حرف الميم / أبو موسى الأشعري رضي الله عنه

           

هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار بن حرب ابن عامر بن غنم بن بكر بن عامر بن عذر بن وائل بن ناجية بن الجماهر بن الأشعر أبو موسى الأشعري، مشهور باسمه وكنيته معًا. وأمه: ظبية بنت وهب بن عك، أسلمت وماتت بالمدينة[1].


[1] طبقات خليفة بن خياط (126) [دار الفكر]، والطبقات الكبرى لابن سعد (4/78) [دار الكتب العلمية، ط1]، والاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/1762، 1763) [دار الجيل، بيروت، ط1]، وسير أعلام النبلاء (2/381) [مؤسسة الرسالة، ط3]، والإصابة في تمييز الصحابة (4/211، 212) [دار الجيل، بيروت، ط1].


توفي أبو موسى الأشعري رضي الله عنه سنة اثنتين وخمسين الهجرة على الصحيح، حسب قول الحافظ ابن كثير، وقيل: توفي سنة خمسين[1]، وقيل: سنة إحدى وخمسين[2]، وقيل: سنة ثلاث وخمسين[3]، وقيل: سنة اثنتين وأربعين[4]، وقيل غير ذلك[5]. وهو ابن ثلاث وستين سنة[6]، قال الحافظ ابن حجر بعد أن ذكر القولين الأول والرابع: «قلت: بالأول جزم ابن نمير وغيره، وبالثاني أبو نعيم وغيره»[7].
واختلف في موضع موته؛ أكان بالكوفة أم في مكة؟[8] فقيل: مات بالكوفة[9]، وقيل: بل مات بمكة[10].


[1] انظر: طبقات خليفة بن خياط (126)، والمعارف لابن قتيبة (266) [الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط2]، والبداية والنهاية (11/213) [دار هجر، ط3].
[2] انظر: طبقات خليفة بن خياط (126).
[3] ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/397)، وابن حجر في الإصابة (4/213) وعزواه للمدائني.
[4] انظر: المعارف لابن قتيبة (266).
[5] انظر: سير أعلام النبلاء (2/397).
[6] انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/981)، والإصابة في تمييز الصحابة (4/213).
[7] الإصابة في تمييز الصحابة (4/213).
[8] انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (4/213).
[9] انظر: طبقات خليفة بن خياط (126)، والاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/980).
[10] انظر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب (3/980).


أسلم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قديمًا، فهو من السابقين الأولين، واختلف في هجرته إلى الحبشة على قولين ذكرهما ابن سعد وغيره[1]:
القول الأول: أنه أسلم وهاجر إلى الحبشة، وبه جزم الحافظ الذهبي[2]، والحافظ ابن حجر.
والقول الثاني: أنه أسلم ورجع إلى بلاد قومه، ولم يهاجر إلى الحبشة، وعزاه ابن حجر إلى الأكثرين، وعلل ذلك بأن موسى بن عقبة وابن إسحاق والواقدي لم يذكروه في مهاجِرة الحبشة. ثم قدم المدينة بعد فتح خيبر وصادف مجيء سفينته مجيء سفينة جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فقدموا جميعًا[3]، وقيل: إنه أدرك غزوة خيبر وأنها أول مشاهده[4].
وروى الإمام البخاري بسنده عن أبي موسى رضي الله عنه؛ أنه قال: «بلغنا مخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم ونحن باليمن، فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، فوافقنا جعفر بن أبي طالب، فأقمنا معه حتى قدمنا، فوافقنا النبي صلّى الله عليه وسلّم حين افتتح خيبر، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان »[5].
وفي لفظ آخر عن أبي موسى رضي الله عنه قال: «بلغنا مخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم ونحن باليمن، فخرجنا مهاجرين إليه، أنا وأخوانِ لي أنا أصغرهم، أحدهما أبو بردة، والآخر أبو رهم، ـ إما قال: في بضع، وإما قال: في ثلاثة وخمسين، أو اثنين وخمسين رجلاً من قومي ـ فركبنا سفينة، فألقتنا سفينتنا إلى النجاشي بالحبشة، ووافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده، فقال جعفر: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعثنا هاهنا وأمرنا بالإقامة فأقيموا معنا، فأقمنا معه، حتى قدمنا جميعًا، فوافقنا النبي صلّى الله عليه وسلّم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا ـ أو قال: فأعطانا منها ـ وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا إلا لمن شهد معه، إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم»[6].


