حرف الخاء / الخُلَّة

           

الخُلَّة: والخِلالة والخَلالة والخُلالة: الصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله؛ أي: في باطنه. والخُلّة تجمع على: خِلال، يُقال: فلان كريم الخِلِّ والخُلَّة؛ أي: كريم الإخاء والمُصادَقة، والخليل: الصَّديق، ويُقال للأنثى: خليلة.
والخُلَّة: هي نهاية المحبة وكمالها. وإنما قيل: خليل الله؛ لأن خلته كانت مقصورة على حب الله تعالى، فليس فيها لغيره متسع ولا شركة من محاب الدنيا والآخرة، وهذه حال شريفة لا ينالها أحد بكسب ولا اجتهاد، فإن الطباع غالبة، وإنما يخص الله بها من يشاء من عباده مثل سيد المرسلين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين[1].


[1] انظر: لسان العرب (11/217) [دار صادر، ط3]، ومقاييس اللغة (2/155) [دار الفكر، 1399هـ]، والصحاح (4/1687) [دار العلم للملايين، ط4]، وتهذيب اللغة (6/567) [الدار المصرية للتأليف والترجمة]، والقاموس المحيط (1285) [مؤسسة الرسالة، ط5].


الخلة: هي كمال محبة العبد لربه ونهايتها وتوحيدها ـ المستغرقة للمحب، والتي تخللت جميع أجزاء روحه وقلبه بحيث لم يبق فيها موضع ومسلك لغير المحبوب ـ، وكمال محبة الرب جلّ جلاله لخليله، المستلزمة من العبد كمال العبودية لله تعالى، ومن الربِّ سبحانه وتعالى كمال الربوبية لعباده الذين يحبهم ويحبونه.
فالخلة تكون من جانب الرب تعالى، ومن جانب العبد؛ فالخليل هو: المحب لله محبة تامة كاملة، المحبوب له سبحانه وتعالى محبة تامة كاملة[1].


[1] انظر: النهاية في غريب الحديث (2/72) [طبعة عيسى البابي الحلبي]، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (10/67، 203)، ومدارج السالكين (3/30) [دار الكتاب العربي، ط2، 1393هـ]، وروضة المحبين (47) [دار الكتب العلمية، 1412هـ]، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (2/396) [مؤسسة الرسالة، ط9، 1417هـ]، وفتح الباري لابن رجب (2/552) [دار ابن الجوزي، ط2، 1422هـ].


الخلة: أعلى درجات ومقامات المحبة، وسميت بهذا؛ لأن محبة صاحبها لمحبه تخللت جميع أجزاء روحه وقلبه فصارت خلاله ـ أي: في باطنه ـ؛ فلم تدع فيه خللاً إلا ملأته؛ بحيث لم يبق فيها موضع خال من حبه، فضلاً عن أن يكون محلًّا لمحبة غيره، فضلاً عن أن يكون له فيها منازع![1].
هذا من حيث إضافة الخلة إلى المخلوق. أما معنى الخلة في حق الله تعالى؛ فيجب إثباتها على الوجه الذي يليق بجلال الله تعالى وعظمته وكماله، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل.


[1] انظر: المراجع السابقة، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (5/400) [دار إحياء التراث العربي، 1405هـ].


فالخُلَّة صفة تضاف إلى الله تعالى وتضاف إلى المخلوق:
فيجب على المسلم أن يعتقد: أن الخلة صفة فعلية اختيارية لله (متعلقة بمشيئته وقدرته عزّ وجل)، خبرية (سمعية، نقلية)، ثابتة بالكتاب والسُّنَّة، وأن الله يحب ويخالل ويصطفي من يشاء من خلقه، كما أنه يكره ويبغض من يشاء منهم. والواجب: إثبات هذه الصفة لله ـ كسائر صفاته جلّ جلاله ـ على الوجه الذي يليق بجلاله وكماله وعظمته، من غير تشبيه ولا تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل، وإثبات لوازمها كالرضا، واستجابة الدعوة، والنصر، ونحو هذا. فالخليلان ـ عليهما الصلاة والسلام ـ كانا محبين لله، محبوبين له سبحانه وتعالى.
أما إثبات الخلة للمخلوقين؛ فيدخل ويجوز عليها الكيف؛ فيقال ـ مثلاً ـ: تخللت محبة العبد لربه جميع أجزاء روحه وقلبه إلخ.
وأما خلة المخلوق للخالق: فهي ليست لأي أحد، وإنما يخص الله بها من يشاء من عباده مثل سيد المرسلين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.



