المَسْحُ : إمرار اليد على الشيء، وإزالة الأثر عنه[1]. ويقال: رجل ممسوح الوجه، ومسيح، وهو أن لا يبقى على أحدِ شِقَيِّ وجهه عين ولا حاجب إلا استوى[2]. قال ابن فارس: «المسيح الذي أحدِ شقَيِّ وجهه ممسوح، لا عين ولا حاجب، ومنه سمي الدجال مسيحًا؛ لأنه ممسوح العين»[3].
والدجال أصله من: دجل، والدجل هو التمويه والتغطية والخلط، ودِجْلة: نهر ببغداد، سُميت بذلك؛ لأنها تغطي الأرض بمائها، وهذا المعنى أيضًا في الدجال؛ لأنه يغطي الأرض بكثرة أتباعه. والدجال: الكذاب؛ لأنه يموِّه ويغطي الحق بالباطل[4].
[1] ينظر: لسان العرب (2/593) [دار صادر، ط3، 1414هـ]، والنهاية في غريب الحديث والأثر (869) [دار ابن الجوزي، ط1، 1421هـ].
[2] ينظر: مفردات ألفاظ القرآن (767) [دار القلم، ط1، 1412هـ]، وإكمال المعلم (1/520)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (869).
[3] مقاييس اللغة (948) [دار إحياء التراث العربي، 1429هـ].
[4] ينظر: مقاييس اللغة (357)، وإكمال المعلم (1/520)، وشرح سنن أبي داود للعيني (4/91) [مكتبة الرشد، ط1، 1420هـ].
سمِّي الدجال مسيحًا؛ لأنه يمسح الأرض عند خروجه ويقطع أكثر نواحيها في أربعين يومًا. وقيل: سمي الدجال بالمسيح؛ لأن إحدى عينيه ممسوحة[1]. وسمي بالدجال؛ لأنه يموه ويغطي الحق بالباطل، ولأنه يغطي الأرض بكثرة أتباعه، فأصل الدجل كما مر معنا هو التمويه والتغطية[2].
[1] ينظر: مفردات ألفاظ القرآن (767) [دار القلم، ط1، 1412هـ]، وإكمال المعلم (1/520)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (869).
[2] ينظر: مقاييس اللغة (357)، وإكمال المعلم (1/520)، وشرح سنن أبي داود (4/91).
يسمَّى الدجال: مسيح الضلالة، والمسيح الأعور، كما ثبت من حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال في زمن عيسى عليه السلام عند نزوله: «حتى يهلك في زمانه مسيح الضلالة الأعور الكذاب» [1]. ولا يطلق عليه المسيح إلا موصوفًا، فيقال: المسيح الدجال، والمسيح الأعور، وهكذا[2].
[1] أخرجه أحمد (15/399) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1428هـ]، وابن حبان (كتاب التاريخ، رقم 6812)، وقوَّى شعيب الأرنؤوط إسناد ابن حبان.
[2] ينظر: مفردات ألفاظ القرآن (767)، وإكمال المعلم (1/520)، والنهاية في غريب الحديث والأثر (869).
الدجال : رجل من بني آدم يمتحن الله به عباده بما يخلقه معه من الخوارق المشاهدة في زمانه. فمن استجاب له يأمر الدجال السماء لتمطرهم، والأرض فتنبت لهم زرعًا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم، وترجع إليهم سمانًا. ومن لا يستجيب له ويرد عليه أمره، تصيبهم السنة والجدب والقحط والعلة وموت الأنعام ونقص الأموال والأنفس والثمرات، وأنه تتبعه كنوز الأرض كيعاسيب النحل، ويقتل ذلك الشاب ثم يحييه، وهذا كله ليس تمويهًا بل حقيقة يمتحن الله به عباده في ذلك الزمان، فيضل به كثيرًا ويهدي به كثيرًا، يكفر المرتابون، ويزداد الذين آمنوا إيمانًا، يمكث فترة من الزمن حتى يقتله عيسى عليه السلام[1]. قال ابن القيم موضحًا حقيقة الدجال: «ومن أعظم ما يعرف به كذب المسيح الدجال أنه يدعي الإلهية، فيبعث الله عبده ورسوله مسيح الهدى ابن مريم فيقتله، ويُظهِر للخلائق أنه كان كاذبًا مفتريًا. ولو كان إلهًا لم يقتل، فضلاً عن أن يُصلَب ويُسمر ويُبصق في وجهه»[2].
