حرف الألف / الاتّباع

           

الاتّباع مصدر الفعل: اتَّبَع، يقال: تَبِعَه تَبَعًا، واتَّبعَه اتِّباعًا[1]. قال ابن فارس رحمه الله : «التاء والباء والعين أصل واحد لا يشذّ عنه من الباب شيءٌ، وهو: التُّلُوُّ والقَفْو. يقال: تبِعْتُ فلانًا: إذا تَلَوْتَه واتّبعْتَه. وأتْبَعْتُهُ؛ إذا لحِقْتَه»[2]. واتّبع القرآن: ائتمَّ به وعمل بما فيه.
والاتِّباع في الأصل اقتفاء أثر الماشِي، ثمّ استعمل في العمل بمثل عمل الغير، كما في قوله: {وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ} [التوبة: 100] ، ثمّ استعمل في امتثال الأمر، والعمل بما يأمر به المتبوع، فهو الائتمار[3].


[1] المحكم والمحيط الأعظم لابن سيده (2/56) [دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ].
[2] مقاييس اللغة (1/362) [دار الجيل، ط2، 1420هـ].
[3] التحرير والتنوير للطاهر بن عاشور (7/423 ـ 424) [دار سحنون، 1997م].


الاتّباع في الشّرع: هو الأخذ بما جاء في القرآن وصح في السُّنَّة، والتسليم لهما، والائتمار بأوامرهما، والانتهاء عن نواهيهما.
قال الإمام السمعاني رحمه الله : «الاتّباع عند العلماء هو: الأخذ بسنن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التي صحت عنه عند أهلها ونَقَلَتِها وحُفَّاظها، والخضوع لها، والتسليم لأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم فيها تقليد لمن أمر الله بتقليده، والائتمار بأمره، والانتهاء عما نهى الله عنه»[1].
العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي:
يتّفق المعنى اللغوي والشرعي للاتّباع بالنظر إلى أصل المعنى، وهو التلوّ والقفو.
وأما عند النظر إلى الأمر المُتَّبَع، وإلى منهج الاتّباع وطريقته، فإن العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي للاتّباع تكون علاقة عموم وخصوص؛ فإن المعنى اللغوي للاتّباع شامل لاتّباع أيّ متبوع، على أي طريقة كانت، سواء كان محمودًا أم مذمومًا، وأما الاتباع الشرعي فإنه مختص باتّباع أمر الله وأمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم ، على وفق ما شرعه الله ورسوله.


[1] الانتصار لأصحاب الحديث لأبي المظفر السمعاني (55) [مكتبة أضواء المنار، ط1، 1417هـ].


لقد أوجب الله على عباده طاعة رسوله صلّى الله عليه وسلّم ، وأمرهم بطاعته واتّباع أمره، وحذَّرهم من مخالفته ومعصيته وترك طاعته، كما سيأتي ذلك في الأدلة.
قال الإمام الشافعي رحمه الله : «ففرض الله على الناس اتّباع وحيه وسنن رسوله صلّى الله عليه وسلّم ، فقال في كتابه: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيْهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ *} [البقرة] ...، فذكر الله الكتاب، وهو: القرآن، وذكر الحكمة، فسمعت من أرضى من أهل العلم بالقرآن يقول: الحكمة سُنَّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وأن الله افترض طاعة رسوله وحتَّم على الناس اتباع أمره، فلا يجوز أن يقال لقوله: فرض، إلا لكتاب الله ثم سُنَّة رسوله صلّى الله عليه وسلّم »[1]، «وكل ما سَنَّ فقد ألزمنا الله اتباعه، وجعل في اتباعه طاعته، وفي العنود[2] عن اتباعها معصيته التي لم يعذر بها خلقًا، ولم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجًا»[3].


[1] الرسالة للإمام الشافعي (76 ـ 78) [دار الكتب العلمية، تحقيق: أحمد شاكر].
[2] العنود: العتو والطغيان، أو الميل والانحراف.
[3] المرجع السابق (88).


