حرف الألف / الاستغاثة

           

الاستغاثة لغة: مصدر استغاث يستغيث، وأصله الغوث بمعنى: الإغاثة والنصرة عند الشدة، واستغثته: طلبت الغوث منه. ويقال: الغيث، وهو المطر[1].
والاستغاثة نوع من أنواع الطلب والدعاء؛ لأن الفعل الثلاثي إذا تقدمه السين والتاء دلَّ على الطلب، يقال: غَوثَ الرجل، واستغاث: إذا صاح واغَوْثاه! أي: طلب الغوث والنصرة، ويقول الواقع في البلية: أغثني؛ أي: فرج عني[2].


[1] انظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب (617).
[2] انظر: لسان العرب (2/174)، والقاموس المحيط (222)، ومقدمة الاستغاثة في الرد على البكري (1/57).


تنوعت عبارات العلماء في تعريف الاستغاثة، ومن ذلك يلي:
1 ـ قال ابن تيمية: «الاستغاثة: طلب الغوث، وهو لإزالة الشدة»[1].
2 ـ وقال الفوزان: «والاستغاثة: طلب الغوث، ولا تكون إلا في وقت الشدة»[2].


[1] الاستغاثة في الرد على البكري (1/367).
[2] إعانة المستفيد (1/267) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1412هـ].


يتفق المعنى الشرعي مع المعنى اللغوي في تعريف الاستغاثة، وأنها بمعنى: طلب الغوث والنصرة حال الشدة.



سيأتي حكم الاستغاثة حسب أقسامها في فقرة الأقسام .



حقيقة الاستغاثة تتضح في أنها دعاء بطلب رفع المكروه أو دفعه من مكروب حال الشدة.



قال تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ *} [الأنفال] ، وقال تعالى: {وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} [الأحقاف: 17] ، وقال تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ *} [النمل] .
ومن السُّنَّة المطهرة: حديث أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه في تحذير النبي صلّى الله عليه وسلّم من فتنة الدجال، وفيه: «وإن من فتنته أن معه جنة ونارًا، فناره جنة، وجنته نار، فمن ابتلي بناره، فليستغث بالله، وليقرأ فواتح الكهف فتكون عليه بردًا وسلامًا»[1] الحديث.
وعن جابر رضي الله عنه قال: أتت النبي صلّى الله عليه وسلّم بواك، فقال: «اللَّهُمَّ اسقنا غيثًا مغيثًا، مريئًا مريعًا، نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل»[2].


[1] أخرجه ابن ماجه (كتاب الفتن، رقم 4077)، وقال ابن كثير في تفسيره (2/461) [دار طيبة، ط2]: «غريب جدًّا من هذا الوجه»، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 7875) [المكتب الإسلامي].
[2] أخرجه أبو داود (كتاب الصلاة، رقم 1169)، وابن خزيمة (كتاب الصلاة، رقم 1416)، والحاكم (كتاب الاستسقاء، رقم 1222)، وصححه، وصححه النووي في الخلاصة (2/879) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والألباني في صحيح أبي داود (4/333) [مؤسسة غراس للنشر والتوزيع، ط1، 1423هـ].