[1] النهاية أو الفتن والملاحم (1/121) [دار الكتب الحديثة، ط1] بتصرف يسير.
[2] هداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى (345) [عالم الفوائد، ط1، 1429هـ].
لا شكَّ في أن فتنة الدجال أكبر فتنة وأعظم بلاء يبتلى به العبد، وسينخدع به كثير من البشر إلا من عصم الله تعالى، فعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال»[1] . ونقل عن الإمام أبي محمد عبد الرحمن بن محمد المحاربي أحد أتباع التابعين قوله: «ينبغي أن يدفع هذا الحديث ـ يقصد حديث الدجال ـ إلى المؤدِّب حتى يعلمه الصبيان في الكتّاب»[2]، ونقل السخاوي عن النووي وغيره من العلماء قولهم: «كان السلف يستحبون أن يلقن الصبيان أحاديث الدجال ليحفظوها، وترسخ في قلوبهم ويتوارثها الناس»[3].
[1] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2946).
[2] ذكره ابن ماجه في (كتاب الفتن، عند الحديث رقم 4077).
[3] القناعة في ما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة (10) [أضواء السلف، ط1، 1422هـ].
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بينا أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة... فإذا رجل أحمر[1]، جسيم، جعد الرأس، أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدجال»[2].
وعنه رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذكر الدجال بين ظهراني الناس فقال: «إن الله تعالى ليس بأعور، ألا وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافئة»[3].
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من نبي إلا وقد أنذر أمته الأعور الكذاب، ألا إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور، ومكتوب بين عينيه: ك ف ر» ، وفي لفظ: «الدجال مكتوب بين عينيه: ك ف ر؛ أي: كافر»[4].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ألا أخبركم عن الدجال حديثًا ما حدثه نبي قومه؟ إنه أعور، وإنه يجيء معه مثل الجنة والنار، فالتي يقول إنها الجنة هي النار، وإني أنذرتكم به كما أنذر به نوح قومه»[5].
وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحد فليأت النهر الذي يراه نارًا، وليغمض ثم ليطأطئ رأسه فيشرب منه، فإنه ماء بارد. وإن الدجال ممسوح العين؛ عليها ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه: كافر. يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب»[6].
وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الدجال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: «ما شأنكم؟» قلنا: يا رسول الله ذكرت الدجال غداة، فخفضت فيه ورفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل، فقال: «غير الدجال أخوفني عليكم، إن يخرج وأنا فيكم، فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم، فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط، عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف، إنه خارج خلة بين الشأم والعراق، فعاث يمينًا وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا» ، قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: «أربعون يومًا، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم» ، قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «لا، اقدروا له قدره» ، قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: «كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم، فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم، أطول ما كانت ذُرًى، وأسبغه ضروعًا، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم، فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة، فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً ممتلئًا شبابًا، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغَرَض، ثم يدعوه فيُقبِل ويتهلل وجهه، يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق، بين مَهرودتين، واضعًا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد، فيقتله»[7].
أقوال أهل العلم:
قال الآجري: «استعاذ النبي صلّى الله عليه وسلّم من الدجال[8]، وعلَّم أمته أن يستعيذوا بالله من فتنة الدجال، فينبغي للمسلمين أن يستعيذوا بالله العظيم منه. وقد حذر أمته ـ في غير حديث ـ الدجالَ، ووصفه لهم، فينبغي للمسلمين أن يحذروه، ويستعيذوا بالله من زمان يخرج فيه الدجال، فإنه زمان صعب، أعاذنا الله وإياكم منه. وقد روي أنه قد خلق، وهو في الدنيا موثق بالحديد إلى الوقت الذي يأذن الله عزّ وجل بخروجه»[9].
وقال أبو عمرو الداني: «إن الإيمان واجب بما جاء عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وثبت بالنقل الصحيح، وتداول حمله المسلمون من ذكر وعيد الآخرة، وذكر الطوام، وأشراط الساعة، وعلاماتها، واقترابها، فمن ذلك: خروج الكذاب الأعور الدجال، وفتنته، وأن له جنة ونارًا، فجنته نار، وناره جنة، وأن عيسى عليه السلام يقتله فيهلك ومن معه من أهل الكفر والضلال»[10].
وقال ابن تيمية: «وأعظم الدجاجلة فتنة الدجال الكبير الذي يقتله عيسى ابن مريم، فإنه ما خلق الله من لدن آدم إلى قيام الساعة أعظم من فتنته، وأمر المسلمين أن يستعيذوا من فتنته في صلاتهم»[11].
