الصراط في اللغة: بمعنى الطريق.
قال الشاعر:
أَكُرُّ على الحرورِيِّينَ مُهْري
وأحملُهم على وَضَح الصِّراطِ
والصاد فيه مبدلة من السين، قلبت الصاد سينًا لقرب مخارجها[1].
وأما المستقيم في اللغة، فهو مشتق من الاستقامة، وهي: الاعتدال، يقال: قام الشيء واستقام؛ أي: اعتدل واستوى[2].
فالمستقيم بمعنى: المنتصب والمستوي من غير اعوجاج[3].
قال ابن جرير الطبري: «أجمعت الأمة من أهل التأويل جميعًا على أن (الصراط المستقيم) هو: الطريق الواضح الذي لا اعوجاج فيه، وكذلك ذلك في لغة جميع العرب.
فمن ذلك قول جرير بن عطية الخَطَفي:
أميرُ المؤمنين عَلَى صِرَاطٍ
إذا اعوَجَّ المَوَارِدُ مُسْتَقيمِ
يريد على طريق الحق.
والشواهد على ذلك أكثرُ من أن تُحصى ثم تستعيرُ العرب (الصراط) فتستعمله في كل قولٍ وعمل وُصِف باستقامة أو اعوجاج، فتصفُ المستقيمَ باستقامته، والمعوجَّ باعوجاجه»[4].
[1] انظر: مقاييس اللغة (3/349) [دار الجيل، ط2، 1420هـ]، لسان العرب (7/340) [دار صادر، ط1].
[2] انظر: لسان العرب (12/499).
[3] انظر: تفسير البحر المحيط (1/144) [دار الكتب العلمية، ط1، 1422هـ].
[4] تفسير الطبري (1/171) [مؤسسة الرسالة، ط1].
قال ابن تيمية رحمه الله: «الصراط المستقيم هو ما بعث الله به رسوله محمدًا صلّى الله عليه وسلّم بفعل ما أمر، وترك ما حظر، وتصديقه فيما أخبر، ولا طريق إلى الله إلاَّ ذلك، وهذا سبيل أولياء الله المتقين، وحزب الله المفلحين، وجند الله الغالبين، وكل ما خالف ذلك فهو من طرق أهل الغي والضلال»[1].
[1] مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (1/197).
تقدم أن الصراط المستقيم في اللغة بمعنى الطريق الواضح، وأنه يطلق على كل قول أو فعل مستقيم لا اعوجاج فيه، وهكذا القول فيما جاء به الشرع، فهو طريق يسلكه أهل الإيمان، بالتزامهم ما جاء به قولاً وعملاً واعتقادًا، وهو بيِّنٌ مستقيم لا اعوجاج فيه، وكل ما خالفه كان مائلاً معوَجًّا[1].
[1] انظر: معاني القرآن للنحاس (1/67) [جامعة أم القرى، ط1، 1409هـ]، وتفسير السمعاني (1/38) [دار الوطن، ط1، 1418هـ].
حقيقة الصراط المستقيم: أنه طريق الله الذي نصبه لعباده على ألسن رسله، وجعله موصلاً لعباده إليه، ولا طريق لهم إليه سواه، وهو ما كان عليه رسول الله وأصحابه علمًا وعملاً، وذلك بإفراد الله تعالى بالعبودية، وإفراد رسوله صلّى الله عليه وسلّم بالطاعة، فلا يشرك به أحدًا في عبوديته، ولا يشرك برسوله أحدًا في طاعته، وأن يعلم المؤمن في كل وقت الحقَّ الذي أَمره به الشارع في ذلك الوقت من اعتقاد أو قول أو عمل، فيؤثره، ويقدمه على ما سواه، ويحبه، ثم يعمل به، وينقاد إليه، وأن يعلم ما نهي عنه، فيجتنبه، ويبغضه، ثم يدعو من سواه إلى المأمور، ويحذرهم من المحظور، ويجاهد أعداءه بحسب الإمكان[1].
[1] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (3/369) (5/160) (14/37) (22/400)، وقاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (2/81) [مكتبة الفرقان، ط1، 1422هـ]، ومنهاج السُّنَّة النبوية (1/7) [مؤسسة قرطبة، ط1، 1406هـ]، ومدارج السالكين (1/58 ـ 59)، وبدائع الفوائد (2/276).