[1] انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد (4/79).
[2] انظر سير أعلام النبلاء (2/382).
[3] انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (4/212)، وانظر أيضًا: الطبقات الكبرى لابن سعد (4/79)، والاستيعاب في معرفة الأصحاب (4/1762).
[4] انظر: المعارف لابن قتيبة (266)، وسير أعلام النبلاء (2/382).
[5] أخرجه البخاري (كتاب مناقب الأنصار، رقم 3876)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2502).
[6] أخرجه البخاري (كتاب فرض الخمس، رقم 3136)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2502).


ـ ظفره ببشرى النبي صلّى الله عليه وسلّم وبيان فضل قومه.
فعن أبي موسى رضي الله عنه قال: «كنت عند النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال، فأتى رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم رجلٌ أعرابي، فقال: ألا تنجز لي يا محمد ما وعدتني؟ فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أبشر ، فقال له الأعرابي: أكثرت علي من أبشر، فأقبل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان، فقال: إن هذا قد رد البشرى فاقبلا أنتما ، فقالا: قبلنا يا رسول الله، ثم دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه ومج فيه، ثم قال: اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا ، فأخذا القدح ففعلا ما أمرهما به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فنادتهما أم سلمة من وراء الستر: أفضلا لأمّكما مما في إنائكما، فأفضلا لها منه طائفة»[1].
ـ دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم له بالمغفرة وبالمدخل الكريم يوم القيامة.
فقد ثبت من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم؛ أنه قال: «اللَّهُمَّ اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه، وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريمًا»[2].
ـ أنه أوتي مزمارًا من مزامير آل داود.
فعن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال له: «يا أبا موسى، لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود»[3].
وقال البخاري في بيان فضل الأشعريين ـ ومنهم: أبو موسى الأشعري ـ: «وقال أبو موسى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: هم مني وأنا منهم »[4].


[1] أخرجه البخاري (كتاب المغازي، رقم 4328)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2497).
[2] أخرجه البخاري (كتاب المغازي، رقم 4323)، ومسلم (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2498).
[3] أخرجه البخاري (كتاب فضائل القرآن، رقم 5048)، ومسلم (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، رقم 793).
[4] أخرجه البخاري تعليقًا مجزومًا (كتاب المغازي، قبل حديث رقم 4384)، ووصله في (كتاب الشركة، رقم 2486)، وهو عند مسلم أيضًا (كتاب فضائل الصحابة، رقم 2500).


مما يبيِّن مكانته رضي الله عنه؛ أن النبي صلّى الله عليه وسلّم أرسله إلى اليمن قاضيًا ومعلمًا مرشدًا[1]، وقد استعمله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على البصرة بعد المغيرة رضي الله عنه، ففتح بلاد الأهواز، ومن بعدها أصبهان، ثم استعمله الخليفة الراشد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه على الكوفة[2].
وروى أبو زرعة الدمشقي بسنده عن مسروق قال: «كان القضاء في أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم في ستة: في عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي، وزيد، وأبي موسى»[3].


[1] أخرجه البخاري (كتاب الجهاد والسير، رقم 3038)، ومسلم (كتاب الجهاد والسير، رقم 1733). وانظر: أخبار القضاة لوكيع (1/100) [المكتبة التجارية الكبرى، ط1].
[2] انظر: طبقات خليفة بن خياط (126)، والإصابة في تمييز الصحابة (4/212).
[3] تاريخ أبي زرعة الدمشقي (649، 650) [مجمع اللغة العربية بدمشق] وأورده الذهبي في سير أعلام النبلاء (2/388) وقال محققو السير: «وهذا سند صحيح» (الحاشية رقم 4).


