حرف النون / النار

           

أصلها: النون والواو والراء، و«النار مؤنثة وقد تُذَكَّر[1] وهي من الواو؛ لأن تصغيرها نويرة، والجمع نور ونيران انقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها»[2]. قال ابن فارس: «النون والواو والراء أصل صحيح يدل على الإضاءة واضطراب وقلة الثبات. منه النور والنار سُمِّيا بذلك من طريقة الإضاءة، ولأن ذلك يكون مضطربًا سريع الحركة»[3]، والنار: تقال للهيب، وللحرارة المجردة، ولنار جهنم، ولنار الحرب[4].


[1] القاموس المحيط (454) [دار إحياء التراث العربي، ط2، 1424هـ].
[2] الصحاح (2/839) [دار العلم للملايين].
[3] مقاييس اللغة (1003) [دار الفكر، ط2، 1418هـ].
[4] ينظر: المفردات (828) [دار القلم، ط3، 1423هـ].


هي الدار التي أعدها الله للكافرين به، المتمردين على شرعه، المكذبين لرسله، وهي عذابه الذي يعذب فيه أعداءه، وسجنه الذي يسجن فيه المجرمين[1].


[1] الجنة والنار (11) [دار النفائس، ط7، 1418هـ].


المعنى الشرعي خصص المعنى اللغوي، فالنار في اللغة تشمل كل نار، وفي الشرع النار التي يعذب الله تعالى بها العصاة.



سميت النار بذلك؛ لأنها سريعة الحركة والاضطراب[1].


[1] انظر: مقاييس اللغة (1003).


جهنم، الجحيم، الحطمة، السعير، سقر، هاوية، السموم، لظى.



ويجب الإيمان بأنها حق، والإيمان بها جزء من الإيمان بيوم الآخر الذي هو أحد أركان الإيمان، وهي وموجودة الآن، قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ *} [آل عمران] ، وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، أدخله الله من أي أبواب الجنة الثمانية شاء»[1].


[1] أخرجه البخاري (كتاب أحاديث الأنبياء، رقم 3435)، ومسلم (كتاب الإيمان، رقم 28) واللفظ له.


هي نار حقيقة، وأشد حرارة من نار الدنيا بكثير، قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: «ناركم هذه التي يُوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءًا من حر جهنم» قالوا: والله؛ إن كانت لكافية يا رسول الله! قال: «فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءًا، كلها مثل حرها»[1].


[1] أخرجه البخاري (كتاب بدء الخلق، رقم 3265)، ومسلم (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم 2843) واللفظ له.


الأدلة على النار في نصوص الوحي كثيرة جدًّا، منها ما تقدم، ومنها: قول الله تعالى: {إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف: 29] ، وقوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى *لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى *} [الليل] ، وغيرها من الآيات الكثيرة.
ومن السُّنَّة : قول النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنذرتكم النار، أنذرتكم النار» ، حتى لو كان رجل كان في أقصى السوق سمعه، وسمع أهل السوق صوته وهو على المنبر»[1] ، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في حديث أبي هريرة لما دعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قريشًا فاجتمعوا فعم وخص فقال: «يا بني كعب بن لؤي! أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني مرة بن كعب! أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد شمس! أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد مناف! أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني هاشم! أنقذوا أنفسكم من النار، يا بني عبد المطلب! أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة! أنقذي نفسك من النار، فإني لا أملك لكم من الله شيئًا»[2] ، وهناك غير هذا من الأدلة الكثيرة، حتى إن كثيرًا من المحدثين خصصوا كتبًا وأبوابًا في مصنفاتهم، وقد أجمع المسلمون على أن النار هي دار الكافرين يوم القيامة أبدًا، ودار العصاة المعذبين أمدًا.


[1] أخرجه أحمد (30/349) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والدارمي (كتاب الرقاق، رقم 2854)، والحاكم (كتاب الجمعة، رقم 1058) وصححه، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (رقم 3659) [مكتبة المعارف، ط5].
[2] أخرجه مسلم (كتاب الإيمان، رقم 204).