اتّباع أمر الله وأمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم يكون بأمور؛ منها:
1 ـ الاقتداء بالنبي صلّى الله عليه وسلّم والتأسي به[1].
قال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا *} [الأحزاب] .
2 ـ تحكيم السُّنَّة والتحاكم إليها.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً *} [النساء] .
3 ـ الرضا بحكم الرسول صلّى الله عليه وسلّم وشرعه.
قال تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا *} [النساء] .
وفي «الصحيح» مرفوعًا: «ذاق طعم الإيمان: من رضي الله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولاً»[2].
4 ـ الوقوف عند حدود الشريعة؛ فلا يزيد عليها بإحداث وابتداع، ولا ينقص منها شيئًا بالقول أو الفعل.
ومما يعلم من الشريعة أن الاتّباع المحض المطلق لا يكون إلا لله وللرسول صلّى الله عليه وسلّم ، وأما طاعة الآخَرين ـ كالوالدَين، وولاة الأمر من العلماء والأمراء ـ فإنها تابعة لطاعة الله ورسوله[3].


[1] انظر: تفسير ابن كثير (6/391).
[2] أخرجه مسلم (كتاب الإيمان، رقم 34).
[3] انظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (3/346 ـ 347) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، ومحبة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بين الاتباع والابتداع لعبد الرؤوف محمد عثمان (109 ـ 120) [أطروحة ماجستير، جامعة أم القرى].


الاتباع لأمر الله ورسوله، هو أصل دين الإسلام، وهو أحد شرطي قبول العمل، فلا يكون العمل مقبولاً إلا إذا تحقق فيه إخلاص القصد لله، واتباع سُنَّة مصطفاه صلّى الله عليه وسلّم .
قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله : «ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام»[1].


[1] شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز (1/231) [مؤسسة الرسالة، ط10، 1417هـ].


المتابعة لله ولرسوله من أعظم الأصول التي قررها أهل السُّنَّة والجماعة، والتي تميزوا بها عن عامة الطوائف المبتدعة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «ثم من طريقة أهل السُّنَّة والجماعة: اتّباع آثار رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باطنًا وظاهرًا»[1].


[1] العقيدة الواسطية (19 ـ 20) [مطابع جامعة الإمام، 1401هـ].


قال تعالى: {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [الأنعام: 106] .
وقال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام: 153] .
وقال سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ *} [البقرة] .
وقال جلّ جلاله : {ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ *} [محمد] .
ومما ورد في السُّنَّة في الاتباع:
قوله صلّى الله عليه وسلّم في أول رسالته إلى هرقل عظيم الروم: «سلام على من اتبع الهدى»[1].
وعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن مثلي ومثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومه، فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني، وإني أنا النذير العريان، فالنجاء. فأطاعه طائفة من قومه، فأدلجوا فانطلقوا على مهلتهم، وكذبت طائفة منهم فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني واتبع ما جئت به، ومثل من عصاني وكذب ما جئت به من الحق»[2].


[1] أخرجه البخاري (كتاب الجهاد والسير، رقم 2941)، ومسلم (كتاب الجهاد والسير، رقم 1773).
[2] أخرجه البخاري (كتاب الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة، رقم 7283)، ومسلم (كتاب الفضائل، رقم 2283).


لقد ثبت النقل عن أئمة أهل العلم في الأمر باتباع النصوص، وترك أقوالهم وأقوال غيرهم من العلماء إذا خالفتها؛ فمن ذلك:
قول الإمام الشافعي رحمه الله : «أجمع الناس على أن من استبانت له سُنَّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يكن له أن يدعها لقول أحد»[1].
وقال ابن القيم رحمه الله قبل ذكر هذا الأثر بقليل: «فمن عرض أقوال العلماء على النصوص ووزنها بها وخالف منها ما خالف النص لم يهدر أقوالهم ولم يهضم جانبهم، بل اقتدى بهم؛ فإنهم كلهم أمروا بذلك، فمتبعهم حقًّا من امتثل ما أوصوا به لا من خالفهم».
كما جاء عن جمع من أئمة الفقهاء من المذاهب الأربعة الرجوع إلى النص ولو خالف مذهب إمامهم.
فعن الإمام الشافعي رحمه الله أنه قال: «كل ما قلت فكان عن النبي بخلاف قولي مما يصح، فحديث النبي أولى، ولا تقلدوني»، وقال أيضًا: «إذا صح الحديث وقلت قولاً فأنا راجع عن قولي وقائل بذلك»[2].
وقال أصبغ بن الفرج المالكي رحمه الله : «المسح ـ يعني: على الخفين ـ عن النبي وعن أكابر أصحابه في الحضر أثبت عندنا وأقوى من أن نتبع مالكًا على خلافه»[3].


