ـ النية : مصدر للفعل (نوى ـ ينوي)، بمعنى قصَد الشيء وعزم عليه، ونوى القوم منزلاً؛ أي: قصدوه، ونوى الأمر ينويه: إذا قصد إليه. ويقال: نواك الله بالخير؛ أي: أوصله إليك. ويقال: نوى الشيء ينويه؛ أي: عزم عليه. وقيل: النوى التحوُّل من دار إلى دار.
قال ابن فارس: «هو الأصل في المعنى، ثم حملوا عليه الباب كله، فقالوا: نوى الأمر ينويه إذا قصده، والنية: الوجه الذي تنويه»[1]. وقيل: النية: هي الإرادة[2].
وعلى هذا؛ فالنية تدور على القصد والعزم والإرادة والجهة والتحول.
ـ القصْدُ مصدر للفعل (قَصَدَ)، قال ابن فارس: «القاف والصاد والدال أصول ثلاثة، يدل أحدها على إتيان شيء وأَمِّه، والآخر على اكتناز في الشيء»[3]. وقال الفيروزآبادي: «القَصْدُ: اسْتِقامَةُ الطريقِ، والاعْتِمادُ، والأَمُّ، قَصَدَه، وله، وإليه، يَقْصِدُه»[4].
[1] مقاييس اللغة (5/366) [دار الفكر، ط1399هـ].
[2] بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للكاساني (1/127) [دار الكتب العلمية، ط2، 1406هـ].
[3] مقاييس اللغة (5/95) [دار الفكر، ط1399هـ].
[4] القاموس المحيط (310) [مؤسسة الرسالة، ط8].
لا يمكن الجزم بحكم معين لشرك النية والقصد، وذلك لتعدد صور هذا النوع من الشرك، ودقتها، فمنها ما يحكم عليه بالشرك الأكبر، المخرج من الملة، ومنها ما يكون من قبيل الشرك الأصغر.
فإذا نوى بأعماله التعبدية الدنيا أو الرياء أو السمعة، إرادة كلية كأهل النفاق الخلص، ولم يقصد بها وجه الله والدار الآخرة، فهو مشرك الشرك الأكبر، قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *} [هود] ، وهذا النوع من الشرك دقيق الأمر بالغ الخطورة»[1].
[1] انظر: الواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم (1/6)، وانظر: أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة (1/78).
حقيقة شرك النية والقصد: هو أن يقصد بالعمل الصالح نيل شيء من حظوظ الدنيا الفانية؛ كمن يحج لأجل أخذ المال، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، أو يجاهد لأجل الغنيمة، ونحو ذلك.
أما إذا كانت إرادة العبد كلها للدنيا، ولم يكن له إرادة لوجه الله والدار الآخرة البتة، فهذا ليس له في الآخرة من نصيب، وهذا العمل على هذا الوصف لا يصدر من مؤمن، فإن الإيمان يستلزم إرادة العبد وجه الله والدار الآخرة بأعماله[1].
[1] انظر: عدة الصابرين (322 ـ 323)، والقول السديد في مقاصد التوحيد (127 ـ 128).
ورد التحذير من شرك النية والقصد في جملة من النصوص، فمن ذلك:
قوله تبارك وتعالى : {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *} [هود] .
قال القرطبي: «ذهب أكثر العلماء إلى أن هذه الآية مطلقة قيدها وفسرها التي في (سبحان): {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء: 18] »[1].
وقد حذر الله تعالى من الرياء باعتباره شركًا في النية والقصد، وجعله من أخص صفات المنافقين، فقال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ} [النساء: 142] ، وتوعد المرائين بالويل، فقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ *الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ *الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ *وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ *} [الماعون] ، وعن أبي هريرة مرفوعًا قال: قال الله تعالى: «أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه»[2].
والأدلة في التحذير من شرك النية والقصد كثيرة لا يمكن حصرها في مثل هذا الموطن.
[1] الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (11/85) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1427هـ].
[2] أخرجه مسلم (كتاب الزهد والرقائق، رقم 2985).