لقد جاء ذكر الصراط المستقيم في مواضع عديدة من القرآن، ومن السُّنَّة، وقد تقدم بعضها، ومن ذلك:
قال تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ *} [الفاتحة]
وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا *وَإِذًا لآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا *وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا *} [النساء].
وقال سبحانه: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا *} [النساء] .
وقال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقَيمٍ *صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ *} [الشورى] .
قال أبو العالية الرياحي: «تعلموا الإسلام، فإذا تعلمتموه، فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم، فإن الصراط المستقيم الإسلام، ولا تنحرفوا عن الصراط المستقيم يمينًا، ولا شمالاً، وعليكم بسُنَّة نبيّكم، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين أهلها العداوة والبغضاء»[1].
وقال الشاطبي: «فالصراط المستقيم هو سبيل الله الذي دعا إليه، وهو السُّنَّة، والسبل هي سبل أهل الاختلاف، الحائدين عن الصراط المستقيم، وهم أهل البدع، وليس المراد سبل المعاصي؛ لأن المعاصي من حيث هي معاص لم يضعها أحدٌ طريقًا تسلك دائمًا على مضاهاة التشريع، وإنما هذا الوصف خاص بالبدع المحدثات.
وقال عبد الرحمن بن مهدي: قد سئل مالك بن أنس عن السُّنَّة، قال: هي ما لا اسم له غير السُّنَّة، وتلا: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] »[2].
وقال السعدي: «الصراط المستقيم: الدين المعتدل المتضمن للعقائد النافعة، والأعمال الصالحة، والأمر بكل حسن، والنهي عن كل قبيح، الذي عليه الأنبياء والمرسلون، خصوصًا إمام الحنفاء، ووالد من بعث من بعد موته من الأنبياء، خليل الرحمن إبراهيم صلّى الله عليه وسلّم، وهو الدين الحنيف المائل عن كل دين غير مستقيم، من أديان أهل الانحراف؛ كاليهود والنصارى والمشركين»[3].
[1] الإبانة الكبرى لابن بطة (1/338) [دار ابن القيم، ط1، 1406هـ]، والسُّنَّة للمروزي (1/13) [مؤسسة الكتب الثقافية، ط1، 1408هـ].
[2] الاعتصام للشاطبي (1/57) [المكتبة التجارية الكبرى، مصر].
[3] تفسير السعدي (282).
للصراط المستقيم ركنان:
الأول: صدق المحبة لله، والإقرار له بالوحدانية، وهذا هو مضمون شهادة ألا إله إلا الله.
والثاني: الاستقامة على أمر الله، وحسن المعاملة، بصرف الإرادة إلى ما فيه مرضاة الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا هو مضمون شهادة أن محمدًا رسول الله[1].
فالأول هو التوحيد العلمي، والثاني هو التوحيد العملي.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «ثم إن الصراط المستقيم هو أمور باطنة في القلب من اعتقادات وإرادات وغير ذلك، وأمور ظاهرة من أقوال وأفعال، قد تكون عبادات، وقد تكون أيضًا عادات في الطعام واللباس والنكاح والمسكن والاجتماع والافتراق والسفر والإقامة والركوب وغير ذلك.
وهذه الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ـ ولا بد ـ ارتباط ومناسبة، فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورًا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعورًا وأحوالاً»[2].
[1] انظر: بدائع الفوائد (2/276).
[2] اقتضاء الصراط المستقيم (11) [مطبعة السُّنَّة المحمدية، ط2، 1369هـ].
المسألة الأولى: الجمع بين أقوال السلف في معنى (الصراط المستقيم):
لقد تعددت الأقوال المقولة عن السلف في بيان معنى الصراط المستقيم وحقيقته، وهذا التعدد من قبيل الخلاف اللفظي، أو خلاف التنوع، وليس من قبيل خلاف التضاد، فمما نقل عنهم في ذلك:
1 ـ أنه كتاب الله، جاء عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه[1]، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه[2].
والمراد بهذا التفسير: اتِّباع القرآن[3].
2 ـ أنه الإسلام، صح تفسيره بذلك مرفوعًا[4]، كما قال به جمع من الصحابة؛ كابن عباس[5]، وابن مسعود[6]، وجابر بن عبد الله[7]، والنواس بن سمعان رضي الله عنهم، وغيرهم من الصحابة ومن بعدهم[8].
