حرف العين / العقل

           

العقل في اللغة: مصدر عقل يعقل عقلاً، ومعناه يدور على: الحبس، والمنع، والإمساك، والضبط، والحفظ.
ومن المعاني التي يتناولها العقل أيضًا: القلب، والتَّثَبُّت في الأمور، ويطلق على التمييز الذي يتميز به الإنسان عن سائر الحيوان، كما يطلق على الدية[1].


[1] انظر: لسان العرب (11/458 ـ 460) [دار صادر، ط1]، وتاج العروس (4/35) [دار الهداية]، ومتن اللغة لأحمد رضا (116).


العقل عند أهل النظر هو: مجموعة من المعاني الضرورية المجتمعة في الذهن، تتألف من خلالها القضايا والأقيسة، للخروج بالمعقولات النظرية[1].


[1] انظر: أصول السرخسي (1/347) [دار المعرفة]، وإحياء علوم الدين للغزالي (1/85) [دار المعرفة]، المنخول له (44) [دار الفكر، ط2، 1400هـ]، والكليات للكفوي (67، 618 ـ 619) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1419هـ]، والمعجم الفلسفي لجميل صليبا (2/86) [دار الكتاب اللبناني، 1979م].


سمي العقل عقلاً لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك؛ أي: يحبسه، عنها، ويضبطه ويمنعه عن ذميم القول والفعل[1].


[1] انظر: لسان العرب (11/458).


من الألفاظ المرادفة للعقل: اللب، والحِجر، والنُّهى، والحِلم، والحِجَا[1].


[1] انظر: لسان العرب (2/225) (5/242) (15/35 ـ 36)، وتاج العروس (1/465)، وتهذيب صحاح الجوهري (1/268 ـ 269) (2/949) (3/1082) [دار المعارف]، ومقدمة بغية المرتاد لموسى الدويش (85).


تقديم النقل الصحيح على العقل الفاسد المعارض له واجب؛ بل هو أصل من أصول الإسلام والإيمان.
فإن الإسلام معناه الاستسلام التام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله[1]، ومقتضى ذلك ألا يقدم شيئًا على أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، كائنًا ما كان.
كما أن الإيمان الحق يستلزم التسليم المطلق لأمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم، كما وصف الله المؤمنين بقوله: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ *} [النور] ، فلا يعارض أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم برأي ولا هوى، كما قال : {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *} [النساء] .
فجعل التحاكم إلى أمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم والاستسلام التام له ـ دون العقل المعارض والهوى ـ من مقتضيات الإيمان[2].


[1] متن الأصول الثلاثة، انظر: شرح الأصول الثلاثة للعثيمين (68) [دار الإيمان، 2001م].
[2] انظر: الحجة في بيان المحجة (2/549) [دار الراية، ط2، 1419هـ]، ودرء التعارض (1/188 ـ 189).


لقد تنوعت عبارة السلف وغيرهم في بيان حقيقة العقل، وغالب هذا التنوع في عبارات السلف يرجع إلى الجهة التي نظر إليها ذلك الواصف.
فمن السلف من نظر إلى العقل باعتبار أصله في الإنسان، وطريق حصوله، فقال: إن العقل غريزة، نُقِل ذلك عن الإمام أحمد وابن المبارك[1]، وكأنهم أرادوا بذلك التقرير بأن العقل خَلقُ الله ابتداءً، وليس باكتساب للعبد، كما زعمه بعض الفلاسفة[2].
ومنهم من عبر عن العقل بالنظر إلى عمله ووظيفته، فقال: العقل آلة التمييز، نُقِل ذلك عن الإمام الشافعي وغيره[3].
والواقع أن بيان معنى العقل في الاصطلاح يختلف باختلاف موارد إطلاقه، فحقيقة العقل تتحقق على أربعة معانٍ، وهي:
1 ـ الغريزة التي بها يعقل الإنسان.
2 ـ العلوم الضرورية والمعارف الفطرية؛ كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، وأن الضدين لا يجتمعان.
وهذان العقلان يشترك فيهما جميع العقلاء على حدٍّ سواء، ويُفَرَّقُ بهما بين المجنون الذي رفع عنه القلم وبين العاقل الذي جرى عليه القلم.
وهذا القدر من العقل هو مناط التكليف، ولا يتعلق به لذاته مدحٌ ولا ذم، ولِذا فقد يوصف به الكفار.
3 ـ العلوم المكتسبة، والمعارف النظرية، وهي التي تدعو الإنسان إلى فعل ما ينفعه وترك ما يضره.
ويدخل في ذلك فهم ما في القرآن من الآيات والعبر.
وفاقد هذا القدر من العقل يسمى جاهلاً، أو غبيًّا وأحمق، ولا يسقط أصل التكليف بسقوطه، بخلاف سابقه.
4 ـ العمل بالعلم، فهو يدخل في مسمى العقل؛ بل هو من أخص ما يدخل في اسم العقل الممدوح.
والعقل بهذا الإطلاق هو عقل التأييد، الذي يكون مع الإيمان، وهو عقل الأنبياء والصدِّيقين.
وهذان العقلان (الثالث والرابع) هما مناط المدح والذم، فمن فقدهما ذُمَّ، وهما بمجموعهما المرادان فيما جاء في القرآن من مدح من يعقل وذم من لا يعقل؛ كقوله تعالى عن الكافرين: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ *} [البقرة] [4].


