أرسل الله تعالى إلى خليله إبراهيم عليه السلام وهو ببيت المقدس ملائكةً يبشرونه بإسحاق[1]، بعد أن كبر إبراهيم وزوجه سارة في السن كبرًا شديدًا، كما قال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ *فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ *وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ *قَالَت ياوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ *قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ *} [هود] . وذكر الواقدي أن إسحاق ولد بين العماليق بالشام[2]. وقد ذكر بعض المؤرخين أنه عليه السلام ولد بعد إسماعيل عليه السلام بثلاث عشرة سنة، وقيل بأربع عشرة سنة، وقيل: بعشر سنين، وقيل: غير ذلك، ولأبيه مائة سنة، وذكروا أن عمْر أمه سارة حين بشرت به كان تسعين سنة[3].
[1] انظر: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي (7/102) [دار الكتب العلمية، بيروت].
[2] انظر: البدء والتاريخ لابن طاهر المقدسي (3/63) [مكتبة الثقافة الدينية، بورسعيد].
[3] انظر: البدء والتاريخ (3/63)، والبداية والنهاية لابن كثير (1/447) [دار هجر، ط1]، ونظم الدرر للبقاعي (6/332)، والأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل للعليمي (1/64) [مكتبة دنديس، عمان].
ذكر الله سبحانه وتعالى نبوته فقال: {سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ *كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ *وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ *} [الصافات] .
وقال الله تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ *إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ *وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ *} [ص] .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلّى الله عليه وسلّم: من أكرم الناس؟ قال: «أكرمهم أتقاهم» . قالوا: يا نبي الله: ليس عن هذا نسألك، قال: «فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله. قالوا: ليس عن هذا نسألك، قال: فعن معادن العرب تسألونني؟» قالوا: نعم، قال: «فخياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذا فقهوا»[1].
[1] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3374)، ومسلم (كتاب الفضائل، رقم 2378).
إن الله تعالى أخبر بها في كتابه فقال الله تعالى: {سَلاَمٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ *كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ *وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ *} [الصافات] .
وقال عزّ وجل: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلاًّ جَعَلْنَا نَبِيًّا *} [مريم] .
وقال: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا} [الأنعام: 84] .
أرسل الله إسحاق إلى الشام في حياة أبيه[1]، يدعوهم إلى الملة الحنيفية التي جاء بها الخليل عليهما السلام، وهي عبادة الله وحده لا شريك له ونبذ الشرك، كما يفهم هذا من قول الله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ *} [البقرة] ؛ حيث نصوا على أنهم سيستمرون على عبادة معبود آبائهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، وهو الإله الواحد، ويستسلمون له وحده بالطاعة والخضوع والمحبة والتذلل والانقياد[2].
[1] انظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن الجوزي (1/307) [دار الكتب العلمية، بيروت، ط1]، وانظر: مختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبد الوهاب (22) [وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالمملكة العربية السعودية، ط1، 1418هـ].
[2] انظر: تفسير ابن كثير (1/477) [دار طيبة للنشر والتوزيع، ط2].
ذكر أصحاب السير أن إسحاق عليه السلام توفي بفلسطين بعد أن عاش مائة وستين سنة، ودفن فيها بجوار قبر إبراهيم[1]. وقيل: عاش مائة وثمانين سنة[2].
وما ذكره أصحاب السير لا يفيد تحديد موقع قبر إبراهيم وعليه فلا يعرف قبر نبي إلا قبر محمد بن عبد الله صلّى الله عليه وسلّم.
[1] انظر: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (1/308).
[2] انظر: تاريخ بيت المقدس لابن الجوزي (76) [مكتبة الثقافة الدينية].
1 ـ «البدء والتاريخ» (ج3)، لابن طاهر المقدسي.
2 ـ «قصص الأنبياء المسمى بالعرائس»، للثعلبي.
3 ـ «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم» (ج1)، لابن الجوزي.
4 ـ «صحيح قصص الأنبياء» لابن كثير، لسليم الهلالي.
5 ـ «البداية والنهاية» (ج1)، لابن كثير.
6 ـ «نظم الدرر» (ج6)، للبقاعي.
7 ـ «الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل» (ج1)، لمجير الدين العليمي.
8 ـ «مختصر السيرة»، لمحمد بن عبد الوهاب.
9 ـ «قصص الأنبياء ومناقب القبائل من التوضيح لشرح الجامع الصحيح» لابن الملقن، دراسة وتحقيق: أحمد حاج محمد عثمان.
10 ـ «الأحاديث الصحيحة من أخبار وقصص الأنبياء»، لإبراهيم العلي.