حرف الألف / الأكرم

           

الأكرم: اسم تفضيل بوزن (الأفعل) يدل على الحصر والمبالغة في الكرم، وفي بيان معنى الكرم يقول ابن فارس: «الكاف والراء والميم أصل صحيح له بابان؛ أحدهما: شرف في الشيء في نفسه، أو شرف في خلق من الأخلاق، والكرم في الخلق يقال: هو الصفح عن ذنب المذنب»[1].


[1] مقاييس اللغة (5/171 ـ 172)، وانظر: مجموع الفتاوى لابن تيمية (16/295) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، ط1416هـ].


الأكرم: هو المتفرد بغاية الكرم الذي لا شيء فوقه ولا نقص فيه[1].
قال ابن تيمية: «وقوله: {الأَكَرَمُ *} [العلق: 3] يدل على الحصر، ولم يقل: (الأكرم من كذا) بل أطلق الاسم؛ ليبيِّن أنه الأكرم مطلقًا غير مقيد، فدلَّ على أنه متصف بغاية الكرم الذي لا شيء فوقه ولا نقص فيه»[2].


[1] انظر: شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسُّنَّة (78 ـ 79) لسعيد القحطاني [مؤسسة الجريسي].
[2] مجموع الفتاوى لابن تيمية (16/295).


يجب الإيمان باسم الله الأكرم لدلالة النصوص على ثبوته لله سبحانه.



قال ابن تيمية: «وهو سبحانه أخبر أنه الأكرم بصيغة التفضيل والتعريف لها، فدل على أنه الأكرم وحده، بخلاف ما لو قال: (وربك أكرم)؛ فإنه لا يدل على الحصر. وقوله: {الأَكَرَمُ *} [العلق] يدل على الحصر، ولم يقل: (الأكرم من كذا)، بل أطلق الاسم؛ ليبيِّن أنه الأكرم مطلقًا غير مقيد. فدل على أنه متصف بغاية الكرم الذي لا شيء فوقه ولا نقص فيه»[1].
وذكر السعدي أن اسم الله الأكرم يدل على أن الله «كثير الصفات واسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود، الذي من كرمه أن علم بالعلم»[2].


[1] المصدر نفسه.
[2] تفسير السعدي (930) [مؤسسة الرسالة، ط1].


دلَّت النصوص الشرعية على ثبوت اسم الله (الأكرم)، قال تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكَرَمُ *} [العلق] .
وجاء عن عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يقولان بين الصفا والمروة: «ربِّ اغفر وارحم إنك أنت الأعز الأكرم»[1].
وهذا مما لا مجال فيه للرأي فيكون له حكم المرفوع[2].


[1] أخرجهما ابن أبي شيبة في المصنف (كتاب الحج، رقم 15808، 15812) [دار القبلة، ط1]، والبيهقي في السنن الكبرى (كتاب الحج، رقم 9351، 9352) [دار الكتب العلمية، ط3]، وصحح إسناديهما الألباني في مختصر مناسك الحج والعمرة (27) [مكتبة المعارف، ط1، 1420هـ].
[2] انظر: صفات الله عزّ وجل لعلوي السقاف (248 ـ 249) [الدرر السنية، ودار الهجرة، ط3، 1426هـ].


قال الخطابي رحمه الله: «والأكرم هو أكرم الأكرمين، لا يوازيه كريم، ولا يعادله فيه نظير، وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم»[1].
وقال ابن تيمية رحمه الله: «قوله: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكَرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ *عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ *} [العلق] سمى ووصف نفسه بالكرم وبأنه الأكرم بعد إخباره أنه خلق؛ ليتبين أنه ينعم على المخلوقين ويوصلهم إلى الغايات المحمودة، ولفظ الكرم لفظ جامع للمحاسن والمحامد، لا يراد به مجرد الإعطاء، بل الإعطاء من تمام معناه؛ فإن الإحسان إلى الغير تمام المحاسن، والكرم كثرة الخير ويسرته»[2].
وقال ابن القيم في قول الله تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكَرَمُ *} [العلق] : «ثم أعاد الأمر بالقراءة مخبرًا عن نفسه بأنه الأكرم، وهو الأفعل من الكرم، وهو كثرة الخير، ولا أحد أولى بذلك منه سبحانه، فإن الخير كله بيديه، والخير كله منه، والنعم كلها هو موليها، والكمال كله، والمجد كله له، فهو الأكرم حقًّا»[3].


[1] شأن الدعاء للخطابي (103 ـ 104) [دار الثقافة العربية، ط3]. وانظر: تفسير السمعاني (6/256) [دار الوطن، ط1، 1418هـ].
[2] مجموع الفتاوى (16/293).
[3] مفتاح دار السعادة (1/58) [دار الكتب العلمية]. وانظر: تفسير السعدي (930)، وأضواء البيان (9/17) [دار الفكر، 1415هـ].


الفرق بين الكريم والأكرم:
من الفروق التي قيلت بين الاسمين: أن الكريم يعود إلى صفة فعلية، والأكرم إلى صفة ذاتية، وقد يتفق الاسمان فيأتي أحدهما بمعنى الآخر، قال الخطابي: «والأكرم هو أكرم الأكرمين، لا يوازيه كريم، ولا يعادله فيه نظير، وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم»[1].
وقال القرطبي: «إن أردت التفرقة بين الأكرم والكريم، جعلت الأكرم الوصف الذاتي، والكريم الوصف الفعلي»[2].


[1] شأن الدعاء للخطابي (103 ـ 104)، وانظر: تفسير السمعاني (6/256).
[2] الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى للقرطبي (1/112) [دار الصحابة، ط1، 1416هـ].


ينبغي على كل عبد أن يعلم أن الإكرام الحقيقي هو إكرام الله للعبد بالتقوى، وبحسبها تكون منزلة العبد عند الأكرم تعالى[1]، فيسعى العبد إلى تحقيق العبودية للكريم الأكرم ليكرمه، ولا يلتفت إلى غير الله ليهان، ومن يهن الله فما له من مكرم.
وإذا أيقن العبد بأن الله هو الأكرم، انقطع رجاؤه فيه، وقويت عزائمه في طلب الكرم من مالكه سبحانه والمتفرد بإعطائه لمستحقيه.


[1] انظر: أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها لماهر مقدم (46) [مكتبة الإمام الذهبي، ط4].


1 ـ «أسماء الله الحسنى جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسُّنَّة»، لماهر مقدم.
2 ـ «أضواء البيان» (ج9)، للشنقيطي.
3 ـ «شأن الدعاء»، للخطابي.
4 ـ «شرح أسماء الله الحسنى في ضوء الكتاب والسُّنَّة»، لسعيد القحطاني.
5 ـ «مجموع الفتاوى» (ج16)، لابن تيمية.
6 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، لمحمد بن خليفة التميمي.
7 ـ «مفتاح دار السعادة» (ج1)، لابن القيم.
8 ـ «المنهاج الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى»، لزيد شحاتة.
9 ـ «النهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى»، لمحمد حمود النجدي.