حرف الحاء / الحَكَم

           

الحَكم والحاكم: اسمان مشتقان من الفعل: حَكَم يحْكُم حُكْمًا، وهو حَاكِم وحَكَمٌ، ومعناه: الفصل والقضاء، وأصل معنى (حكم): المنع، وسمي الحاكم حاكمًا لمنعه الناس عن التظالم.
قال ابن فارس: «الحاء والكاف والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع، وأول ذلك الحُكْم وهو المنع من الظلم، وسمِّيَتْ حَكَمة الدابّة لأنها تمنعُها»[1].
وقال الجوهري: «الحكم: مصدر قولك: حَكَم بينهم يَحْكُم؛ أي: قضى، وحكم له وحكم عليه»[2].
ونقل الأزهري عن الليث أنه قال: «الحكم: العِلْم والفقه، و{وآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا *} [مريم] ؛ أي: علمًا وفقهًا»[3].


[1] مقاييس اللغة (2/91) [دار الجيل].
[2] الصحاح (5/179) [دار العلم، ط4، 1990م].
[3] تهذيب اللغة (1/475) [دار إحياء التراث العربي، ط1، 2001م].


الحكم: وصف ثابت لله عزّ وجل يدل على أن الله عزّ وجل هو الذي يحكم بين الخلائق في الدنيا والآخرة، وهو الذي سُلِّم له الحكم ورُدّ إليه فيه الأمر، ولا حُكْمَ حقيقة إلا حُكْمه، ولا حَكم إلا هو سبحانه[1].


[1] انظر: شأن الدعاء للخطابي (61) [دار المأمون، ط1، 1404هـ]، والمنهاج لشعب الإيمان للحليمي (1/207) [دار الفكر، ط1، 1396هـ].


تظهر العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي في أن الحكم في كلٍّ منهما؛ يعني: الفصل والقضاء، لكن المعنى الشرعي يختص بالله عزّ وجل ويدل على اختصاصه بالحكم وانفراده به، فالحكم وإن نسب إلى الخلق إلا أن حكمه مستفاد من الله تعالى، فلا غنى لأحد عن حكمه، ولا حكم إلا حكمه.
الحكم:
يجب الإيمان بأن الله عزّ وجل هو الحَكم، وأنه لا حُكم إلا حكمه.



حقيقة وصف الله بالحَكَم يدل على العلمية والوصفية، فيوصف الله تعالى بأنه الحَكم، وأن له الحكم، ويكون من الصفات الذاتية الثابتة له، ومن شأنها أن الله عزّ وجل هو الذي يحكم بين الخلق، ولا حكم سوى حكمه كما تقدم بيانه.
«وقد تضمن هذا الاسم جميع الصفات العلا والأسماء الحسنى؛ إذ لا يكون حكمًا إلا سميع بصير عالم خبير إلى غير ذلك، فهو سبحانه الحكم بين العباد في الدنيا والآخرة، في الظاهر والباطن»[1].


[1] الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/440) [دار الصحابة، ط1، 1416هـ].


ورد وصف الله تعالى بالحَكَم في القرآن والسُّنَّة، وأنه هو الذي يحكم بين عباده، وإليه الحكم في نصوص كثيرة منها:
قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا} [الأنعام: 114] .
ومن السُّنَّة: حديث شريح؛ أنه لما وفد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مع قومه، سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فقال له صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله هو الحَكَم، وإليه الحُكْم» [1].
قال الشيخ ابن عثيمين: «وفي الحديث دليل على أن من أسمائه تعالى: الحَكَم»[2].
ومنها: قوله تعالى: {لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *} [القصص] قال الطبري: «يقول: له الحكم بين خلقه دون غيره، ليس لأحد غيره معه فيهم حكم»[3].
وقوله تعالى: {أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ *} [الزمر] ، وقوله تعالى: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ *} [الأنعام] ؛ أي: له الحكم وحده لا شريك له لكمال علمه وحفظه لأعمالهم[4].
ـ وأما اسمه تعالى: (الحاكم) فقد ورد في القرآن بصيغة الجمع في آيات كثيرة منها:
قوله تعالى: {فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *} [الأعراف] .
وقوله تعالى: {وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ *} [هود] .
وقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ *} [التين] .


[1] أخرجه أبو داود (كتاب الأدب، رقم 4955)، والنسائي (كتاب آداب القضاة، رقم 5387)، وابن حبان (كتاب البر والإحسان، رقم 504)، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (3/936).
[2] القول المفيد على كتاب التوحيد (3/24) [دار ابن الجوزي، ط1، 1418هـ].
[3] تفسير الطبري (19/643).
[4] تفسير السعدي (259).