[1] الأحمر: الأبيض المائل إلى الحمرة، والعرب تقول لمن علا لونه البياض: أحمر، وتسمِّي العجم الحمراء؛ لغلبة البياض على ألوانهم. ينظر: لسان العرب (4/208، 13/431).
[2] أخرجه البخاري (كتاب التعبير، رقم 7026)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 171).
[3] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3439)، ومسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 169).
[4] أخرجه البخاري (كتاب الفتن، رقم 7131)، ومسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2933)، واللفظ له.
[5] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3338)، ومسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2936).
[6] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2934).
[7] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2937).
[8] أخرجه البخاري (كتاب الأذان، رقم 832)، ومسلم (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم 589).
[9] الشريعة (3/197) [مؤسسة قرطبة، ط1، 1416هـ].
[10] الرسالة الوافية (243) [دار الإمام أحمد، ط1، 1421هـ].
[11] جامع الرسائل (1/197) [مطبعة المدني، ط2، 1405هـ].
المسألة الأولى: صفاته:
1 ـ أعور العين: جاء في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدجال» [1]. وفي حديث له رضي الله عنه: «أعور العين اليمنى، كأن عينه عنبة طافئة» [2]. وفي حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الدجال أعور العين اليسرى» ، وفي رواية: «وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة»[3] . والظفرة: هي جلدة أو لحمة تغشى البصر تنبت عند المآقي[4]. وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن مسيح الدجال رجل قصير، أفحج، جعد، أعور مطموس العين، ليس بناتئة ولا جحراء»[5] . ومطموس العين؛ أي: ممسوحها من غير بخص[6]، والطمس: استئصال أثر الشيء، والجحراء: الذي قد انخسفت فبقي مكانها غائرًا كالجحر، يقول: إن عينه سادَّة لمكانها مطموسة؛ أي: ممسوحة ليست بناتئة ولا منخسفة[7]، قال القاضي عياض: «قوله: «أعور العين اليمنى» وهو المشهور، وفي رواية أخرى: «أعور العين اليسرى» ، وقد ذكرهما معًا مسلم، وتصح الروايتان جميعًا بأن تكون المطموسة، والممسوحة، والتي ليست بجحراء ولا ناتئة هي العوراء الطافئة بالهمز، والعين اليمنى على ما جاء هنا. وتكون الجاحظة، والتي كأنها كوكب، وكأنها نخاعة، هي الطافية ـ بغير همز ـ العين الأخرى. فتجتمع الروايات والأحاديث ولا تختلف، وعلى هذا تجتمع رواية أعور العين اليمنى مع أعور العين اليسرى؛ إذ كل واحدة منهما بالحقيقة عوراء؛ إذ الأعور من كل شيء المعيب، ولا سيما بما يختص بالعين، وكلا عيني الدجال معيبة عوراء. فالممسوحة والمطموسة والطافئة بالهمز عوراء حقيقة، والجاحظة التي كأنها كوكب وهي الطافية بغير همز معيبة عوراء لعيبها، فكل واحدة منهما عوراء، إحداهما بذهابها، والأخرى بعيبها»[8].
2 ـ كثير الشعر، كما جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «الدجال أعور العين اليسرى، جفال الشعر، معه جنة ونار، فناره جنة وجنته نار»[9] . وجفال الشعر؛ أي: كثيره[10].
3 ـ رجل أحمر، جسيم، جعد الرأس، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بينا أنا نائم رأيتني أطوف بالكعبة؛ فإذا رجل أحمر، جسيم، جعد الرأس... قلت: من هذا؟ قالوا: هذا الدجال»[11].
4 ـ ومن صفاته أنه هِجَانٌ أَزْهَر، جاء في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما، عنه صلّى الله عليه وسلّم؛ أنه قال في الدجال: «أعور، هِجَانٌ، أَزْهَر، كأن رأسه أَصَلَةٌ، أشبه الناس بعبد العزى بن قطن، فإما هَلَكَ الهُلَّكَ، فإن ربكم ليس بأعور»[12].
5 ـ رأس الدجال يشبه رأس الأَصَلَة، كما دلَّ عليه الحديث السابق[13].
6 ـ ومن صفاته: أنه قصير، أفحج؛ أي: أنه إذا مشى باعد بين رجليه[14]، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا، إن مسيح الدجال رجل قصير، أفحج، جعد، أعور، مطموس العين ليس بناتئة ولا جحراء، فإن ألبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور»[15].
