حرف العين / العظمة

           

قال ابن فارس: «العين والظاء والميم أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على كِبَر وقُوّة. فالعِظَم: مصدر الشَّيء العظيم. تقول: عَظُمَ يَعْظُم عِظَمًا، وعظّمته أنا. فإذا عَظُم في عينيك قلت: أعْظمتُه واستعظمْتُه. ومُعظَم الشّيء: أكثرهُ. وعَظْمةُ الذِّراع: مُستغلَظُها. وهي العظيمة: النازِلةُ المُلمّة الشّديدة. قال:
إن تنجُ منها تنجُ من ذِي عظيمةٍ
وإلا فإنِّي لا إخالُك ناجيا
ومن الباب: العَظْم، معروف، وهو سمِّي بذلك لقوّته وشِدّته»[1].


[1] مقاييس اللغة (4/355) [دار الجيل، ط1، 1411هـ]. وانظر: المحكم والمحيط الأعظم (2/69) [دار الكتب العلمية، 2000م]، والمفردات في غريب القرآن (339) [دار المعرفة]، ولسان العرب (12/409) [دار صادر، ط1، 1412هـ]، والكليات (999) [مؤسسة الرسالة، 1419هـ]، والقاموس المحيط (4/115) [دار الكتب العلمية، ط1].


صفةٌ ذاتية لله تعالى؛ دالة على عظمته سبحانه ومن لوازمها العلو المطلق له سبحانه، والرفعة والجلال والكمال، والتقديس، وأنه سبحانه مستحق للتعظيم من كل وجه[1].


[1] انظر: الاعتقاد للبيهقي (40) [دار الكتاب العربي، ط1، 1408هـ]، الحجة في بيان المحجة (1/130) [دار الراية، ط1، 1411هـ]، وأضواء البيان (2/109) [دار الفكر، ط1، 1415هـ].


تتضح الموافقة في الأصل بين المعنى اللغوي والمعنى الشرعي، إلا أن المعنى الشرعي يبلغ في الصفة غايتها وكمالها الذي لا يكون إلا لله تعالى، فيكون بهذا مختصًّا من عموم المعنى اللغوي الذي يدخل فيه التعظيم من وجه دون وجه.



وجوب إثبات العظمة صفة لله تعالى على وجه الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه.



إن الله تعالى هو العظيم والمستحق للتعظيم من كل وجه، له الأسماء الحسنى والصفات العلا.
وعظمته سبحانه راجعة إلى معنيين:
الأول: أنه موصوف بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال أكمله وأعظمه وأوسعه.
الثاني: أنه لا يستحق أحد من الخلق أن يعظم كما يعظم الله تعالى[1].


[1] الحق الواضح المبين للسعدي (16) [ضمن مجموعة من رسائل السعدي].


قال الله تعالى: {وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ *} [البقرة] .
وقال سبحانه: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ *} [الشورى] .
ومن السُّنَّة: ما جاء في حديث إخراج أهل الكبائر من النار: «وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله»[1].
وقول النبي صلّى الله عليه وسلّم في دعائه: «وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي»[2].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «قال الله عزّ وجل : الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما، قذفته في النار»[3].
وعن عوف بن مالك رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلي من الليل، فكان يقول في ركوعه: «سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة»[4].


[1] أخرجه البخاري (كتاب التوحيد، رقم 7510)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 193).
[2] أخرجه أبو داود (كتاب الأدب، رقم 5074)، والنسائي (كتاب الاستعاذة، رقم 5529)، وابن ماجه (كتاب الدعاء، رقم 3871)، وأحمد (8/403) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب الرقائق، رقم 961)، والحاكم (كتاب الدعاء، رقم 1902) وصحَّحه، وصحَّحه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (رقم 659) [مكتبة المعارف، ط5].
[3] أخرجه أبو داود (كتاب اللباس، رقم 4090)، وابن ماجه (كتاب الزهد، رقم 4174)، وأحمد (14/473) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب البر والإحسان، رقم 328)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (رقم 4311). وقد جاء الحديث عند مسلم (كتاب البر والصلة والآداب، رقم 2620) بلفظ: «العز إزاره والكبرياء رداؤه، فمن ينازعني عذبته».
[4] أخرجه أبو داود (كتاب الصلاة، رقم 873) واللفظ له، والنسائي (كتاب التطبيق، رقم 1049)، وأحمد (39/405) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصحَّحه النووي في الخلاصة (1/396) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والألباني في صحيح سنن أبي داود (رقم 817) [مؤسسة غراس، ط1].