نصَّ كثير من أهل العلم على وجود النار الآن، قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ *} [البقرة] : «فيه دليل على ما يقوله أهل الحق من أن النار موجودة مخلوقة، خلافًا للمبتدعة في قولهم: إنها لم تخلق حتى الآن»[1].
وقال ابن كثير «استدل كثير من أئمة السُّنَّة بهذه الآية على أن النار موجودة الآن، {أُعِدَّتْ}؛ أي: أرصدت وهيئت، وقد وردت أحاديث كثير في ذلك»[2].
ونقل ابن أبي العز الحنفي على ذلك اتفاق أهل السُّنَّة، فقال: «اتفق أهل السُّنَّة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن»[3].
وقال ابن عثيمين: «الجنة والنار موجودتان الآن ودليل ذلك من الكتاب والسُّنَّة»[4].


[1] تفسر القرطبي (1/356) [مؤسسة الرسالة، ط1، 1427هـ].
[2] تفسير ابن كثير (1/318) [دار عالم الكتب، ط1، 1425هـ].
[3] شرح العقيدة الطحاوية (615).
[4] مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (2/54) [دار الثريا، ط2، 1423هـ].


المسألة الأولى: مكان النار:
اختلفت أقوال أهل السُّنَّة في مكان النار[1]، بعد أن اتفقوا على وجودها وأنها مخلوقة الآن[2]، فقال بعضهم: هي في الأرض السفلى، وقال الآخرون: هي في السماء، وتوقف فيها الآخرون، وهذا هو الصواب؛ لعدم ورود نص صريح صحيح يحدد موقعها، ومن الذين توقفوا في تحديد موقعها: السيوطي[3] وولي الله الدهلوي والقنوجي[4] وغيرهم[5].
المسألة الثانية: فناء النار أو عدم فنائها:
هذه مسألة عظيمة، والكلام فيها قديم، وليست وليدة الزمن القريب، وقد تكلم فيها العلماء قديمًا وحديثًا[6]، والقول بفنائها قول باطل مردود وصاحبه على غير صواب[7]، والذي عليه جمهور المسلمين أن النار باقية بإبقاء الله لها أبدًا سرمدًا على دهر الدهور، قال القرطبي: «فمن قال: إنهم يخرجون منها، وأن النار تبقى خالية بجملتها خاوية على عروشها، وأنها تفنى وتهلك، فهو خارج عن مقتضى المعقول، ومخالف لما جاء به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وما أجمع عليه أهل السُّنَّة والأئمة العدول: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا *} [النساء] ، وإنما تخلى جهنم، وهي الطبقة العليا التي فيها العصاة من أهل التوحيد»[8].
المسألة الثالثة: نقل إجماع فرق الأمة على أبدية النار وعدم فنائها:
قال ابن حزم: «اتفقت فرق الأمة كلها على أن لا فناء للجنة ولا لنعيمها، ولا للنار ولا لعذابها، إلا جهم بن صفوان، وأبا الهذيل العلاف وبعض الروافض»[9]. وقال القرطبي: «أجمع العلماء وأهل السُّنَّة على أن أهل النار مخلدون فيها غير خارجين منها؛ كإبليس، وفرعون، وهامان، وأجمع أهل السُّنَّة أيضًا على أنه لا يبقى فيها مؤمن ولا يخلد فيها إلا كافر جاحد، وبالجملة فلا مدخل للعقول فيما اقتطع أصله الإجماع والرسول، {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ *} [النور] »[10].
وقال ابن تيمية: «اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السُّنَّة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم، ولا يفنى بالكلية كالجنة والنار والعرش وغير ذلك»[11].
وقال أيضًا: «إن نعيم الجنة، وعذاب النار دائمان مع تجدد الحوادث فيهما»[12].
وقال ابن القيم: «ولما كان الناس على ثلاث طبقات: طيب لا يشوبه خبث، وخبيث لا طيب فيه، وآخرون فيهم خبث وطيب، كانت دورهم ثلاثة: دار الطيب المحض، ودار الخبيث المحض، وهاتان الداران لا تفنيان، ودار لمن معه خبث وطيب، وهي الدار التي تفنى وهي دار العصاة، فإنه لا يبقى في جهنم من عصاة الموحدين أحد، فإنهم إذا عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنة، ولا يبقى إلا دار الطيب المحض ودار الخبث المحض»[13]. وقال صدِّيق حسن خان: «أجمعوا على أن عذاب الكفار لا ينقطع، كما أن نعيم أهل الجنة لا ينقطع»[14].
المسألة الرابعة: ما نقل عن ابن تيمية من القول بفناء النار:
هذا النقل إما أنه لم يثبت عنه وإما أنه قول رجع منه، كما دلَّت عليه نصوصه الصريحة المتقدمة ونقله الإجماع على عدم فنائها[15]، قال الصنعاني بعد أن ذكر أثرًا عن عمر رضي الله عنه: «لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه»[16]: «يقال: كلام عمر كغيره من الأقوال الدالة على خروج الموحدين من النار، وهو قول عليه جماهير الأئمة منهم ابن تيمية»[17]. وقال الألباني: والظن بمن هو دون ابن تيمية علمًا ودينًا أن لا يخالف سلف الأمة وأئمتها، ولِمَ لا وهو حامل راية الدعوة إلى اتّباعهم والسير على منهجهم والتحذير من مخالفتهم والخروج على سبيلهم، كما لا يخفى ذلك على كل من اطلع على شيء من كتبه، وتغذى من طرف علمه»[18].