7 ـ ومن صفاته: أنه أجلى الجبهة عريض النحر، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «وأما مسيح الضلالة، فإنه أعور العين، أجلى الجبهة، عريض النحر، فيه دفأ»[16]. والجلاء: ذهاب الشعر إلى نصف الرأس، وأجلى الجبهة؛ أي: انحسر الشعر عن جبهته، والدفأ: الانحناء[17].
8 ـ الدجال عقيم لا يولد له، كما دلَّ عليه حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قصته مع ابن صياد، حينما قال له الأخير: ألست سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إنه لا يولد له؟» قال: بلى[18].
9 ـ مكتوب بين عيني الدجال كلمة (كافر) وهي كتابة حقيقية على ظاهرها، قال النووي: «الصحيح الذي عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها، وأنها كتابة حقيقة جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وإبطاله، ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب، ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنته ولا امتناع في ذلك»[19]. وقال ابن حجر: «وقوله: «يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب» إخبار بالحقيقة، وذلك أن الإدراك في البصر يخلقه الله للعبد كيف شاء ومتى شاء، فهذا يراه المؤمن بغير بصره، وإن كان لا يعرف الكتابة. ولا يراه الكافر ولو كان يعرف الكتابة، كما يرى المؤمن الأدلة بعين بصيرته ولا يراها الكافر، فيخلق الله للمؤمن الإدراك دون تعلم لأن ذلك الزمان تنخرق فيه العادات»[20].
المسألة الثانية: علامات خروجه:
جاء في حديث الجسَّاسة الذي ترويه فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وفيه أن الدجال يسأل تميمًا الداري رضي الله عنه وأصحابه: «فقال: أخبروني عن نخل بَيْسان. قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: أسألكم عن نخلها هل يثمر؟ قلنا له: نعم. قال: أما إنه يوشك أن لا تثمر. قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية. قلنا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: هي كثيرة الماء. قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب. قال: أخبروني عن عين زغر[21]. قالوا: عن أي شأنها تستخبر؟ قال: هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا له: نعم. هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها. قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب. قال: أقاتله العرب؟ قلنا: نعم. قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب، وأطاعوه. قال لهم: قد كان ذلك؟ قلنا: نعم. قال: أما إن ذاك خير لهم أن يطيعوه. وإني مخبركم عني؛ إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج»[22].
المسألة الثالثة: مكان خروجه:
يخرج من جهة المشرق، ثم يسير في الأرض فلا يترك بلدًا إلا دخله ما عدا مكة والمدينة. فعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال: حدثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان، يتبعه أقوام كأن وجهوههم المجان المطرقة» [23]. وجاء في حديث الجسَّاسة الذي ترويه فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن النبي قال: «ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن؛ لا بل من قبل المشرق، ما هو، من قبل المشرق، ما هو، من قبل المشرق، ما هو» . وأومأ بيده إلى المشرق[24]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يأتي المسيح من قبل المشرق همته المدينة، حتى ينزل دبرَ أُحُد، ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام وهنالك يهلك» [25]. وفي حديث النواس بن سمعان: «إنه خارج خلة بين الشأم والعراق» [26]. وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث بأن قالوا: إن مبدأ خروجه من خراسان، من ناحية أصبهان، ثم يخرج إلى الحجاز فيما بين العراق والشام»[27].
المسألة الرابعة: وقت خروجه:
الذي دلَّت عليه الأحاديث أن خروجه بعد خروج المهدي، وقبل نزول عيسى عليه السلام[28].
المسألة الخامسة: مدة مكث الدجال في الأرض:
يمكث أربعين يومًا، جاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه: «قلنا: يا رسول الله وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يومًا: يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم . قلنا: يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا. اقدروا له قدره »[29].
المسألة السادسة: سرعة المسيح الدجال في الأرض:
جاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه: «قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح »[30].