[1] انظر: روضة العقلاء للبستي (17) [دار الكتب العلمية، 1397هـ]، وتفسير القرطبي (1/370)، وذم الهوى لابن الجوزي (5) [دار السعادة، ط1، 1380هـ]، والمسودة لآل تيمية (497) [دار المدني]، ومجموع الفتاوى (9/287) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، والصفدية (2/331) [دار الفضيلة، 1421هـ]، ودرء تعارض (6/50)، وبغية المرتاد (257)، وشرح مختصر الخرقي للزركشي (3/368) [دار الكتب العلمية، ط1، 1423هـ].
[2] انظر: العدة في أصول الفقه لأبي يعلى (1/86).
[3] انظر: بغية المرتاد (264)، والبحر المحيط في أصول الفقه للزركشي (1/65) [دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ]، والتحبير شرح التحرير (1/255) [مكتبة الرشد، ط1، 1421هـ]، وممن قال بهذا القول أيضًا: السمعاني، كما في الانتصار لأصحاب الحديث (80) [مكتبة أضواء المنار، ط1، 1417هـ]، وقواطع الأدلة في أصول الفقه (2/47) [دار الكتب العلمية، 1418هـ]، والسجزي، كما في الرد على من أنكر الحرف والصوت (85) [دار الراية، ط1، 1414هـ].
[4] انظر: إحياء علوم الدين (1/85 ـ 86) [دار المعرفة]، والأذكياء لابن الجوزي (10 ـ 11) [مكتبة الغزالي]، وبغية المرتاد (249 ـ 260) [مكتبة العلوم والحكم، ط1، 1408هـ]، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (9/286 ـ 287) (16/336 ـ 337) (18/338)، ومفتاح دار السعادة لابن القيم (1/117) [دار الكتب العلمية]، تفسير القران الكريم (سورة الفاتحة والبقرة) لابن عثيمين (2/420) [دار ابن الجوزي، ط1، 1423هـ]، والأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد لسعود العريفي (27 ـ 31) [دار عالم الفوائد، ط1، 1419هـ].


لقد أكرم دين الإسلام العقل، وأعطاه مكانته اللائقة به، فمن مظاهر تكريم الإسلام للعقل وتوسطه فيه:
1 ـ ما ورد في كتاب الله من الثناء على أرباب العقول والألباب، وتخصيصهم بالخطاب، وقصر الانتفاع بالذكر والموعظة عليهم؛ كقوله تعالى: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ *} [البقرة] .
2 ـ أن الإسلام قد جعل التكليفَ منوطًا بوجود العقل، فالعقل شرط للتكليف، والخطاب الشرعي لا يتعلق إلا بالعاقل[1]، قال صلّى الله عليه وسلّم: «رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يبرأ، أو يعقل»[2].
3 ـ أن الله قد ذم الذين عطَّلوا عقولهم عن غاياتها، واكتفوا بالتقليد الأعمى لمُعَظَّميهم، فقال: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ *} [البقرة] .
4 ـ أن الإسلام قد حرَّم الاعتداء على العقل بما يفسده ويذهبه، أو ينقص منه، وذلك بتحريمه للمسكرات والمفتِّرات، كما في الحديث: «كل مسكر خمر، وكل خمر حرام»[3].
إلى غير ذلك من مظاهر تكريم الإسلام للعقل، وما أناطه به من تفكر في الآيات الكونية والشرعية، وتفهمٍ لمعاني النصوص وأوجه دلالاتها وفوائدها، وتدبرٍ في دقائق ملكوت السماوات والأرض، فهذه الوظائف ونحوها هي المرادة بالنصوص الدالة على تكريم العقل والإشادة به، وهي من الأمور التي يدركها العقل؛ إذ هي من عالم الشهادة بالنسبة له، أو مما له فيها مجال من تفهمٍ لمعاني عالم الغيب، وليس المراد بتلك النصوص المكرمة للعقل أن يستخدم هذا العقل في الخوض في حقائق ما حجب عنه من عالم الغيب مما لا يقع تحت حواسِّه، وبمعارضة النصوص الإلهية والنبوية المبينة لأحكام وأخبار ذلك العالم؛ بل إن ذلك انتكاسة به عما أريد به، ومناقضة للغاية التي خلق العقل من أجلها.