[1] انظر: التخويف من النار (62)، ويقظة أولي الأبصار (43).
[2] شرح العقيدة الطحاوية (615).
[3] إتمام الدراية لقراءة النقاية (15) [مطبعة مظهر العجايب، كلكته، 1864م].
[4] يقظة أولي الأبصار (46).
[5] الجنة والنار للأشقر (21).
[6] كالغزالي في المقصد الأسنى، وابن عطية في المحرر الوجيز، والفخر الرازي في التفسير الكبير، والقرطبي في التذكرة، والذهبي في وصف النار، وابن القيم في حادي الأرواح، وابن رجب في التخويف من النار، وابن الوزير في إيثار الحق، والصنعاني في رفع الستار، والسفاريني في لوامع الأنوار، والقنوجي في يقظة أولي الاعتبار، والألوسي في جلاء العينين، والشنقيطي في دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب، وغيرهم في مصنفاتهم.
[7] الغاية (426) [دار القاسم، ط1، 1426هـ] ناقلاً كلام الفوزان.
[8] التذكرة (2/920)، [در المنهاج، ط1، 1425هـ].
[9] الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/145) [دار الجليل، ط2، 1416هـ].
[10] التذكرة للقرطبي (2/920).
[11] مجموع فتاوى ابن تيمية (18/307) [مجمع الملك فهد، 1425هـ].
[12] منهاج السُّنَّة النبوية (1/146، 147) [جامعة الإمام، ط2، 1411هـ].
[13] الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب (42، 43) [دار عالم الفوائد]. وانظر: طريق الهجرتين (296، 297) [دار عالم الفوائد، ط1، 1429هـ].
[14] يقظة أولي الاعتبار (39) [دار التراث الإسلامي].
[15] مجموع فتاوى ابن تيمية (18/307)، ومنهاج السُّنَّة النبوية (1/146، 147).
[16] قال ابن حجر: أخرجه عبد بن حميد في تفسيره من رواية الحسن عن عمر قوله، وهو منقطع. فتح الباري (11/422) [دار المعرفة].
[17] رفع الستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار (67) [المكتب الإسلامي، ط1، 1405هـ]..
[18] مقدمة الألباني لكتاب رفع الستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار (15).


ليجازي الله بها العصاة والكفار ـ نعوذ بالله منها ـ كما يجازي المتقين بالجنة ـ نسأل الله الفوز بها ـ، وأن المتقين والفجار ليسو سواء، قال تعالى: {...فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ * أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ *} [ص] .