الخلة: أعلى وأرفع درجات ومقامات المحبة، وهي رتبة لا تقبل المشاركة والمزاحمة؛ والخلة لله هي نهاية مدارج السالكين إلى ربِّ العالمين وغاية ما يصل إليه المحبون منها؛ ولذا لم يصل إلى هذا المنصب أحد من العالمين على الكمال إلا أبو الأنبياء خليل الله إبراهيم، وخاتمهم المصطفى محمد صلى الله عليهما وسلم (وهو صلّى الله عليه وسلّم الأفضل مقامًا)؛ فهو منصب خالص لهما خاص بهما دون غيرهما، لا يناله أحد بكسب أو اجتهاد؛ فكانا ـ عليهما الصلاة والسلام ـ محبان لله سبحانه وتعالى محبة تامة كاملة، محبوبان له سبحانه محبة تامة كاملة.



الخلة: صفة فعلية ثابتة لله عزّ وجل بنص الكتاب، والسُّنَّة، وإجماع أهل السُّنَّة:
قال الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً *} [النساء] .
وثبت في «الصحيحين» من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل: من أكرم الناس؟ قال: «أتقاهم» ؛ فقالوا: ليس عن هذا نسألك! قال: «فيوسف نبي الله، ابن نبي الله، ابن نبي الله، ابن خليل الله» الحديث[1]؛ فيوسف عليه السلام هو: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله عليهم السلام.
وصح عنه صلّى الله عليه وسلّم؛ أنه قال: «إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل؛ فإن الله تعالى قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذًا من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً» [2]، وفي رواية ابن مسعود: «ولكن صاحبكم خليل الله» [3]، وفي رواية: «ولو كنت متخذًا خليلاً من أمتي لاتخذت أبا بكر خليلاً؛ ولكن أخوة الإسلام ومودته»[4].


[1] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3353)، ومسلم (كتاب الفضائل، رقم 2378).
[2] أخرجه مسلم (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم 532) من حديث جندب بن عبد الله رضي الله عنه. وأخرج البخاري منه فقرة أبي بكر رضي الله عنه، من أحاديث: أبي سعيد الخدري، وابن عباس، وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهم؛ انظر: صحيح البخاري (كتاب الصلاة، برقمي 466، 467)، و(كتاب فضائل الصحابة، رقم 3658).
[3] أخرجه مسلم (كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، رقم 2383).
[4] أخرجه البخاري (كتاب الصلاة، رقم 466)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، رقم 2382)، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. وفي رواية ابن عباس عند البخاري (كتاب الصلاة، رقم 467): «ولكن خلة الإسلام أفضل».


قال أبو جعفر الطحاوي: «ونقول: إن الله اتخذ إبراهيم خليلاً، وكلم الله موسى تكليمًا؛ إيمانًا وتصديقًا وتسليمًا»[1].
وقال أبو عبد الله محمد بن خفيف الشيرازي: «ونعتقد أن الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلاً، واتخذ نبيِّنا محمدًا صلّى الله عليه وسلّم خليلاً وحبيبًا، والخلة لهما منه على خلاف ما قاله المعتزلة: إن الخلة: الفقر والحاجة. والخلة والمحبة صفتان لله، هو موصوف بهما، ولا تدخل أوصافه تحت التكييف والتشبيه، وصفات الخلق من المحبة والخلة جائز عليها الكيف، فأما صفاته تعالى فمعلومة في العلم وموجودة في التعريف، قد انتفى عنهما التشبيه؛ فالإيمان به واجب، واسم الكيفية عن ذلك ساقط»[2].
وقال ابن تيمية: «الخلة أخص من مطلق المحبة؛ بحيث هي من كمالها وتخللها المحب؛ حتى يكون المحبوب بها محبوبًا لذاته لا لشيء آخر؛ إذ المحبوب لشيء غيره هو مؤخر في الحب عن ذلك الغير! ومن كمالها: لا تقبل الشركة والمزاحمة ـ لتخللها المحب ـ؛ ففيها كمال التوحيد وكمال الحب؛ فالخلة تنافي المزاحمة وتقدم الغير؛ بحيث يكون المحبوب محبوبًا لذاته محبة لا يزاحمه فيها غيره، وهذه محبة لا تصلح إلا لله؛ فلا يجوز أن يشركه غيره فيما يستحقه من المحبة، وهو محبوب لذاته، وكل ما يحب غيره ـ إذا كان محبوبًا بحق ـ فإنما يحب لأجله، وكل ما أحب لغيره فمحبته باطلة»[3].