[1] انظر: الموافقات للشاطبي (3/27) [دار المعرفة].
[2] أخرجه أبو داود (كتاب الحدود، رقم 4402)، والترمذي (أبواب الحدود، رقم 1423) وحسَّنه، وابن ماجه (كتاب الطلاق، رقم 2042)، وأحمد (2/372) [مؤسسة الرسالة، ط1] واللفظ له، وابن خزيمة (كتاب الصلاة، رقم 1003)، والحاكم (كتاب الصلاة، رقم 949) وصحَّحه، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (رقم 3512).
[3] أخرجه مسلم (كتاب الأشربة، رقم 2003).


قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: «وكذلك إذا قيل: ما حدّ العقل؟ فلا تطمع في أن تحدّه بحد واحد، فإنه هوس؛ لأن اسم العقل مشترك يطلق على عدة معان؛ إذ يطلق على بعض العلوم الضرورية، ويطلق على الغريزة التي يتهيّأ بها الإنسان لدرك العلوم النظرية، ويطلق على العلوم المستفادة من التجربة حتى إنَّ من لم تحنّكه التجارب بهذا الاعتبار لا يسمَّى عاقلاً، ويطلق على من له وقار وهيبة وسكينة في جلوسه وكلامه، وهو عبارة عن الهدوء، فيقال: فلان عاقل؛ أي: فيه هدوء، وقد يطلق على من جمع العمل إلى العلم حتى إنَّ المفسد ـ وإن كان في غاية من الكياسة ـ يمنع عن تسميته عاقلاً... فإذا اختلفت الاصطلاحات فيجب بالضرورة أن تختلف الحدود»[1].
وقال السمعاني رحمه الله ناقلاً عن «بعض علماء السُّنَّة: العقل نوعان: عقل أعين بالتوفيق، وعقل كيد بالخذلان.
ـ فالعقل الذي أعين بالتوفيق يدعو صاحبه إلى موافقة أمر الآمر المفترض الطاعة والانقياد لحكمه، والتسليم لما جاء عنه، وترك الالتفات إلى ما خالف أمره، أو وافق نهيه.
ـ والعقل الذي كيد يطلب بتعمقه الوصول إلى علم ما استأثر الله بعلمه، وحجب أسرار الخلق عن فهمه، حكمة منه بالغة ليعرفوا عجزهم عن درك غيبه، ويسلموا لأمره طائعين»[2].
وقال ابن تيمية رحمه الله: «العقل مستلزم لعلوم ضرورية يقينية، وأعظمها في الفطرة: الإقرار بالخالق»[3].
وقال ابن القيِّم رحمه الله: «العقل عقلان: عقل غريزة، وهو أب العلم ومربيه ومثمره، وعقل مكتسب مستفاد، وهو ولد العلم وثمرته ونتيجته، فإذا اجتمعا في العبد، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، واستقام له أمره، وأقبلت عليه جيوش السعادة من كل جانب، وإذا فقد أحدهما، فالحيوان البهيم أحسن حالاً منه»[4].
وقال السفاريني رحمه الله: «إن الله تعالى خلق العقول، وأعطاها قوة الفكر، وجعل لها حدًّا تقف عنده من حيث ما هي مفكرة، لا من حيث ما هي قابلة للوهب الإلهي، فإذا استعملت العقول أفكارها فيما هو في طورها وحدها ووفت النظر حقه، أصابت بإذن الله تعالى، وإذا سلطت الأفكار على ما هو خارج عن طورها ووراء حدها الذي حده الله لها، ركبت متن عمياء، وخبطت خبط عشواء، فلم يثبت لها قدم، ولم ترتكن على أمر تطمئن إليه، فإن معرفة الله التي وراء طورها مما لا تستقل العقول بإدراكها من طريق الفكر وترتيب المقدمات، وإنما تدرك ذلك بنور النبوة وولاية المتابعة، فهو اختصاص إلهي يختص به الأنبياء وأهل وراثتهم مع حسن المتابعة، وتصفية القلب من وضر البدع والفكر من نزغات الفلسفة، والله يختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم»[5].