قال الطبري في قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا}: «أي: قل: فليس لي أن أتعدَّى حكمه وأتجاوزه؛ لأنه لا حَكَم أعدل منه، ولا قائل أصدق منه»[1].
وقال الزجاج: «فالله تعالى هو الحاكم وهو الحكم بين الخلق؛ لأنه الحكم في الآخرة ولا حكم غيره، والحكام في الدنيا إنما يستفيدون الحكم من قِبَله، تعالى علوًّا كبيرًا»[2].
وقال سليمان بن عبد الله: «أما الحكم فهو من أسمائه تبارك وتعالى »[3].
وقال السعدي في قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا}: «أحاكم إليه، وأتقيد بأوامره ونواهيه. فإن غير الله محكوم عليه لا حاكم. وكل تدبير وحكم للمخلوق فإنه مشتمل على النقص، والعيب، والجور، وإنما الذي يجب أن يتخذ حاكمًا، فهو الله وحده لا شريك له، الذي له الخلق والأمر»[4].
وقال السعدي أيضًا: «ومن أسمائه: الحكم العدل الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة»[5].
قال ابن عثيمين: «وفي الحديث دليل على أن من أسمائه تعالى: الحَكَم»[6].


[1] تفسير الطبري (12/60) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[2] تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (44) [دار الثقافة العربية، ط1974م].
[3] تيسير العزيز الحميد (ص556).
[4] تفسير السعدي (270) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[5] تفسير السعدي (5/627).
[6] القول المفيد على كتاب التوحيد (3/24) [دار ابن الجوزي، ط1، 1418هـ].


