حرف الصاد / الصِّدِّيقون

           

الصِّدِّيق: وصف (صيغة) مبالغة من الفعل الثلاثي (صدقَ)؛ بمعنى: المبالغة في الوصف بالصِّدق. ويجوز أن يكون مشتقًّا من الفعل الثلاثي المضعَّف (صدَّق)؛ بمعنى: الوصف بالمبالغة في التصديق[1]. فالصِّدِّيق هو: الملازم للصِّدق. والصِّدق: خلاف الكذب، يقال: صدَقَ في الحديث، وصَدَقَه الحديث[2].


[1] انظر: تفسير البحر المحيط (3/545) [دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ]، والدُّرّ المصون (4/378) [دار القلم، دمشق]، والتحرير والتنوير (6/286، 12/284، 16/112).
[2] انظر: الصحاح (4/1505) [دار العلم للملايين، ط4، 1990م]، ومقاييس اللغة (2/339) [دار الفكر ببيروت، ط2، 1418هـ].


الصِّدِّيق: «هو الذي لم يدع شيئًا مما أظهره باللِّسان إلا حققه بقلبه وعمله»[1].
وقيل: هو «من صدَّق قوله اعتقاده، وحقق صدقه فعله»[2].
وقيل: «هو الذي صدق في قوله وفعله المبالغ في الصدق؛ أي: الكثير الصدق، كما تفيده المبالغ»[3]. وقيل غير ذلك[4].


[1] التعريفات للجرجاني (174) [دار الكتاب العربي ببيروت، ط1، 1405هـ]، والتوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (451) [دار الفكر، ط1، 1410هـ]، ودستور العلماء لنكري (2/173) [دار الكتب العلمية، ط1].
[2] التوقيف على مهمات التعاريف للمناوي (451).
[3] الكواشف الجلية عن معاني الواسطية (542).
[4] انظر: مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني (479) [دار العِلْم والدَّار الشَّاميَّة بدمشق، 1412هـ]، والتحرير والتنوير (12/284). وانظر: طريق الهجرتين لابن القيم (516) [دار ابن القيم بالدمام، ط2، 1414هـ].


لما كان الصدِّيق لغة هو: من يبالغ في الصدق ويلازمه؛ ظهر ذلك على جوارحه فصار لا يدع شيئًا مما أظهره باللسان إلا حققه بقلبه وعمله، فاتصافه بالصِّدق مع الله ومع نفسه ومع الناس.



سمي الصدِّيق بهذا الاسم ـ وهو أبلغ من الصَّدوق والصَّادق ـ؛ مبالغة في اتصافه بالصِّدق ـ مع الله ومع الناس ـ أو التصديق؛ وذلك «لفرط صدقه في امتثال ما يكلِّفه الله تعالى به، لا يصده عن ذلك شيء؛ فالصِّدق هو بلوغ نهاية الصِّفة في الموصوف بها»[1]، أو: «لأنَّه صدق وعد ربِّه في الكفِّ عن المحرمات مع توفر أسبابها»[2].


[1] التحرير والتنوير (16/112)، بتصرُّف.
[2] المصدر السابق (6/286). وانظر: بدائع الفوائد لابن القيِّم (1/127) [دار عالم الفوائد، ط1، 1425هـ]، ومدارج السالكين له (1/443).


يجب الإيمان بثبوت درجة الصدِّيقية، وأنها تأتي بالمرتبة بعد درجة النبوَّة، وأن الصدِّيقين هم أفضل الخلق وأكملهم إيمانًا بعد الأنبياء والرُّسل عليهم السلام، ولذا كان نعت الصدِّيقية وصفًا لأفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين ـ أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنه ـ، ولو كان بعد النُّبوَّة درجة أفضل منها لكانت نعتًا له؛ فدلَّ ذلك على فضل الصدِّيقية وتقدمها على غيرها من المراتب.
وقد يوصف النبيُّ بالصدِّيق؛ كما أطلق على إبراهيم، وإدريس، ويوسف عليهم السلام؛ مبالغة في اتصافهم بالصِّدق في امتثال أمر الله تعالى.



