المُغيث : اسم فاعل من الإغاثة، ومادته (غ ـ وـ ث) الدالة على الإعانة والنصرة عند الشدة. يقال: استغثته فأغاثني فهو مغيث وغِيَاث، قال : {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9] .
وغَوَّث الرجلُ : صرخ: واغوثاه، واستغاث: استنصر وطلب الغوث والإعانة، ومنه الاستغاثة: طلب الغوث؛ أي: النصرة والإعانة والنجدة.
والغويث : ما أغثت به المضطر من طعام أو نجدة.
وقوله تعالى: {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ} [الكهف: 29] ، يصح أن يكون من الغوث، وهو النصرة، ويصح أن يكون من الغيث، وهو المطر[1].
[1] انظر: تهذيب اللغة (8/176، 177) [الدار المصرية، ط1، 1387هـ]، ومقاييس اللغة (708) [دار الفكر، ط2، 1418هـ]، والصحاح (1/289) [دار العلم للملايين، ط4، 1990م]، ومفردات ألفاظ القرآن (617) [دار القلم، ط2، 1418]، والقاموس المحيط (222) [مؤسسة الرسالة، ط5، 1416هـ]، والمعجم الوسيط (2/665) [دار الدعوة، ط2، 1972م].
المغيث : هو المنقذ من الشدائد الفادحة والكروب والمشقات، فهو سبحانه المغيث لجميع المخلوقات عندما تتعسر أمورها وتقع في الشدائد والكربات يطعم جائعهم، ويكسو عاريهم، ويخلص مكروبهم، وينزل الغيث عليهم في وقت الضرورة والحاجة، ويجيب إغاثة اللهفان[1].
[1] انظر: تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي (237، 238) [مجلة الجامعة الإسلامية، عدد 112، 1423هـ].
لا يصح إطلاق اسم المغيث على الله عزّ وجل، لافتقاره إلى الدليل الصريح على ثبوته، وإنما هو من باب الأفعال، وباب الأفعال أوسع من باب الأسماء، وليس كل ما يصح إطلاقه فعلاً يصح اسمًا، والله أعلم.
كما أن هذا الاسم لم يورده في جمعه سوى قلة من أهل العلم المعتنين بجمع الأسماء الحسنى وشرحها[1].
[1] انظر: معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى للتميمي (109 ـ 111) [أضواء السلف، ط1، 1419].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «لهذا قال العلماء المصنفون في أسماء الله تعالى: يجب على كلّ مكلف أن يعلم أن: لا غياث ولا مغيث على الإطلاق إلاَّ الله سبحانه وتعالى، وأنّ كلّ غوث من عنده، وإن كان جعل ذلك على يدي غيره؛ فالحقيقة له سبحانه، ولغيره مجاز. قالوا: ومن أسمائه تعالى: المغيث والغياث. وجاء ذكر المغيث في حديث أبي هريرة، قالوا: واجتمعت الأمة على ذلك»[1].
وقال ابن القيم رحمه الله:
«وهو المغيث لكل مخلوقاته
وكذا يجيب إغاثة اللهفان»[2]
وقال السعدي رحمه الله: «ومن أسمائه المغيث وهو المنقذ من الشدائد الفادحة والكروب: {قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ} [الأنعام: 63] . فالمغيث يتعلق بالشدائد والمشقات، فهو المغيث لجميع المخلوقات عندما تتعسر أمورها وتقع في الشدائد والكربات؛ يطعم جائعهم ويكسو عاريهم ويخلص مكروبهم وينزل الغيث عليهم في وقت الضرورة والحاجة، وكذلك يجيب إغاثة اللهفان أي دعاء من دعاه في حالة اللهف والشدة والاضطرار، فمن استغاثه أغاثه، وفي الكتاب والسُّنَّة من ذكر تفريجه للكربات وإزالته الشدائد وتيسيره للعسير شيء كثير جدًّا معروف»[3].
[1] مجموع الفتاوى (1/110، 111).
[2] متن القصيدة النونية لابن القيم (208).
[3] الكافية الشافية (384)، والحق الواضح المبين (247)، كلاهما ضمن المجموعة الكاملة لمؤلفات السعدي [مركز صالح الثقافي، 1412هـ].
المسألة الأولى: إطلاق اسم الغياث على الله :
« الغياث : وأكثر ما يقال: غياث المستغيثين، ومعناه: المدرك عباده في الشدائد إذا دعوه، ومريحهم ومخلصهم»[1]. وهذا الاسم في معنى المجيب والمستجيب[2].