لما كان هذا النوع من الشرك من أخطر أنواع الشرك، لكونه يتعلق بالنية والقصد، وقد يدخل على الإنسان وهو لا يشعر به، فيحبط عمله، فقد حذر العلماء منه، وبيَّنوا خطره، وفي ذلك يقول قتادة رحمه الله: «من كانت الدنيا همه وطلبته ونيته؛ جازاه الله بحسناته في الدنيا، ثم يفضي إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها جزاء، وأما المؤمن؛ فيجازى بحسناته في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة»[1].
وقال الطبري في قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ *} [الشورى] : «يقول تعالى ذكره: من كان يريد بعمله الآخرة نزد له في حرثه؛ يقول: نزد له في عمله الحسن، فنجعل له بالواحدة عشرًا، إلى ما شاء ربنا من الزيادة، {وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا} يقول: ومن كان يريد بعمله الدنيا ولها يسعى لا للآخرة، نؤته منها ما قسمنا له منها {وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ *} [الشورى] ، يقول: وليس لمن طلب بعمله الدنيا ولم يرد الله به في ثواب الله لأهل الأعمال التي أرادوه في الدنيا حظ، وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل»[2].
وقال ابن القيِّم: «وأما الشرك في الإرادات والنيات فذلك البحر الذي لا ساحل له، وقلَّ من ينجو منه؛ فمن أراد بعمله غير وجه الله ونوى شيئًا غير التقرب إليه وطلب الجزاء منه فقد أشرك في نيته وإرادته، والإخلاص أن يخلص لله في أفعاله وأقواله وإرادته ونيته»[3].
[1] أخرجه ابن جرير في تفسير (15/264) [دار هجر، ط1، 1422هـ].
[2] تفسير الطبري (20/491).
[3] الجواب الكافي (94).
ينقسم الشرك في النية والقصد إلى قسمين:
1 ـ شرك أكبر: وذلك أن ينوي بأعماله الدنيا أو الرياء أو السمعة، إرادة كلية كأهل النفاق الخلص، ولم يقصد بها وجه الله والدار الآخرة، فهو مشرك الشرك الأكبر، قال الله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ *أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *} [هود] ، وهذا النوع من الشرك دقيق الأمر بالغ الخطورة.
2 ـ شرك أصغر: وذلك أن يقصد بالعمل الصالح نيل شيء من حظوظ الدنيا الفانية؛ كمن يحج لأجل أخذ المال، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، أو يجاهد لأجل الغنيمة، ونحو ذلك[1].
[1] انظر: الزواجر عن اقتراف الكبائر للهيتمي (1/71 ـ 73) [دار الفكر، ط1، 1407هـ]، والجواب الكافي (94)، والواجبات المتحتمات المعرفة على كل مسلم (1/6)، وأصول الإيمان في ضوء الكتاب والسُّنَّة (1/78).
المسألة الأولى: حالات من يريد الدنيا بعمله:
1 ـ أن يقصد بالعمل الصالح نيل شيء من حظوظ الدنيا الفانية؛ كمن يحج لأجل أخذ المال، أو يهاجر لدنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها، أو يجاهد لأجل الغنيمة، ونحو ذلك.
وهذا النوع قد ذكره بعض السلف في تفسير قوله تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ *} [هود] .
2 ـ أن يقصد بعمله الصالح، من صدقة وصلاة وصلة رحم، وجه الله تعالى، إلا أنه لا يريد ثوابه في الآخرة، وإنما نيته وقصده أن يثاب عليه في الدنيا، بحفظ ماله وتنميته، أو حفظ أهله وعياله، أو إدامة النعمة عليهم، ولا همة له في طلب الجنة والهرب من النار؛ فهذا يعطى ثواب عمله في الدنيا، وليس له في الآخرة نصيب، وهذا النوع ذكره ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية المتقدمة[1].
2 ـ أن يعمل أعمالاً صالحة ونيته رياء الناس لا طلبًا للثواب في الآخرة، وهذا القسم هو أخطر الأقسام، ويدخل في ذلك المنافق، حيث نيته وقصده رياء الناس، ولا قصد له في ثواب الآخرة، كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ} [النساء: 142] .
وللرياء صور متنوعة في دخوله على العبادة وكل صورة لها حكم معين، ليس هذا موضع الكلام عنها.