ـ قضية التحكيم بين علي ومعاوية:
كان أبو موسى رضي الله عنه أحد الحكمين بين علي ومعاوية، حينما وقع الخلاف بينهما في توقيت المطالبة بدم عثمان رضي الله عنهم؛ حيث رأى عليٌّ رضي الله عنه تأجيله حتى تستقرّ أمور الخلافة، بعد أن بايعه المهاجرون والأنصار في المدينة، وطلب من جميع الأمصار البعيدة مبايعته، ومنها بلاد الشام، في حين أن معاوية رضي الله عنه رأى ضرورة البدء بمطالبة دم عثمان، وتأجيل بيعة علي، ولما اشتد الخلاف في هذا بينهما وامتنع معاوية من تنفيذ أوامره رأى الخليفة الراشد علي بن أبي طالب بأن هذا خروج عن طاعته، وحاول ثنيه عن ذلك وإعادته إلى طاعته[1]. قال الإمام ابن حزم: «وأما أمر معاوية رضي الله عنه فبخلاف ذلك، ولم يقاتله علي رضي الله عنه لامتناعه من بيعته؛ لأنه كان يسعه في ذلك ما وسع ابن عمر وغيره، لكن قاتله لامتناعه من إنفاذ أوامره في جميع أرض الشام، وهو الإمام الواجبة طاعته، فعليٌّ المصيب في هذا، ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة، لكن اجتهاده أدَّاه إلى أن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان رضي الله عنه على البيعة، ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان، والكلام فيه من ولد عثمان وولد الحكم بن أبي العاص لسنّه ولقوته على الطلب بذلك، كما أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عبد الرحمن بن سهل أخا عبد الله بن سهل المقتول بخيبر بالسكوت وهو أخو المقتول، وقال له: «كبر كبر» [2] وروي: «الكبر الكبر» [3]، فسكت عبد الرحمن وتكلم محيِّصة وحويصة ابنا مسعود، وهما ابنا عم المقتول؛ لأنهما كانا أسنَّ من أخيه، فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه، وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا، وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط»[4].
وعليه؛ فعلي رضي الله عنه «خرج يريد معاوية بن أبي سفيان ومن معه بالشام، فبلغ ذلك معاوية فخرج فيمن معه من أهل الشام، والتقوا بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين، فلم يزالوا يقتتلون بها أيامًا. وقُتل بصفين عمار بن ياسر، وخزيمة بن ثابت، وأبو عمرة المازني، وكانوا مع علي. ورفع أهل الشام المصاحف يدعون إلى ما فيها»[5].
فقبل منهم عليٌّ ذلك، واختار أبا موسى الأشعري، واختار معاوية عمرو بن العاص؛ ليحكما بين الطائفتين بكتاب الله ولا تأخذهما في الله لومة لائم.
قال أبو بكر ابن العربي: «والذي صحَّ من ذلك ما روى الأئمة ـ كخليفة بن خياط والدارقطني ـ أنه لما خرج الطائفة العراقية في مائة ألف، والشامية في سبعين أو تسعين ألفًا، ونزلوا على الفرات بصفين، اقتتلوا في أول يوم ـ وهو الثلاثاء ـ على الماء فغلب أهل العراق عليه، ثم التقوا يوم الأربعاء لسبع خلون من صفر سنة[6]، ويوم الخميس، ويوم الجمعة، وليلة السبت، ورفعت المصاحف من أهل الشام، ودعوا إلى الصلح، وتفرقوا على أن تجعل كل طائفة أمرها إلى رجل، حتى يكون الرجلان يحكمان بين الدعوتين بالحق، فكان من جهة علي أبو موسى الأشعري، ومن جهة معاوية عمرو بن العاص، وكان أبو موسى رجلاً تقيًّا ثقفًا فقيهًا، عالمًا... أرسله النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى اليمن مع معاذ، وقدّمه عمرُ، وأثنى عليه بالفهم»[7].