المسألة الأولى: أقسام حكم الله عزّ وجل:
ذكر ابن القيم وغيره أن لحكم الله عزّ وجل على العبد ثلاثةَ أقسام:
الأول: الحكم الشرعي الديني، فهذا حقه أن يتلقى بالمسالمة والتسليم وترك المنازعة بل بالانقياد المحض، وهذا تسليم العبودية المحضة فلا يعارض بذوق ولا وجد ولا سياسة ولا قياس ولا تقليد ولا يرى إلى خلافه سبيلاً البتة، وإنما هو الانقياد المحض والتسليم والإذعان والقبول. ويدل عليه قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ *} [المائدة] ، وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [الممتحنة: 10] ، وقوله تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ *} [المائدة] .
والثاني: الحكم الكوني القدري الذي يجري على العبد بغير اختياره، ولا طاقة له بدفعه، ولا حيلة له في منازعته، فهذا حقه أن يتلقى بالاستسلام والمسالمة وترك المخاصمة، ويدل عليه قوله تعالى: {فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللَّهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *} [يوسف] .
والثالث: الحكم الكوني الذي للعبد فيه كسب واختيار وإرادة والذي إذا حكم به يسخطه ويبغضه ويذم عليه، فهذا حقه أن ينازع ويدافع بكل ممكن ولا يسالم البتة؛ بل ينازع بالحكم الكوني أيضًا، فينازع حكم الحق بالحق للحق فيدافع به وله[1].
المسألة الثانية: أحكم الحاكمين:
ومما ورد ذكره في أوصاف الله تعالى: {أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ *}، وهو من الأسماء المضافة الوارد في القرآن الكريم في مثل قوله تعالى: {وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ *}، وقوله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ *}.
قال الشنقيطي: «وأحكم الحاكمين، قيل: أفعل تفضيل من الحكم؛ أي: أعدل الحاكمين كما في قوله تعالى: {وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا *} [الكهف] ، وقيل: من الحكمة؛ أي: في الصنع والإتقان والخلق، فيكون اللفظ مشتركًا، ولا يبعد أن يكون من المعنيين معًا، وإن كان هو في الحكم أظهر؛ لأن الحكيم من الحكمة يجمع على الحكماء»[2].
ومعناه: أن الله أحكم الحاكمين بالحق، فلا أَحكَم منه ولا أعدل ولا أفضل حكمًا ولا أقدر على الحكم سواه، ومفاد ذلك مرجعية الحكم إليه وحده لا شريك له.
المسألة الثالثة: خير الحاكمين:
ومن أوصافه سبحانه وتعالى: {خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *}، وهو من الأوصاف المضافة الوارد في القرآن، كما في قوله تعالى: {فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *} [الأعراف] ، وقوله تعالى: {وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَاصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *} [يونس] .
ومعنى: خير الحاكمين؛ أي: خير من يفصل وأعدل من يقضي؛ لأنه لا يقع في حكمه ميلٌ إلى أحد، ولا محاباة لأحد[3].
وقد أطلق بعض أهل العلم هذين الوصفين {أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ *}، و{خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *} على الله عزّ وجل اسمًا، كما في جمع ابن منده[4] وابن الوزير[5]، وفي ثبوتهما ضمن أسماء الله الحسنى نظر، وذلك لعدم توفر شرط الإطلاق فيهما، وقد بيَّن أهل العلم ممن ألفوا في باب الأسماء أن من شرط الأسماء الحسنى صحة الإطلاق، وذلك بأن يرد الاسم في النص مفردًا مطلقًا دون إضافة متعلق أو قيد أو قرينة ظاهرة تحد من الإطلاق، بحيث يفيد المدح والثناء على الله بنفسه؛ لأن الإضافة والتقييد يحدان من إطلاق الحسن والكمال على قدر ما أضيف إليه الاسم أو قيد به، وهذان الاسمان مقيدان بالمقارنة وأفعل التفضيل، وعليه فإن {أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ *} و{خَيْرُ الْحَاكِمِينَ *} أوصاف من الحكم أو من الحكمة، لكنها أضيفت إلى الحاكمين فكان ذلك يقتضي إثبات الصفة لا الاسم، والله تعالى أعلم[6].
المسألة الرابعة: إطلاق اسم: (الحاكم) على الله تعالى:
سبق بيان أن الحاكم لم يرد في القرآن والسُّنَّة الصحيحة التسمية بذلك، وقد أطلق بعض أهل العلم هذا الاسم على الله عزّ وجل، ومنهم: أبو منصور الأزهري، حيث قال: «ومن صفات الله: الحكم، والحكيم، والحاكم، وهو أحكم الحاكمين، ومعاني هذه الأسماء متقاربة»[7].
وذكره في الأسماء الحسنى ابن الوزير في إيثار الحق[8]. كما أطلقه من المؤلفين الحمود[9].
ولعل هذا الإطلاق بسبب أنه ورد في طريق من طرق حديث أبي هريرة إطلاقه، وهي رواية ابن خزيمة، إلا أن تعداد الأسماء في حديث أبي هريرة لم تصح، ورواية ابن خزيمة التي أدرج فيها اسم الحاكم مخالفة للرواية الأخرى، قال ابن حجر: «ووقع في صحيح ابن خزيمة في رواية صفوان أيضًا مخالفة في بعض الأسماء، قال الحاكم بدل الحكيم، والقريب بدل الرقيب، والمولى بدل الوالي، والأحد بدل المغني»[10].


[1] انظر: طريق الهجرتين (66 ـ 69) [دار ابن القيم، ط2، 1414هـ]، مجموع فتاوى ابن تيمية (2/412 ـ 413) [دار الوفاء، ط3، 1426هـ].
[2] أضواء البيان للشنقيطي (9/10 ـ 11) [دار الفكر، بيروت، 1415هـ].
[3] انظر: تفسير الطبري (12/561).
[4] كتاب التوحيد لابن منده (2/204) [مطابع الجامعة الإسلامية، ط1، 1409هـ].
[5] إيثار الحق على الخلق لابن الوزير (159) [دار الكتب العلمية، ط2، 1987م].
[6] انظر: أسماء الله الحسنى في الكتاب والسُّنَّة لمحمود عبد الرزاق، ومعتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى للتميمي (50) [أضواء السلف، ط1، 1419هـ].
[7] تهذيب اللغة (4/69).
[8] انظر: إيثار الحق على الخلق (159).
[9] انظر: النهج الأسمى (1/225) [مكتبة الإمام الذهبي، ط1، 1413هـ].
[10] فتح الباري (11/216) [دار المعرفة، 1379هـ].


الفرق بين الحَكَم والحاكم:
أن الحَكَم يقتضي أنه أهل لأن يُتحاكم إليه، والحاكم الذي من شأنه أن يحكم، فالوصف بحَكَم أكثر مدحًا؛ وذلك أن (حاكم) اسم فاعل جار على الفعل فقد يحكم الحاكم بغير الصواب، أما (حكم) فصفة مشبّهة دالّة على الثبوت[1]، لكنهما في حق الله عزّ وجل يدلان على كمال المدح والثناء وأن الله عزّ وجل أهل للحكم وإليه الحكم كله.
الفرق بين أحكم الحاكمين وخير الحاكمين:
هو أن أحكم الحاكمين يقتضي أن الله عزّ وجل أعدل وأفضل من حَكَم، وأقدر على الحكم من كل حاكم، وخير الحاكمين يقتضي أنه خير من كل من حكم وأفضل من كل من حكم على الإطلاق.