قال ابن تيميّة رحمه الله: «ومن الشرك أن يدعو العبد غير الله؛ كمن يستغيث في المخاوف والأمراض والفاقات بالأموات والغائبين. فيقول: يا سيدي الشيخ فلان؛ لشيخ ميت أو غائب، فيستغيث به ويستوصيه ويطلب منه ما يطلب من الله من النصر والعافية؛ فإن هذا من الشرك الذي حرَّمه الله ورسوله باتفاق المسلمين»[1].
وقال ابن القيم رحمه الله: «ومن أنواعه ـ أي: الشرك ـ: طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم؛ فإن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، فضلاً عمن استغاث به وسأله قضاء حاجته، أو أن يشفع له إلى الله»[2].
وقال الشنقيطي رحمه الله: «فعلى كل مسلم أن يفهم أن العبد إذا دهمته الكروب، وجاءته البلايا والمحن والزلازل، أن التجاءه في ذلك الوقت يجب انصرافه إلى ما صرف إليه النبي صلّى الله عليه وسلّم التجاءه في ذلك الوقت، وهو الاستغاثة بخالق السماوات والأرض جلّ جلاله، والله قد بيَّن لنا معاشر المسلمين أن الإنسان إذا اضطر بأن دهمته الكروب، وأحدقت به النوائب والحوادث، أن الالتجاء في ذلك الوقت من خصائص خالق السماوات والأرض جلّ جلاله، فلا يجوز صرفه لغيره كائنًا من كان، وأوضح الله لنا هذا إيضاحًا شافيًا في آيات كثيرة من كتابه»[3].


[1] مجموع الفتاوى (11/663 ـ 664) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، 1416هـ].
[2] مدارج السالكين (1/375) [دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1403هـ].
[3] العذب النمير (4/531 ـ 532) [دار عالم الفوائد، ط2، 1426هـ].


للاستغاثة أنواع كثيرة، إلا أنها من حيث الحكم تجتمع في أنواع ثلاثة:
الأول: الاستغاثة المشروعة:
وهذه الاستغاثة هي التي جاءت النصوص بشرعيتها وجوازها، إما أمرًا واجبًا، وإما ندبًا، وإمّا أخبارًا على وجه الإقرار، وهذا النوع ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1 ـ الاستغاثة بالله تعالى، وهذا القسم هو أعظم أقسام الاستغاثة، وهو الذي أمر الله به، ومدح المؤمنين على فعله، كما في قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ *} [غافر] ، وقوله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ *} [الأنفال] .
قال السعدي رحمه الله ـ في تفسير الآية، وبيان امتنان الله عليهم بالتوفيق للاستغاثة به سبحانه ـ: «اذكروا نعمة الله عليكم، لما قارب التقاؤكم بعدوِّكم، استغثتم بربكم، وطلبتم منه أن يعينكم وينصركم {فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} وأغاثكم بعدة أمور؛ منها: أن الله أمدكم: {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ *}؛ أي: يردف بعضهم بعضًا... ومن نصره واستجابته لدعائكم: أن أنزل عليكم نعاسًا {يُغَشِّيكُمُ}؛ أي: فيذهب ما في قلوبكم من الخوف والوجل، ويكون {أَمَنَةً} لكم وعلامة على النصر والطمأنينة. ومن ذلك: أنه أنزل عليكم من السماء مطرًا ليطهركم به من الحدث والخبث، وليطهركم به من وساوس الشيطان ورجزه»[1].
فالله سبحانه وتعالى هو غياث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وفارج كربات المكروبين، فلا مغيث على الإطلاق إلا هو سبحانه وتعالى، وكل إغاثة من عباده فهي من عنده، وهو الموفق لها والمحمود عليها.
