السِّتِّير: (فِعِّيل) بمعنى (فاعل)، من: ستَر يَسْتُر سِتْرًا، وهو الغطاء. ومصدره: السِّتر والسَّتْر.
قال ابن فارس: «السين والتاء والراء كلمةٌ تدلُّ على الغِطاءِ، تقول: سترت الشيء سترًا. والسُّتْرَة: ما استترت به، كائنًا ما كان»[1].
وقال الجوهري: «والسَّتر بالفتح: مصدر سترت الشيء أستره، إذا غطيته، فاستتر هو، وتستر؛ أي: تغطى. وجارية مسترة؛ أي: مخدرة»[2].
[1] مقاييس اللغة (3/132) [دار الجيل].
[2] الصحاح (2/239) [دار العلم، ط4، 1990م].
ورد هذا الاسم في حديث يعلى بن أمية رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلاً يغتسل بالبَراز، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله عزّ وجل حيِيٌ ستِّير، يحب الحياء والسِّتر، فإذا اغتسل أحدكم فليستَتِر»[1].
وفي «سنن البيهقي» عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلين سألاه عن الاستئذان في الثَّلاث عوراتٍ التي أمر الله بها في القرآن، فقال لهم: «إن الله ستِّير يحبّ السَّتْرَ»[2].
[1] أخرجه أبو داود (كتاب الحمام، رقم 4012)، والنسائي (كتاب الغسل والتيمم، رقم 406)، وأحمد (29/484) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصحَّحه النووي في الخلاصة (1/204) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والألباني في إرواء الغليل (7/367) [المكتب الإسلامي، ط2].
[2] أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (كتاب النكاح، رقم 13559) [دار الكتب العلمية، ط1]، ورجاله ثقات.
قال ابن القيِّم:
«وهو الحَيِيُّ فليس يفضح عَبدَه
عند التَّجاهُر منه بالعصيان
لكنّه يُلقي عليه سِترَه
فهو السِّتِّير وصاحبُ الغُفرَان»[1]
وقال حافظ الحكمي: «وهو الستِّير المجيد، هو أهل الثناء كما مجد نفسه»[2].
وقال السعدي: «وهوالحيي الستير: يحب أهل الحياء، والستر، ومن ستر مسلمًا ستر الله عليه في الدنيا، والآخرة»[3].
[1] النونية لابن القيم (2/204) [مكتبة ابن تيمية، 1417هـ].
[2] تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي (193).
[3] معارج القبول للحكمي (1/51) [دار ابن القيم، الدمام، ط1، 1410هـ].
ـ تسمية الله بالستَّار.
السَّتَّار: بتاء مفتوحة ليس من أسماء الله تعالى، وإن اشتهر على ألسنة الناس؛ لأنه لم يرد تسمية الله به في الكتاب والسُّنَّة، ولا في أي رواية من الروايات الواردة في جمع أسماء الله الحسنى، وعليه فإن تسمية الله بالستار خطأ شائع[1].
ـ أما تسمية الله بالساتر، فلم يرد هذا الاسم في النصوص الشرعية كذلك، وإنما كثر استعمال الناس له بقولهم يا ساتر، والأولى أن يقال: يا ستِّير كما ثبت[2].
[1] تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي (157)، وصفات الله الواردة في الكتاب والسُّنَّة للسقاف (141) [دار الهجرة، ط1].
[2] انظر: بدائع الفوائد (212)، والنهج الأسمى لمحمد المحمود (626).
1 ـ يجب على العبد أن يجاهد نفسه على عدم اقتراف الذنوب والمعاصي، وإن غلبت عليه نفسه، وألمّ بشيء منها فعليه أن يستر نفسه، ويبادر إلى التوبة والاستغفار[1].
2 ـ وعليه أن يستر على عباد الله، ولا يهتك أستارهم، أو يتتبع عوراتهم. فقد ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته»[2].
3 ـ ويجب كذلك على كل مسلم أن يستتر بستر الله عزّ وجل، وأن يتجنب الذنوب ما ظهر منها وما بطن[3].
4 ـ وعلى المسلم أن يتضرع إلى الله الستير ويسأله أن يستر عوراته، ففي حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدع هؤلاء الدعوات حين يمسي وحين يصبح: «اللَّهُمَّ استر عوراتي، وآمن روعاتي»[4].
[1] انظر: النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للحمود (2/118).
[2] أخرجه أبو داود (كتاب الأدب، رقم 4880)، وأحمد (33/20) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وجوَّد إسناده العراقي في تخريج الإحياء (661) [دار ابن حزم، ط1]، وصحَّحه الألباني في صحيح الترغيب (2/292) [مكتبة المعارف، ط1].
[3] فقه الأسماء الحسنى للبدر (310) [ط1، 1429هـ].
[4] أخرجه أبو داود (كتاب الأدب، رقم 5074)، وابن ماجه (كتاب الدعاء، رقم 3871)، وأحمد (8/403) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب الرقاق، رقم 961)، والحاكم (كتاب الدعاء، رقم 1902) وصحَّحه، وصحَّحه الألباني في صحيح الترغيب (1/160) [مكتبة المعارف، ط5].
وقد خالف في هذا الاسم الجهمية والمعتزلة، فالجهمية لا يثبتون لله أي اسم لا ستير ولا غيره، فالله عندهم لا يسمى بشيء، وذلك لظنهم أن إثبات الأسماء يلزم منه التشبيه، والمعتزلة أثبتوا الأسماء مجردة عن الصفات، فالله عندهم ستير بلا ستر كما أنه عالم بلا علم، وقادر بلا قدرة وحي بلا حياة... إلخ[1]. وهذه الأقوال كلها مخالفة لما دلَّت عليه نصوص الكتاب والسُّنَّة من وجوب إثبات أسماء الله وصفاته كما أثبتها الله لنفسه في كتابه وأثبتها له رسوله صلّى الله عليه وسلّم من غير تحريف ولا تأويل ومن غير تشبيه ولا تعطيل.
[1] انظر: مقالات الإسلاميين للأشعري (1/235) [المكتبة التخصصية المصرية، ط3، 1389هـ]، ومجموع الفتاوى (6/34 ـ 35) [دار الوفاء، ط3، 1326هـ]، ومنهاج السُّنَّة النبوية (2/526) [مؤسسة قرطبة ط1].
1 ـ «أسماء الله الحسنى في الكتاب والسُّنَّة»، لمحمود عبد الرزاق.
2 ـ «الأسماء والصفات»، للبيهقي.
3 ـ «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى»، للقرطبي.
4 ـ «تفسير أسماء الله الحسنى»، للزجاج.
5 ـ «تفسير أسماء الله الحسنى»، للسعدي.
6 ـ «صفات الله الواردة في الكتاب والسُّنَّة»، للسقاف.
7 ـ «فقه الأسماء الحسنى»، لعبد الرزاق البدر.
8 ـ «النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى»، للحمود.