الغنائم، وكان النبي صلّى الله عليه وسلّم يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس كافة، وأعطيت الشفاعة» [47].
ونحو ذلك مما دلَّت عليه النصوص الشرعية.
[1] انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/2)، وأصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة لنخبة من العلماء (173) [وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، السعودية، ط1، 1421هـ].
[2] أخرجه البخاري (كتاب الإيمان، رقم 25)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 22).
[3] انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/9).
[4] أخرجه مسلم (كتاب الإيمان، رقم 153).
[5] انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/2).
[6] أخرجه البخاري (كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، رقم 7280).
[7] أخرجه مسلم (كتاب الحج، رقم 1297).
[8] الصارم المسلول (3/807).
[9] الإقناع مع شرحه كشاف القناع (6/171).
[10] الصارم المسلول (425).
[11] انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/34 ـ 35)، وأصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة (176).
[12] انظر: الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور لحكمت بشير ياسين (4/353) [دار المآثر، المدينة المنورة، ط1].
[13] تفسير الطبري (4/353) [دار هجر، ط1].
[14] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/40).
[15] الصارم المسلول (3/803).
[16] الصارم المسلول (3/806)، وانظر: دلائل النبوة للبيهقي (6/354) [دار الكتب العلمية، ط1، 1405هـ]، والخصائص الكبرى للسيوطي (2/444) [دار الكتب العلمية]، والسيرة النبوية بين الآثار المروية والآيات القرآنية.
[17] إعلام الموقعين (1/41).
[18] أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (7/401) [دار الفكر، بيروت، 1415هـ]. وانظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/35 ـ 36).
[19] الصارم المسلول (3/803 ـ 804).
[20] أضواء البيان (7/401 ـ 402)، وانظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/35 ـ 36).
[21] انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/18)، والخصائص الكبرى للسيوطي (2/444)، وأصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة (175).
[22] أخرجه البخاري (كتاب الإيمان، رقم 15)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 44).
[23] أخرجه البخاري (كتاب الإيمان، رقم 16)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 43).
[24] أخرجه البخاري (كتاب الأيمان والنذور، رقم 6632).
[25] أخرجه مسلم (كتاب الصلاة، رقم 384).
[26] أخرجه مسلم (كتاب الصلاة، رقم 408).
[27] الصارم المسلول (3/801).
[28] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3370)، ومسلم (كتاب الصلاة، رقم 406).
[29] انظر: جلاء الأفهام لابن القيم، وغيره.
[30] أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة (179).
[31] المصدر السابق.
[32] أخرجه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، رقم 3673)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2540).
[33] أخرجه مسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2408).
[34] أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة (180).
[35] شرح الطحاوية لابن أبي العز الحنفي (2/689).
[36] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (2/40).
[37] انظر: أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة (174).
[38] أخرجه بهذا اللفظ: ابن ماجه (المقدمة، رقم 43)، وأحمد (28/367) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والحاكم (كتاب العلم، رقم 331)، وأبو نعيم في المستخرج (1/36) [دار الكتب العلمية، ط1]، وقال: «هذا حديث جيد»، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 937).
[39] أخرجه مسلم (كتاب الحج، رقم 1218).
[40] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3445).
[41] أخرجه الإمام أحمد (20/23، رقم 12551) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وأخرجه الضياء في المختاره (5/26) وقال: إسناده صحيح. وصححه الألباني على شرط مسلم. انظر: السلسلة الصحيحة (رقم 1097).
[42] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (10/702) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، 1416هـ].
[43] أخرجه مسلم (كتاب الصلاة، رقم 384).
[44] مجموع الفتاوى لابن تيمية (1/132).
[45] الصارم المسلول (3/807).
[46] انظر: أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة (177).
[47] أخرجه البخاري (كتاب الصلاة، رقم 438)، ومسلم (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم 521).
القيام بحقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم له ثمرات طيبة؛ منها:
أولاً: أنه بذلك يتحقق للعبد الإيمان ويصح له الإسلام، قال الله عزّ وجل: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *} [الأنفال] ، وقال تعالى: {فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *} [الأعراف] ، وقال الله سبحانه: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ *} [الأنفال] .
