القديم : العتيق، ضد الجديد أو الحديث، وهو (فعيل) من الفعل الثلاثي: (قدُم) الدال على السبق، يقال: قَدُم قِدَمًا وقِدامة فهو قديم وأقدم ومتقدِّم؛ إذا مضى على وجوده زمن طويل، وجمعه: قدماء وقدامى، ومنه قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ *} [يس] ، وأكثر ما يستعمل القديم باعتبار الزمان، وقد يستعمل في التقدم في المرتبة والشرف[1].
والقِدَمُ : نَقِيضُ الحُدوث: قَدُمَ يَقْدُم قِدَمًا وقَدامةً وتَقادَمَ وهو قدِيم[2]، ويقال: شيءٌ قديم، إذا كان زمانُهُ سالفًا[3].
[1] انظر: تهذيب اللغة (9/45 ـ 49) [الدار المصرية]، ومقاييس اللغة (878) [دار الفكر، ط2، 1418هـ]، والصحاح (5/2006 ـ 2007) [دار العلم للملايين، ط4، 1990م]، ومفردات ألفاظ القرآن (660، 661) [دار القلم، ط2، 1418]، المعجم الوسيط (2/726، 727) [دار إحياء التراث العربي].
[2] لسان العرب (12/465).
[3] مقاييس اللغة (5/65).
القِدَمُ : من الأوصاف التي يصح الإخبار بها عن الله تعالى إذا احتيج إلى ذلك، والمراد منه: الوجود الأزلي، الذي لا بداية له، وهو بمعنى: الأولية.
وتسمية الله بالأول هو الوارد في النصوص الشرعية[1].
[1] انظر: الأسماء والصفات للبيهقي (1/36) [مكتبة السوادي، ط1، 1413هـ]، والاعتقاد للبيهقي68، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (9/300ـ 301)، وبدائع الفوائد لابن القيم (1/162)، ولوامع الأنوار البهية للسفاريني (1/38).
لم يرد في الكتاب ولا السُّنَّة وصف الله تعالى بالقدم، وإن كان المعنى المقرر في الاصطلاح مستخدمًا في باب الإخبار[1].
لكن في الدلائل الشرعية من الوصف ما هو أبلغ وأدق في المعنى، وهو وصفه تعالى بالأولية، فهو دال على القدم، وعلى نفي سبوقه بالعدم.
لكن ورد وصف بعض صفاته بالقدم، فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه كان إذا دخل المسجد قال: «أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم، وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم»[2].
[1] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (9/300، 301)، وبدائع الفوائد (1/162)، لوامع الأنوار البهية (1/38).
[2] أخرجه أبو داود (كتاب الصلاة، رقم 164)، وحسنه النووي في الخلاصة (1/314) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (رقم 1606) [مكتبة المعارف، ط5].
بيَّن أهل العلم أن القدم يوصف به الله عزّ وجل على وجه الإخبار. قال أبو العباس ابن تيمية: «والناس متنازعون هل يسمى الله بما صح معناه في اللغة والعقل والشرع وإن لم يرد بإطلاقه نصٌّ ولا إجماع، أم لا يطلق إلا ما أطلق نص أو إجماع، على قولين مشهورين. وعامة النظار يطلقون ما لا نص في إطلاقه ولا إجماع كلفظ القديم والذات ونحو ذلك، ومن الناس من يفصل بين الأسماء التي يدعى بها وبين ما يخبر به عنه للحاجة وأما إذا احتيج إلى الإخبار عنه مثل أن يقال: ليس هو بقديم ولا موجود ولا ذات قائمة بنفسها ونحو ذلك. فقيل في تحقيق الإثبات: بل هو سبحانه قديم موجود وهو ذات قائمة بنفسها»[1].
وقال ابن القيم: «ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي، وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيًّا؛ كالقديم، والشيء، والموجود، والقائم بنفسه»[2].
[1] مجموع الفتاوى (9/300، 301).
[2] بدائع الفوائد (1/162).