3 ـ أنه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما، قال به ابن عباس[9]، وأبو العالية، والحسن[10].
ووجه ذلك: أن الله قد بيَّن أن الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعم عليهم، وبيَّن في آية النساء أن الصدِّيقين من الذين أنعم الله عليهم، وقد بيَّن النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم أن أبا بكر رضي الله عنه من الصدِّيقين، فاتَّضح أنه داخل في الذين أنعم الله عليهم، الذين أمرنا الله أن نسأله الهداية إلى صراطهم[11].
4 ـ أنَّه الحق، قال به مجاهد[12].
5 ـ أنَّه طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وما تركنا عليه، قال به ابن مسعود رضي الله عنه[13]، وبكر بن عبد الله المزني[14].
6 ـ أنَّه الطريق الهادي إلى دين الله، روي عن ابن عباس[15]، وبه قال مجاهد.
7 ـ أنَّه طريق الجنة، نقل عن ابن عباس أيضًا[16].
8 ـ وقال سهل بن عبد الله: «طريق السُّنَّة والجماعة»[17].
الجمع بين أقوال السلف في بيان معنى الصراط.
ما تقدم من أقوال الصحابة والسلف في معنى الصراط هي أقوال صحيحة متَّفقة، والخلاف بينها هو من خلاف التنوع لا التضاد، وإنما عبَّر كل واحد منهم عن الصراط المستقيم بعبارة غير عبارة صاحبه، فالمسمَّى واحد، وإنما تعددت صفات المسمَّى، فكل عبارة من العبارات تدلُّ على معنى قد لا تدل عليه العبارة الأخرى، مع أن كل المعاني حق، فالصراط المستقيم يوصف بتلك المعاني كلها، فكل معنى من تلك المعاني يجب اتِّباعه، فهي أقوال متلازمة لا متباينة، بمنزلة تسمية القرآن بأسمائه، والرسول صلّى الله عليه وسلّم بأسمائه؛ بل بمنزلة تسمية أسماء الله تعالى بأسمائه الحسنى[18].
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله ـ بعدما ذكر الأقوال الأربعة الأولى ـ: «وكل هذه الأقوال صحيحة، وهي متلازمة، فإن من اتبع النبي صلّى الله عليه وسلّم، واقتدى باللَّذين من بعده أبي بكر وعمر، فقد اتَّبع الحق، ومن اتَّبع الحق فقد اتَّبع الإسلام، ومن اتبع الإسلام فقد اتبع القرآن، وهو كتاب الله وحبله المتين، وصراطه المستقيم، فكلها صحيحة يصدق بعضها بعضًا، ولله الحمد»[19].
المسألة الثانية: إضافة الصراط:
إضافة الصراط في النصوص على نوعين:
أ ـ إضافته إلى الله تعالى؛ لأنه تعالى هو الذي شرعه ونصبه. وذلك كقوله تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 153] .
ب ـ إضافته إلى العباد؛ لأنهم أهل سلوكه وهو المنسوب لهم وهم المارون عليه. وذلك كآية الفاتحة[20].
المسألة الثالثة: إفراد الصراط المستقيم، وجمع سبل الضلال:
لقد جاء ذكر الصراط المستقيم بلفظ الإفراد، وفائدة إفراده بيان أنه صراط واحد.
وأما طرق الباطل فتأتي بالجمع، كما في قوله: {وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [الأنعام: 153] ، وكما في حديث ابن مسعود السابق؛ «وهذا لأن الطريق الموصل إلى الله واحد، وهو ما بعث به رسله، وأنزل به كتبه، لا يصل إليه أحد إلا من هذه الطريق، ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب فالطرق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة إلا من هذا الطريق الواحد، فإنه متصل بالله موصل إلى الله»[21].
«والمقصود أن طريق الحق واحد؛ إذ مَرَدُّه إلى الله الملك الحق، وطرق الباطل متشعبة متعددة؛ فإنها لا ترجع إلى شيء موجود، ولا غاية لها يوصل إليها؛ بل هي بمنزلة بنيات الطريق، وطريقُ الحق بمنزلة الطريق الموصل إلى المقصود، فهي وإن تنوعت فأصلها طريق واحد.
