حرف الكاف / الكتابة (صفة لله تعالى)

           

قال ابن فارس: «الكاف والتاء والباء أصل صحيح يدل على جمع شيء إلى شيء، من ذلك الكتاب والكتابة»[1].
والكتابة اسم، وهي صناعة كالنجارة والعطارة[2].
تقول: كتّبت الغلام تكتيبًا؛ إذا علمته الكتابة[3].


[1] مقاييس اللغة (2/434) [دار الكتب العلمية، 1420هـ].
[2] انظر: المصباح المنير (2/524).
[3] انظر: تاج العروس (4/103).


الكتابة صفة من الصفات الفعلية الخبرية الاختيارية ثابتة لله كما يليق بجلاله وعظمته، وقد جاء بيان ذلك وإثباته في القرآن الكريم والأحاديث النبوية الصحيحة[1].


[1] انظر: صفات الله الواردة في الكتاب والسُّنَّة للسقاف (289) [دار الهجرة، الرياض، ط3، 1426هـ]، ومعجم ألفاظ العقيدة (345) [مكتبة العبيكان، ط2، 1420هـ].


الْخَطُّ.



يجب الإيمان بهذه الصفة لدلالة القرآن والحديث عليها، ويجب إثباتها لله تعالى كما يليق بجلاله وكبريائه وعظمته سبحانه، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل.



الكتابة المضافة إلى الله تعالى الواردة في النصوص على أنواع:
1 ـ أمر الله تعالى القلم بالكتابة: عن عبادة بن الصامت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، قال: رب وما أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة»[1].
2 ـ كتابة الله التوراة بيده سبحانه: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم! أنت أبونا خيَّبتنا، وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟» ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فحج آدم موسى، فحج آدم موسى» ثلاثًا. وفي رواية عند مسلم بلفظ: «كتب لك التوراة بيده»[2].
3 ـ إذا قضى الله أمرًا فإنما يقول له كن فيكون: قال الله تعالى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *} [البقرة] ، وقال سبحانه: {إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ *} [آل عمران] .
وكتابة الله تعالى على قسمين:
الأول: كتابة شرعية دينية، وهذا لا يلزم منها وقوع المكتوب، فقد يقع وقد لا يقع، والله عزّ وجل يرضاها ويحب وقوعها، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا *} [النساء] .
والثاني: كتابة كونية قدرية، وهذا يلزم منها وقوع المكتوب، ومنه ما يحبه الله ومنه ما لا يحبه الله عزّ وجل، منه قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] .


[1] أخرجه أبو داود (كتاب السُّنَّة، رقم 4700)، والترمذي (أبواب تفسير القرآن، رقم 3319) وقال: حسن صحيح، وأحمد (37/378) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وغيرهم، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 2018).
[2] أخرجه البخاري (كتاب القدر، رقم 6614)، ومسلم (كتاب القدر، رقم 2652).


قال الله تعالى: {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ} [آل عمران: 181] ، وقال عزّ وجل: {كَلاَّ سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ} [مريم: 79] ، وقال : {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ *} [الأنبياء] ، وقال تبارك وتعالى : {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف: 145] .
وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام، أنزل منه آيتين، ختم بهما سورة البقرة، لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان»[1].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن الله كتب كتابًا قبل أن يخلق الخلق: إن رحمتي سبقت غضبي، فهو مكتوب عنده فوق العرش»[2].
وعنه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم! أنت أبونا خيبتنا، وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟» ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «فحج آدم موسى، فحج آدم موسى» ثلاثًا، وفي رواية عند الإمام مسلم بلفظ: «كتب لك التوراة بيده»[3].


[1] أخرجه الترمذي (أبواب فضائل القرآن، رقم 2882)، وأحمد (30/363) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والدارمي (كتاب فضائل القرآن، رقم 3430)، وابن حبان (كتاب الرقائق، رقم 782)، والحاكم (كتاب فضائل القرآن، رقم 2065) و(كتاب التفسير، رقم 3031) وصححه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (2/88) [مكتبة المعارف، ط5].
[2] أخرجه البخاري (كتاب التوحيد، رقم 7554)، واللفظ له، ومسلم (كتاب التوبة، رقم 2751).
[3] تقدم تخريجه.