المسألة الأولى: حكم تسمية الله بالقديم:
اسم القديم لا يصح إطلاقه في حق الله عزّ وجل، وهناك العديد من الأسماء الحسنى التي سمى الله عزّ وجل بها نفسه وهي تتضمن معنى القديم وزيادة، وتدل على معاني لا يدل عليها اسم القديم، ومن ذلك:
المسألة الثانية: اسم الله عزّ وجل (الأول).
قال شيخ الإسلام في أثناء الردّ على أهل الكلام الذين يطلقون اسم (القديم) على الله عزّ وجل: «والصواب أن القديم ما تقدم على غيره في اللغة التي جاء بها القرآن، وأما كونه كان معدومًا، أو لم يكن معدومًا، فهذا لا يُشترط في تسميته قديمًا، والله أحق أن يكون قديمًا؛ لأنه متقدم على كل شيء؛ لكن لما كان لفظ القديم فيه نواح لا تدل مطلقة على المتقدم على غيره، كان اسم (الأول) أحسن منه، فجاء في أسمائه الحسنى التي في الكتاب والسُّنَّة أنه "الأول"، وفرق بين الأسماء التي يُدعى بها وبين ما يُخبر به من الألفاظ لأجل الحاجة إلى بيان معانيها»[1].
فالصحيح الذي عليه أهل السُّنَّة والجماعة عدم صحة تسمية الله عزّ وجل بالقديم؛ لأن هذا الاسم لم يرد في كتاب الله عزّ وجل ولا فيما صح من سُنَّة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ولا قال به أحد من السلف المعتبرين.
وقال أيضًا: «وأما كون القديم الأزلي واحدًا، فهذا اللفظ لا يوجد لا في كتاب الله، ولا في سُنَّة نبيه؛ بل ولا جاء اسم (القديم) في أسماء الله تعالى، وإن كان من أسمائه (الأول). والأقوال نوعان: فما كان منصوصًا في الكتاب والسُّنَّة، وجب الإقرار به على كل مسلم، وما لم يكن له أصل في النص والإجماع، لم يجب قبوله ولا ردّه حتى يعرف معناه»[2].
وقال السفاريني: «لا يصح إطلاق القديم على الله باعتبار أنه من أسمائه، وإن كان يصح الإخبار به عنه»[3].
[1] بيان تلبيس الجهمية (5/171، 172) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط1، 1426هـ]. وانظر: الصفدية (2/85) [مكتبة ابن تيمية، ط2، 1406هـ]، ودرء تعارض العقل والنقل (2/391)، (4/139 ـ 140) [جامعة الإمام، ط2، 1411هـ]، ورسالة في العقل والروح، ضمن مجموعة الرسائل المنيرية (2/46 ـ 47) [دار إحياء التراث العربي]، وقاعدة جليلة في التوسل والوسيلة (157) [مكتبة لينة، ط1، 1412هـ]، والفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم (2/117) [مكتبة الخانجي].
[2] منهاج السُّنَّة النبوية (2/123) [جامعة الإمام، ط2، 1411هـ].
[3] لوامع الأنوار (1/38).
1 ـ «التوحيد» (ج2)، لابن منده.
2 ـ «المنهاج في شعب الإيمان» (ج1)، للحليمي.
3 ـ «الفِصل في الملل والنحل» (ج2)، لابن حزم.
4 ـ «منهاج السُّنَّة النبوية» (ج2)، لابن تيمية.
5 ـ «بيان تلبيس الجهمية» (ج5)، لابن تيمية.
6 ـ «درء تعارض العقل والنقل»، لابن تيمية.
7 ـ «قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة»، لابن تيمية.
8 ـ «الصفدية» (ج2)، لابن تيمية.
9 ـ «الجوائز والصلات من جمع الأسامي والصفات»، لصديق خان.
10 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، للتميمي.
11 ـ «بدائع الفوائد» (ج1)، لابن القيم.
12 ـ «الحجة في بيان المحجة» (ج1)، للتيمي.
13 ـ «شرح العقيدة الطحاوية» (ج2)، لابن أبي العز.
14 ـ «مجموع الفتاوى» (ج1)، لابن تيمية.
15 ـ «منهج ودراسة الأسماء والصفات»، لمحمد الأمين الشنقيطي.