[1] العقيدة الطحاوية (20) [دار ابن حزم ببيروت، ط1، 1416هـ].
[2] نقله عن كتابه اعتقاد التوحيد بإثبات الأسماء والصفات: ابن تيمية في مجموع الفتاوى (5/80)، وانظر منه: (5/71، 77).
[3] مجموع الفتاوى (10/68).


المسألة الأولى: من كان خليلاً لله فلا يصلح أن يخالل أحدًا من الناس:
سبق تقرير القول بأن: الخلة لما كانت هي كمال الحب المستلزم استيعاب القلب له؛ لم يصلح لمن كان خليلاً لله تعالى أن يخالل أحدًا من الناس كائنًا من كان؛ ولذا تبرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم ونفى أن يكون له خليل من أهل الأرض. ولكن وردت بعض الأحاديث فيها إثبات الخلة من جانب بعض الصحابة رضي الله عنهم للنبي صلّى الله عليه وسلّم؛ كقول أبي هريرة رضي الله عنه: «أوصاني خليلي بثلاث» الحديث[1]، وقول أبي ذر رضي الله عنه: «إن خليلي أوصاني أن أسمع وأطيع» الحديث[2]، ونحو هذا من الأحاديث.
وهذا مشكل، وأجيب عنه[3]: بأن ما نفاه النبي صلّى الله عليه وسلّم من أن يكون له خليل غير الله تعالى، هو غير ما أثبته هؤلاء الصحابة رضي الله عنهم؛ فالممتنع أن يتخذ النبي صلّى الله عليه وسلّم غيره خليلاً، ولا يمنع هذا اتخاذ الصحابة النبي صلّى الله عليه وسلّم خليلاً! وقيل: إن قول أبي هريرة هذا لا يعارضه ما تقدم من قوله صلّى الله عليه وسلّم: «لو كنت متخذًا خليلاً لاتخذت أبا بكر» ؛ لأن الممتنع أن يتخذ هو صلّى الله عليه وسلّم غيره خليلاً لا العكس، ولا يقال: إن المخاللة لا تتم حتى تكون من الجانبين لأنا نقول: إنما نظر الصحابي إلى أحد الجانبين فأطلق ذلك[4].
كما ثبت أيضًا في القرآن إمكان وقوع الخلة من المخلوق للمخلوق، كما قال تعالى: {يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً *} [الفرقان] . ومما سبق من الأحاديث آنفًا تؤكد ذلك أيضًا، والله أعلم.
المسألة الثانية: وصف الخلة أكمل من وصف المحبة:
ثبت في حديث الشفاعة الطويل؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «ائتوا إبراهيم الذي اتخذه الله خليلاً» ، وفي رواية للبخاري: «ائتوا إبراهيم خليل الرحمن» ، وفي ثالثة لمسلم: «ولكن عليكم بإبراهيم عليه السلام ؛ فإنه خليل الله ـ وفي رواية: خليل الرحمن ـ»[5]. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.
وهي تدل على[6]: أن الخلة أعلى وأرفع مقامات المحبة، وأنها أخص من مطلق المحبة، وأن الخليل أفضل من الحبيب خلافًا لما يعتقده بعض الغالطين من أن مقام المحبة أفضل؛ فالله تعالى يحب أنبياءه ورسله وعباده المؤمنين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، ويحب الصابرين والمحسنين وغيرهم، ومع هذا لم يخص بالخلة أحدًا من العالمين غير رسوليه محمد وإبراهيم ـ عليهما الصلاة والسلام ـ! والنبي صلّى الله عليه وسلّم كان يحب أبا بكر وعائشة وأسامة بن زيد وأباه ومعاذًا والأنصار وغيرهم رضي الله عنهم، وقد نفى عن أبي بكر ـ وهو أحب الرجال إلى قلبه ـ الخلة، وتبرأ من خلة المخلوقين من أهل الأرض، وأخبر أنه لو كان يصلح له أن يتخذ من المخلوقين خليلاً لاتخذ أبا بكر خليلاً ولكان أحق الناس بذلك! وذلك لأن الخلة هي كمال الحب المستلزم استيعاب القلب له؛ وهذا لا يصلح إلا لله تعالى؛ فمن كان خليلاً لله فلا يصلح له أن يخالل أحدًا من الناس، كائنًا من كان! وإنما يصلح للمخلوق: المحبة ـ التي هي دون الخلة ـ؛ ولهذا اقتصر صلّى الله عليه وسلّم في حق أبي بكر الصديق رضي الله عنه عليها، وعبَّر عنها بقوله: «ولكن أخوة الإسلام ومودته»[7].