ثانيًا: أنه ينال بذلك رحمة الله، كما قال تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ *} [النور] .
ثالثًا: أنه مما ينال به الفوز بالمطلوب والنجاة من المرهوب، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ ورَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ *} [النور] ، وقال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا *} [الأحزاب] ، وقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *} [النساء] .
رابعًا: أنه بذلك يتحقق له معية المنعم عليهم من عباد الله الصالحين، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا *} [النساء] .
من حقوق النبي صلّى الله عليه وسلّم: إنزاله مكانته التي أنزله الله إياها دون غلوٍّ أو جفاء، وقد حاد عن الجادة في هذا طوائف:
ـ الغلاة: يعتقد الغلاة ـ وهم من الصوفية وغيرهم ـ بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم خلق من نور، وأن هذا النور خلق من نور الله[1]، متعلقين بحديث منسوب إلى جابر بن عبد الله؛ أنه قال: قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي أخبرني عن أول شيء خلقه الله قبل الأشياء؟ قال: «يا جابر: إن الله خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره...» ، وفي لفظ: «أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر»[2].
بل تجاوز الأمر بهم حتى رفعوا النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى مقام الربوبية، كما في أبيات صاحب البردة التي منها:
«يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به
سواك عند حلول الحادث العمم»[3]
إلى غير ذلك من الأبيات الشركية.
الرد عليهم:
لا شكَّ أن هذا غلو مقيت مصادم لصريح الكتاب والسُّنَّة، فمن الكتاب قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ} [الكهف:110] ، والسُّنَّة ما ثبت من حديث عمر رضي الله عنه؛ أنه قال: سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم؛ فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله» [4]، وجاء عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً قال: يا محمد، يا سيدنا وابن سيدنا، وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يا أيها الناس عليكم بتقواكم، ولا يستهوينكم الشيطان، أنا محمد بن عبد الله، عبد الله ورسوله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عزّ وجل » [5].
وأما ما نسبوه إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم من رواية جابر فهو حديث باطل[6] وموضوع على النبي صلّى الله عليه وسلّم[7].
وأما أبيات البوصيري فهي صريحة البطلان؛ لمناقضتها النصوص الشرعية الدالة على أن الله هو المستعاذ به، وأن محمدًا عبد الله ورسوله كما تقدم في الأدلة، وأنه لا يملك لنفسه ولا لغيره ضرًّا ولا رشدًّا، كما قال تعالى: {قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلاَ رَشَدًا *قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا *} [الجن] ، وقال سبحانه: {قُلْ لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعراف: 188] .
ـ الجفاة: وهم الذين لم يعطوا النبي صلّى الله عليه وسلّم حقه من إفراده بالطاعة والتعظيم والتوقير عن سائر الناس، حيث جعلوا معه متبوعين، وأنزلوهم منزلة النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ بل قد يرفعونهم فوق مكانة النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهم:
ـ الرافضة: الذين يقولون بأن السُّنَّة هي قول المعصوم، والمعصوم عندهم أربعة عشر شخصًا؛ وهم: النبي صلّى الله عليه وسلّم وفاطمة وعلي رضي الله عنهما وباقي الاثني عشر من الأئمة[8]؛ بل لم يقف جفاؤهم عند هذا الحد؛ بل زعموا أن لأئمتهم مقامًا لا يبلغه ملك مقرب ولا نبي مرسل[9].
ـ بعض الصوفية: حيث إنهم يقررون بعبارات مختلفة وألفاظ متباينة مؤداها واحد أن مقام الولي فوق مقام النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأن الولاية أفضل من النبوة والرسالة، وأن الأولياء اخترقوا ما عجز عنه الأنبياء ووقفوا حيارى أمامه[10]، وزعم أحدهم أن لواءه يوم القيامة أعظم من لواء محمد صلّى الله عليه وسلّم[11].