2 ـ الاستغاثة بصفات الله تعالى؛ كالرحمة ونحوها، وهي داخلة في الاستغاثة به سبحانه وتعالى، وقد دلَّ على مشروعية الاستغاثة بالصفة قوله صلّى الله عليه وسلّم: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث»[2].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «والاستغاثة برحمته استغاثة به في الحقيقة، كما أن الاستعاذة بصفاته استعاذة به في الحقيقة، وكما أن القسم بصفاته قسم به في الحقيقة»[3].
الثاني: الاستغاثة الممنوعة:
وهذا النوع من الاستغاثة هو ما جاء الشرع بالمنع منه وتحريمه، وهو أقسام متعددة؛ أهمها ما يلي:
1 ـ الاستغاثة بالصالحين من الأموات، سواء كانوا أنبياء، أو ممن يعتقد فيهم الولاية، وأن لهم بعض التصرف في الكون، من النفع والضر، ونحو ذلك؛ فيستغاث بهم في طلب غفران الذنوب، وشفاء المرضى، والنصر على الأعداء، ونحو ذلك مما لا يقدرون عليه في حياتهم فكيف بعد مماتهم؟! فهذا من الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله تعالى، وهو شرك أهل الجاهلية الذين أنكر الله سماعهم لهم، فكيف تُرجى إغاثتهم، قال الله تعالى: {قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ *أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ *} [الشعراء] .
قال ابن القيم رحمه الله: «ومن أنواعه ـ أي: الشرك ـ: طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم، وهذا أصل شرك العالم؛ فإن الميت قد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، فضلاً عمّن استغاث به وسأله قضاء حاجته، أو أن يشفع له إلى الله»[4].
2 ـ الاستغاثة بالأحياء سواء كانوا حاضرين أو غائبين فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى، فهذا أيضًا داخل في الشرك الأكبر؛ لكونه من خصائص الله تعالى، فإذا قصد به غيره صار ذلك شركًا به سبحانه وتعالى.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله: «كل ما قصد به غير الله مما لا يقدر عليه إلا الله؛ كدعوة الأموات والغائبين، فهو من الشرك الذي لا يغفره الله، والأدلة على ذلك من القرآن والسُّنَّة أكثر من أن تحصر»[5].
الثالث: الاستغاثة الجائزة:
وهذا النوع من الاستغاثة يشترط في جوازه ثلاثة شروط:
1 ـ أن يكون ذلك فيما يقدر عليه المخلوق، لا فيما هو من خصائص الله تعالى.
2 ـ أن يكون المستغاث به حيًّا؛ إذ لا يجوز أن يستغاث بالأموات، ولو كانوا من الأنبياء والصالحين.
3 ـ أن يكون المستغاث به حاضرًا قادرًا على الإغاثة، فلا يستغاث بالغائب والعاجز ونحوهما.
وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يستغيثون بالنبي صلّى الله عليه وسلّم في حياته فيما يقدر عليه فيغيثهم، وأما ما لا يقدر عليه فكانوا يطلبون منه الدعاء فيدعو لهم، ومن ذلك أيضًا استغاثة أهل الموقف به صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة.
قال ابن تيمية: «وما زال الناس يستغيثون به في حياته كما يستغيثون به يوم القيامة... والاستغاثة به في حياته فيما يقدر عليه لم ينازع فيه أحد»[6].