«وهذا هو السر الذي لأجله ـ والله أعلم ـ أمر الخليل بذبح ولده وثمرة فؤاده وفلذة كبده؛ لأنه لما سأل الولد فأعطيه؛ تعلقت به شعبة من قلبه، والخلة منصب لا يقبل الشركة والقسمة؛ فغار الخليل على خليله أن يكون في قلبه موضع لغيره؛ فأمره بذبح الولد؛ ليخرج المزاحم من قلبه، فلما وطن نفسه على ذلك، وعزم عليه عزمًا جازمًا؛ حصل مقصود الأمر؛ فلم يبق في إزهاق نفس الولد مصلحة! فحال بينه وبينه، وفداه بالذبح العظيم»[8]؛ فكان المقصود هو: «تفريغ محل الخلة منه؛ حتى لا تزاحم خلة الواحد الأحد محبة الولد»[9]!
وذهب بعض الصوفية والمتكلمين إلى: أن الخلة والمحبة بمعنى واحد؛ فلا يكون الحبيب إلا خليلاً، ولا يكون الخليل إلا حبيبًا! وذهب بعضهم إلى: أن المحبة أعلى وأرفع من الخلة، ولذا خص هؤلاء الخلة بإبراهيم والمحبة بمحمد ـ عليهما الصلاة والسلام ـ؛ فيقولون: إبراهيم خليل الله ومحمد حبيب الله[10]!
واستدل لقول هؤلاء ببعض الأحاديث الضعيفة والواهية والموضوعة! كحديث: «إن إبراهيم خليل الله، ألا وأنا حبيب الله ولا فخر» الحديث[11]، وحديث: «اتخذ الله إبراهيم خليلاً، وموسى نجيًّا، واتخذني حبيبًا، ثم قال: وعزتي وجلالي؛ لأوثرن حبيبي على خليلي ونجيي» [12]، وحديث: «إن العباس يحشر بين حبيب وخليل» [13]، ونحوها من الأحاديث التي لا تثبت ولا يصلح الاعتماد عليها في هذه القضية.
وقد تقدم تقرير أن الخلة أخص من مطلق المحبة، وأنها أعلى وأرفع مقاماتها، وأن الخليل أفضل من الحبيب، وأن الخلة ثابتة لنبيِّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم، كما هي ثابتة لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
المسألة الثالثة: اتخاذ الله تعالى إبراهيم ومحمدًا صلّى الله عليه وسلّم خليلين دون غيرهما:
على المسلم أن يعتقد: أن الخلة الإلهية لم يصل إليها أحد من العالمين على الكمال إلا: خليل الله إبراهيم أبا الأنبياء، وخاتم النبيين محمدًا صلى الله عليهما وسلم؛ فهو مقام خالص لهما خاص بهما، لا يناله أحد بكسب أو اجتهاد.
فإن الخليلين إبراهيم ومحمدًا ـ عليهما الصلاة والسلام ـ لم يصلا إلى مرتبة الخلة (التي هي أشرف وأرفع مقامات المحبة) إلا بكثرة طاعتهما لربهما، وإخلاص العبادة له سبحانه وتعالى، والقيام بجميع مقامات العبادة التي يحبها الله تعالى ويرضاها، والمسارعة إلى رضاه ومحبته عزّ وجل؛ فكان جزاؤهما أن الله اصطفاهما فصارا خليلين له عزّ وجل محبوبين له[14].
فهذا هو السر في اتخاذ الله لهما خليلين، لا من حاجة به سبحانه وتعالى إليهما أو إلى خلتهما ـ حاشا لله ـ؛ ولذا قال عزّ وجل بعد قوله: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً *}: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا *} [النساء] ؛ تنبيهًا على هذه النكتة[15]، وأنه سبحانه وتعالى الغني الذي له ما في السماوات وما في الأرض، الذي يحتاج إليه الناس ولا يحتاج إليهم. والله أعلم.
قال حافظ الحكمي:
وفضل اللَّه بعض المرسلين على
بعض بما شاء في الدنيا وما وعدوا
من ذاك أعطى لإبراهيم خلته
كذا لأحمد لم يشركهما أحد[16].