وكان انعقاد التحكيم في دومة الجندل[8]. وذكر ابن سعد أنه كان في أذرح[9]، ولا اختلاف بينهما؛ لأنها قريب من دومة الجندل؛ لذا قال خليفة بن خياط في سنة سبع وثلاثين: «فيها وقعة صفين يوم الأربعاء، لسبع خلون من صفر سنة سبع وثلاثين، وكان الصلح ليلة السبت لعشر خلون من صفر، وفيها قُتل عمار بن ياسر، وهاشم بن عتبة، وفيها اجتمع الحكمان أبو موسى الأشعري من قِبَل علي، وعمرو بن العاص من قِبَل معاوية بدومة الجندل في شهر رمضان، ويقال: بأذرح وهي من دومة الجندل قريب»[10].
ويشير القاضي ابن العربي إلى ما قرره الحكمان فيقول: «الذي روى الأئمة الثقات الأثبات أنهما لما اجتمعا للنظر في الأمر في عصبة كريمة من الناس، منهم: عبد الله بن عمر، ونحوه، عزل عمرو معاوية. ذكر الدارقطني سنده عن حصين بن المنذر قال: لما عزل عمرو معاوية جاء فضرب فسطاطه قريبًا من فسطاط معاوية، ثم جعل يتكلم فبلغ ثناه معاوية، فأرسل إلي فقال: إنه بلغني عن هذا كذا وكذا، فاذهب فانظر ما هذا الذي بلغني عنه، فأتيته فقلت: أخبرني عن الأمر الذي وليت أنت، وأبو موسى، كيف صنعتما فيه؟ قال: قد قال الناس في ذلك ما قالوا، والله ما كان الأمر على ما قالوا، ولكن قلت لأبي موسى: ما ترى في هذا الأمر؟ قال: أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو عنهم راض. قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ فقال: إن يستعن بكما ففيكما معونة، وإن يستغن عنكما، فطالما استغنى أمر الله عنكما»[11].
فقوله: «أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو عنهم راض» يدل على أن أبا موسى أثبت عليًّا، ويؤكده قول عمرو: «فأين تجعلني ومعاوية؟» ثم إجابته عن هذا بقوله: «وإن يستغن عنكما، فطالما استغنى أمر الله عنكما»، وهذا معناه ـ والله أعلم ـ: أنهما إن احتاج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إليهما أفادَ منهما، وإن استغنى عنهما فيصبحان كبقية أفراد المسلمين والله أعلم.
وهناك روايات كثيرة في هذه القصة لا تثبت؛ إذ هي من نقل الأخباريين ممن لا يوثق بهم، والأصل المقرر عند أهل السُّنَّة في هذا: الإمساك عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم، فكلهم كما قال الله تعالى: {وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ *} [الحديد] . وذِكرُ تفاصيل ما جرى في هذه القصة ونحوها قد يورث شيئًا في النفوس، اتجاه أحد من الصحابة وهذا خلاف ما جاء في الكتاب والسُّنَّة من الثناء عليهم ومحبتهم.