[1] الروح لابن القيم (395 ـ 396) [دار الكتب العلمية، 1395هـ].
[2] تفسير ابن كثير (1/654) [دار طيبة، ط2، 1420هـ].
[3] فتح الباري لابن حجر (1/306) [دار المعرفة]


حكم الخروج عن شريعة النبي صلّى الله عليه وسلّم:
من اعتقد أنه يسع أحدًا من الخلق الخروج عن شريعة النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم ، كما وسع الخضر أن يخرج على شريعة موسى صلّى الله عليه وسلّم ، فقد وقع في ناقض من نواقض الإسلام.
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ؛ أنه قال: «والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار»[1].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «فإن ظن أن غير هدي النبي صلّى الله عليه وسلّم أكمل من هديه، أو أن من الأولياء من يسعه الخروج عن شريعة محمد صلّى الله عليه وسلّم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام ، فهذا كافر يجب قتله بعد استتابته؛ لأن موسى عليه السلام لم تكن دعوته عامة، ولم يكن يجب على الخضر اتباع موسى عليهما السلام ، بل قال الخضر لموسى: «إني على علم من الله علمنيه الله لا تعلمه، وأنت على علم من الله علمكه الله لا أعلمه» ، فأما محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلّى الله عليه وسلّم فهو رسول الله إلى جميع الثقلين؛ الجن والإنس؛ عربهم وعجمهم؛ دانيهم وقاصيهم، ملوكهم ورعيتهم؛ زهادهم وغير زهادهم»[2].
وقال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله : «ومن اعتقد أن لأحد طريقًا إلى الله غير متابعة محمد صلّى الله عليه وسلّم ، أو لا يجب عليه اتباعه، أو أن لغيره خروجًا عن اتباعه، أو قال: أنا محتاج إليه في علم الظاهر دون علم الباطن، أو في علم الشريعة دون علم الحقيقة، أو قال: إن من العلماء من يسعه الخروج عن شريعته كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه السلام كفر في هذا كله»[3].


[1] أخرجه مسلم (كتاب الإيمان، رقم 153).
[2] مجموع الفتاوى (27/59).
[3] الرسائل الشخصية للإمام محمد بن عبد الوهاب (68) [مطابع الرياض، ط1]، وانظر: نواقض الإسلام له، ضمن المرجع السابق (214)، وتيسير العزيز الحميد (306) [عالم الكتب، ط1، 1999م].


الفرق بين التقليد والاتباع:
التقليد والاتباع يفترقان في تعريفهما، وفي حكمهما:
فأما الاتباع فإنه: قبول قول من قوله حجة ـ وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم ـ أو قبول قول القائل مع بيانه الحجة، فيشمل الصور الأربع التي سبق بيانها في حقيقة الاتباع. وهو محمود مطلقًا بهذا المعنى، بل هو أساس الاستسلام لحكم الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم .
وأما التقليد فإنه: قبول قول القائل من غير معرفة الدليل والمطالبة بالحجة. والأصل فيه المنع، إلا في حق العامي الذي لا يدرك معنى الدليل واستنباط الحكم منه، أو الشخص الذي بذل جهده في اتباع ما أنزل الله، وخفي عليه بعضه، فقلَّد فيه من هو أعلم منه[1].
قال ابن خويز منداد: «كل من اتبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك فأنت مقلده، والتقليد في دين الله غير صحيح، وكل من أوجب عليك الدليل اتباع قوله فأنت متبعه، والاتباع في الدين مسوغ، والتقليد ممنوع»[2].
وقال ابن عبد البر: «والتقليد عند جماعة العلماء غير الاتباع؛ لأن الاتباع: هو أن تتبع القائل على ما بان لك من فضل قوله وصحة مذهبه، والتقليد: أن تقول بقوله وأنت لا تعرف وجه القول، ولا معناه، وتأبى من سواه أو أن يتبين لك خطؤه فتتبعه مهابة خلافه، وأنت قد بان لك فساد قوله، وهذا محرم القول به في دين الله سبحانه»[3].
وقال أبو المظفر السمعاني: «إن الدين هو الاتباع... وأما لفظ التقليد فلا نعرفه جاء في شيء من الأحاديث وأقوال السلف فيما يرجع إلى الدين، وإنما ورد الكتاب والسُّنَّة بالاتباع، وقد قالوا: إن التقليد قبول قول الغير من غير حجة، وأهل السُّنَّة إنما اتبعوا قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وقوله نفس الحجة، فكيف يكون هذا قبول قول الغير من غير حجة»[4]
وقال ابن القيم رحمه الله : «وقد فرَّق الإمام أحمد بين التقليد والاتباع، فقال أبو داود: سمعته يقول: الاتباع أن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وعن أصحابه رضي الله عنهم، ثم هو من بعد التابعين مخيّر»[5].
وقد ذهب بعض العلماء إلى عدم التفريق بين معنى التقليد والاتباع، ورأوا أن كليهما ينقسم إلى مشروع وممنوع، وإن كان الغالب استعمال الاتباع في الاتباع المشروع، والتقليد في الاتباع المذموم[6].