قال كعب الأحبار: لم يخلق الله بيده غير ثلاث: خلق آدم عليه السلام بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده، ثم قال لها: تكلمي. قالت: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ *} [المؤمنون] [1].
وقال حكيم بن جابر: «أخبرت أن ربكم عزّ وجل لم يمس إلا ثلاثة أشياء: غرس الجنة بيده، وخلق آدم عليه السلام بيده، وكتب التوراة بيده»[2].
وقال ميسرة: «إن الله لم يمس شيئًا من خلقه غير ثلاث: خلق آدم عليه السلام بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده»[3].
وقال ابن أبي عاصم: «باب في ذكر قول ربنا عزّ وجل: سبقت رحمتي غضبي، وكتب ذلك بيده على نفسه»[4].
وقال الآجري: «باب الإيمان بأن الله عزّ وجل خلق آدم عليه السلام بيده، وخط التوراة لموسى بيده»[5].
وقال ابن منده: «بيان آخر يدل على أن الله عزّ وجل خط التوراة بيده»[6].
وقال ابن تيمية: «وأما قوله: «إن الله كتب التوراة بيده» فهذا قد روي في الصحيحين، فمن أنكر ذلك فهو مخطئ ضال، وإذا أنكره بعد معرفة الحديث الصحيح يستحق العقوبة»[7].
وقال ابن القيِّم: «ورد لفظ اليد في القرآن والسُّنَّة وكلام الصحابة والتابعين في أكثر من مائة موضع ورودًا متنوعًا متصرفًا فيه مقرونًا بما يدل على أنها يد حقيقة، من الإمساك والطي والقبض والبسط والمصافحة والحثيات والنضح باليد والخلق باليدين والمباشرة بهما، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده»[8].


[1] أخرجه الدارمي في رده على بشر المريسي (99، 100)، رقم (46) [أضواء السلف، ط1، 1419هـ]، والآجري في الشريعة (3/1185) رقم (759) [دار الوطن، الرياض، ط2، 1420هـ]، وصحح الألباني إسناده في مختصر العلو (130) [المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1412هـ] ضمن كلامه على الأثر رقم (104).
[2] أخرجه الآجري في الشريعة (3/1183) رقم (757)، وعبد الله ابن الإمام أحمد في السُّنَّة (1/295) رقم (570) [دار ابن القيم، الدمام، ط1، 1406]، وأبو بكر النجاد في الرد على من يقول القرآن مخلوق (67) رقم (98) [مكتبة الصحابة الإسلامية، الكويت، 1400هـ]؛ وذكره الذهبي في العلو للعلي الغفار (125) رقم (331) [أضواء السلف، ط1، 1995م]، وصححه الذهبي في الأربعين في صفات رب العالمين (80) رقم (77) [مكتبة العلوم والحكم، المدينة، ط1، 1413هـ]؛ والألباني في مختصر العلو (130) رقم (104).
[3] أخرجه الدارمي في رده على المريسي (98، 99) رقم (45)، وقال الألباني في مختصر العلو (130): «رجاله ثقات».
[4] كتاب السُّنَّة (1/270) [المكتب الإسلامي، ط1].
[5] كتاب الشريعة (3/1177).
[6] كتاب التوحيد لابن منده (3/94) [الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ط1، 1413هـ].
[7] مجموع الفتاوى (12/533) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، 1416هـ].
[8] مختصر الصواعق المرسلة (2/171) [مكتبة الرياض الحديثة، ط 1349هـ].