[1] أخرجه البخاري (كتاب التهجد، رقم 1178)، ومسلم (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، رقم 721).
[2] أخرجه مسلم (كتاب الإمارة، رقم 1837).
[3] انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (5/234، 15/151) [دار إحياء التراث العربي، ط2، 1392هـ]، وفتح الباري لابن حجر (3/57) [دار المعرفة ببيروت، 1379هـ]، وأحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين لسليمان بن محمد الدبيخي (477).
[4] فتح الباري لابن حجر (3/57)، وانظر: شرح مسلم للنووي (15/151).
[5] أخرجه البخاري (كتاب الرقاق، رقم 6565)، و(كتاب التوحيد، برقمي 7410، 7510)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 193).
[6] انظر: مجموع الفتاوى (7/567، 10/68، 204)، ومنهاج السُّنَّة (5/352، 7/375)، وروضة المحبين (49)، والداء والدواء (446)، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (1/164)، وفتح الباري لابن رجب (2/552).
[7] سبق تخريجه.
[8] مدارج السالكين (2/30)، وانظر: روضة المحبين (48)، وزاد المعاد (1/74) [مؤسسة الرسالة، ط27، 1415هـ]، وجلاء الأفهام (313) [دار عالم الفوائد، ط1، 1425هـ]، وبدائع الفوائد (3/1198) [دار عالم الفوائد، ط1، 1425هـ]، ومجموع الفتاوى (17/203)، ومنهاج السُّنَّة النبوية (3/202، 5/353)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (2/397)، وتفسير السعدي (706) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ].
[9] فتح الباري لابن رجب (2/553).
[10] انظر: بحر الفوائد للكلاباذي (276) [دار الكتب العلمية، 1420هـ]، وإكمال المعلم (7/385)، والشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/284، 287)، ومجموع الفتاوى (10/204)، والداء والدواء (446)، وروضة المحبين (49)، ومدارج السالكين (3/30)، وروح المعاني للآلوسي (3/143) [إدارة الطباعة المنيرية بمصر].
[11] أخرجه الترمذي (أبواب المناقب، رقم 3616) وقال: هذا حديث غريب، والدارمي (كتاب دلائل النبوة، رقم 48)، من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه قصة، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (رقم 4077) [المكتب الإسلامي ببيروت، ط3، 1408هـ].
[12] أخرجه البيهقي في شعب الإيمان (2/185) [دار الكتب العلمية، ط1، 1410هـ]، وأشار إلى ضعفه، وابن الجوزي في الموضوعات (2/20) [مكتبة أضواء السلف، ط1، 1418هـ]، وقال: لا يصح، وحكم بوضعه الألباني في السلسلة الضعيفة (رقم 1605). وانظر: فيض القدير للمناوي (1/109).
[13] أخرجه القاضي أبو يعلى في ستة مجالس من حديثه (69، رقم 38) [دار البشائر ودار الصديق، ط1]، وفي سنده: عبد الصمد بن موسى وعبد الصمد بن علي الهاشميان، وهما ضعيفان، ولهما مناكير. وقد ذكره ابن تيمية في مجموع الفتاوى (10/204)، وقال عنه وعن أمثاله في الباب: «أحاديث موضوعة، لا تصلح أن يعتمد عليها».
[14] انظر: تفسير الطبري (7/530) [دار هجر، ط1]، وتفسير ابن كثير (2/422، 423) [دار طيبة، ط2].
[15] انظر: تفسير الطبري (7/530)، وتفسير الرازي (11/228).
[16] الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة للحكمي (38) [مطابع البلاد السعودية بمكة، 1373هـ].


من أبرز الثمرات المترتبة على إثبات صفة الخلة لله تعالى، وأن الله سبحانه وتعالى يحب ويحب لذاته: إثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه، وأثبته له رسوله صلّى الله عليه وسلّم من الأسماء الحسنى والصفات العلى، دون تشبيه ولا تمثيل، ولا تكييف ولا تعطيل، وعدم تعدي ذلك بوصف الله تعالى بأوصاف المحبة ومعانيها التي لم ترد في الكتاب والسُّنَّة. ومن الثمرات أيضًا: حض المكلف وحثه وتحريضه على تتبع ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال ـ الظاهرة والباطنة ـ فيتحرى العمل بها، وما يكرهه منها فيتجنبه؛ رجاء الوصول إلى درجة المحبوبية بعد المحبة؛ فيكون حبيبًا لله بعد أن كان محبًّا له عزّ وجل.
ومن الثمرات أيضًا: أن في إثبات الخلة لإبراهيم ونبيّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم دليل على القول المشهور ـ وحكي إجماعًا ـ بأن: إبراهيم هو أفضل الرسل والخلق بعد نبيِّنا محمد صلّى الله عليه وسلّم.