[1] المستصفى من علم الأصول (1/23) [دار إحياء التراث العربي].
[2] الحجة في بيان المحجة للأصبهاني (2/315).
[3] انظر: مجموع الفتاوى (16/336).
[4] مفتاح دار السعادة (1/117) [دار الكتب العلمية].
[5] لوامع الأنوار البهية (1/105).


المسألة الأولى: موافقة النقل الصحيح الصريح للعقل الصحيح، ونفي التعارض بينهما:
ومعنى ذلك: أن أهل السُّنَّة ينفون إمكان التعارض بين ظاهر دلالات الكتاب والسُّنَّة الصحيحة مع ما تقتضيه العقول المستقيمة الباقية على فطرتها، والسالمة من الشبهات الفاسدة، والشوائب الفلسفية والكلامية الباطلة.
وأما العقول الفاسدة، فإن نفت شيئًا مما دلَّ عليه ظاهر الكتاب وصحيح السُّنَّة، فإن اللازم حتمًا تقديم ما دلَّ عليه الكتاب والسُّنَّة[1].
ومما يدل على هذا الأصل ما يلي:
1 ـ أن القرآن قد دلَّ على رد الناس إلى الكتاب والسُّنَّة عند التنازع، لا إلى العقول، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً *} [النساء] .
وهذا موجب لتقديم السمع على العقل الفاسد عند وقوع التعارض[2].
2 ـ إجماع الصحابة وسلف الأمة على تقديم الشرع على العقل والهوى.
فلم يعارض أحد منهم ما جاء في الكتاب والسُّنَّة برأيه ولا ذوقه ولا معقوله ولا قياسه ولا وَجْده، فضلاً عن أن يقول أحد منهم: يجب تقديم العقل؛ بل أقروا به، وسلموا له[3].
3 ـ أن العقل يصدق الشرع في كل ما أخبر به، في حين أن الشرع لم يصدق العقل في كل ما أخبر به، فوجب على ذلك تقديم الشرع على العقل ـ على التنزل بوقوع التعارض؛ لأن العقل دلَّ على أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم يجب تصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر، والعقل يدل على صدق الرسول دلالة عامة، ولا عكس[4].
4 ـ أن العقل قد دلَّ على صحة النقل وسلامته، فلو أبطلنا النقل بتقديم العقل عليه لكنا قد أبطلنا دلالة العقل الذي دلَّ على سلامة النقل، وإذا بطلت دلالة العقل لزم ألا يكون العقل دليلاً صحيحًا، وإذا لم يكن دليلاً صحيحًا لم يجز أن نتبعه بحال، فضلاً عن أن نتَّبعه إذا عارض النقل، فبطل تقديم العقل على النقل[5].
5 ـ أن تقديم العقل والهوى على الشرع سُنَّة إبليس، حيث أعرض عن أمر الله بالسجود لآدم بقياس عقلي فاسد، فكان أول من قاس برأيه، فجمع بين الظلم والكبر والعصيان[6].
6 ـ أن تقديم العقل على النقل يلزم منه أن كل من اشتبه عليه شيء مما جاء في الشرع، ووجد في عقله معارضًا له، أن يترك الشرع الحكيم، ويقدم رأيه وما أملاه عليه عقله، وفي هذا من القدح في الدين ما لا يعلمه إلا الله، وهو يفضي بصاحبه إلى أن يكون من{الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الأنعام: 159] [7].
7 ـ أن إحالة الناس إلى العقول تؤدي بهم إلى الاضطراب والاختلاف والتناقض، فإن عقول الناس مختلفة، ومداركهم متفاوتة، وأهواؤهم متباينة، فلا بد أن يقع الاختلاف بينهم قطعًا، فإحالتهم إلى العقول توجب أن يحال الناس على شيء لا سبيل إلى ثبوته ومعرفته ولا اتفاق للناس عليه.
وأما إحالتهم إلى الشرع فإنها تؤدي إلى الاتفاق والائتلاف والاجتماع، ذلك أن الشرع هو في نفسه قول الصادق، وهذه صفة لازمة له، لا تختلف باختلاف أحوال الناس وعقولهم، ولهذا أمر الله بالرد إلى الشرع عند التنازع، وهذا موجب لتقديم النقل على العقل[8].