زعمت المعتزلة ومن وافقهم أن النار لم تخلق بعد، قال ابن أبي العز في شرح قول الطحاوي: «والجنة والنار مخلوقتان»: «اتفق أهل السُّنَّة على أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان الآن، ولم يزل على ذلك أهل السُّنَّة، حتى نبغت نابغة من المعتزلة والقدرية؛ فأنكرت ذلك وقالت: بل ينشئهما الله يوم القيامة»[1]، وقول المبتدعة من المعتزلة وغيرهم مخالف لأدلة كثيرة؛ منها: قول الله تعالى: {فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ *} [البقرة] ، وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ *} [آل عمران] ، فقد أعدها الله وعبَّر عنها بصيغة الماضي، وفي حديث صحيح: كنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذ سمع وجبة، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: تدرون ما هذا؟ قال: قلنا: الله ورسوله أعلم! قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفًا فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى إلى قعرها »[2]، فسقوط الحجر قبل سبعين خريف، وسماع صوته زمن النبي صلّى الله عليه وسلّم دليل صريح على أن النار مخلوقة من قبل، وهي موجودة الآن.
وزعمت الباطنية أن النار ليست حقيقية، وإنما هي مثال وخيال[3]، فأوَّلوها تأويلات مختلفة، والمقصود من جميعها إنكار أن تكون هناك نار حقيقة، فقال أحدهم: «أما النار فإنها مستعملة في صلاح المعيشة وطبخ الأشياء النية، غير أنها تفسد الصور الطبيعية، وتجعلها مجهولة بحيث لا توقف على صورة ذي صورة»[4]. وقال الآخر: «إن الجحيم عبارة عن الباطل والفناء والألم، وأهل الجحيم هم أهل الباطل والفناء والألم، وأن أبواب الجحيم السبعة كما ورد في القرآن، وأن هذه الأبواب السبعة هي الحواس الخمسة الطاهرة والخيال والوهم»[5]، ويبطل مزاعم الباطنية ما تقدم من الأدلة في رد قول المعتزلة بأنها مخلوقة حقيقة وليست خيالاً ووهمًا، وأن أهلها يرونها عين القين، وأن يقال لهم: {انْطَلِقُوا إِلَى مَا كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ *انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاَثِ شُعَبٍ *لاَ ظَلِيلٍ وَلاَ يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ *إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ *كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ *وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ *} [المرسلات] .
وزعمت الفلاسفة أن العذاب في النار للروح فقط؛ وذلك لأنهم ينكرون المعاد الجسماني. قال ابن تيمية: «أما طوائف من الكفار وغيرهم من الصابئة والفلاسفة ومن وافقهم فيقرون بحشر الأرواح فقط وأن النعيم والعذاب للأرواح فقط»[6]، وقول منكري المعاد الجسماني، وأن العذاب يقع على الروح دون الجسد مخالف لقول الله عزّ وجل: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ} [النساء: 56] ، والجلد يكون للجسد لا للروح، وقوله تعالى: {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ *} [محمد] ، والأمعاء أيضًا تكون للبدن لا للروح، وثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع» [7]، وهذه كلها تدل أن العذاب يكون للبدن، كما أن هناك أدلة تدل أن العذاب يكون كذلك للروح، مثل قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا صار أهل الجنة إلى الجنة، وصار أهل النار إلى النار، جيء بالموت حتى يجعل بين الجنة والنار، ثم يذبح، ثم ينادي منادٍ: يا أهل الجنة لا موت، ويا أهل النار لا موت. فيزداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم، ويزداد أهل النار حزنًا إلى حزنهم»[8].


[1] شرح العقيدة الطحاوية (615) [دار عالم الكتب، ط3، 1418هـ].
[2] أخرجه مسلم (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم 2844).
[3] مجموع فتاوى ابن تيمية (13/236).
[4] الينابيع لأبي يعقوب السجستاني الإسماعيلي (138) [المكتب التجاري للطباعة، ط1، 1965م].
[5] الإسماعيلية تاريخ وعقائد (461) [إدارة ترجمان السُّنَّة] نقلاً عن (سي وشش صحيفة) (67، 868) لسهراب ولي بدخشاني الإسماعيلي.
[6] مجموع فتاوى (4/314).
[7] أخرجه البخاري (كتاب الرقاق، رقم 6551)، ومسلم (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم 2852).
[8] أخرجه البخاري (كتاب الرقاق، رقم 6548)، ومسلم (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم 2850).


1 ـ «أصول الإسماعيلية»، لسليمان السلومي.
2 ـ «البحور الزاخرة» (ج2)، للسفاريني.
3 ـ «البدور السافرة»، للسيوطي.
4 ـ «التخويف من النار»، لابن رجب.
5 ـ «رفع الستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار»، للصنعاني.
6 ـ «شرح العقيدة الطحاوية»، لابن أبي العز
7 ـ «طريق الهجرتين»، لابن القيم.
8 ـ «مجموع الفتاوى» (ج4، 13، 18)، لابن تيمية.
9 ـ «منهاج السُّنَّة النبوية» (ج17)، لابن تيمية.
10 ـ «الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب» (42)، لابن القيم.