حرف الميم / المُقسِط

           

قال ابن فارس رحمه الله: «القاف والسين والطاء أصل صحيح يدل على معنيين متضادين والبناء واحد؛ فالقِسط: العدل، ويقال منه: أقسط يقسط. والقَسط بفتح القاف: الجَور، والقسوط: العدول عن الحق»[1].
والمُقْسِط : اسم فاعل من القِسْط، بمعنى: العدل في القسمة والحكم، والقِسْط: النّصيب بالعدل، والإقساط: هو العدل، والقسطاس: الميزان، يعبر به عن العدالة، وأما القَسْط بفتح القاف وسكون السين فيدل على خلاف معنى القِسط بكسر القاف، وهو الجور والظلم[2].


[1] مقاييس اللغة (5/85) [دار الجيل، ط1420هـ].
[2] انظر: تهذيب اللغة (8/388، 389) [الدار المصرية، ط1، 1387هـ]، ومقاييس اللغة (887) [دار الفكر، ط2، 1418هـ]، والصحاح (3/1152) [دار العلم للملايين، ط4، 1990م]، ومفردات ألفاظ القرآن (670) [دار القلم، ط2، 1418]، والقاموس المحيط (881) [مؤسسة الرسالة، ط5، 1416هـ]، والمعجم الوسيط (2/734) [دار الدعوة، ط2، 1972م].


المُقسط : هو القائم بالقسط، وهو العادل في قوله وفعله، والعادل الذي لا يحيف ولا يجور[1].
العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي:
تتضح العلاقة بين المعنى اللغوي والشرعي في تطابق المعنيين؛ إذ كلاهما دالٌّ على معنى العدل، وهو في حق الله عزّ وجل بالغ غايته وكماله، أو ما اختص به بعض عباده من الخير دون غيرهم بمقتضى حكمته وعدله.


[1] انظر: شأن الدعاء (92) [دار الثقافة، ط3، 1412هـ]، والحجة في بيان المحجة (1/148) [دار الراية، ط1]، ومدارج السالكين (3/338) [دار إحياء التراث العربي، ط1، 1419هـ].


لم يثبت أن المقسط من أسماء الله عزّ وجل، لكن يخبر عن الله عزّ وجل أنه هو المقسط، فلا تسوغ تسمية الله عزّ وجل بالمقسط، أو دعاؤه به، أو التعبيد به فيقال: عبد المقسط؛ لعدم ثبوت النص في كونه اسمًا لله عزّ وجل.



المقسط : هو العادل في قوله وعمله، فهو من جماع صفات الكمال لله تعالى، فالله سبحانه وتعالى لم يزل متكلمًا بالعدل، مخبرًا به، آمرًا به، وقيامه بالقسط يتضمن أنه يقول الصدق، ويعمل بالعدل، كما قال تعالى: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً} [الأنعام: 115] ، وقال تعالى: {إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ *} [هود] ، وهذا بمنزلة قوله تعالى: {قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] ؛ فإن الاستقامة والاعتدال متلازمان، فمن كان قوله وعمله بالقسط كان مستقيمًا، ومن كان قوله وعمله مستقيمًا كان قائمًا بالقسط[1].


[1] انظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (14/175 ـ 179) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، ط1425هـ]، ومدارج السالكين لابن القيم (3/336 ـ 339).


قال الله تعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] ، وقال تعالى: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا} [الأنبياء: 47] .
وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بخمس كلمات فقال: «إن الله عزّ وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور ـ وفي رواية: النار ـ لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه»[1].


[1] أخرجه مسلم (كتاب الإيمان، رقم 179).


قال قوّام السُّنَّة التيمي رحمه الله: «واسمه تعالى المقسط؛ أي: العادل في حكمه، الذي لا يحيف والذي ولا يجور»[1].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «والله وتر يحب الوتر، جميل يحب الجمال، مقسط يحب المقسطين»[2].
وقال الشيخ حافظ حكمي رحمه الله: «المقسط: الذي أرسل رسله بالبينات، وأنزل معهم الكتاب، والميزان ليقوم الناس بالقسط، وما للظالمين من نصير»[3].
وقال الشيخ محمد خليل هراس رحمه الله: «ومن أسمائه الحسنى سبحانه: المقسط، والجامع: أما المقسط: فهو اسم فاعل؛ من أقسط: بمعنى عدل»[4].


[1] الحجة في بيان المحجة (1/148) [دار الراية، ط1، 1411هـ].
[2] الرسالة الأكملية (48) [مطبعة المدني، 1403هـ].
[3] معارج القبول (1/43) [دار ابن الجوزي، ط6، 1430هـ].
[4] انظر: عقيدتنا عقيدة القرآن والسُّنَّة (235) [دار الكتاب والسُّنَّة، ط1، 1427هـ].


1 ـ «بدائع الفوائد»، لابن القيم.
2 ـ «تفسير أسماء الله الحسنى»، للزجاج.
3 ـ «الحجة في بيان المحجة»، للأصبهاني.
4 ـ «الرسالة الأكملية»، لابن تيمية.
5 ـ «شأن الدعاء»، للخطابي.
6 ـ «شرح أسماء الله الحسنى»، للقحطاني.
7 ـ «فقه الأسماء الحسنى»، لعبد الرزاق البدر.
8 ـ «الطريقة المثلى لإحصاء أسماء الله الحسنى»، لغريب بن محمد.
9 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، للتميمي.
10 ـ «النهج الأسمى»، للنجدي.