ولم يرد فيه نصٌّ صحيح صريح بإطلاقه، لذا لا يعتبر من الأسماء، وإنما يصح من باب الإخبار فيقال: إن الله غياث المستغيثين ومغيثهم وغوثهم.
ومن ذكر أنه اسم من أسماء الله تعالى استدل بقول النبي صلّى الله عليه وسلّم في خبر الاستسقاء الطويل: «اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا» [3]، وهو حديث صحيح لكن ورد من باب الطلب والدعاء والأفعال لا الأسماء، وباب الأفعال أوسع من باب الأسماء.
وقال شيخ الإسلام: «وأما لفظ الغوث والغياث فلا يستحقه إلا الله تعالى؛ فهو غياث المستغيثين لا يجوز لأحد الاستغاثة بغيره، لا بملك مقرب، ولا نبي مرسل، ومن زعم أن أهل الأرض يرفعون حوائجهم التي يطلبون بها كشف الضر عنهم، ونزول الرحمة بهم إلى الثلاثمائة، والثلاثمائة إلى السبعين، والسبعين إلى الأربعين، والأربعين إلى السبعة، والسبعة إلى الأربعة، والأربعة إلى الغوث فهو كاذب ضال مشرك»[4].
المسألة الثانية: حكم تسمية النبي صلّى الله عليه وسلّم أو أحد من البشر بالغياث أو المغيث:
لا يجوز تسمية الرسول صلّى الله عليه وسلّم بالغياث أو المغيث أو الغوث؛ لأنه من الغلو والإطراء المنهي عنه، ومن باب أولى عدم جواز تسمية غيره. وكذلك لا يجوز الاستغاثة بغير الله تعالى؛ لأنه شرك وباطل[5].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وكذلك عنى بالغوث ما يقوله بعضهم من أن في الأرض ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً يسمونهم (النجباء) فينتقى منهم سبعون هم (النقباء)، ومنهم أربعون هم (الأبدال)، ومنهم سبعة هم (الأقطاب)، ومنهم أربعة هم (الأوتاد)، ومنهم واحد هو (الغوث)، وأنه مقيم بمكة، وأن أهل الأرض إذا نابهم نائبة في رزقهم ونصرهم فزعوا إلى الثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً، وأولئك يفزعون إلى السبعين، والسبعون إلى الأربعين، والأربعون إلى السبعة، والسبعة إلى الأربعة والأربعة، إلى الواحد، وبعضهم قد يزيد في هذا وينقص في الأعداد والأسماء والمراتب، فإن لهم فيها مقالات متعددة حتى يقول بعضهم: إنه ينزل من السماء على الكعبة ورقة خضراء باسم غوث الوقت، واسم خضره على قول من يقول: منهم إن الخضر هو مرتبة وإن لكل زمان خضرًا، فإن لهم في ذلك قولين، وهذا كله باطل لا أصل له في كتاب الله ولا سُنَّة رسوله، ولا قاله أحد من سلف الأمة ولا أئمتها، ولا من المشايخ الكبار المتقدمين الذين يصلحون للاقتداء بهم، ومعلوم أن سيدنا رسول ربِّ العالمين وأبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا رضي الله عنهم كانوا خير الخلق في زمنهم وكانوا بالمدينة ولم يكونوا بمكة»[6][7].
[1] الأسماء والصفات للبيهقي (1/125) [مكتبة السوادي].
[2] مجموع الفتاوى (1/111).
[3] تقدم تخريجه.
[4] مجموع الفتاوى (11/437). وانظر: معجم المناهي اللفظية لبكر أبي زيد (405) [دار العاصمة، ط3، 1417هـ].
[5] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (1/101)، ومنهاج السُّنَّة (1/48) [مؤسسة قرطبة].
[6] مجموع الفتاوى (27/97 ـ 100).
[7] معجم المناهي اللفظية لبكر أبي زيد (362).
1 ـ «المنهاج في شعب الإيمان»، للحليمي.
2 ـ «الأسماء والصفات»، للبيهقي.
3 ـ «الدعوات الكبير»، للبيهقي.
4 ـ «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى»، للقرطبي.
5 ـ «الاستغاثة في الرد على البكري»، لابن تيمية.
6 ـ «قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة»، لابن تيمية.
7 ـ «مجموع الفتاوى»، لابن تيمية.
8 ـ «تفسير أسماء الله الحسنى»، للسعدي.
9 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، للتميمي.
10 ـ «الحق الواضح المبين»، للسعدي.