المسألة السابعة: أتباعه:
من أتباع المسيح الدجال اليهود، كما ثبت في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفًا» [31]. ومن أتباعه: قبائل من المشرق من الترك والخوز وغيرهم، كما جاء في حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه، قال: حدثنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها: خراسان، يتبعه أقوام كأن وجهوههم المجان المطرقة» [32]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوزًا وكرمان من الأعاجم. حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، وجوههم المجان المطرقة، نعالهم الشعر» [33]. قال ابن حجر: «الترك قيل: إن بلادهم ما بين مشارق خراسان إلى مغارب الصين، وشمال الهند إلى أقصى المعمور. قال البيضاوي: شبَّه وجوههم بالترسة لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة لغلظها وكثرة لحمها»[34]. ومن أتباعه الأعراب، كما جاء في حديث أبي أُمامة الباهلي رضي الله عنه، قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن من فتنته أن يقول للأعرابي: أرأيت إن بعثت لك أباك وأمك أتشهد أني ربك؟ فيقول: نعم فيتمثل له شيطانان في صورة أبيه وأمه، فيقولان: يا بني اتبعه فإنه ربك» [35]. ومن أتباعه أيضًا: المشركون، والمنافقون الذين في جزيرة العرب، دلَّ عليه حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «يجيء الدجال حتى ينزل في ناحية المدينة ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل كافر ومنافق»[36].
المسألة الثامنة: امتحانه للناس:
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يخرج الدجال، فيتوجه قِبَله رجل من المؤمنين؛ فتلقاه المسالح[37] مسالح الدجال فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول أعمد إلى هذا الذي خرج. قال: فيقولون له: أوما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء. فيقولون: اقتلوه. فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدًا دونه؟ قال: فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: فيأمر الدجال به فَيُشبَحُ[38]، فيقول: خذوه وشجوه، فيوسع ظهره وبطنه ضربًا. قال: فيقول: أوما تؤمن بي؟ قال: فيقول: أنت المسيح الكذاب. قال: فيؤمر به فيؤشر بالمئشار[39]، من مفرقه حتى يفرق بين رجليه. قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين، ثم يقول له: قم فيستوي قائمًا. قال: ثم يقول له: أتؤمن بي؟ فيقول: ما ازددت فيك إلا بصيرة. قال: ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل بعدي بأحد من الناس. قال: فيأخذه الدجال ليذبحه؛ فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسًا فلا يستطيع إليه سبيلاً. قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار وإنما ألقي في الجنة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين »[40]. وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن الدجال يخرج، وإن معه ماء ونارًا. فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق. وأما الذي يراه الناس نارًا فماء بارد عذب. فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارًا فإنه ماء عذب طيب»[41] . ومع هذا كله؛ إلا أن المؤمن الصادق لا يعبأ بهذه الخوارق التي مع الدجال ولا يجزع منها، فعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «ما سأل أحدٌ النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم عن الدجال أكثر ما سألته، وإنه قال لي: ما يضرك منه؟ قلت: لأنهم يقولون: إن معه جبل خبز، ونهر ماء. قال: هو أهون على الله من ذلك »[42]. قال القاضي عياض في معنى الحديث: «هو أهون على الله من أن يجعل ما يخلقه الله تعالى على يده مضلًّا للمؤمنين، ومشككًا لقلوب الموقنين؛ بل ليزداد الذين آمنوا إيمانًا، وليرتاب الذين في قلوبهم مرض، والكافرون، كما قال له الذي قتله ثم أحياه: ما كنت قط فيك أشد بصيرة مني الآن»[43].
المسألة التاسعة: الدجال لا يدخل مكة والمدينة:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ليس من بلد إلا سيطؤه الدجال؛ إلا مكة والمدينة، وليس نقب من أنقابها إلا عليه الملائكة صافِّين تحرسها، فينزل بالسبخة فترجف المدينة ثلاث رجفات يخرج إليه منها كل كافر ومنافق»[44].
المسألة العاشرة: مقتل الدجال:
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: «ذكر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الدجال ذات غداة» الحديث، وفيه قصة نزول عيسى عليه السلام وقتله للدجال: «فلا يحل لكافر يجد ريح نَفَسِهِ إلا مات. ونَفَسُهُ ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله»[45] . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يخرج الدجال في خفقة[46] من الدين، وإدبار من العلم» الحديث، وفيه: «ثم ينزل عيسى ابن مريم فينادي من السحر، فيقول: يا أيها الناس! ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث؟ فيقولون: هذا رجل جني! فينطلقون، فإذا هم بعيسى ابن مريم، فتقام الصلاة، فيقال له: تقدم يا روح الله. فيقول: ليتقدم إمامكم فليصل بكم. فإذا صلى صلاة الصبح خرجوا إليه، قال: فحين يراه الكذاب ينماث[47] كما ينماث الملح في الماء، فيمشي إليه، فيقتله؛ حتى إن الشجرة والحجر ينادي: يا روح الله! هذا يهودي. فلا يترك ممن كان يتبعه أحدًا إلا قتله»[48].
