حرف القاف / القنطرة

           

القنطرة : الجسر، وما ارتفع من البنيان[1]. وقيل: ما يبنى على الماء للعبور عليه[2].


[1] انظر: لسان العرب (5/118) [دار صادر، ط3].
[2] انظر: مقاييس اللغة لابن فارس (1/408)، والقاموس المحيط (599)، والمصباح المنير (2/508)، ومختار الصحاح (560).


القنطرة : المكان الذي يحبس عليه بعض المؤمنين بعد جواز الصراط وقبل دخول الجنة، للمقاصة فيما بينهم، وهي تتمة الصراط، وقيل: صراط ثان[1].


[1] انظر: التذكرة في أحوال الموتى والآخرة (392) [دار قباء للنشر]، وفتح الباري لابن حجر (5/115، 11/406) [دار الريان، ط1، 1407هـ]، ولوامع الأنوار (2/190) [المكتب الإسلامي، ط3، 1411هـ].


الإيمان بوجود القنطرة التي يحبس عليه بعض المؤمنين بعد جواز الصراط وقبل دخول الجنة، لدلالة النصوص على ذلك.



يَخلُص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة.



عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يَخلُص المؤمنون من النار، فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار، فيُقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، فوالذي نفس محمد بيده لأحدهم أهدى بمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا»[1].
ولا يصح حديث: «إن الله تعالى يجلس يوم القيامة على القنطرة التي بين الجنة والنار»[2]. ولا ما في معناه، ولا حديث: «إن لجهنم سبع قناطر»[3].


[1] أخرجه البخاري (كتاب الرقاق، رقم 6535).
[2] أخرجه العقيلي في الضعفاء (3/221) [المكتبة العلمية، ط1]، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات (1/127) [المكتبة السلفية، ط1]، وقال الألباني في السلسلة الضعيفة (12/950): «منكر».
[3] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير (7/107) [مطبعة الوطن العربي، ط1]، وأبو نعيم في الحلية (5/131) [دار الكتاب العربي، ط4، 1405هـ]، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/170) [دار الفكر، 1413هـ]: «وفيه كلثوم بن زياد وبكر بن سهل الدمياطي، وكلاهما وثق وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح».


قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «فإذا عبروا وقفوا على قنطرة بين الجنة النار، فيقتص لبعضهم من بعض فإذا هُذّبوا ونُقّوا أُذن لهم في دخول الجنة»[1].
وقال ابن القيم: «حتى إذا أهل الإيمان جاوزوا الصراط حُبسوا على قنطرة بين الجنة والنار فيهذبون وينقّون»[2].
وقال ابن أبي العز: «ثبت في الصحيحين أن المؤمنين إذا عبروا الصراط وقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيقتص لبعضهم من بعض، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة»[3].


[1] انظر: شرح العقيدة الواسطية للهراس (284).
[2] إغاثة اللهفان (1/56).
[3] شرح العقيدة الطحاوية (2/271). وانظر: ولوامع الأنوار للسفاريني (2/190).


المسألة الأولى: القصاص على القنطرة خاص بالمؤمنين:
دل حديث أبي سعيد رضي الله عنه المتقدم ذكره على أن القصاص على القنطرة خاص بالمؤمنين، وهذا من إكرام الله تعالى لأهل الجنة، فلا يشاركهم فيه أحد من الكافرين؛ ولأن القصاص بين الكفار، أو بين الكفار والمؤمنين قد سبق عبور الصراط في العرصات.
والحبس على القنطرة ليس بعام؛ بل خاصّ ببعض المؤمنين الناجين من الصراط، ممن عليهم حقوق وتبعات لإخوانهم، فهؤلاء يحبسون، حتى إذا هذبوا ونقوا دخلوا الجنة، وأما من لا مظلمة عليه لأحد، فظاهر الحديث الآنف أنه لا يوقف، ويؤكده دخول أقوام الجنة بغير حساب[1].
المسألة الثانية: موضع القنطرة:
ذكر بعض أهل العلم أنه يظهر من النصوص أن القنطرة على طرف الصراط من قبل الجنة، وقيل: إنها موضع بين الصراط والجنة[2].


[1] انظر: فتح الباري (5/116)، وفتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (3/336) [الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ط1، 1411هـ].
[2] انظر: فتح الباري (5/96، 11/399).


وللحبس على القنطرة وحصول المقاصة بين المؤمنين عدة فوائد؛ منها: إظهار عدل الله تعالى، وتطهير قلوب أهل الجنة من موجبات الغل، وتطهير النفوس الخبيثة قبل دخولها الجنة، وإسقاط العقوبات الأخروية بالنار[1].


[1] انظر: تفسير الطبري (5/493) قول أبي نضرة [دار الكتب العلمية، ط1]، والفتح (11/407)، والحسنة والسيئة (99) [مكتبة المدني]، ومنهاج السُّنَّة (6/205 ـ 238) [جامعة الإمام، ط1]، ورسائل الآخرة (3/57).


1 ـ «إغاثة اللهفان»، لابن القيم.
2 ـ «التذكرة في أحوال الموتى والآخرة»، للقرطبي.
3 ـ «رسائل الآخرة» (ج3)، للعبيدي.
4 ـ «شرح العقيدة الطحاوية»، لابن أبي العز.
5 ـ «شرح العقيدة الواسطية»، لهراس.
6 ـ «فتح الباري» (ج5)، لابن حجر.
7 ـ «لوامع الأنوار» (ج2)، للسفاريني.