ولما كانت الظلمة بمنزلة طرق الباطل، والنور بمنزلة طريق الحق، فقد أفرد النور وجمعت الظلمات، وعلى هذا جاء قوله: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النَّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ} [البقرة: 257] ، فَوَحَّد {وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا} وهو الله الواحد الأحد، وجمع {وَالَّذِينَ كَفَرُوا} لتعددهم وكثرتهم، وجمع {الظُّلُمَاتِ} وهي طرق الضلال والغي؛ لكثرتها واختلافها، ووحد {النُّورُ *} وهو دينه الحق وطريقه المستقيم الذي لا طريق إليه سواه»[22].
3 ـ حاجة العبد الماسة إلى الهداية للصراط المستقيم.
إن حاجة العبد لهدايته إلى الصراط المستقيم هي أعظم الحاجات؛ بل هي من الضرورات التي لا يعدلها حاجة الإنسان إلى طعام أو لباس ونحو ذلك، ولهذا كان الدعاء بطلب الهداية إلى الصراط المستقيم أوجب الأدعية، فكان من الواجب على العبد أن يكرر هذا الدعاء في كل يوم وليلة بقوله: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *} [الفاتحة] . فلا حاجة للعبد أعظم من أن يُهدى إلى الصراط المستقيم، ولا شيء أنفع له من تلك الهداية.
فالصراط المستقيم يتضمن علومًا وإرادات، وأعمالاً، وتروكًا، ظاهرةً وباطنةً تجري عليه كلّ وقتٍ، فتفاصيل الصّراط المستقيم قد يعلمها العبد وقد لا يعلمها، وما علمه فقد يقدر عليه وقد لا يقدر، وما قدر عليه فقد تريده نفسه، وقد تتركه تهاونًا وكسلاً، كما أنه لو عمل به فقد يقوم به بكمال شروطه من الإخلاص والمتابعة، وقد ينقص في ذلك.
والهداية إلى الصراط المستقيم تتضمن التوفيق إلى الكمال في ذلك كله في الدنيا.
وفي الآخرة يُنصب الصراط المستقيم على ظهر جهنم، وهو الصراط الموصل للعباد إلى الجنة.
فمن كان مستقيمًا على الصراط الدنيوي استقام أمره في الصراط الأخروي، ومن حاد في الدنيا حاد في الأخرى.
فتبين أن حاجة العبد إلى الصراط المستقيم في الدارين هي أعظم الحاجات ومنتهى الغايات[23].
[1] روي مرفوعًا، أخرجه الترمذي (أبواب فضائل القرآن، رقم 2906)، والدارمي (كتاب فضائل القرآن، رقم 3374)، قال الترمذي: «هذا حَدِيثٌ غريبٌ، لا نَعْرِفُهُ إلا من هذا الوَجْهِ، وإسْنادُهُ مَجْهُولٌ، وفي الحارث مَقَالٌ». وروي موقوفًا على عليٍّ، أخرجه الطبري في تفسيره (1/173) [مؤسسة الرسالة، ط1]، قال ابن كثير: «وهو أشبه». تفسير ابن كثير (1/137 ـ 138) [دار طيبة، ط2، 1420هـ].
[2] أخرجه الطبري في تفسيره (1/173) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والحاكم في مستدركه (كتاب التفسير، رقم 3023) وصحَّحه، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري.
[3] انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (5/160) و(13/336) [مكتبة ابن تيمية، ط2].
[4] أخرجه الترمذي (أبواب الأمثال، رقم 2859) وحسَّنه، وأحمد في مسنده (29/181) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والحاكم في مستدركه (كتاب الإيمان، رقم 245) وصحَّحه، وصحَّحه ابن كثير في تفسيره (1/138 ـ 139)، والألباني في صحيح الترمذي (3/141) [مكتبة المعارف، ط1، 1420هـ].
[5] أخرجه الطبري في تفسيره (1/175) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وفي سنده ضعف.
[6] أخرجه الطبري في تفسيره (1/175) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[7] أخرجه الطبري في تفسيره (1/173) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والحاكم في مستدركه (كتاب التفسير، رقم 3024) وصحَّحه، وصحح إسناده أحمد شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري.
[8] انظر: تفسير الطبري (1/175، 176).
[9] أخرجه الحاكم في المستدرك (كتاب التفسير، رقم 3025)، وصحَّحه.