عرفت مرتبة الصِّديقيَّة بأنها: «كمال الانقياد للرسول مع كمال الإخلاص للمرسل»[1]، وقيل: «كمال الإخلاص والانقياد والمتابعة للخبر والأمر، ظاهرًا وباطنًا»[2]، وقيل: «كمال الإيمان بما جاء به الرَّسول علمًا وتصديقًا وقيامًا به، فالصدِّيقية شجرة، أصولها: العلم، وفروعها: التَّصديق، وثمرتها: العمل»[3]، وقيل غير ذلك[4].


[1] مدارج السالكين لابن القيم (2/270) [دار الكتاب العربي، ط2، 1393هـ].
[2] المرجع السابق (2/273).
[3] مفتاح دار السعادة (1/299) [دار ابن عفان، ط1، 1416هـ].
[4] انظر: طريق الهجرتين (516)، ومدارج السالكين لابن القيم (3/421).


الصديقيَّة هي أعلى درجات المكلَّفين السُّعداء المنعم عليهم بعد مرتبة النُّبوّة والرِّسالة، وأرفع درجات الكمال والإيمان بعدها، وأفضل مواهب العبد وأعظم كراماته التي يكرم بها؛ فالصدِّيقون هم أفضل الخلق وأكملهم إيمانًا بعد الأنبياء والرُّسُل عليهم الصَّلاة والسلام؛ فبها سبق الصدِّيق أبو بكر رضي الله عنه غيره.
فأعلى الدّرجات: الأنبياء، ثم الصّدّيقون، ثم الشُّهداء، ثم الصالحون.



أمَّا الدليل على أنَّ الصّديقيّة أفضل المراتب بعد النُّبوَّة والرِّسالة؛ فمن الأدلة قول الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا *} [النساء] ، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد: 19] .
وثبت من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم صعد أُحدًا وأبو بكر وعمر وعثمان؛ فرجف بهم؛ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «اثبت أُحد؛ فإنَّما عليك: نبيّ، وصدِّيق، وشهيدان»[1].


[1] أخرجه البخاري (كتاب فضائل أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، رقم 3675).


قال ابن القيِّم: «الصدِّيقون هم أئمّة أتباع الرّسل، ودرجتهم أعلى الدرجات بعد النُّبوة. وإن جرى قلم العالِم بالصدّيقيّة وسال مداده بها؛ كان أفضل من دم الشهيد الذي لم يلحقه في رتبة الصدِّيقيَّة! وإن سال دم الشَّهيد بالصدِّيقيَّة وقطر عليها؛ كان أفضل من مداد العالِم الذي قصّر عنها؛ فأفضلهما: صدِّيقهما، فإن استويا في الصدّيقيّة استويا في المرتبة. والله أعلم»[1].
وقال ابن باز: «الصديقون هم الذين كمل تصديقهم لله ولرسله، واستقاموا على أمره، وصاروا خير الناس بعد الأنبياء، وعلى رأسهم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو رأس الصديقين، وأكملهم صديقية، بفضله وتقواه، وسبقه إلى الخيرات، وقيامه بأمر الله خير قيام، وكونه قرين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصاحبه في الغار، ومساعده بكل ما استطاع من قوة رضي الله عنه وأرضاه»[2].
وقال ابن عثيمين: «فمن حقق الإيمان ـ ولا يتم تحقيق الإيمان إلا بالصدق والتصديق ـ فهو صدِّيق:
الصدق في العقيدة: بالإخلاص، وهذا أصعب ما يكون على المرء، حتى قال بعض السلف: ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص، فلا بد من الصدق في المقصد ـ وهو العقيدة ـ والإخلاص لله عزّ وجل.
الصدق في المقال: لا يقول إلا ما طابق الواقع، سواء على نفسه أو على غيره، فهو قائم بالقسط على نفسه وعلى غيره.
الصدق في الفعال: وهي أن تكون أفعاله مطابقة لما جاء به النبي صلّى الله عليه وسلّم، ومن صدق الفعال أن تكون نابعة عن إخلاص، فإن لم تكن نابعة عن إخلاص، لم تكن صادقة؛ لأن فعله يخالف قوله.
فالصِّدّيق إذًا من صدق في معتقده وإخلاصه وإرادته، وفي مقاله وفي فعاله»[3].