قال ابن عباس رضي الله عنهما: «العظيم: الذي قد كمل في عظمته»[1].
وقال ابن جرير الطبري رحمه الله: «العظيم: ذو العظمة، الذي كل شيء دونه؛ فلا شيء أعظم منه»[2].
وقال قوام السُّنَّة الأصبهاني رحمه الله: «العظمة صفة من صفات الله تعالى لا يقوم لها خلق»[3].
وقال البغوي رحمه الله: «وعلى العبد أن يعتقد أن الله سبحانه وتعالى عظيم له عظمة»[4].
وقال ابن القيِّم رحمه الله: «العظيم من اتصف بصفات كثيرة من صفات الكمال»[5].
وقال في نونيته:
هو العظيم بكل معنى يوجب التَّعظيم لا يحصيه من إنسان
قال السعدي في شرحه لهذا البيت: «يريد أن الله تعالى عظيم له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم، فلا يقدر مخلوق أن يثني عليه كما ينبغي له ولا يحصي ثناء عليه؛ بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده»[6].


[1] أخرجه الطبري في تفسيره (5/405) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وسنده حسن. انظر: الصحيح المسبور (1/367).
[2] المرجع السابق (5/405).
[3] الحجة في بيان المحجة (1/130). وانظر: شأن الدعاء (64) [دار الثقافة العربية، ط3، 1412هـ].
[4] شرح السُّنَّة (1/177) [المكتب الإسلامي، 1403هـ].
[5] بدائع الفوائد (210) [دار ابن حزم، ط1، 1426هـ].
[6] الحق الواضح المبين للسعدي (224، ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات للسعدي، قسم العقيدة [مركز صالح بن الصالح الثقافي، ط2، 1412هـ].


المسألة الأولى: من أسماء الله تعالى الحسنى العظيم:
ورد اسم الله (العظيم) في كتاب الله العظيم في تسعة مواضع؛ منها قوله تعالى: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ *} [البقرة] ، وقوله: {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ *} [الشورى] ،
أما في السُّنَّة: فقد ورد هذا الاسم الجليل (العظيم) في أحاديث عدة؛ منها ما ورد في «الصحيحين» عن ابن عباس رضي الله عنهما؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله ربِّ العرش العظيم، لا إله إلا الله ربِّ السماوات وربِّ الأرض وربِّ العرش الكريم»[1].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم»[2].
قال الطبري رحمه الله: «العظيم: ذو العظمة، الذي كل شيء دونه، فلا شيء أعظم منه»[3].
واسم الله العظيم: معناه المتضمن لعظمة الرب جلّ جلاله في ذاته وصفاته وأفعاله الصادرة منه[4].
وقال السعدي رحمه الله: «العظيم الجامع فجميع صفات العظمة والكبرياء والمجد والبهاء الذي تحبه القلوب، وتعظمه الأرواح، ويعرف العارفون أن عظمة كل شيء، وإن جلت في الصفة، فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلي العظيم»[5].
المسألة الثانية: معاني التعظيم الثابتة لله تعالى:
من معاني التعظيم الثابتة لله وحده:
1 ـ عظمة الذات؛ وذلك أن السماوات والأرض في كفِّ الرحمن أصغر من الخردلة كما قال ذلك ابن عباس وغيره. قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67] ، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَنْ تَزُولاَ وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: 41] .
2 ـ عظمة الصفات: فهو سبحانه وتعالى موصوف بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال أكمله، وأعظمه، وأوسعه، فله العلم المحيط، والقدرة النافذة، والكبرياء والعظمة.
3 ـ ومن معاني عظمته تعالى أنه لا يستحق أحد من الخلق أن يعظم كما يعظم الله فيستحق جلّ جلاله من عباده أن يعظموه بقلوبهم، وألسنتهم، وجوارحهم، وذلك ببذل الجهد في معرفته، ومحبته والذل له، والانكسار له، والخضوع لكبريائه، والخوف منه، وإعمال اللسان بالثناء عليه، وقيام الجوارح بشكره وعبوديته. وتعظيم ما حرمه وشرعه من زمان ومكان وأعمال، قال عزّ وجل: {ذَلِكَ ومَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ *} [الحج] ، وقال: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ} [الحج: 30] . ومن تعظيمه أن لا يعترض على شيء مما خلقه أو شرعه[6].
المسألة الثالثة: معنى الحديث القدسي: «الكبرياء ردائي، والعظمة إزاري، فمن نازعني واحدًا منهما قذفته في النار»[7]:
في هذا الحديث أن الله تعالى متصف بصفتي الكبرياء والعظمة، وهما مختصتان بالله تعالى، ولهذا لا يجوز لمخلوق أن يتعاطاهما.
ثم إن صفة العظمة والكبرياء من خصائص الربوبية، والكبرياء أعلى من العظمة، ولهذا جعلها في الحديث بمنزلة الرداء كما جعل العظمة بمنزلة الإزار، ومن المعلوم أن الرداء أشرف[8].