يمكن تقسيم المخالفين في مسألة الخلة إلى قسمين:
1 ـ المخالفون في إثبات حقيقة الخلة.
2 ـ المخالفون في منزلة الخلة.
القسم الأول: المخالفون في إثبات حقيقة الخلة:
أنكرت الجهمية حقيقة المحبة بين الله وخلقه من الطرفين؛ فلا يكون الله عندهم محبًّا ولا محبوبًا! زعمًا منهم أن المحبة لا تكون إلا لمناسبة ومشاكلة بين المحب والمحبوب؛ كمحبة البشر للبشر مثلاً، وأنه لا مناسبة بين القديم والمحدث (الخالق والمخلوق) توجب المحبة! وأنكروا تبعًا لذلك الخلة، فهي محبة خاصة وأن يكون لله خليل من عباده! وفسروها من قبل العبد بالحاجة والفقر؛ فالخليل عندهم: الفقير المحتاج؛ فالخلة ـ على هذا ـ يشترك فيها جميع الخلائق حتى عابدو الأوثان والأصنام، في كل نفس وطرفة عين! ولا مزية للخليلين عليهما السلام على أحد من الخلق؛ فكل الخلق أخلاء لله عند الجهمية! ثم إن الخلة تكون من الجانبين: جانب الرب وجانب العبد، فالخليل محب لله سبحانه وتعالى، محبوب له، «ولا يتصور الحاجة من الجانبين»[1]!
وكان أول من ابتدع هذا في الإسلام: الجعد بن درهم في أوائل المائة الثانية ـ وعنه أخذه الجهم بن صفوان ـ، فكان يقول: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً ولم يكلم موسى تكليمًا؛ فضحى به أمير العراق والمشرق بواسط خالد بن عبد الله القسري، والجهم قتله سلم بن أحوز أمير خراسان!
وأصل هذا القول مأخوذ عن المشركين والصابئة، عبدة الكواكب والنجوم من البراهمة والمتفلسفة ومبتدعة أهل الكتاب، الذين يزعمون أن الربَّ ليس له صفة ثبوتية أصلاً! وهم ينكرون في الحقيقة أن يكون إبراهيم خليلاً وموسى كليمًا!
وأخذ هذا المذهب المبتدع عن الجهمية: المعتزلة، ثم الكلابية، والأشاعرة، والماتريدية، ومن وافقهم[2].
وتأول هؤلاء محبة الله للعبد ـ خوفًا من تمثيل وتشبيه الخالق بالمخلوقين ـ بأنها[3]: إرادة الإحسان له، ورضاه، وتيسير الخير له، وتوفيقه، ونحو ذلك من المعاني. ومحبة العبد للربِّ بأنها: انفعال النفس نحو تعظيمه وطاعته وامتثال أمره وإرادة عبادته، ونحو هذا، أو: محبة الثواب وما يخلقه الله لهم من النعيم، لا محبة ذاته سبحانه وتعالى! فأثبتوا لوازم المحبة ونفوا حقيقتها.
وتأولوا الخلة أيضًا بإرادة لوازمها[4]؛ كالرضا، وإيصال الخير والنفع له، واستجابة الدعوة، والذكر بالخير، والنصر، والمعونة، ونحو ذلك؛ زعمًا منهم بأن الخلة الحقيقية تستحيل على الله؛ فأريد بها ـ ولا بد ـ لوازمها لا حقيقتها!
وهم بذلك قد وقعوا في نظير ما فروا منه! فهذه اللوازم هي مما يتصف به المخلوق أيضًا، فإن كان إثباتها لله تعالى لا يقتضي تمثيلاً ولا تشبيهًا فكذلك المحبة والخلة، وإلا لزم المحظور ووقعوا في التناقض لا محالة!
فالواجب ـ وهو المذهب الحق، مذهب أهل السُّنَّة والجماعة وسلف الأمة ـ: إثبات المحبة والخلة حقيقة، وأن الله نفسه عزّ وجل يحب عباده المؤمنين محبة حقيقية، ويحب لذاته محبة حقيقية، وإثبات لوازم تلك المحبة من الجانبين ـ أيضًا ـ.
وقد سبقت الأدلة الكثيرة على إثبات المحبة والخلة لله تعالى، واتصافه بهما سبحانه وتعالى، على الوجه الذي يليق بجلاله وكماله، وأنه تعالى يحب ويحب لذاته جلّ جلاله، فلا ترد بالعقل والأقيسة والحجج الواهية الباطلة!