المسألة الأولى: كتابة الله تعالى على قسمين:
الأول: كتابة شرعية دينية، وهذه لا يلزم منها وقوع المكتوب، فقد يقع وقد لا يقع، والله عزّ وجل يرضاها ويحب وقوعها، ومن الأمثلة على ذلك، فرضية الصلاة والصيام والقصاص، وغيرها من الأحكام الشرعية التي أمر الله بها عباده وكتبها عليهم، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا *} [النساء] ، وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ *} [البقرة] .
والثاني: كتابة كونية قدرية، وهذه يلزم منها وقوع المكتوب، ومنه ما يحبه الله ومنه ما لا يحبه الله عزّ وجل، ومن الأمثلة على الكتابة الكونية قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} [آل عمران: 154] ، وقوله تعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا} [التوبة: 51] ، وقوله تعالى: {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 12] .
المسألة الثانية: كتابة الله التوراة بيده:
ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «احتج آدم وموسى» في رواية عند الإمام مسلم بلفظ: «كتب لك التوراة بيده»[1]. قال الآجري: «باب الإيمان بأن الله عزّ وجل خلق آدم عليه السلام بيده، وخط التوراة لموسى بيده»[2]، وقال ابن منده: «بيان آخر يدل على أن الله عزّ وجل خط التوراة بيده»[3].
وقال ابن تيمية: «وأما قوله: «إن الله كتب التوراة بيده» فهذا قد روي في الصحيحين، فمن أنكر ذلك فهو مخطئ ضال، وإذا أنكره بعد معرفة الحديث الصحيح يستحق العقوبة»[4].
المسألة الثالثة: ذُكر في الأسماء الحسنى: الكاتِب:
وقد ذكره القرطبي، وابن الوزير اليماني[5]، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلاَ كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ *} [الأنبياء] .
والصحيح أن هذا الاسم ليس من أسماء الله الحسنى، وإنما هو من صفات الأفعال، وليس كل ما يطلق على الله صفة وفعلاً يشتق له منه اسم[6].
المسألة الرابعة: الكتابة في باب القدر:
الكتابة في باب القدر هي المرتبة الثانية من مراتب القضاء والقدر، قال ابن القيم: «مراتب القضاء والقدر التي من لم يؤمن بها لم يؤمن بالقضاء والقدر، وهي أربع مراتب:
المرتبة الأولى: علم الرب سبحانه بالأشياء قبل كونها.
المرتبة الثانية: كتابته لها قبل كونها.
المرتبة الثالثة: مشيئته لها.
الرابعة: خلقه لها»[7]. فالقدر له أربع مراتب، والكتابة هي المرتبة الثانية منها، فنؤمن أن الله سبحانه كتب في اللوح المحفوظ كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، والأدلة على ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ *} [الحج] ، فهذه الآية تدل دلالة واضحة على أن الله سبحانه وتعالى علمه محيط بكل ما في السماء والأرض، وأنه لا يخفى عليه منها خافية، من ظواهر الأمور وبواطنها، خفيها وجليها، متقدمها ومتأخرها. وذلك العلم المحيط بما في السماء والأرض قد أثبته الله في كتاب، وهو اللوح المحفوظ، فالآية جمعت في الدلالة على المرتبتين: العلم والكتابة[8]، والله أعلم.
المسألة الخامسة: حكم تعليق الآيات القرآنية المكتوبة للاستشفاء بها:
إنّ كتابة القرآن الكريم وتعليق المكتوب منه على المريض من باب الاستشفاء به ـ وهو ما يسمى بالتمائم ـ من المسائل المختلف فيها عند أهل العلم، فمنهم من منعه ومنهم من أجازه، والمنع هو الأولى، وذلك لما يلي:
أ ـ عموم النهي الوارد في تحريم التمائم؛ كحديث ابن مسعود رضي الله عنه؛ قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن الرقى والتمائم والتولة شرك»[9].
وعن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أقبل إليه رهط، فبايع تسعة، وأمسك عن واحد، فقالوا: يا رسول الله، بايعت تسعة، وتركت هذا؟ قال: «إن عليه تميمة» فأدخل يده فقطعها فبايعه، وقال: «من علق تميمة؛ فقد أشرك»[10].
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من تعلَّق تميمة، فلا أتم الله له، ومن تعلَّق ودعة فلا ودع الله له»[11].
وهذه نصوص عامة لا مخصص لها. والقاعدة الأصولية تقول: إن العام يبقى على عمومه حتى يرد دليل التخصيص.
ب ـ لو كان هذا العمل مشروعًا لبيَّنه النبي صلّى الله عليه وسلّم لأمته؛ إذ البيان لا يؤخر عن وقت الحاجة، والمتتبع للسُّنَّة النبوية يرى أن جميع الأحاديث الواردة في الأذكار والدعوات وردت بلفظ من قال كذا أو من قرأ كذا، ولم يرد في حديث واحد من كتب كذا أو علق كذا.
قال ابن العربي عن تعليق القرآن من باب الرقية والاستشفاء به: «ليس من السُّنَّة، وإنما السُّنَّة فيه الذكر دون التعليق»[12].
ج ـ سدًّا للذريعة؛ فإنه يفضي إلى تعليق غير القرآن، ولأنه يفضي إلى إهانة المعلَّق والذهاب به إلى أماكن يجب إبعادها عنها مثل الحمامات ونحوها.
فالصحيح من قولَي أهل العلم هو عدم جواز تعليق التمائم من القرآن الكريم وغيره من الأذكار الصحيحة[13]، والله تعالى أعلم بالصواب.
المسألة السادسة: حكم كتابة القرآن وغسل الكتابة وشرب الغُسالة استشفاءً:
إن كتابة القرآن في جلد أو لوح ونحوهما ثم غسل المكتوب وشرب الغسالة من باب الاستشفاء بالقرآن الكريم من المسائل المختلف فيها عند أهل العلم[14]، والأولى ترك ذلك؛ فقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة أن «كتابة سورة أو آيات من القرآن في لوح أو طبق أو قرطاس وغسله بماء أو زعفران أو غيرهما وشرب تلك الغسالة رجاء البركة أو استفادة علم أو كسب مال أو صحة وعافية ونحو ذلك فلم يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه فعله لنفسه أو غيره، ولا أنه أذن فيه لأحد من أصحابه أو رخص فيه لأمته مع وجود الدواعي التي تدعو إلى ذلك، ولم يثبت في أثر صحيح فيما علمنا عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم أنه فعل ذلك أو رخص فيه، وعلى هذا فالأولى تركه، وأن يستغن عنه بما ثبت في الشريعة من الرقية بالقرآن وأسماء الله الحسنى، وما صح من الأذكار والأدعية النبوية ونحوها مما يعرف معناه ولا شائبة للشرك فيه، وليتقرب إلى الله تعالى بما شرع، رجاء التوبة، وأن يفرج الله كربته ويكشف غمته ويرزقه العلم النافع ففي ذلك الكفاية، ومن استغنى بما شرع الله أغناه الله عما سواه»[15]. فالأولى ترك ذلك، والله أعلم بالصواب.