[1] انظر: تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة لمحمد أمحزون (2/224) [دار طيبة، ط1، 1415هـ].
[2] أخرجه البخاري (كتاب الجزية، رقم 3173)، ومسلم (كتاب القسامة والمحاربين، رقم 1669).
[3] أخرجه البخاري (كتاب الديات، رقم 6898).
[4] الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/124) [مكتبة الخانجي].
[5] الطبقات الكبرى لابن سعد (3/23).
[6] قال المحقق: «بياض في جميع الأصول. وهي سنة (38هـ/658 م) على الأصح». النص الكامل لكتاب العواصم من القواصم لابن العربي (308، 309)، (الحاشية رقم 3).
[7] النص الكامل لكتاب العواصم من القواصم (308).
[8] انظر: تاريخ خليفة بن خياط (191، 192)، والبداية والنهاية لابن كثير (10/570).
[9] الطبقات الكبرى لابن سعد (3/23).
[10] تاريخ خليفة بن خياط (191، 192).
[11] النص الكامل لكتاب العواصم من القواصم (310، 311).


الروافض:
يطعن الروافض في أبي موسى الأشعري؛ لما ينسبونه إليه من خلع علي وترك نصرته[1]، ويزعمون أن عليًّا رضي الله عنه لعنه[2]، وأن حذيفة رضي الله عنه أيضًا شهد عليه بالنفاق[3]، ويصفونه بأنه من شر الأولين والآخرين، ويلقبونه بالسامري[4].


[1] الإيضاح للفضل بن شاذان (63) [مؤسسة انتشارات، ط1، 1363ش].
[2] انظر: الإيضاح للفضل بن شاذان (63).
[3] انظر: الصراط المستقيم للعاملي (3/247) [المكتبة المرتضوية].
[4] الخصال للصدوق (458) [منشورات جماعة المدرسين، 1403هـ]، والأمالي للمفيد (30) [دار المفيد، ط2، 1414هـ].


هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة؛ لأنها مبنية على الكذب والضغينة، وليس لها أي مستند يستحق أدنى حظ من النظر، فالروايات المنسوبة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلي رضي الله عنه منحوتة نحتًا وفق أهوائهم الضالة وعقائدهم الفاسدة، ومما يدل على هذا أنها تنافي الثابت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من الثناء على أبي موسى رضي الله عنه والدعاء له بالمدخل الكريم يوم القيامة كما تقدم في فضائله، وما كان يسند إليه من المهام العظام من قبل النبي صلّى الله عليه وسلّم، ثم بعده من خلفائه.
كما تعارض هذه الادعاءات ما هو معروف من ثناء علي بن أبي طالب على أبي موسى الأشعري رضي الله عنهما، فقد روى يعقوب الفسوي بسنده عن أبي البحتري قال: «سئل علي عن أصحاب محمد صلّى الله عليه وسلّم فقال: عن أيهم تسألوني؟ قالوا: عن عبد الله. قال: علم القرآن وعلم السُّنَّة ثم انتهى وكفى به علمًا. فقالوا: أخبرنا عن أبي موسى؟ قال: صبغ في العلم صبغًا»[1]، وكذا اختياره إياه أيضًا للتحكيم، فقد روى ابن أبي شيبة بسنده عن أبي صالح «أن عليًّا قال لأبي موسى: احكم ولو بحز عنقي»[2].
كما أن تلك الروايات تحكي ما هو معروف انتفاؤه بداهة عن جيل الصحابة الأطهار رضي الله عنهم، من لعن بعضهم بعضًا، وشهادة بعضهم بالنفاق على بعض.


[1] أخرجه ابن سعد في الطبقات (2/346) [دار صادر، ط1]، والفسوي في المعرفة والتاريخ (2/540) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1401هـ].
[2] أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (كتاب الجمل وصفين والخوارج، رقم 37853)، ورجاله ثقات.


1 ـ «الاستيعاب في معرفة الأصحاب» (ج4)، لابن عبد البر.
2 ـ «الإصابة في تمييز الصحابة» (ج4)، لابن حجر.
3 ـ «تاريخ خليفة بن خياط».
4 ـ «تحقيق مواقف الصحابة في الفتنة» (ج2)، لمحمد أمحزون.
5 ـ «سير أعلام النبلاء» (ج2)، للذهبي.
6 ـ «الطبقات الكبرى» (ج4)، لابن سعد.
7 ـ «طبقات خليفة بن خياط».
8 ـ «المعارف»، لابن قتيبة.
9 ـ «موقف الشيعة الإمامية الاثني عشرية من الصحابة رضي الله عنهم»، لعبد القادر محمد عطا صوفي.
10 ـ «النص الكامل لكتاب العواصم من القواصم»، لابن العربي.