[1] معجم الفرق اللغوية للعسكري (195) [مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، 1412هـ].


1 ـ يجب على كل مكلف أن يعلم أن لا حَكَم إلا الله تعالى وحده، وأن كل أفعاله أحكام وقضايا، وكل أقواله حِكم ووصايا.
2 ـ أن حُكم الله عزّ وجل قد نطق به أنبياؤه ورسله، لهذا لم يفوض تبارك وتعالى الحكم إلى أحد غيره سوى رسله عليهم السلام؛ لأنهم الناطقون بحكمه، والمبلغون لحكمه بين عباده، قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *} [النور] ، وقال سبحانه: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ} [المائدة: 49] .
3 ـ ويجب على كل مسلم إذا دُعِي إلى حكم الله تعالى أن يجيب إلى ذلك، وينقاد لحكم الله تعالى عليه، فإن فعل ذلك كان من المفلحين، قال تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *} [النور] .
4 ـ ويجب على الحُكام أن لا يتعدوا حُكم الله الذي شرعه لهم ونصبه فصلاً بين عباده، وأن يحكم الحاكم بالحق، وإن كان على نفسه كما قال تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ} [النساء: 135] ، وقال تعالى: {يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [ص: 26] [1].


[1] انظر: الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/440 ـ 441) [دار الصحابة، ط1، 1416هـ].


خالف في هذا الاسم الجهمية والمعتزلة، فالجهمية لا يثبتون لله أي اسم؛ لا حَكَمًا ولا حاكمًا ولا غيرهما، فالله عندهم لا يسمى بشيء، وذلك لظنهم أن إثبات الأسماء يلزم منه التشبيه، والمعتزلة أثبتوا الأسماء مجردة عن الصفات، فالله عندهم حاكم بلا حُكم كما أنه عالم بلا عِلم، وقادر بلا قدرة وحي بلا حياة... إلخ[1].


[1] انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري (1/235) [مكتبة التخصصية المصرية، ط3، 1389هـ]، ومجموع الفتاوى (6/34 ـ 35) [دار الوفاء، ط3، 1326هـ]، ومنهاج السُّنَّة النبوية (2/526) [مؤسسة قرطبة، ط1، 1406هـ].


1 ـ أن الله تعالى وصف أسماءه بأنها حسنى، وأمرنا بدعائه بها، وهذا يقتضي أن تكون دالة على معاني عظيمة تكون وسيلة لنا في دعائنا، فلو كانت أعلامًا محضة لكانت غير دالة على معنى سوى تعيين المسمى، فضلاً أن تكون حسنى ووسيلة في الدعاء.
2 ـ أن الله تعالى يسمي نفسه باسمين أو أكثر في موضع واحد؛ كقوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ *هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِىءُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *} [الحشر] ، فلو كانت الأسماء مترادفة ترادفًا محضًّا لكان ذكرها مجتمعة لغوًا من القول لعدم الفائدة.
3 ـ أن الاتفاق في الاسم العام لا يقتضي تماثل المسميات في ذلك الاسم عند الإضافة والتقييد والتخصيص، فما سمَّى الله به نفسه اختص به عند الإضافة، وكذلك ما تسمى به العبد اختص به[1].
تنويه[2]


[1] انظر: التدمرية لابن تيمية (20 ـ 21) [مكتبة العبيكان، ط8، 1424هـ].
[2] انظر: تقريب التدمرية لابن عثيمين (29، 31) [دار الوطن، 1424هـ].


1 ـ «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى»، للقرطبي.
2 ـ «إيثار الحق على الخلق»، لابن الوزير.
3 ـ «تفسير أسماء الله الحسنى»، للزجاج.
4 ـ «تفسير أسماء الله الحسنى»، للسعدي
5 ـ «شأن الدعاء»، للخطابي.
6 ـ «صفات الله عزّ وجل»، للسقاف.
7 ـ كتاب «التوحيد»، لابن منده.
8 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، للتميمي.
9 ـ «المنهاج لشعب الإيمان»، للحليمي.
10 ـ «النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى»، للحمود.