قال ابن رجب رحمه الله: «اعلم أن العمل لغير الله أقسام: فتارة يكون رياء محضًا؛ كحال المنافقين؛ كما قال تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ} [النساء: 142] ، وهذا الرياء المحض لا يكاد يصدر من مؤمن في فرض الصلاة والصيام، وقد يصدر في الصدقة أو الحج الواجب أو غيرهما من الأعمال الظاهرة أو التي يتعدى نفعها؛ فإن الإخلاص فيها عزيز، وهذا العمل لا يشك مسلم أنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله والعقوبة، وتارة يكون العمل لله ويشاركه الرياء؛ فإن شاركه من أصله؛ فالنصوص الصحيحة تدل على بطلانه، وأما إن كان العمل لله، وطرأ عليه نية الرياء؛ فإن كان خاطرًا ثم دفعه؛ فلا يضره بغير خلاف، وإن استرسل معه؛ فهل يحبط عمله أو لا فيجازى على أصل نيته؟ في ذلك اختلاف بين العلماء من السلف، قد حكاه الإمام أحمد وابن جرير، ورجّحا أن عمله لا يبطل بذلك، وأنه يجازى بنيته الأولى، وهو مروي عن الحسن وغيره»[2].
المسألة الثانية: أداء العمل الصالح محبة له وتلذذًا:
إذا فعل العبد الأمور الحسنة ـ كالإحسان إلى ذوي الحاجات، والعفو عن أهل الجنايات، والوفاء بالعهد، والصدقة، وأداء الأمانة، ونحو ذلك من مكارم الأخلاق التي تكون في بني آدم ـ محبةً لها، لا لله، ولا لغيره من الشركاء؛ بل لأجل هذه المحبة، لم يكن مذمومًا، ولا معاقبًا. ولا يقال إن هذا عمله لغير الله، فيكون بمنزلة المرائي والمشرك، فذاك هو الشرك المذموم، وأما من فعلها لمجرد المحبة الفطرية، فليس بمشرك، ولا هو أيضًا متقربًا بها إلى الله حتى يستحق عليها ثواب من عمل لله وعبده؛ بل قد يثيبه عليها بأنواع من الثواب، إما بزيادة فيها، وفي أمثالها، فيتنعم بذلك في الدنيا. ولهذا كان الكافر يجزى على حسناته في الدنيا، وإن لم يتقرب بها إلى الله تعالى.
وهذا معنى قول بعض السلف: طلبنا العلم لغير الله، فأبى أن يكون إلا لله. وقول الآخر لما قيل له: إنهم يطلبون الحديث بغير نية؟ فقال: طلبهم له نية؛ يعني: نفس طلبهم حسن ينفعهم[3].
المسألة الثالثة: الارتزاق على أعمال البر:
اختلف أهل العلم في حكم الارتزاق بأعمال البر:
1 ـ فذهب بعضهم إلى أنه لا تصح الإجارة لأجل الطاعات، والأصل أن كل طاعة يختص بها المسلم، ولا تقع إلا قربة لفاعلها، لا يجوز الاستئجار عليها[4]. وقالوا: والعبادة إنما تكون عبادة إذا ما قصد بها وجه الله، فأما ما يقع مستحقًّا بعقد إجارة أو جعالة، فلا يكون قربة[5].
2 ـ وخالف آخرون فقالوا: إن من عمل لله وحده، وأخلص في عمله إخلاصًا تامًّا، ولكنه يأخذ على عمله جعلاً ومعلومًا يستعين به على العمل والدين؛ كالجعالات التي تجعل على أعمال الخير، وكالمجاهد الذي يترتب على جهاده غنيمة أو رزق، وكالأوقاف التي تجعل على المساجد والوظائف الدينية، فهذا لا يضره أخذه في إيمان العبد وتوحيده؛ لكونه لم يرد بعمله الدنيا، وإنما أراد الدين، وقصد أن يكون ما حصل له معينًا على قيام الدين، ولهذا جعل الله في الأموال الشرعية؛ كالزكوات وأموال الفيء وغيرها جزءًا كبيرًا لمن يقوم بالوظائف الدينية والدنيوية النافعة[6].