المسألة الحادية عشرة : لماذا لم يذكر الدجال في القرآن؟
قال ابن كثير رحمه الله: «لم يذكر بصريح اسمه في القرآن احتقارًا له، حيث يدعي الإلهية وهو بشر، ينافي حاله جلال الرب وعظمته وكبريائه وتنزيهه عن النقص، فكان أمره عند الرب أحقر من أن يُذكر، وأصغر وأدخر من أن يُجلى عن أمر دعواه ويحذر؛ ولكن انتصر الرسل لجناب الرب عزّ وجل، فجلَّوا لأممهم عن أمره، وحذروهم ما معه من الفتن المضلة والخوارق المنقضية المضلة، فاكتفى بإخبار الأنبياء، وتواتر ذلك عن سيد ولد آدم إمام الأتقياء، عن أن يذكر أمره الحقير بالنسبة إلى جلال الله في القرآن العظيم، ووكل بيان أمره إِلى كل نبي كريم. فإن قلت: فقد ذكر فرعون في القرآن، وقد ادعى ما ادَّعاه من الكذب والبهتان، والجواب : أن أمر فرعون قد انقضى، وتبين كذبه لكل مؤمن وعاقل. وهذا أمر سيأتي وكائن فيما يستقبل فتنة واختبارًا للعباد، فترك ذكره في القرآن احتقارًا له وامتحانًا به، إذ الأمر في كذبه أظهر من أن ينبه عليه ويحذر منه، وقد يترك ذكر الشيء لوضوحه فالدجال ظاهر النقص، واضح الذم، بالنسبة إلى المقام الذي يدعيه، ويرومه من الربوبية، فترك الله ذكره والنص عليه؛ لما يعلم تعالى من عباده المؤمنين أن مثل هذا لا يهيضهم ولا يزيدهم إلا إيمانًا وتسليمًا لله ورسوله، وتصديقًا للحق وردًّا للباطل»[49].
المسألة الثانية عشرة: ما يعصم من فتنة الدجال:
1 ـ حفظ آيات من سورة الكهف، وذلك بقراءة عشر آيات من أولها أو آخرها، فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «من أدركه منكم، فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف» [50]. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصِم من الدجال» ، وفي رواية: «من آخر الكهف»[51].
2 ـ التعوذ من فتنة الدجال، وخاصة في الصلاة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا تشهد أحدكم، فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللَّهُمَّ إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال»[52].
3 ـ الفرار من الدجال، ويفضّل سكنى مكة والمدينة؛ لأنه لا يدخل الحرمين.
[1] تقدم تخريجه.
[2] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3439)، ومسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 169)، واللفظ له.
[3] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2934).
[4] انظر: شرح النووي على مسلم (18/63) [دار إحياء التراث، ط2].
[5] أخرجه أبو داود (كتاب الملاحم، رقم 4320)، وأحمد (37/423) [مؤسسة الرسالة، ط1]، ومن طريقه الضياء في المختارة (8/264) [دار خضر، ط3]، وقال الألباني: إسناده جيد. قصة المسيح الدجال (68) [المكتبة الإسلامية].
[6] بخص العين: هو لحم عند الجفن الأسفل يظهر من الناظر عند التحديق إذا أبصر شيئًا فأنكره أو تعجب منه. ينظر: غريب الحديث للخطابي (3/146) [جامعة أم القرى، 1402هـ].
[7] ينظر: معالم السنن (4/320) [دار الكتب العلمية، ط1، 1411هـ]، والنهاية في غريب الحديث (568).
[8] إكمال المعلم (1/521، 522). وينظر: القناعة في ما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة (21).
[9] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2934).
[10] ينظر: إكمال المعلم (8/478)، والقناعة في ما يحسن الإحاطة من أشراط الساعة (21).
[11] تقدم تخريجه.
[12] أخرجه أحمد (4/48، 49) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1428هـ]، وابن حبان (كتاب التاريخ، رقم 6796)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 1193). والهجان: الأبيض، والعرب تعد البياض من الألوان هجانًا. ينظر: لسان العرب (13/433). والأزهر: هو الأبيض فيه حمرة. ورجل أزهر؛ أي: أبيض مشرق الوجه، والأزهر: الأبيض المستنير. ينظر: لسان العرب (4/332).
