حرف الميم / المُهَيْمِن

           

قال ابن فارس: «الهاء والميم والنون ليس بشيء، فأما المهيمن وهو الشاهد، فليس من هذا، إنما هو من باب أمن، والهاء مبدلة من همزة»[1]. والمُهَيْمِن اسم فاعل من الهيمنة، مأخوذ من الفعل هيمن يهيمن هيمنة فهو مهيمن؛ إذا سيطر وصار رقيبًا وحافظًا وشاهدًا على الشيء.
وجاء من معاني المهيمن في اللغة: الأمين[2].
وقال الجوهري: «المهيمن: الشاهد، وهو من آمن غيره من الخوف، وأصله أَأْمَنَ مُؤَأْمِنٌ، بهمزتين، قُلِبَتْ الهمزة الثانية ياء كراهية لاجتماعهما، فصار مُؤَيْمِنٌ، ثم صُيِّرت الأولى هاء، كما قالوا: أراق الماء وهراقه»[3].


[1] مقاييس اللغة (2/612) [دار الكتب العلمية، 1420هـ].
[2] انظر: تهذيب اللغة (6/332 ـ 334) [الدار المصرية، ط1، 1387هـ]، والصحاح (5/2071، 6/2217، 2218) [دار العلم للملايين، ط4، 1990م]، والقاموس المحيط (1600) [مؤسسة الرسالة، ط5، 1416هـ]، والمعجم الوسيط (2/1005) [دار الدعوة، ط2، 1972م].
[3] الصحاح (6/2217، 2218).


المهيمن : اسم من أسماء الله عزّ وجل دالٌّ على إحاطته سبحانه بكل شيء وسيطرته عليه، وأنه الرقيب الشهيد على كل شيء والحافظ لكل شيء، والأمين على أعمال خلقه فلا يضيع منها شيئًا.



يجب الإيمان بهذا الاسم: المهيمن، وما دلَّ عليه من صفة الهيمنة؛ لدلالة القرآن الكريم عليها، ويجب إثبات ذلك لله تعالى كما يليق بجلاله وكبريائه وعظمته سبحانه وتعالى، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تمثيل.



المهيمن : المُطَّلع على خفايا الأمور وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء علمًا، وهو الشهيد على خلقه بما يكون منهم من قول أو عمل. فهذا الاسم الكريم لربنا عزّ وجل قد أورد أهل العلم له عدة تفسيرات، فقيل إن معناه:
ـ الرقيب الحافظ[1].
ـ الشاهد أو الشهيد على خلقه بما يكون منهم من قول أو فعل[2].
ـ الأمين، وذلك أن أصله مؤيمن، قلبت الهمزة هاء؛ لأن الهاء أخف من الهمزة، فالله عزّ وجل هو الأمين على أفعال خلقه، فلا ينقص المثيب من ثوابه، ولا يزيد العاصي من العقاب على قدر معصيته[3].
ـ المصدّق[4].


[1] انظر: تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (32)، وشأن الدعاء (46) [دار الثقافة، ط3، 1412هـ]، والأسماء والصفات للبيهقي (1/168) [مكتبة السوادي، ط1، 1413هـ]، أحكام القرآن لابن العربي (2/347) [دار الكتب العلمية، ط1].
[2] انظر: تفسير الطبري (23/304) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1420هـ]، وتفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (32)، وشأن الدعاء (46)، واشتقاق أسماء الله (227) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1406هـ].
[3] انظر: تفسير الطبري (23/304)، وتفسير أسماء الله الحسنى للزجاج (32)، واشتقاق أسماء الله (228)، وشأن الدعاء (46)، والمنهاج في شعب الإيمان (1/202، 203) [دار الفكر، ط1]، والأسماء والصفات (1/166 ـ 168).
[4] انظر: تفسير الطبري (23/304) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وحقيقة مذهب الاتحاديين ووحدة الوجود، ضمن مجموع الفتاوى لابن تيمية (2/272) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، ط1، 1416هـ]، والرد الأقوم على ما في فصوص الحكم، ضمن مجموع الفتاوى (2/428)، الجواب الصحيح (2/272، 428) [دار الفضيلة، ط1، 1424هـ].


ورد اسم المهيمن في القرآن مرةً واحدةً في قوله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: 23] .
أقوال أهل العلم:
عن ابن عباس في قوله تعالى: {الْمُهَيْمِنُ} [الحشر: 23] قال: «الشهيد»، وقال مرة أخرى: «الأمين»[1].
قال البيهقي: «المهيمن: هو الشهيد على خلقه بما يكون منهم من قول أو عمل، وهو من صفات ذاته، وقيل: هو الأمين، وقيل: هو الرقيب على الشيء والحافظ له»[2].
وقال ابن الأثير: «في أسماء الله تعالى (المهيمن): هو الرقيب، وقيل: الشاهد، وقيل: المؤتمَن، وقيل: القائم بأمور الخلق»[3].
وقال السعدي: «المهيمن: المطلع على خفايا الأمور وخبايا الصدور، الذي أحاط بكل شيء علمًا»[4].


[1] أخرجه الطبري في تفسيره (10/7982، رقم 33776) [دار السلام، القاهرة، ط3، 1429هـ] وإسناده حسن، كما في التفسير الصحيح (4/470) [دار المآثر، المدينة المنورة، ط1، 1420هـ].
[2] الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد (42) [رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء، الرياض، ط2، 1424هـ].
[3] النهاية في غريب الحديث والأثر (5/275) [المكتبة العلمية، بيروت].
[4] تفسير السعدي (5/624)، ملحق في آخر الجزء بعنوان: أصول وكليات من أصول التفسير وكلياته [مركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة، ط2، 1412هـ].


1 ـ «الأسماء والصفات»، للبيهقي.
2 ـ «أسماء الله الحسنى: جلالها ولطائف اقترانها وثمراتها في ضوء الكتاب والسُّنَّة»، لماهر مقدم.
3 ـ «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى»، للقرطبي.
4 ـ «الاعتقاد والهداية»، للبيهقي.
5 ـ «الجواب الصحيح»، لابن تيمية.
6 ـ «شأن الدعاء»، للخطابي.
7 ـ «صفات الله عزّ وجل الواردة في الكتاب والسُّنَّة»، لعلوي بن عبد القادر السقاف.
8 ـ «فقه أسماء الله الحسنى»، لعبد الرزاق البدر.
9 ـ «مجموع الفتاوى»، لابن تيمية.
10 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، للتميمي.