حرف الميم / المُسَعِّر

           

قال ابن فارس رحمه الله: «السين والعين والراء أصل واحد يدل على اشتعال الشيء، واتقاده، وارتفاعه؛ من ذلك السعير: سعير النار، واستعارها: توقدها»[1].
المسعِّر : اسم فاعل من التسعير، والسّعر: الذي يقوم عليه الثمن؛ لأنه يعلو ويرتفع، جمعه أسعار، ومنه سَعِّر يُسَعِّر تسْعيرًا، فهو مُسَعِّر؛ إذا قدَّر الثمن وحدده[2].


[1] مقاييس اللغة (3/75) [دار الجيل، ط1420هـ].
[2] انظر: تهذيب اللغة (2/87، 88) [الدار المصرية]، والصحاح (2/684، 685) [دار العلم للملايين، ط4]، والقاموس المحيط (518) [مؤسسة الرسالة، ط5]، والمعجم الوسيط (1/430، 431) [دار الدعوة، ط2، 1972].


المُسَعِّر : هو تقدير الله عزّ وجل لارتفاع السلع وانخفاضها، وغلائها ورخصها، وتقديره وتدبيره لأسباب ذلك كله[1].


[1] انظر: الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/503) [دار الصحابة، ط1، 1416هـ]، النهاية في غريب الحديث (2/929) [المكتبة العلمية، بيروت، 1399هـ]، وفيض القدير شرح الجامع الصغير (2/337) [دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ]، وسبل السلام (2/25) [مكتبة مصطفى الحلبي، القاهرة، ط4، 1379هـ].


العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي علاقة مطابقة، فإن المُسَعِّر في اللغة هو الذي يُحَدِّد أثمان السلع رخصًا وغلاء، وكذلك الله عزّ وجل هو الذي يحدد ذلك بما يهيئه سبحانه وتعالى من أسباب غلاء السلع أو رخصه بمقتضى قضائه وقدره عزّ وجل.



لم يثبت أن المُسعِّر من أسماء الله عزّ وجل، لكن يخبر عن الله عزّ وجل أنه هو المسعر، فلا تسوغ تسمية الله عزّ وجل بالمسعِّر، أو دعاؤه به، أو التعبيد به فيقال: عبد المسعِّر؛ لعدم ثبوت النص في كونه اسمًا لله عزّ وجل[1].


[1] انظر: لقاء الباب المفتوح ـ موقع الشيخ ابن عثيمين ـ رقم الشريط (69)، الوجه الثاني: (11:3).


عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: يا رسول الله سعِّر لنا. فقال: «إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعّر، وإني لأرجو أن ألقى الله ولا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه، في دم ولا مال»[1].


[1] أخرجه أبو داود (كتاب البيوع، رقم 3451)، والترمذي (أبواب البيوع، رقم 1314) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (كتاب التجارات، رقم 2200)، وأحمد (20/46) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والدارمي (كتاب البيوع، رقم 2587)، وابن حبان (كتاب البيوع، رقم 4935)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 1846).


قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فالغلاء بارتفاع الأسعار، والرخص بانخفاضها، هما من جملة الحوادث التي لا خالق لها إلا الله وحده، ولا يكون شيء منها إلا بمشيئته وقدرته، لكن هو سبحانه قد جعل بعض أفعال العباد سببًا في بعض الحوادث، كما جعل قتل القاتل سببًا في موت القاتل، وجعل ارتفاع الأسعار قد يكون بسبب ظلم العباد، وانخفاضها قد يكون بسبب إحسان بعض الناس، ولهذا أضاف من أضاف من القدرية والمعتزلة، وغيرهم الغلاء والرخص إلى بعض الناس، وبنوا على ذلك أصولاً فاسدة»[1].
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله مجيبًا عن سؤال: هل المسعر من أسماء الله؟: «الذي يظهر لي أن هذه صفة من صفات الأفعال؛ يعني: أن الله هو الذي يغلي الأشياء ويرخصها، فليس من الأسماء، هذا الذي يظهر لي والله أعلم، لكن نقول كما قال الرسول»[2].
وقال الشيخ عبد المحسن العباد: «الذي ذكره أنه من أسماء الله هو القرطبي، وغيره ما ذكره؛ يعني: لم أقف على أحد ذكره غير القرطبي، الذين عدُّوا أسماء الله الحسنى، مثل ابن حزم[3]، ومثل ابن حجر، وكذلك ابن عثيمين، وغيرهم ما ذكروا هذا الاسم، ولكن يخبر عن الله به، ولا يوصف ولا يسمَّى؛ لأنه إذا سمِّي؛ إذا حصل تسمية، فإن الصفة تؤخذ من الأسماء؛ لأن كل اسم تشتق منه صفة، الصفات تشتق من الأسماء، والأسماء لا تشتق من الصفات»[4].
وقال الشيخ صالح الفوزان: «لا يطلق على الله أنه المسعر، لكن يلحق ـ وهو من باب الوصف ـ أن الله هو المسعِّر؛ المتصرف في...، كما تقول: إن الله هو المتصرف في الكون، ليس المتصرف من أسماء الله، لكن هذا من باب الوصف»[5].


[1] مجموع الفتاوى (8/520) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1425هـ].
[2] لقاء الباب المفتوح ـ موقع الشيخ ابن عثيمين ـ رقم الشريط (69) الوجه الثاني: (11:3).
[3] بل ذكره ابن حزم من جملة الأسماء الحسنى كما في المحلى (8/31) [إدارة الطباعة المنيرية، ط1، 1352هـ].
[4] شرح كتاب البيوع من سنن الترمذي باب ما جاء في التسعير ـ موقع الشيخ عبد المحسن العباد، رقم الشريط (153)، الدقيقة: (18:47).
[5] شرح كتاب البيوع من بلوغ المرام ـ موقع الشيخ صالح الفوزان ـ رقم الشريط (3) الدقيقة (30:08:01).


1 ـ «المحلى»، لابن حزم.
2 ـ «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى»، للقرطبي.
3 ـ «عون المعبود شرح سنن أبي داود»، للعظيم آبادي.
4 ـ «سبل السلام بشرح بلوغ المرام»، للصنعاني.
5 ـ «فيض القدير شرح الجامع الصغير»، للمناوي.
6 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، للتميمي.
7 ـ «النهاية في غريب الحديث»، لابن الأثير.
8 ـ «نيل الأوطار بشرح منتقى الأخبار»، للشوكاني.
9 ـ «أسماء الله الحسنى في الكتاب والسُّنَّة»، للرضواني.
10 ـ «فقه الأسماء الحسنى»، لعبد الرزاق البدر.