[1] مفتاح دار السعادة لابن القيم (1/298).
[2] بيان التوحيد الذي بعث الله به الرسل جميعًا (19) [إدارة البحوث العلمية والإفتاء، ط1، 1417هـ].
[3] شرح العقيدة الواسطية (1/155) [دار ابن الجوزي، ط6، 1421هـ].


المسألة الأولى: المحدَّث دون الصّدِّيق:
تقدّم تقرير فضل مرتبة الصّدّيقيّة على سائر مراتب المكلّفين السعداء بعد منزلة النّبوّة والرّسالة؛ فمرتبة التَّحديث دونها في الفضل؛ فالصدِّيق ـ الذي يأخذ من مشكاة النّبوَة ـ أكمل وأفضل وأتم مقاماً من المحدَّث؛ لأنَّه استغنى بكمال صدّيقيّته ومتابعته عن التَّحديث والإلهام والكشف، بخلاف المحدَّث؛ فيجب عليه عرض ما يُحدَّث به على الكتاب والسُّنَّة؛ لأنَّه يقع فيه الخطأ الذي يحتاج إلى تقويمه بنور النُّبوة، فإن وافقه قبله، وإلا ردَّه ولم يلتفت إليه.
المسألة الثانية: وصف النبي بالصدِّيق:
وقد يوصَف النبيّ بالصّدّيق؛ كما أطلق على إبراهيم، وإدريس، ويوسف عليهم السلام؛ مبالغةً في اتصافهم بالصِّدق في امتثال أمر الله تعالى.
المسألة الثالثة: درجات الصديقين:
لمَّا كانت هذه الأمّة المحمّديّة ـ أُمّة النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ هي أفضل الأمم على الإطلاق؛ كان صدِّيقوها ـ رجالها ونساؤها ـ أفضل من صدِّيقي غيرها؛ فالمصدِّق بمحمد صلّى الله عليه وسلّم أفضل من المصدّق بموسى وعيسى عليه السلام وغيرهما؛ فأبو بكر الصّدّيق أفضل الصّدّيقين ورأسهم ـ وأفضل الخلق بعد الأنبياء والمرسلين ـ، وخديجة وعائشة الصّدّيقتان وغيرهما أفضل من غيرهما من نساء الأمم السّابقة الصّدّيقات ـ إلا مريم؛ ففيها خلاف ـ رضي الله عنهم.
والصّدّيقون يتفاوتون فيما بينهم في درجات الصّديقيّة نفسها ومراتبها وأحوالها؛ فالصّديقيّة ـ كالولاية والتَّقوى والبرِّ ونحو ذلك ـ مرتبة تقبل التجزيء والانقسام، والكمال والنقصان، بحسب التفاوت في أصل الإيمان، زيادةً ونقصانًا كما أجمع عليه المسلمون؛ فبحسب كمال التقوى والصِّدق في الأحوال ـ باستواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص، واستفراغ الوُسع وبذل الطاقة في العلم والمتابعة والانقياد ـ، وقيامها بالمؤمن؛ تكون صدِّيقيَّته؛ ولذا كان لأبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه ـ كامل الصّديقيّة ـ ذروة سنام الصّدّيقيّة؛ بحيث صار هذا اللَّقب علمًا عليه وحده.
المسألة الرابعة: وقوع الذنب من الصدِّيق:
إذا علمنا ما سبق؛ فلا يشكل وقوع الذنب وظلم النَّفس من الصّدّيق أو الوليّ؛ فالصّدّيقون تجوز عليهم جميع الذّنوب باتفاق الأئمَّة[1]؛ فاصطفاء الله تعالى للعبد وتقريبه له لا ينافي ظلم العبد لنفسه ـ أحيانًا ـ بالذنوب والمعاصي، وهذا الظلم للنفس ـ وهو درجات متفاوتة في القدر والوصف ـ لا ينافي الصّديقيّة أو الولاية، ولا يخرج العبد عن كونه من المتَّقين؛ بل يجتمع فيه الأمران: يكون وليًّا لله صديقًا متقيًا، وهو مسيء ظالم لنفسه، يستغفر ربَّه ويتوب إليه، ولا يصرّ على الذنب.