المسألة الثانية: القرآن والسُّنَّة قد جاء فيهما ذكر الأدلة العقلية السليمة:
فإن النصوص القرآنية والنبوية قد جاء فيها بيان الأدلة السمعية الخبرية المبنية على صدق المخبر، كما جاء فيها أيضًا بيان البراهين والحجج العقلية الصحيحة التي يهتدي بها الناس، سواء في الاعتقاديات؛ كإثبات الله وتوحيده وصدق رسله وإثبات المعاد وغيره، أو في العمليات، ومن ذلك الأمثال المضروبة في القرآن، وكذا الأدلة العقلية المضروبة على إثبات التوحيد والبعث والجزاء وعلى إبطال الشرك وصدق الرسل ونحو ذلك[9]؛ بل إن تلك الأدلة والبراهين العقلية الصحيحة من الميزان الذي أنزله الله تعالى، والذي قال الله تعالى فيه: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25] ، حيث فُسِّر الميزان بأنه «الحق الذي تشهد به العقول الصحيحة المستقيمة، المخالفة للآراء السقيمة»[10].
المسألة الثالثة: الشريعة قد تأتي بمحارات العقول، ولكنها لا تأتي بمحالاتها:
أي: أن الشريعة قد تأتي بما تتحير عقول بعض الناس فيه، وتعجز عن معرفته وتصوره، أو تعجز عن إدراك تفصيله، وإن كانت تعلمه مجملاً، ولكنها ـ أي: الشريعة ـ لا تأتي بما يقطع العقل باستحالته وبطلانه؛ كالجمع بين الضدين ونحوه، وكلُّ ما يرد على العقل من توهُّمِ معارضةٍ لبعض النصوص إنما هي أوهامٌ فاسدة، مختصة بعقل معين، القدح يتوجه إليها لا إلى النص، وعلى هذا فإن ما جاء به المتكلمون وأهل البدع من عقليات عارضوا بها النصوص، ليست هي من أصول دين المرسلين، إنما هي من أصول دينهم هم، وبطلانها معلوم شرعًا وعقلاً[11].
المسألة الرابعة: مكان العقل:
اختلف العلماء وأهل الكلام في مكان العقل من جسد الإنسان:
فقيل: إنه في الدماغ؛ أي: في الرأس.
والقول الثاني: أنه في القلب الذي في تجويف الصدر، واحتجوا بمثل قوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ *} [الحج]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «العقل قائم بنفس الإنسان التي تعقل، وأما من البدن فهو متعلق بقلبه، كما قال تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} [الحج: 46] . وقيل لابن عباس: بماذا نلت العلم؟ قال: بلسان سؤول وقلب عقول. لكن لفظ: (القلب) قد يراد به المضغة الصنوبرية الشكل التي في الجانب الأيسر من البدن، التي جوفها علقة سوداء، كما في الصحيحين عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد، وإذا فسدت فسد لها سائر الجسد» [12]. وقد يراد بالقلب: باطن الإنسان مطلقًا، فإن قلب الشيء باطنه وعلى هذا فإذا أريد بالقلب هذا فالعقل متعلق بدماغه أيضًا، ولهذا قيل: إن العقل في الدماغ، كما يقوله كثير من الأطباء، ونقل ذلك عن الإمام أحمد، ويقول طائفة من أصحابه: إن أصل العقل في القلب، فإذا كمل انتهى إلى الدماغ.
والتحقيق: أن الروح التي هي النفس لها تعلق بهذا وهذا، وما يتصف من العقل به يتعلق بهذا وهذا، لكن مبدأ الفكر والنظر في الدماغ، ومبدأ الإرادة في القلب، والعقل يراد به العلم، ويراد به العمل، فالعلم والعمل الاختياري أصله الإرادة، وأصل الإرادة في القلب، والمريد لا يكون مريدًا إلا بعد تصور المراد، فلا بد أن يكون القلب متصورًا فيكون منه هذا وهذا، ويبتدئ ذلك من الدماغ، وآثاره صاعدة إلى الدماغ، فمنه المبتدأ، وإليه الانتهاء، وكلا القولين له وجه صحيح»[13].