ثم إنه يلزم من نفي المحبة لوازم باطلة ينزه عنها الشرع؛ فآخر أمر هؤلاء النفاة المعطلة أو المؤولة: «أنه لا يبقى عندهم فرق ـ بالنسبة إلى الله ـ بين أوليائه وبين أعدائه، ولا بين الإيمان والكفر، ولا بين ما أمر به وما نهى عنه، ولا بين بيوته التي هي المساجد، وبين الحانات ومواضع الشرك! وغاية ما يثبتونه من الفرق: أن هذا علم على لذة تحصل للإنسان، وهذا علم على ألم يحصل للإنسان!»[5].
هذا مع أن ما استندوا إليه في نفي المحبة والخلة بقولهم: «المحبة لا تكون إلا لمناسبة بين المحب والمحبوب، ولا مناسبة بين القديم والمحدث» يجاب عنه: بأن لفظ (المناسبة) لفظ مجمل؛ فإن كان المراد بأن أحدهما أعظم من الآخر؛ فلا ينسب هذا إلى هذا؛ فهذا معنى صحيح، ولكن «المحبة ليست مستلزمة لهذه النسبة! وإن أريد: أنه ليس في القديم معنى يحبه لأجله المحدث؛ فهذا رأس المسألة. فلم قلت: إنه ليس بين المحدث والقديم ما يحب المحدث القديم لأجله؟! ولم قلت: إن القديم ليس متصّفًا بمحبة ما يحبه من مخلوقاته؟! والمحبة لا تستلزم نقصًا؛ بل هي صفة كمال؛ بل هي أصل الإرادة؛ فكل إرادة فلا بد أن تستلزم محبة؛ فإن الشيء إنما يراد لأنه محبوب أو لأنه وسيلة إلى المحبوب، ولو قدر عدم المحبة لامتنعت الإرادة؛ فإن المحبة لازمة للإرادة، فإذا انتفى اللازم انتفى الملزوم، وكذلك المحبة مستلزمة للإرادة؛ فمن أحب شيئًا فلا بد أن يتضمن حبه إياه إرادة لبعض متعلقاته، ولهذا كان خلقه تعالى لمخلوقاته لحكمة، والحكمة مرادة محبوبة، فهو خلق ما خلق لمراد محبوب كما تقدم، وهو سبحانه يحب عباده المؤمنين فيريد الإحسان إليهم، وهم يحبونه فيريدون عبادته وطاعته»[6].
القسم الثاني: المخالفون في منزلة الخلة:
وهؤلاء طوائف وأقسام كثيرة:
1 ـ ذهب بعض غلاة الصوفية إلى تقديم بعض أوليائهم في المنزلة على منزلة الخليلين ـ عليهما الصلاة والسلام ـ، اللذين اصطفاهما الله تعالى وخصهما بالخلة من دون العالمين؛ فكانا أفضل الخلق على الإطلاق! فذهب هؤلاء إلى تقسيم مقامات الأولياء إلى أربعة مقامات: فمنهم من يقوم مقام خلافة النبوة (وهم العلماء)، ومنهم من يقوم مقام خلافة الرسالة (وهم الأبدال)، ومنهم من يقوم مقام خلافة أولي العزم (وهم الأوتاد)، ومنهم من يقوم مقام خلافة أولي الاصطفاء (وهم الأقطاب)[7]! فمقام بعض الأولياء عند هؤلاء الغلاة يكون فوق مقام الخليلين ـ عليهما الصلاة والسلام ـ، فضلاً عن باقي أولي العزم من الرسل، فضلاً عن مقام النبوة والرسالة! فالله المستعان، وتعالى الله عما يقولون علوًّا كبيرًا.
2 ـ وقد تجرأ غلاة الشيعة أيضًا على نظير هذا؛ فنص بعض علمائهم على أن أئمتهم أفضل وأعلم من جميع الأنبياء والمرسلين، بما فيهم أولو العزم من الرسل[8]! وهذا كفر بالإجماع، لا يمتري فيه أحد[9].
ومن أعجب أعاجيبهم: أنهم أوردوا في كثير من تفاسيرهم المعتمدة، في تفسير قول الله تعالى: {وَإِنَّ مِنْ شِيْعَتِهِ لإَِبْرَاهِيمَ *} [الصافات] ، عن جعفر الصادق ـ كذبًا وافتراء ـ أنه قال: «أي: إن إبراهيم من شيعة علي»[10]! وهذا مبني على عقيدتهم السابقة في تفضيل الأئمة على الأنبياء، وفساده يغني عن إفساده!