ونكتة المسألة: أنَّ الصدّيق ـ بل والنبي صلّى الله عليه وسلّم ـ إنما كملت مرتبته وانتهت درجته وتمَّ علوّ منزلته في نهايته لا في بدايته! وإنَّما نال ذلك بفعل ما أمر الله تعالى به من الأعمال الصالحة وأفضلها التوبة، وما وجد قبل التوبة فإنَّه لم ينقص صاحبه، ولا يتصور أنَّ بشرًا يستغني عن التوبة[2].
وأمَّا الدليل على وقوع الذنب من الصدِّيق وظلمه لنفسه بالذّنوب والمعاصي، وأنَّ هذا لا ينافي صدّيقيّته وولايته زيادة على الإجماع؛ فقول الله تعالى: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ *لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ *لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ *} [الزُّمَر] ؛ فهؤلاء الصّدّيقون المتقون أخبر ربّنا سبحانه وتعالى أنَّ لهم أعمالاً سيّئة يكفّرها. وقال صدِّيق الأمّة الأكبر أبو بكر رضي الله عنه للنبيِّ صلّى الله عليه وسلّم: علِّمني دعاء أدعو به في صلاتي، فقال: «قل: اللَّهُمَّ إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا، ولا يغفر الذّنوب إلا أنت؛ فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني؛ إنَّك أنت الغفور الرحيم» [3]، والأدلّة الدّالة على وقوع الذّنب من المؤمنين والمتَّقين، واستغفار الأنبياء والمرسلين ودعائهم مغفرة ذنوبهم أكثر من أن تذكر في هذا المقام.
المسألة الخامسة: أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه:
ثبتت صدِّيقية أبي بكر رضي الله عنه بالنصوص الصحيحة الواردة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلّم صعد أُحدًا وأبو بكر وعمر وعثمان؛ فرجف بهم؛ فقال صلّى الله عليه وسلّم: «اثبت أُحد؛ فإنَّما عليك: نبيّ، وصدِّيق، وشهيدان» [4]؛ وعن عائشة، زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم قالت: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن هذه الآية: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ *} [المؤمنون] قالت عائشة: أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: «لا يا بنت الصدِّيق، ولكنهم الذين يصومون ويُصلّون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا تقبل منهم {أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ *} [المؤمنون] »[5]. وهذه الدرجة خاصة به رضي الله عنه، فإن النبي صلّى الله عليه وسلّم سماه بها دون غيره من هذه الأمة، وكان سبب تسميته بالصدِّيق: أنه بادر إلى تصديق الرسول صلّى الله عليه وسلّم حين كذبه الناس، ولازمه الصدق فلم تقع منه هناة أبدًا. فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «لما أسري بالنبي صلّى الله عليه وسلّم إلى المسجد الأقصى أصبح يتحدث الناس بذلك، فارتد ناس ممن كان آمنوا به وصدقوه، وسعَوا بذلك إلى أبي بكر رضي الله عنه، فقالوا: هل لك إلى صاحبك يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس، قال: أَوَقال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أَوَتصدقه أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء في غدوة أو روحة، فلذلك سمي أبو بكر الصديق»[6].