الرد عليهم:
لا شكَّ أن هذا الزعم في غاية الدجل والبهتان؛ لمناقضته صريح القرآن والسُّنَّة الدَّال على أن الله أرسل نبيَّه محمدًا رحمة للعالمين، وأمره بإبلاغ رسالة الله، وأوجب طاعته على الناس كافة، والأخذ عنه وحده، وجعل طاعته سبحانه في طاعة رسوله، وربط الهداية باتباعه واقتفاء أثره، فقال جلّ جلاله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ *} [الأنبياء] ، وقال عزّ وجل: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] ، وقال تبارك وتعالى : {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] ، وقال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] ، وقال عزّ وجل: {وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ *} [النور] .
ولما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى» [12].
وأما ما يتعلق بتفضيل غير النبي صلّى الله عليه وسلّم على النبي صلّى الله عليه وسلّم وتفضيل الولاية على النبوة والرسالة فهذا هذيان لا يستحق أدنى حظ من النظر. ويكفي لبيان هذا أنه مصادم بصفة عامة لقوله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ} [الحج: 75] ، ولقوله صلّى الله عليه وسلّم بصفة خاصة: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة»[13].
[1] انظر: البريلوية عقائد وتاريخ لإحسان إلهي ظهير (102 ـ 103) [إدارة ترجمان السُّنَّة، ط1، 1403هـ]، والنور المحمدي بين هدي الكتاب المبين وغلو الغالين لعداب محمود الحمش (46) [دار إحسان، ودار الأماني، ط1، 1407هـ]، وخصائص المصطفى بين الغلو والجفاء للصادق محمد (93) [مكتبة الرشد].
[2] ذكره ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الحديثية (44) [دار الفكر، بيروت]، ونسبه إلى عبد الرزاق، وهو غير صحيح؛ فلم يخرجه عبد الرزاق ولا أحد غيره في دواوين السُّنَّة. انظر: النور المحمدي (46)، وخصائص المصطفى بين الغلو والجفاء (95 ـ 96)، وعزاه إلى الفتوحات المكية لابن عربي (1/119) ولم نهتدِ إلى موضعه فيه.
[3] ديوان البوصيري (252).
[4] تقدم تخريجه قريبًا.
[5] تقدم تخريجه قريبًا.
[6] انظر: السلسلة الصحيحة للألباني (1/820) (تحت رقم 458).
[7] انظر: خصائص المصطفى بين الغلو والجفاء (95 ـ 96).
[8] انظر: الاعتقادات في دين الإمامية لابن بابويه (92) [دار المفيد، ط2، 1414هـ]، وتنزيه الشيعة الاثني عشرية عن الشبهات الواهية لأبي طالب التجليل (57)، وأصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية لناصر القفاري (1/308)، وجهود المفسرين في الرد على الرافضة من خلال كتب التفسير المطبوعة لمحمد سعيد عثمان (108) [رسالة علمية، الجامعة الإسلامية بالمدينة].
[9] انظر: الحكومة الإسلامية للخميني (52) [ط3، 1389هـ]، ومشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين لرجب البرسي (225) [مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط1، 1419هـ].
[10] انظر: الطبقات الكبرى للشعراني (377) [دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ]، والفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي (95).
[11] انظر: تلبيس إبليس لابن الجوزي (418) [دار الكتاب العربي، بيروت، ط1، 1405هـ].
[12] أخرجه البخاري (كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، رقم 7280).
[13] أخرجه مسلم (كتاب الفضائل، رقم 2278).
1 ـ «أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة»، لنخبة من العلماء.
2 ـ «أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن» (ج7)، للشنقيطي.
3 ـ «تفسير السعدي».
4 ـ «تفسير الطبري» (ج4).
5 ـ «حقوق النبي على أمته في ضوء الكتاب والسُّنَّة».
6 ـ «الخصائص الكبرى» (ج2)، للسيوطي.
7 ـ «دلائل النبوة» (ج6)، للبيهقي.
8 ـ «الشفا بتعريف حقوق المصطفى» (ج2)، للقاضي عياض.
9 ـ «الصارم المسلول على شاتم الرسول» (ج3)، لابن تيمية.
10 ـ «مجموع الفتاوى» (ج10)، لابن تيمية.