[1] أخرجه البخاري (كتاب الدعوات، رقم 6346)، ومسلم (كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، رقم 2730).
[2] أخرجه البخاري (كتاب التوحيد، رقم 7563)، ومسلم (كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، رقم 2694).
[3] تفسير الطبري (5/405) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[4] انظر: الصواعق لابن القيم (4/1375).
[5] تفسير السعدي (92) [مؤسسة الرسالة، ط1].
[6] انظر: الحق الواضح المبين (224) للسعدي.
[7] تقدم تخريجه.
[8] انظر: مجموع الفتاوى (10/196، 253)، والفوائد لابن القيم (182) [دار الكتب العلمية]، وعون المعبود لشمس الحق العظيم آبادي [دار الكتب العلمية].


ـ الفرق بين الكبرياء والعظمة:
الكبرياء أكمل من العظمة، وذلك أن الكبرياء تتضمن العظمة، فالكبرياء أكمل.
كما ثبت في «الصحيح» عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «يقول الله تعالى: الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدًا منهما عذبته» فجعل العظمة كالإزار والكبرياء كالرداء ومعلوم أن الرداء أشرف.
وعليه؛ فإن الكبرياء متعلق بالعظمة وغيرها؛ كالقوة والكرم، والغنى ونحوها، أما العظمة فتعني الكمال في كل شيء، ولذا صار الكبرياء أعلى وأشرف[1].
ـ الفرق بين الكبير والعظيم:
الكبير هو الذي كل شيء، دونه، لكمال وجوده، وكمال الوجود يرجع إلى شيئين:
أحدهما: دوامه أزلاً وأبدًا، فكل وجود مقطوع سابقًا ولاحقًا فهو ناقص.
والثاني: أن وجوده هو الوجود الذي يصدر عنه وجود كل موجود، فإن كان الذي تم وجوده في نفسه كاملاً وكبيرًا، فالذي حصل منه الوجود لجميع الموجودات أحق أن يكون كاملاً وكبيرًا.
ولهذا جاءت الألفاظ المشروعة في الصلاة والأذان بقول الله أكبر، فإن ذلك أكمل من قول الله أعظم.
وأما العظيم فقد يكون من جهة الكثرة ومن غير جهة الكثرة، ولذلك جاز أن يوصف الله تعالى بأنه عظيم وإن لم يوصف بأنه كثير.
فلما كان التكبير أبلغ من التعظيم صرح بلفظه وتضمن ذلك التعظيم، وفي قوله: سبحان الله؛ صرح فيها بالتنزيه من السوء المتضمن للتعظيم، فصار كل من الكلمتين متضمنًا معنى الكلمتين الأخريين إذا أفردتا، وعند الاقتران تعطي كل كلمة خاصيتها.
والعظيم في أسماء الله تعالى بمعنى عظيم الشأن والامتناع عن مساواة الصغير له بالتضعيف، وأصل الكلمة: القوة، ومنه سمي العظيم عظيمًا؛ لقوته[2].


[1] انظر: مجموع الفتاوى (10/253).
[2] انظر: الفروق اللغوية للعسكري (361 ـ 362، 477 ـ 478) [مؤسسة النشر الإسلامي، ط1، 1412هـ]، مجموع الفتاوى (10/253).


الآثار[1]:
من عرف عظمة الله عظّمه واتقاه وخشيه وما عصاه، قال التيمي رحمه الله: «والله عزّ وجل يعظَّم في الأحوال كلها، فينبغي لمن عرف حق، عظمة الله أن لا يتكلم بكلمة يكرهها الله، ولا يرتكب معصية لا يرضاها الله؛ إذ هو القائم على كل نفس بما كسبت»[2].
ويظهر له الذل والمسكنة والخضوع على الدوام كحاله في الركوع، فهو ركن تعظيم وإجلال[3].
وتعظيم العبد لربه هو على قدر معرفته به وبصفات كماله، فأعرف الناس به أشدهم له تعظيمًا وإجلالاً، وقد ذم الله تعالى من لم يعظمه حق عظمته ولا عرفه حق معرفته ولا وصفه حق صفته، وأقوالهم تدور على هذا، فقال تعالى: {مَا لَكُمْ لاَ تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا *} [نوح] ؛ أي: ما لكم لا تعظمون الله حق عظمته[4].
وتعظيم الرب سبحانه واجب على العبد وهو درجات:
فمن تعظيمه: توحيده والإيمان بصفاته على ما تليق بجلاله وكماله وعدم التعرض لها بتعطيل أو تشبيه، وعدم الإشراك به، مع كثرة ذكره في كل وقت وحين.
ومن تعظيمه: تعظيم أحكامه وأوامره ونواهيه، وتعظيم شعائر الدين والرضا بها، وأن لا تعارض بترخص جاف ولا تشدد غال.
ومن تعظيمه: تصديق رسله والإيمان بهم وتعظيمهم، وتعظيم ما جاءوا به من الكتب المنزلة وتصديقها[5].