[1] ينظر: جامع بيان العلم وفضله (2/989) [دار ابن الجوزي، ط2، 1416هـ]، وإعلام الموقعين (2/188) [دار الجيل، ط1973م]، والاعتصام للشاطبي (2/342 ـ 343) [دار المعرفة، 1402هـ]، والتقليد في باب العقائد وأحكامه (26 ـ 27).
[2] جامع بيان العلم وفضله (2/993).
[3] المصدر نفسه (2/787).
[4] الانتصار لأصحاب الحديث للسمعاني (59 ـ 60).
[5] إعلام الموقعين (2/200 ـ 201)، وينظر: (2/190).
[6] انظر: التقليد في باب العقائد (20 ـ 23).


إن من ثمرات الاتباع لأمر الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم ما يلي:
1 ـ تحقيق الهداية من الله، والخروج من الظلمات إلى النور.
2 ـ تحقيق محبة الله للعبد، ومغفرته له.
3 ـ تحقيق السلامة.
4 ـ مجانبة الضلال والشقاء.
5 ـ الانتفاع بالنذارة، والفوز بالمغفرة والأجر الكريم.



لقد وقع الضُّلاّل في باب الاتّباع في صور عديدة[1] من المخالفة، وهي صور ترجع إلى طريقين، بينهما تلازم؛ وهما:
الطريق الأول: ترك الاتباع المحمود:
وذلك بترك ما شرعه الله، وأمر به رسوله صلّى الله عليه وسلّم ، وعدم اتباع سُنَّته، إما لداعي شبهة، وإما لشهوة. ويندرج في ذلك ما عليه أهل الابتداع المخالفون لطريقة السلف الصالح، بجميع طوائفهم، سواء كان ابتداعهم عمليًّا، أم كان اعتقاديًّا.
الثاني: سلوك الاتباع المذموم:
ولذلك صور عديدة؛ ومنها:
1 ـ اتّباع الآباء والسادة في مخالفة أمر الشارع. ولذا كان اتّباع الآباء والسادة سببًا في ردّ دعوات الأنبياء من قبل أقوامهم المشركين، كما جاء بيانه في آيات كثيرة من كتاب الله.
قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [البقرة: 170] ، وقال: {وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ *} [الأحزاب] .
2 ـ اتباع الهوى، سواء كان الهوى في أمور الشهوات، أم في أمور الديانات، وهو الأعظم[2]، قال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ} [القصص: 50]
3 ـ اتّباع الظن الفاسد والأوهام.
قال تعالى: {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} [يونس: 36] .
4 ـ اتّباع الشيطان.
قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21] .


[1] يُنظر: الاتباع أنواعه وآثاره في بيان القرآن لمحمد مصطفى السيد (2/353 ـ 578) [المنتدى الإسلامي].
[2] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (28/132)، واتباع الهوى لسليمان الغصن (4 ـ 8) [دار العاصمة، ط2].


1 ـ «اتّباع السنن واجتناب البدع»، لضياء الدين المقدسي.
2 ـ «الاتّباع»، لابن أبي العز الحنفي.
3 ـ «الاتّباع؛ أنواعه وآثاره»، لمحمد مصطفى السيِّد.
4 ـ «اتّباع الهوى: مظاهره، خطره، علاجه»، لسليمان الغصن.
5 ـ «الاتباع بين أهل السُّنَّة ومخالفيهم»، لسيرين إلمان.
6 ـ «إعلام الموقعين»، لابن القيم.
7 ـ «الأمر بالاتباع والنهي عن الابتداع»، للسيوطي.
8 ـ «الانتصار لأصحاب الحديث»، لأبي المظفر السمعاني.
9 ـ «التقليد في باب العقائد وأحكامه»، لناصر الجديع.
10 ـ «محبة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بين الاتباع والابتداع»، لعبد الرؤوف محمد عثمان [أطروحة ماجستير، جامعة أم القرى].