[1] تقدم تخريجه.
[2] كتاب الشريعة (3/1177).
[3] كتاب التوحيد لابن منده (3/94).
[4] مجموع الفتاوى (12/533).
[5] انظر: الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/196) [دار الصحابة، ط1]، وإيثار الحق على الخلق (160) [دار الكتب العلمية، ط2].
[6] انظر: معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله للتميمي (239) [أضواء السلف، ط1، 1419هـ].
[7] شفاء العليل (55) [دار الكتب العلمية، ط2].
[8] انظر: المسائل العقدية المتعلقة بآدم عليه السلام (2/1076 ـ 1078) [الجامعة الإسلامية بالمدينة، ط1، 1431هـ].
[9] أخرجه أبو داود (كتاب الطب، رقم 3883)، وابن ماجه (كتاب الطب، رقم 3530)، وأحمد (6/110) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب الرقى والتمائم، رقم 6090)، والحاكم (كتاب الطب، رقم 7505) وصححه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 331).
[10] أخرجه الإمام أحمد (28/636، 637) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والحاكم (كتاب الطب، رقم 7513)، وقال الهيثمي في المجمع (5/103) [مكتبة القدسي]: (رجال أحمد ثقات)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 492).
[11] أخرجه أحمد (28/623) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب الرقى والتمائم، رقم 6086)، والحاكم (كتاب الطب، رقم 7501) وصححه، وضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة (رقم 1266).
[12] عارضة الأحوذي (8/222) [دار الكتب العلمية].
[13] انظر للتفصيل: أحكام الرقى والتمائم (243 ـ 253) [أضواء السلف، ط1، 1419هـ].
[14] انظر للتفصيل: التبرك أنواعه وأحكامه (232 ـ 235) [مكتبة الرشد، الرياض، ط5، 1421هـ]، وأحكام الرقى والتمائم (66 ـ 69).
[15] فتاوى اللجنة الدائمة (1/245 ـ 246 و259، 260) [رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، ط3، 1419هـ].


الكتابة صفة من الصفات الفعلية الاختيارية، فهي من جملة الصفات التي أنكرتها الفلاسفة والجهمية والمعتزلة الذين ينكرون الصفات بالكلية، ومن جملة الصفات التي أنكرتها الكُلابية ومن وافقهم الذين ينكرون صفات الأفعال الاختيارية.
ومن ذلك ما جاء في تعليق أحدهم على صحيح البخاري[1] قوله: ««خط لك بيده»: أنزل عليك كتابه التوراة». وهذا من المعلق تأويل وتحريف للكلم عن مواضعه، فليس الخط في لغة العرب بمعنى الإنزال ولا هو من معانيه، والواجب إثبات هذه الصفة لله كما ثبتت في النصوص وبما تقتضيه لغتها العربية من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.
وإنكار المعطلة لخط الله وكتابته بيده هو فرع عن إنكارهم لصفة اليد الثابتة لله عزّ وجل. والصحيح أنه يجب إثباتها لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته، لدلالة الكتاب والسُّنَّة ولوجود أقوال السلف في ذلك، فهي كغيرها من الصفات الثابتة لله تعالى، والله تعالى أعلم.


[1] صحيح البخاري (6/2439) [دار ابن كثير، ط3، 1407هـ] والمعلق هو: (مصطفى ديب البغا). وانظر أيضًا في أقوال المخالفين: عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني (23/244) [دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ]، ومنحة الباري بشرح صحيح البخاري لزكريا الأنصاري (9/539) [مكتبة الرشد، ط1، 1426هـ].


1 ـ «أحكام الرقى والتمائم»، لفهد السحيمي.
2 ـ «التبرك أنواعه وأحكامه»، لناصر الجديع.
3 ـ «شفاء العليل»، لابن القيِّم.
4 ـ «شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري» (ج2)، لعبد الله بن محمد الغنيمان.
5 ـ «فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء».
6 ـ «كتاب التوحيد» (ج3)، لابن منده.
7 ـ «كتاب السُّنَّة» (ج1)، لابن أبي عاصم الشيباني.
8 ـ «كتاب الشريعة» (ج3)، لأبي بكر الآجري.
9 ـ «مجموع الفتاوى» (ج12)، لابن تيمية.
10 ـ «مختصر الصواعق المرسلة» (ج2)، للموصلي.
11 ـ «نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله في التوحيد»، للدارمي.