[1] انظر: درء تعارض العقل والنقل (1/170) [دار الكتب العلمية، 1417هـ]، ومنهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل لجابر إدريس (1/176) [دار أضواء السلف، ط1، 1419هـ].
[2] الأم للشافعي (2/228) [دار المعرفة، ط2، 1393هـ].
[3] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (13/28 ـ 29) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، والاعتصام (2/331 ـ 332) [دار المعرفة، 1402هـ]، وانظر: (2/336).
[4] انظر: درء التعارض (1/138، 141).
[5] انظر: درء التعارض (1/170 ـ 171)، والصواعق المرسلة (3/807) [دار العاصمة، ط3، 1418هـ]، والمنهج السلفي لمفرح القوسي (385) [دار الفضيلة، ط1، 1422هـ].
[6] انظر: التنبيه والرد للملطي (81) [المكتبة الأزهرية للتراث، 1418هـ]، والصواعق المرسلة (3/998)، وإعلام الموقعين (1/254 ـ 256) [دار الجيل، 1973م]، وشرح العقيدة الطحاوية (226) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1411هـ]، والمنهج السلفي (386).
[7] انظر: درء التعارض (1/155، 178) (5/256، 258)، والصواعق المرسلة (3/870، 900، 1067، 1122).
[8] انظر: الرد على الجهمية للدارمي (127) [دار ابن الأثير، ط2، 1416هـ]، ودرء تعارض العقل والنقل (1/146 ـ 147) (9/334).
[9] انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (2/46 ـ 47) (6/292) (9/239 ـ 240) (12/82) (17/444) (19/159 ـ 162، 176)، ودرء التعارض (1/28، 198 ـ 199) (9/37)، وشرح الطحاوية لابن أبي العز (85، 114).
[10] تفسير ابن كثير (8/27) [دار طيبة، ط2، 1420هـ]، وانظر: منهاج السُّنَّة (2/110) [مؤسسة قرطبة، ط1، 1406هـ]، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (3/296 ـ 297، 331) (6/71 ـ 72) (9/227) (14/62).
[11] انظر: درء التعارض (1/147) (3/296) (5/297) (7/327)، ومجموع الفتاوى (2/312) (3/339) (5/28 ـ 30) (11/243 ـ 244) (16/251 ـ 252، 442 ـ 443، 469) (17/44) (33/172 ـ 173)، والجواب الصحيح (4/309، 391 ـ 403) [مطبعة المدني]، وبيان تلبيس الجهمية (1/333) [مطبعة الحكومة، ط1]، والصواعق المرسلة (3/830)، والاعتصام للشاطبي (2/308 ـ 310)، وشرح نونية ابن القيم لابن عيسى (2/344).
[12] أخرجه البخاري (كتاب الإيمان، رقم 52)، ومسلم (كتاب المساقاة، رقم 1955).
[13] مجموع الفتاوى لابن تيمية (9/303 ـ 304)، وانظر: مفتاح دار السعادة (1/194 ـ 195).