[1] انظر: مختصر الفتاوى المصرية للبعلي (100، 106) [مطبعة المدني بمصر، 1400هـ].
[2] انظر: مجموع الفتاوى (11/364)، ومنهاج السُّنَّة النبوية لابن تيميَّة (7/227) [جامعة الإمام، ط1، 1406هـ]، ومختصر الفتاوى المصرية للبعلي (100، 105، 196، 566)، وطريق الهجرتين (308، 516)، ومفتاح دار السعادة (1/293، 298)، وبدائع الفوائد (1/127)، والبداية والنهاية (2/71) [دار إحياء التراث العربي، ط1].
[3] أخرجه البخاري (كتاب الأذان، رقم 834)، ومسلم (كتاب الذِّكْر والدُّعاء والتَّوبة والاستغفار، رقم 2705).
[4] تقدم تخريجه قريبًا.
[5] أخرجه الترمذي (أبواب تفسير القرآن، رقم 3175)، وابن ماجه (كتاب الزهد، رقم 4198)، وأحمد (42/156) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وفي سنده انقطاع، كما ذكر العراقي في تخريج الإحياء (1511) [دار ابن حزم، ط1]، لكن له شاهد يعتضد به، ذكره الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 162).
[6] أخرجه الحاكم في المستدرك (كتاب معرفة الصحابة، رقم 4407) وصحَّحه، لكن تعقبه الألباني، وبيَّن أن في سنده ضعفًا، ثم ذكر له شواهد يتقوى بها. انظر: السلسلة الصحيحة (رقم 306).


من أبرز الثمرات المترتبة على اعتقاد تفاوت الصِّدِّيقين فيما بينهم في درجات الصّدّيقيّة ومراتبها وأحوالها: إثبات تفاضل المؤمنين في الإيمان، وهذا التفاضل يكون بأعمال القلوب وبأعمال الجوارح، وأنَّ الإيمان يزيد بالطَّاعة وينقص بالمعصية. وفي هذا ردٌّ على المرجئة من الجهميَّة والكلابية والكرَّامية والأشاعرة وغيرهم، ومن وافقهم كالمعتزلة والخوارج، النافين لذلك، والقائلين بأنَّ الإيمان شيء واحد لا يتعدّد، وأهله فيه سواء؛ فهو لا يزيد ولا ينقص!
ومن الثمرات أيضًا: أنَّ العبد إذا علم أنَّ مقياس التفاضل بين الخلق في الشَّرع إنَّما هو بالتفاضل بينهم في العبوديَّة، وأنَّ أفضل الخلق أكملهم وأتمّهم عبوديّة لله؛ «فكمال المخلوق في تحقيق عبوديَّته لله، وكلّما ازداد العبد تحقيقًا للعبوديَّة؛ ازداد كماله وعلت درجته»[1]، فالصّدّيق ما فضّل على غيره إلا لكمال عبوديّته لله تعالى بعد الأنبياء والمرسلين كان في ذلك أكبر الأثر في حثِّه وتحريضه على السعي لتحقيق العبوديّة لله تعالى على أكمل صورها؛ مما يقوّي إيمانه بربّه، ويزيد يقينه بوعده عزّ وجل وموعوده.


[1] مجموع الفتاوى (10/176 ـ العبوديَّة).


1 ـ «أبو بكر الصديق رضي الله عنه»، لعلي الطنطاوي.
2 ـ «البداية والنهاية» (ج2)، لابن كثير.
3 ـ «بدائع الفوائد» (ج1)، لابن القيِّم.
4 ـ «التحرير والتنوير» (ج6، 12، 16)، لابن عاشور.
5 ـ «طريق الهجرتين»، لابن القيِّم.
6 ـ «مجموع الفتاوى» (ج11)، لابن تيمية.
7 ـ «مختصر الفتاوى المصرية»، للبعلي الحنبلي.
8 ـ «مدارج السالكين» (ج1، 2)، لابن القيِّم.
9 ـ «مفتاح دار السعادة» (ج1)، لابن القيِّم.
10 ـ «منهاج السُّنَّة النبوية» (ج7)، لابن تيمية.