[10] أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (1/30)، والطبري في تفسيره (1/175)، والحاكم في مستدركه (كتاب التفسير، برقم 3023) (2/284) وصحَّحه. وانظر الأقوال السابقة أيضًا في: تفسير ابن كثير (1/138).
[11] انظر: أضواء البيان للشنقيطي (1/8) [دار الفكر، ط1415هـ].
[12] تفسير ابن أبي حاتم (1/30)، وتفسير ابن كثير (1/139).
[13] أخرجه الطبري في تفسيره (12/230) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والبيهقي في شعب الإيمان (3/153) [مكتبة الرشد، ط1].
[14] تفسير البغوي (1/54) [دار طيبة، ط4، 1417هـ].
[15] أخرجه الطبري في تفسيره (1/175) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[16] زاد المسير (1/15) [المكتب الإسلامي، ط3].
[17] تفسير البغوي (1/54)، وانظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (5/160) (13/382).
[18] انظر للأهمية: مجموع الفتاوى لابن تيمية (5/160) (6/390 ـ 391) (7/39) (13/335 ـ 337، 381).
[19] تفسير ابن كثير (1/139)، وانظر: تفسير ابن جرير الطبري (1/171).
[20] انظر: مدارج السالكين (1/11).
[21] المرجع السابق (1/15).
[22] بدائع الفوائد (1/127).
[23] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (14/37 ـ 39)، والجواب الكافي (84 ـ 86)، وبدائع الفوائد (2/274).
الفرق بين إخباره تعالى أن الصراط عليه، وإخباره أنه على الصراط:
أولاً: إخباره تعالى أن الصراط عليه. فقد جاء في قوله تعالى: {قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ *} [الحجر] .
وأصح ما قيل في تفسيره: قول الحسن: «صراط إليَّ مستقيم»[1]، والأقرب في معناه: أنه طريق موصلٌ إليّ، كما قال مجاهد في تفسيرها: «الحق يرجع إلى الله، وعليه طريقه، لا يعرِّج على شيء»[2].
وإنما ذكر في الآية (على) دون (إلى) لسر لطيف، وهو الإشعار بكون السالك على هذا الصراط على هدى، وهو حق، كما قال في حق المؤمنين: {أُولَئِكَ عَلَى هُدَىً مِنْ رَبِّهِمْ} [البقرة: 5] ، والله عزّ وجل هو الحق، وصراطه حق، ودينه حق، فمن استقام على صراطه فهو على الحق والهدى، فكان في الأداة (على) هذا المعنى ما ليس في الأداة (إلى).
ثانيًا: إخباره تعالى أنه سبحانه وتعالى على الصراط المستقيم. كما في قوله تعالى: {مَا مِنْ دَآبَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ *} [هود] .
فهو سبحانه أحقُّ من كان على صراط مستقيم، فإن أقواله كلها صدق ورشد وهدى وعدل وحكمة، وأفعاله كلها مصالح وحكم ورحمة وعدل وخير، فالشر لا يدخل في أفعاله ولا أقواله البتة، لخروج الشر عن الصراط المستقيم[3].
[1] تفسير الطبري (17/104).
[2] المرجع السابق (17/104).
[3] مدارج السالكين (1/15 ـ 21) بتصرف.
وصف دين الله وكتابه بأنه الصراط المستقيم يدل على أمور:
1 ـ استقامته، وسلامته من الاعوجاج والزيغ.
2 ـ إيصاله إلى المقصود، وإصابته للحق الثابت.
3 ـ أنه أقرب الطرق الموصلة إلى المطلوب، بخلاف ما سواه من الطرق.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «وقد قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقَيمٍ *} [الشورى] ، والصراط المستقيم هو أقرب الطرق إلى المطلوب، بخلاف الطرق المنحرفة الزائفة، فإنها إما أن لا توصل، وإما أن توصل بعد تعب عظيم، وتضييع مصالح أخر، فالطرق المبتدعة إن عارضت كانت باطلاً، وإن لم تعارض فقد تكون باطلاً، وقد تكون حقًّا لا يُحتاج إليه مع سلامة الفطرة»[1].
4 ـ سعته للمارين عليه[2].
[1] درء تعارض العقل والنقل (8/91) [دار الكتب العلمية، 1417 هـ]، وانظر: مدارج السالكين (1/69).
[2] انظر: مدارج السالكين (1/10 ـ 11).