موقف المخالفين من العقل يتبين من ناحيتين:
الناحية الأولى: في تعريف العقل وبيان ماهيته.
ففي هذا الجانب كانت الفلاسفة أبرز من ضل وابتدع فيه، ذلك أنهم جعلوا العقل جوهرًا قائمًا بنفسه، لا مجرد عرض كما هو الصحيح، ثم اضطربوا في تعيينه:
1 ـ فمنهم من أطلق اسم (العقل) أو (العقل الفعَّال) أو (العاقل) و(المعقول) على الله تعالى، فعند هؤلاء أن الله عقل محض مفارق للمادة، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا.
2 ـ ومنهم من زعم أن هناك عقلاً مدبرًا للعالم، محركًا للأجرام السماوية، وادَّعى أنه قديم.
3 ـ ومنهم من يطلق مصطلح العقل على بعض الملائكة[1].
ولهم في ذلك أقوال أخر، وتفصيلات كُثُر.
وأما المتكلمون فمنهم من وافق الفلاسفة على كون العقل جوهرًا[2]، وعامة المتكلمين عرَّفوا العقل بمجموعة من العلوم الضرورية[3].
ودخول العلوم الضرورية في مفهوم العقل لا إشكال فيه، إلا أنه تعريف قاصر، فالعقل أشمل من ذلك، إذ يدخل فيه العمل بالعلم كما تقدم[4].
الناحية الثانية: في الموقف من العقل ـ أي: العقل الإنساني ـ ومدى اعتماده والاحتجاج به.
فقد كان أهل الضلال في ذلك على اتجاهين:
الاتجاه الأول: اتجاه الغلوّ والإفراط:
لقد ذهبت كثير من الفرق الضالة إلى اعتماد الدليل العقلي والاحتجاج به، وفرض المعارضة بينه وبين الدليل النقلي، ثم قدموا ما دلَّ عليه العقل ـ بل ما دلَّت عليه عقولهم المختصة ـ على الدليل النقلي.
فهؤلاء قد جعلوا العقل حجة قاطعة، لا يقوى على معارضته شيء من السمع ونحوه، وقد كانوا في ذلك تابعين لأسلافهم من الفلاسفة والصابئين.
وأول من قدم العقل على النقل من الطوائف المنتسبة للإسلام: فرقة الجهمية، وذلك في القرن الثاني من الهجرة، ثم تبعتها سائر فرق المبتدعة؛ كالمعتزلة[5]، والأشاعرة[6]، والماتريدية[7]، وغيرهم ممن غلا في شأن العقل، واعتمد الطرق الفلسفية والقواعد الكلامية منهجًا له ومصدرًا في تقرير العقيدة ابتداءً، وجعل تلك الطرق حاكمة على الشرع، معارضة له، ومقدَّمة عليه، فالنقل عنده تابع لا متبوع، فما وافق العقل قبله، وما خالفه تركه.
ولقد انبنى على هذا المبدأ عامة الضلالات والبدع التي ذهب إليها المتكلمون، فهم قد اتفقوا على تقديم عقولهم الفاسدة المضطربة على النص الشرعي، وقرروا ذلك تأصيلاً وتطبيقًا:
أما التأصيل: فقد أصَّلوا إمكانية وقوع التعارض بين العقل والنقل، وقرروا تقديم العقل على النقل عند وقوع ذلك التعارض، والنقل إما أن يؤوَّل تبرعًا، أو يفوَّض، ولا يقال بظاهره أبدًا؛ لمعارضته للعقل ـ زعموا ـ، وهذا التأصيل يكادون يتفقون عليه في الجملة.
وأما التطبيق: فإنهم عندما تكلموا على مفصَّل أبواب الاعتقاد (وهو ما يسمونه: علم الكلام)؛ كالكلام في أسماء الله الحسنى، وصفاته العُلا، أو في باب الإيمان، أو القدر، أو النبوات، وغيرها من أبواب العقيدة، فإننا نراهم يطرحون نصوص الشرع جانبًا بأدنى معارض عقلي، ويأتون بأدلة يزعمونها عقلية، وهي في الحقيقة شبهٌ كلامية مستقاة من أصول فلسفية، فيجعلونها حكمًا على الوحي، ويلوون أعناق النصوص طلبًا لسلامة تلك القواعد الفلسفية[8].
ويلتحق بأصحاب هذا الطرف الغالي في العقل سائر من غلا في العقل؛ كأصحاب الاتجاه العقلاني المعاصر، والذين ردُّوا كثيرًا من نصوص العقائد والشرائع أيضًا بناء على ما تمليه عقولهم الفاسدة، وأهواؤهم المنحرفة.
الاتجاه الثاني: اتجاه التقصير والتفريط:
وهم الذين ألغوا العقول وعطلوها عما خلقت له من التفكر والتدبر والنظر السليم.
فيدخل في هذا الطرف أهل التفويض والتجهيل من المتكلمين من هذه الناحية، وهم الذين عطَّلوا عقولهم عن معرفة معاني ما خاطبنا الله به من أسماءه وصفاته.
كما يدخل فيهم غلاة الصوفية ممن ألغوا العقول، وآمنوا بما ينافي العقل والنقل؛ كاستحسانهم الجهل بمعاني النصوص وعدم فهمها؛ بل ومدح بعضهم للسُّكر وغياب العقل بالكليَّة[9]، فاستهوتهم الشياطين، فتركوا البين من الأدلة، واعتمدوا على الكشف والذوق والوجد ونحوها[10].