[1] انظر: النهج الأسمى في شرح الأسماء الحسنى للنجدي (1/284)، فقه الأسماء الحسنى للبدر (153).
[2] الحجة في بيان المحجة (1/141 ـ 142)، وانظر: النهج الأسمى في شرح الأسماء الحسنى (1/284).
[3] شفاء العليل (228) [دار الفكر، 1398هـ 1978م].
[4] مدارج السالكين (2/495) [دار الكتاب العربي، ط2، 1393هـ].
[5] انظر: مدارج السالكين (2/496 ـ 500)، والنهج الأسمى (1/285).


ذهب كثير من المخالفين إلى نفي الصفات ومنها صفة العظمة، ومن هؤلاء النفاة: الجهمية والمعتزلة، فإنهم أنكروا أن تكون العظمة صفة لله تعالى.
أما الجهمية فقد نفوا هذه الصفة بناء على أصلهم الفاسد في نفي الأسماء والصفات عن الله تعالى؛ إذ إن وصفه بأي صفة يتصف بها المخلوق في الأصل يلزم منه التشبيه[1].
وأما المعتزلة فإنهم مع إثباتهم ـ فيما زعموا ـ أن لله اسمًا، وهو العظيم، إلا أنهم نفوا صفة العظمة بناء على أصلهم في نفي الصفات؛ بحجة أنها أعراض، وأن إثباتها محدثة محال، وإثباتها قديمة يقتضي مشاركتها لواجب الوجود في القدم، وهو أظهر خصائصه، فيقتضي ذلك تعدد القدماء[2].


[1] الفرق بين الفرق للبغدادي (221) [دار التراث]، والملل والنحل للشهرستاني (1/98) [دار المعرفة، ط2].
[2] الفرق بين الفرق للبغدادي (131)، والملل والنحل للشهرستاني (1/57).


والرد على المعتزلة والجهمية هنا يكون بنفي ما أحدثوه من لوازم باطلة، فإثبات الصفات لا يلزم منه تعدد القدماء، ولا التشبيه، ولا أيٌّ من اللوازم الباطلة التي يجعلها النفاة مانعة لإثبات ما أثبته الله تعالى لنفسه، وأثبته له رسوله صلّى الله عليه وسلّم من الأسماء والصفات.
فالله سبحانه أثبت لنفسه صفات، وأثبتها لخلقه؛ كالعلم، والقدرة، والإرادة، والعظمة وغيرها، ولم يلزم من هذا الإثبات أي معنى للتشبيه الذي يزعمه هؤلاء النفاة؛ بل المتقرر شرعًا وعقلاً ما أخبر به سبحانه وتعالى عن نفسه بقوله: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *} [الشورى] .
فأهل السُّنَّة والجماعة في إثباتهم لجميع ما أثبته الله تعالى لنفسه وما أثبته له رسوله صلّى الله عليه وسلّم يقررون هذا الأصل الجامع لكل الصفات، المانع من أي ظن كاذب أو لازم باطل.



1 ـ «الاعتقاد»، للبيهقي.
2 ـ «جامع البيان»، لابن جرير الطبري.
3 ـ «الحجة في بيان المحجة»، لقوام السُّنَّة الأصبهاني.
4 ـ «الحق الواضح المبين»، للسعدي.
5 ـ «شأن الدعاء»، للخطابي.
6 ـ «صفات الله عزّ وجل الواردة في الكتاب والسُّنَّة»، لعلوي عبد القادر السقاف.
7 ـ «الفوائد»، لابن القيِّم.
8 ـ «شرح الكافية الشافية»، لهراس.
9 ـ «مجموع الفتاوى»، لابن تيمية.
10 ـ «النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى»، لمحمد بن أحمد الحمود.