[1] تفسير السعدي (316) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1412هـ].
[2] أخرجه النسائي في الكبرى (كتاب عمل اليوم واللَّيلة، رقم 10330)، والحاكم في المستدرك (كتاب الدعاء، رقم 2000) وصححه، وحسَّنه الألباني في السلسلة الصَّحيحة (رقم 227).
[3] مجموع الفتاوى (1/111) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف].
[4] مدارج السالكين (1/375) [دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 1403هـ].
[5] قرة عيون الموحدين (91) [الرئاسة العامة للإفتاء، الرياض، ط3، 1404هـ].
[6] الاستغاثة في الرد على البكري (1/405)، وانظر: مجموع الفتاوى (1/101 ـ 105).


ـ شبهة المخالفين في إجازة الاستغاثة بالأموات والغائبين:
مما احتج به المخالفون القائلون بجواز الاستغاثة بالأموات والغائبين في الكربات: حديث ابن مسعود رضي الله عنه الذي روي مرفوعًا: «إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا فإن لله حاضرًا سيحبسه»[1]. وبحديث: «إذا ضل أحدكم شيئًا ـ أو أراد أحدكم عونًا ـ وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أعينوني، يا عباد الله أعينوني، يا عباد الله أعينوني، فإن لله عبادًا لا نراهم»[2].
فالجواب:
1 ـ الحديثان ضعيفان؛ الأول: في سنده معروف بن حسان وهو منكر الحديث، والحديث الثاني: في سنده عبد الرحمن بن شريك وهو واهي الحديث، وفي سنده انقطاع بين زيد بن علي وعتبة بن غزوان[3].
2 ـ وعلى تقدير صحة الحديثين فليس فيهما حجة لهؤلاء المبطلين على جواز دعاء الأموات والغائبين؛ لأنه قال فيه: «فإن لله حاضرًا سيحبسه» ، وفي الحديث الثاني: «فإن لله عبادًا لا نراهم» . والمعنى: أن لله عبادًا لا نعلمهم ـ وما يعلم جنود ربك إلا هو ـ قد وكّلهم سبحانه بهذا الأمر. وهذا يدل على أن هؤلاء الذين أمر بمناداتهم حاضرون أحياء، جعل الله لهم قدرة على ذلك، فمناديهم ينادي من يسمع ويقدر على ذلك، لقوله: «فإن لله حاضرًا سيحبسه» . وهذا كما ينادي الإنسان أصحابه الذين معه في السفر أن يردوا عليه دابته إذا انفلتت. وكل عاقل يتيقن أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يأمر بمناداة من لا يسمع ولا يعين من ناداه. ومن استدل بذلك على جواز الاستغاثة بالأموات والغائبين فهو ضال مبتدع[4].


[1] أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده (9/177) [دار المأمون، ط1]، والطبراني في الكبير (10/267) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، وابن السُّني في عمل اليوم والليلة (455) [دار القبلة]، وقال الهيثمي في المجمع (10/132): (فيه معروف بن حسان، وهو ضعيف)، وفيه انقطاع أيضًا، وقد ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (رقم 655).
[2] أخرجه الطبراني في الكبير (17/117) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، من حديث عتبة بن غزوان، وقال الهيثمي في المجمع (10/132): (رجاله وثقوا على ضعف في بعضهم، إلا أن زيد بن علي لم يدرك عتبة)، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (رقم 656).
[3] انظر: مجمع الزوائد (10/132)، وشرح الأذكار لابن علان (5/150 ـ 151) [دار إحياء التراث العربي]، ولسان الميزان (7/280) [مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط3]، وسلسلة الأحاديث الضعيفة رقم (656).
[4] انظر: تيسير العزيز الحميد (203 ـ 204) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1423هـ]، وتأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس (134 ـ 135) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1422هـ]، وصيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان (384) [المطبعة السلفية، ط3].


الفرق بين الاستغاثة والدعاء:
أن الاستغاثة لا تكون إلا من المكروب حال الشدة، وأما الدعاء فإنه أعم من ذلك؛ إذ إنه يكون من المكروب وغيره، فبينهما عموم وخصوص مطلق يجتمعان في دعاء المكروب، وينفرد الدعاء عنها في غير ذلك، فكل استغاثة دعاء، وليس كل دعاء استغاثة.
الفرق بين الإغاثة والاستغاثة:
أن المراد بالاستغاثة: هو طلب الغوث والإعانة من قبل المضطر أو المكروب، أما الإغاثة: فهي تقديم ذلك العون لمن هو في حاجة إليه.
الفرق بين الاستغاثة والاستعاذة:
1 ـ أن كلًّا منهما داخل في الدعاء والطلب، قال ابن تيمية: «الاستعاذة، والاستجارة، والاستغاثة كلها من نوع الدعاء أو الطلب، وهي ألفاظ متقاربة»[1].
2 ـ أن الاستغاثة تختص بطلب العون في حال الشدة والكربة، بخلاف الاستعاذة.
الفرق بين الاستغاثة والاستعانة:
1 ـ الاستغاثة سببها الكرب والشدة، وأما الاستعانة فهي فيما يتعلق بالعبد مع ربه مطلوبة على الدوام، وفي جميع الأحوال.
2 ـ الاستغاثة هي طلب العون حال الشدة، فهي أقرب إلى معنى الدعاء، وأما الاستعانة فهي الثقة بالله تعالى، والاعتماد عليه، فهي أقرب إلى معنى التوكل، وإن كان كلٌّ منهما داخلاً في مسمّى الدعاء والطلب.
3 ـ أن بين الاستغاثة والاستعانة عمومًا وخصوصًا من وجه؛ وذلك أن كل استغاثة داخلة في الاستعانة؛ إذ هي طلب العون والمساعدة، إلا أن الاستغاثة خاصة بوقت الشدة، بخلاف الاستعانة فقد تكون حال شدة وقد لا تكون.