[1] انظر: الملل والنحل للشهرستاني (2/184) [دار المعرفة، 1404هـ]، وتفسير القرطبي (1/370)، بغية المرتاد (251، 255)، ومقدمته لموسى الدويش (97 ـ 99)، والصفدية (1/200)، والكليات للكفوي (618) [مؤسسة الرسالة، 1419هـ]، وأرسطو المعلم الأول لماجد فخري (73 ـ 74) [المطبعة الكاثوليكية، بيروت].
[2] انظر: العدة في أصول الفقه لأبي يعلى (1/77)، وذم الهوى لابن الجوزي (5)، والتعريفات للجرجاني (152) [دار الكتاب العربي، ط1، 1405هـ].
[3] انظر: المغني في أبواب العدل والتوحيد لعبد الجبار المعتزلي (11/371)، والإرشاد للجويني (36)، والمواقف للإيجي (146) [مكتبة الخانجي، ط3، 1422هـ]، وانظر كذلك: منهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل لجابر إدريس (1/77) [دار أضواء السلف، ط1].
[4] انظر: بغية المرتاد لابن تيمية (271).
[5] انظر: شرح الأصول الخمسة لعبد الجبار المعتزلي (88) [مكتبة وهبة، ط2، 1408هـ].
[6] قانون التأويل للغزالي (10) [المكتبة الأزهرية للتراث، ط1، 2006م]، والمستصفى له (2/137 ـ 138) [دار الكتب العلمية، ط1، 1413هـ]، ومن كتب الرازي: أساس التقديس (193 ـ 194) [دار الجيل، ط1، 1413هـ]، والمطالب العالية (1/337) [دار الكتب العلمية، ط1، 1420هـ]، ولباب الأربعين (36)، والمحصل (142)، والتفسير الكبير (7/123) [دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ].
[7] انظر: شرح المواقف للجرجاني الماتريدي (2/56، 57) (8/24، 110) [دار الجيل، ط1، 1417هـ]، وشرح إحياء علوم الدين للزبيدي (2/105)، وانظر كذلك: درء التعارض (5/244 ـ 245)، والصواعق المرسلة (3/1069 ـ 1071). وقد تصدى لهؤلاء المبتدعة جمعٌ من أئمة السُّنَّة، حيث رد عليهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه النفيس: درء تعارض العقل والنقل، ويسمى أيضًا بـ: موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول، وذكر في الرد: أربعة وأربعين وجهًا، انتظمت في عشرة مجلدات مطبوعة، كما رد عليهم الإمام ابن القيم رحمه الله في كتابه: الصواعق المرسلة، فذكر في الرد واحدًا وأربعين ومئتي وجهٍ (الصواعق المرسلة: 3/796 إلى نهاية المجلد الرابع).
[8] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (5/29).
[9] انظر طرفًا من ذلك في: الفتوحات المكية لابن عربي الصوفي (1/89) [دار صادر].
[10] انظر: مذهب أهل التفويض لأحمد القاضي (456 ـ 462).


1 ـ «الأدلة العقلية النقلية على أصول الاعتقاد»، لسعود العريفي.
2 ـ «الأصول التي بنى عليها المبتدعة مذهبهم في الصفات»، لعبد القادر محمد عطا صوفي.
3 ـ «الاعتصام»، للشاطبي.
4 ـ «بغية المرتاد»، لابن تيمية، مع مقدمته لموسى الدويش.
5 ـ «الحجة في بيان المحجة»، لقوام السُّنَّة الأصبهاني.
6 ـ «درء تعارض العقل والنقل»، لابن تيمية.
7 ـ «الصواعق المرسلة»، لابن القيِّم.
8 ـ «مجموع الفتاوى»، لابن تيمية.
9 ـ «منهج السلف والمتكلمين في موافقة العقل للنقل»، لجابر إدريس أمير.
10 ـ «الموافقات»، للشاطبي.