ولعلَّ الأظهر أن الارتزاق على أعمال البر لا يستحب، وإن قيل بجوازه؛ لأن العمل المعمول للدنيا ليس بعمل صالح في نفسه، إذا لم يقصد به إلا المال، فيكون من نوع المباحات، ومن أراد الدنيا بعمل الآخرة، فليس له في الآخرة من خلاق.
مع التنبيه إلى أن الآخذ يجب أن ينظر في نيته وقصده، لكي يخرج من دائرة إرادة الدنيا، وعليه أن يستحضر أن يكون المقصود الأول، والباعث المحرك هو ما عند الله تعالى، وأن ما يأتي من الدنيا فهو تبع وضمن، لا أصل وقصد[7].
[1] أخرجه الطبري في تفسيره (15/263) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[2] جامع العلوم والحكم (1/38 ـ 39)، وانظر: نواقض الإيمان الاعتقادية (2/201).
[3] انظر: جامع المسائل لابن تيمية (5/191 ـ 298) [دار عالم الفوائد، ط1، 1420هـ]، المستدرك على مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية (3/104) [جمعه ورتبه: محمد بن قاسم، ط1، 1418هـ].
[4] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (31/52)، والشرح الكبير (14/378)، وحاشية ابن عابدين (9/93، 96).
[5] انظر: مجموع الفتاوى (26/16 ـ 17)، والفروع لابن مفلح (4/435).
[6] انظر: القول السديد في مقاصد التوحيد (128)، وانظر: مجموع الفتاوى (26/14)، والمغني (13/165)، وأخذ الأجرة على أعمال الطاعات والمعاصي (85 ـ 86).
[7] انظر: مجلة الدراسات العقدية [العدد 6، السنة الثالثة، 1432هـ، ص81 ـ 87].
1 ـ إحباط العمل:
أخبر الله تعالى أن من وقع في شرك النية والقصد، بحيث كان قصده ونيته بالعمل الصالح غير الله تعالى، أو أراد أن يثاب على ذلك في الدنيا، فإن عمله يحبط ويبطل ولا يجازى عليه في الآخرة، كما قال تعالى: {وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *} [هود] .
2 ـ تعجيل الثواب في الدنيا:
فمن أراد بعمله الدنيا دون الآخرة، فإن الله تعالى يعجل له ثوابه في الدنيا كما قال تعالي: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ *} [هود] وأما في الآخرة فليس له ثواب؛ لأنه لم يرد بذلك الآخرة إنما أراد به الدنيا وقد وفِّي إليه ما أراد.
3 ـ الوعيد بالنار في الآخرة:
حيث توعد الله من وقع منه ذلك النوع من الشرك، بالوعيد بالنار في الآخرة، كما قال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ *} [هود] ، وهذا بلا شك ظاهر في حق من بلغ به ذلك القصد الشرك الأكبر؛ كالمنافقين ونحوهم، وأما من لم يصل إلى ذلك فهو تحت مشيئة الله تعالى.
لما كان الإخلاص هو حقيقة الدين، ومفتاح دعوة المرسلين عليهم السلام، كما قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البيِّنة] ، وكان شرك النية والقصد على الضدِّ من ذلك؛ إذ إن صاحبه لا يريد به وجه الله تعالى، أو لا يريد به الثواب في الآخرة، جاءت النصوص بالزجر عنه وتحريمه، وبيان خطورته ليحذر المسلم منه أشدَّ الحذر[1].
[1] الإخلاص والشرك الأصغر (5 ـ 9).
1 ـ «إعانة المستفيد شرح كتاب التوحيد»، للفوزان.
2 ـ «تيسير العزيز الحميد»، لسليمان بن عبد الله.
3 ـ «جامع العلوم والحكم»، لابن رجب.
4 ـ «الجامع لأحكام القرآن»، للقرطبي.
5 ـ «الجواب الكافي»، لابن القيِّم.
6 ـ «الشرك في القديم والحديث»، لأبي بكر زكريا.
7 ـ «فتح المجيد»، لعبد الرحمن بن حسن.
8 ـ «القول المفيد شرح كتاب التوحيد»، لابن عثيمين.
9 ـ مجلة «الدراسات العقدية» (العددان: 2، و6).
10 ـ «مجموع الفتاوى»، لابن تيمية.