[1] مجموع الفتاوى (15/227).


1 ـ فيها صرف الهمة كلها إلى الله المتصرف في الكون كله بكمال قدرته، واليقين بأن الخلق ينفذون قدره وأمره.
2 ـ الاستغاثة في الأمور التي لا يقدر عليها إلا الله من التوحيد؛ فهي دليل الإيمان به وحده.
3 ـ بالاستغاثة تقوى عزيمة الإنسان لمعرفته بأن من يستغيث به قادر على إغاثته.
4 ـ الاستغاثة سبب من أسباب النصر كما حدث للمسلمين يوم بدر.
5 ـ الاستغاثة تقوي الروح المعنوية للمستغيث، وتعلمه بأن الفرج قريب.
6 ـ الاستغاثة مجلبة للخير، وبها يعم الخير العباد والبلاد[1].


[1] انظر: نضرة النعيم (2/251) [دار الوسيلة، ط4].


جوَّز أهل الضلال من القبورية طلبَ الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم والتّوجّه إليهم[1]، وهذا أصل شرك العالم؛ فإنّ الميّت قد انقطع عمله وهو لا يملك لنفسه نفعًا ولا ضرًّا، فضلاً عمّن استغاث به أو سأله أن يشفع له إلى الله، قال تعالى: {قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنْفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأنعام: 71] ، وقال تعالى: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لاَ بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ *} [المؤمنون] ، لذا فإن من استغاث بالأموات ودعاهم من دون الله أو مع الله، سواء كان المستغاث به نبيًّا أم غير نبي، أو استغاث بالغائبين فقد وقع في الشرك الأكبر المخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله. والأنبياء صلوات الله عليهم إنما بُعثوا لدعوة الناس إلى إفراد الله تعالى وحده بالعبادة والدعاء، وأنه سبحانه وحده المستعان لا شريك له، وأنه وحده يُدعى، وأنه وحده يُنادى عند البليات، والكربات[2].


[1] انظر: شرح المقاصد للتفتازاني (3/338) [دار عالم الكتب]، ومقالات الكوثري (385) [مكتبة الأنوار، القاهرة]، وشواهد الحق للنبهاني (149 ـ 150).
[2] انظر: مدارج السالكين (1/353)، وتطهير الاعتقاد عن أدران الإلحاد (67 ـ 68) [مطبعة سفير، الرياض، ط1، 1424هـ]، وغاية الأماني في الرد على النبهاني للألوسي (1/344) [مكتبة الرشد، ط1، 1422هـ].


1 ـ «الاستغاثة في الرد على البكري»، لابن تيمية.
2 ـ «إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد»، لصالح الفوزان.
3 ـ «تفسير التحرير والتنوير»، لابن عاشور.
4 ـ «تفسير السعدي».
5 ـ «تيسير العزيز الحميد»، لسليمان بن عبد الله.
6 ـ «الجامع لأحكام القرآن»، للقرطبي.
7 ـ «قرة عيون الموحدين»، لعبد الرحمن بن حسن.
8 ـ «القول المفيد»، لابن عثيمين.
9 ـ «مجموع الفتاوى»، لابن تيمية.
10 ـ «مدارج السالكين»، لابن القيم.
11 ـ «نضرة النعيم في مكارم أخلاق الرسول الكريم»، لعدد من المختصين، بإشراف: د. صالح بن حميد.