[13] الأَصَلَةُ: جنس من الحيات وهو أخبثها، وهي حية ضخمة قصيرة، شبَّه رأس الدجال بها لعظمه واستدارته. ينظر لسان العرب (11/17).
[14] ينظر: معالم السنن (4/320).
[15] تقدم تخريجه.
[16] أخرجه أحمد (13/282) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وقال الهيثمي في المجمع (7/346) [مكتبة القدسي]: (فيه المسعودي، وقد اختلط)، وأشار إلى ذلك الألباني أيضًا. انظر: السلسلة الصحيحة (7/1714). وجاء بنحوه من حديث الفلتان بن عاصم رضي الله عنه: أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (كتاب الفتن، رقم 37458)، والبزار (9/143) [مكتبة العلوم والحكم، ط1]، وقال الهيثمي: (رجاله ثقات). مجمع الزوائد (7/348).
[17] ينظر: النهاية في غريب الحديث (162، 309).
[18] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2927).
[19] شرح صحيح مسلم (18/81).
[20] فتح الباري (13/107).
[21] زغر قرية بمشارف الشام. ينظر: معجم البلدان للحموي (3/143) [دار الفكر].
[22] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2942).
[23] أخرجه الترمذي (أبواب الفتن، رقم 2237) وحسنه، وابن ماجه (كتاب الفتن، رقم 4072)، وأحمد (1/190) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والحاكم (كتاب الفتن والملاحم، رقم 8608) وصححه، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 1591).
[24] تقدم تخريجه قريبًا.
[25] أخرجه مسلم (كتاب الحج، رقم 1380).
[26] تقدم تخريجه.
[27] ينظر: التذكرة للقرطبي (3/1310) [دار المنهاج، ط1].
[28] كما في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه.
[29] تقدم تخريجه.
[30] هو الحديث السابق نفسه.
[31] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2944).
[32] تقدم تخريجه.
[33] أخرجه البخاري (كتاب المناقب، رقم 3590) واللفظ له، ومسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2912).
[34] فتح الباري (6/703).
[35] أخرجه ابن ماجه (كتاب الفتن، رقم 4077)، وقال ابن كثير في تفسيره (2/461) [دار طيبة، ط2]: (هذا حديث غريب جدًّا من هذا الوجه)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 78735).
[36] أخرجه البخاري (كتاب الفتن، رقم 7124)، ومسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2943).
[37] المسالح جمع مسلح، وهو: موضع السلاح، وكل موضع مخافة يقف فيه الجند بالسلاح للمراقبة والمحافظة، والمسالح: قوم معهم سلاح يرتبون في المراكز كالخُفراء، سموا بذلك لحملهم السلاح. ينظر: المعجم الوسيط (1/442) [دار الدعوة]، وشرح صحيح مسلم للنووي (18/72، 73) [دار إحياء التراث العربي، ط2].
[38] الشبح: أن يمد كالمصلوب، ينظر: الفائق في غريب الحديث (2/219).
[39] «يؤشر بالمئشار» هكذا في صحيح مسلم، ومعناها: ينشر بالمنشار، قال النووي: «هكذا الرواية: (يؤشر) بالهمز، والمئشار بهمزة بعد الميم، وهو الأفصح، ويجوز تخفيف الهمزة فيهما، فيجعل في الأول واوًا، وفي الثاني ياء. ويجوز (المنشار) بالنون، وعلى هذا يقال: نشرت الخشبة، وعلى الأول يقال: أشرتها». ينظر: شرح صحيح مسلم للنووي (18/74).
[40] أخرجه مسلم (كتاب الفتن وأشراط الساعة، رقم 2938).
[41] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3450)، ومسلم (كتاب الفتن، رقم 2935).
[42] أخرجه البخاري (كتاب الفتن، رقم 7122)، ومسلم (كتاب الآداب، رقم 2152).
[43] إكمال المعلم (8/492).
[44] تقدم تخريجه.
[45] تقدم تخريجه.
[46] الخفقة: النعسة، شبَّه الدين في ذلك الزمن بالنائم. ينظر: غريب الحديث لابن الجوزي (1/291) [دار الكتب العلمية، ط1، 1985م].
[47] ينماث: يذوب، ينظر: الفائق في الغريب (3/397) [دار المعرفة].
[48] أخرجه أحمد (23/210) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/344) [دار الكتاب العربي، بيروت، ط3، 1402هـ]: «رواه أحمد بإسنادين، رجال أحدهما رجال الصحيح»، وكذا ذكر الألباني، لكنه قال: «إلا أن أبا الزبير مدلس، وقد عنعنه». قصة المسيح الدجال (73) [المكتبة الإسلامية].