[1] انظر: تفسير البغوي (2/292) [دار طيبة، ط4].
[2] انظر: مجموع الفتاوى (2/437، 6/69، 10/66، 13/177)، ومنهاج السُّنَّة (1/309، 5/392، 399)، والنبوات (101)، وجامع الرسائل لابن تيمية (2/237)، ومدارج السالكين (1/91، 2/292)، والصواعق المرسلة (3/1153) [دار العاصمة، ط3، 1418هـ]، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (2/395)، وشرح ابن عيسى على نونية ابن القيم (1/51) [المكتب الإسلامي ببيروت، ط3، 1406هـ]، وشرح النونية لهراس (1/25) [دار الكتب العلمية، ط3، 1424هـ].
[3] انظر ـ مثلاً ـ: الكشاف (2/255) [مكتبة العبيكان، ط1، 1418هـ]، وإكمال المعلم للقاضي عياض (7/385) [دار الوفاء بالمنصورة، ط1، 1419هـ]، والشفا له (1/285) [طبعة عيسى البابي الحلبي بمصر]، والمفهم لأبي العباس القرطبي (1/212، 6/543، 643)، وتفسير الرازي (4/174)، وتفسير البحر المحيط (1/644، 3/523) [دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ]، والتحرير والتنوير (2/90، 6/236).
[4] انظر ـ مثلاً ـ: الكشاف للزمخشري (2/153)، وتفسير الرازي (11/228)، وتفسيرالبحر المحيط (3/372)، وتفسير الخازن (1/603) [دار الفكر ببيروت، 1399هـ]، وفتح الباري لابن حجر (6/389)، ونظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي (5/414) [دار الكتاب الإسلامي بالقاهرة]، وفيض القدير للمناوي (1/109) [دار المعرفة ببيروت، ط2، 1391هـ]، والتحرير والتنوير (5/211).
[5] منهاج السُّنَّة النبوية (5/325).
[6] المرجع السابق (5/400)، بتصرف يسير.
[7] انظر: جامع الأصول في الأولياء للكمشخاوي (5) [المطبعة الوهيبية بطرابلس، 1398هـ]، والفتوحات الإلهية لابن عجيبة الحسيني (264) [عالم الفكر بالقاهرة، 1983م].
[8] انظر: بصائر الدرجات الكبرى للصفار (5/247) [طبعة إيران، 1285هـ]، الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي (151) [مكتبة بصيرتي بقم]، وعيون أخبار الرضا لابن بابويه القمي (1/262) [طبعة إيران، 1318هـ]، والحكومة الإسلامية للخميني (52) [نشر الحركة الإسلامية بإيران، ومطبعة الخليج بالكويت]. وانظر: أصول مذهب الشيعة للقفاري (2/613).
[9] راجع: الشفا للقاضي عياض (2/1078)، ورسالة في الرد على الرافضة لمحمد بن عبد الوهاب (29) [مطابع الصفا بمكة، 1402هـ].
[10] راجع: البرهان في تفسير القرآن للبحراني (4/20) [طبعة طهران، ط2]، وتفسير القمي (2/323) [بتصحيح وتعليق: طيب الموسوي الجزائري، ط2، 1387هـ]، وبحار الأنوار للمجلسي (68/12) [دار إحياء التراث، ط3]، بواسطة: أصول مذهب الشيعة للقفاري (1/34).


1 ـ «جامع الرسائل» (ج2)، لابن تيمية.
2 ـ «الداء والدواء»، لابن القيِّم.
3 ـ «روضة المحبين»، لابن القيِّم.
4 ـ «شرح العقيدة الطحاوية» (ج2)، لابن أبي العز.
5 ـ «صفات الله عزّ وجل الواردة في الكتاب والسُّنَّة»، لعلوي السقاف.
6 ـ «فتح الباري» (ج2)، لابن رجب.
7 ـ «مجموع الفتاوى» (ج10)، لابن تيمية.
8 ـ «مدارج السالكين» (ج3)، لابن القيِّم.
9 ـ «مفتاح دار السعادة» (ج2)، لابن تيمية.
10 ـ «منهاج السُّنَّة النبوية» (ج5)، لابن تيمية.