حرف الخاء / الخسوفات الثلاث

           

هو غياب الشيء في الأرض، وخسفت الأرض خسفًا وخسوفًا: غارت بما عليها. ويقال: خسف الله بهم الأرض غيَّبهم فيها. وخُسِفَ بالرجل وبالقوم: إذا أخذته الأرض ودخل فيها[1].


[1] ينظر: لسان العرب (9/67) [دار صادر]، والقاموس المحيط (1039) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1407هـ].


الخسوفات الثلاث : من أشراط الساعة الكبرى التي ورد ذكرها في السُّنَّة الصحيحة، وهي خسف في المشرق، وخسف في المغرب، وخسف في جزيرة العرب، كما بيَّن ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم[1].


[1] كما نصَّت عليها الأحاديث الصحيحة الآتي ذكرها.


يجب الإيمان بوقوع الخسوفات الثلاث في آخر الزمان، وأنها من الأشراط الكبرى للساعة، وهي تدخل ضمن الإيمان باليوم الآخر.



عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلع النبي صلّى الله عليه وسلّم علينا ونحن نتذاكر، فقال: «ما تذاكرون؟» قالوا: نذكر الساعة. قال: «إنها لن تقوم حتى ترون قبلها عشر آيات» . فذكر الدخان، والدجال، والدابة، وطلوع الشمس من مغربها، ونزول عيسى ابن مريم صلّى الله عليه وسلّم، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن، تطرد الناس إلى محشرهم[1].
أقوال أهل العلم:
قال السخاوي ـ وهو يذكر أشراط الساعة ـ: «وخسوف ثلاثة بالمشرق والمغرب وجزيرة العرب، والخسف وإن وجد في مواضع من العجم والمغرب وغيرهما، وهلك بسببه خلق كثيرون؛ فيحتمل أن يكون المراد بالثلاثة قدرًا زائدًا على ما وجد، كأن يكون أعظم منه قدرًا أو مكانًا»[2]. وقال صالح آل الشيخ: «ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب. وهذه الخسوف الثلاثة، خسوف عظيمة لم يسبق أن حدث مثلها. فالزلازل وخسوف الأرض تحدث في الأرض، وهي من آيات الله جلّ جلاله يبتلي بها ويعذب بها؛ ولكنها ـ أي: الخسوف الثلاثة ـ آيات عند قرب قيام الساعة لم يحدث لها مثيل، فهي غير مألوفة. خسوف عظيمة كبيرة تكون في الشرق وفي الغرب وفي جزيرة العرب»[3].


[1] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2901).
[2] القناعة في ما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة (84) [أضواء السلف، ط1، 1422هـ].
[3] شرح العقيدة الطحاوية (2/434) [دار الحجاز، ط1، 1433هـ].


ذهب بعض العلماء إلى أن هذه الخسوفات قد وقعت[1]؛ لكن الصحيح أن شيئًا منها لم يقع بعد، وإنما وقعت خسوفات تعد من أشراط الساعة الصغرى، وقعت في أنحاء متفرقة، وفي أزمنة متفاوتة. أما هذه الخسوفات الثلاث فالنص عليها في الحديث دلالة على أنها مرادة لذاتها، وأنها تفوق غيرها من الخسوفات، وأن وقوعها عامًّا للأرض كلها، في ثلاث جهات نص عليها الحديث، دون تحديد بقعة بعينها، وأن خبرها ينتشر بين الناس كافة. قال ابن حجر: «وقد وجد الخسف في مواضع ولكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف الثلاثة قدرًا زائدًا على ما وجد، كأن يكون أعظم منه مكانًا أو قدرًا»[2].


[1] ينظر: التذكرة للقرطبي (3/1263) [دار المنهاج، ط1، 1425هـ]، والإشاعة لأشراط الساعة (111) [دار المنهاج، ط1، 1417هـ]، والبحور الزاخرة في علوم الآخرة (2/423) [دار غراس، ط1، 1428هـ].
[2] فتح الباري (13/90) [المطبعة السلفية، ط2]، وينظر: القناعة في ما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة (84).


1 ـ «الإشاعة لأشراط الساعة»، للبرزنجي.
2 ـ «أشراط الساعة»، ليوسف الوابل.
3 ـ «البحور الزاخرة» (ج1)، للسفاريني.
4 ـ «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» (ج3)، للقرطبي.
5 ـ «شرح العقيدة الطحاوية» (ج2)، لصالح آل الشيخ.
6 ـ «فتح الباري» (ج13)، لابن حجر العسقلاني.
7 ـ «فقد جاء أشراطها»، لمحمود عطية محمد علي.
8 ـ «القناعة في ما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة»، للسخاوي.