[49] النهاية أو الفتن والملاحم (1/123، 124).
[50] تقدم تخريجه.
[51] أخرجه مسلم (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، رقم 809)، باللفظين كليهما.
[52] أخرجه مسلم (كتاب المساجد ومواضع الصلاة، رقم 588).
من الحكمة في ظهور الدجال: امتحان من الله لعباده، وابتلاء لهم؛ ليحق الله الحق، ويبطل الباطل، ثم يفضحه تعالى، ويظهر للناس عجزه وضعفه، قال القاضي: «هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره في قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق في صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده، وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى، من إحياء الميت الذي يقتله، ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه، وجنته وناره ونهريه، واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يُعجزه الله تعالى بعد ذلك فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره، ويبطل أمره ويقتله عيسى صلّى الله عليه وسلّم ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، هذا مذهب أهل السُّنَّة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار»[1].
[1] شرح صحيح مسلم (18/79).
أنكر وجود الدجال الخوارج، والجهمية، وبعض المعتزلة وزعموا «أن أمره لو كان صحيحًا كان قدحًا في النبوة. وقد وهم جميعهم؛ فإنه لم يأت بدعوى النبوة فيكون ما جاء به كالتصديق له، ولأنه لو صح منه لم يفرق بين النبي والمتنبئ فيطعن ذلك على النبوة، وإنما جاء بدعوى الإلهية، وهو في نفس دعواه لها مكذب لدعواه بصورة حاله ونقص خلقه، وظهور سمات الحدث به وشهادة كذبه وكفره المكتتبة بين عينيه، وعجزه عن تحسين صورته، وإزالة العور والشَّين عن نفسه»[1].
وذهب بعض المعاصرين[2] إلى أن الدجال رمز للخرافات والدجل والقبائح، التي تزول بتقرير الشريعة على وجهها، والأخذ بأسرارها وحكمها، وأن الدجال رمز للشر، واستعلائه وصولة جبروته، وتطاير أذاه وفتنته، إلى أن تنطفئ جذوته وتموت جمرته بسلطان الحق. كما زعم بعضهم أن المراد بقتل عيسى عليه السلام للدجال هو محق الباطل بصولة الحق[3]. وهذا زعم باطل، فالأحاديث الصحيحة صريحة في أن الدجال رجل بعينه، وليس هناك ما يدل على أنه رمز للخرافات والدجل الباطل، وقد صحَّت الأحاديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بخروج الدجال، ونزول عيسى عليه السلام وقتله للدجال[4]. كما أن محق الله الباطل بصولة الحق سُنَّة كونية وقعت ولا تزال تقع. أما الدجال فيظهر في آخر الزمان عند قرب قيام الساعة فتنة للناس وامتحانًا لهم، والله أعلم.
[1] إكمال المعلم (8/475).
[2] أمثال محمد عبده، ينظر: تفسير المنار (3/317)، وأبو رية في كتابه: أضواء على السُّنَّة المحمدية (213)، وأبو عبية في تعليقاته عل كتاب الفتن والملاحم لابن كثير (1/118، 119).
[3] ينظر: إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (3/85) [دار الصميعي، ط2، 1414هـ].
[4] ينظر: إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة (3/85)، وأشراط الساعة للوابل (316) [ابن الجوزي، ط27، 1430هـ].
1 ـ «الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة»، لصديق خان.
2 ـ «الأسئلة الفائقة بالأجوبة اللائقة»، لابن حجر.
3 ـ «الإشاعة لأشراط الساعة»، للبرزنجي.
4 ـ «إكمال المعلم بفوائد مسلم» (ج8)، للقاضي عياض.
5 ـ «البحور الزاخرة» (ج1)، للسفاريني.
6 ـ «التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة» (ج3)، للقرطبي.
7 ـ «التصريح بما تواتر في نزول المسيح»، لمحمد أنور الكشميري.
8 ـ «شرح سنن أبي داود» (ج4)، للعيني.
9 ـ «شرح صحيح مسلم» (ج18)، للنووي.
10 ـ «القناعة في ما يحسن الإحاطة به من أشراط الساعة»، للسخاوي.
11 ـ «معالم السنن» (ج4)، للخطابي.
12 ـ «النهاية أو الفتن والملاحم» (ج1)، لابن كثير .