النَّصير : (فعيل) من صيغ المبالغة، بمعنى فاعل من النَّصر، مأخوذ من الأصل الثلاثي (ن ـ ص ـ ر) الدال على إتيان الخير وإيتائه، من قولهم: نصرت بلد كذا إذا أتيته، والفعل منه: نصَر ينْصُر نصْرًا فهو ناصر ونصير؛ إذا أعان غيره وأيّده، والنَّصر والنُّصْرة: العون والتأييد، ونصره منه: نجَّاه وخلَّصه فهو نصير، والنَّصير والناصر بمعنى واحد، وتناصروا: تعاونوا، والأنصار: الأعوان، والاستنصار: استمداد النصر والعون، يقال: استنصر الرجل بغيره، سأله النصر والعون، قال تعالى: {فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ} [القصص: 18] ، ونُصِر القوم: أُغيثوا، وانتصر منه: انتقم منه[1].
[1] انظر: تهذيب اللغة (12/159، 160) [الدار المصرية، ط1، 1387هـ]، ومقاييس اللغة (1030، 1031) [دار الفكر، ط2، 1418هـ]، والصحاح (2/829) [دار العلم للملايين، ط4، 1990م]، ومفردات ألفاظ القرآن (808، 809) [دار القلم، ط2، 1418هـ]، والقاموس المحيط (621) [مؤسسة الرسالة، ط5]، والمعجم الوسيط (2/925) [دار الدعوة، ط2، 1972م].
هو الذي يتابع آلاءه على أوليائه، الموثوق منه بألا يسلمهم ولا يخذلهم، ويكف عنهم عادية أعدائه، فالنّصر لا يكون إلا منه، ولا يتحقق إلا بمنّته، فالمنصور من نصره الله؛ إذ لا ناصر للعباد سواه، ولا حافظ لهم إلا هو[1].
[1] انظر: المنهاج في شعب الإيمان (1/205) [دار الفكر، ط1، 1399]، والأسماء والصفات للبيهقي (1/179) [مكتبة السوادي، ط1، 1413هـ]، وأحكام القرآن لابن العربي (2/349) [دار الكتب العلمية، ط1]، وفقه الأسماء الحسنى (242) [دار التوحيد، ط1، 1429هـ].
معنى هذا الاسم قريب من معنى: المولى والمغيث والمجيب، إلا أن النصر في الأغلب لا يكون إلا على الأكْفاء أو ما يكون فوق الأكْفاء، وفيما يحتاج فيه إلى الاستعداد والمناجزة بالمجاهدة والمرابطة والمصابرة، وأما الغياث والغوث فعند الشدائد[1].
[1] انظر: الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/317، 318) [دار الصحابة، ط1، 1416هـ].
النصير: مبالغة من الناصر، وهو الذي يتابع آلاءه على أوليائه، الموثوق منه بألا يسلمهم ولا يخذلهم، ويكف عنهم عادية أعدائه؛ فالنّصر لا يكون إلا منه، ولا يتحقق إلا بمنّته، فالمنصور من نصره الله؛ إذ لا ناصر للعباد سواه، ولا حافظ لهم إلا هو، وهو سبحانه الذي يدفع عنهم كيد الفجار وتكالب الأشرار[1].
[1] انظر: المنهاج في شعب الإيمان (1/205) [دار الفكر، ط1، 1399هـ]، الأسماء والصفات للبيهقي (1/179) [مكتبة السوادي، ط1، 1413هـ]، وأحكام القرآن لابن العربي (2/349) [دار الكتب العلمية، ط1]، وتفسير السعدي (321)، وفقه الأسماء الحسنى (242) [دار التوحيد، ط1، 1429].
المسألة الأولى: تسمية الله بخير الناصرين:
ورد هذا الاسم في قوله تبارك وتعالى : {بَلِ اللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ *} [آل عمران] . وقد وردت الآية في سياق الحث على الاستعانة بالله والاعتماد عليه. قال ابن كثير: «ثم أمرهم بطاعته وموالاته، والاستعانة به، والتوكل عليه، فقال: {بَلِ اللَّهُ مَوْلاَكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ *}»[1].
والخلاف في عدِّه من الأسماء الحسنى مبني على اختلاف أهل العلم في الأسماء المضافة، فذهب جمع من أهل العلم إلى عد الأسماء المضافة في أسماء الله الحسنى، منهم: ابن منده، وأبو القاسم الأصبهاني، وابن تيمية، قال ابن تيمية: «وكذلك أسماؤه المضافة مثل: أرحم الراحمين، وخير الغافرين، ورب العالمين، ومالك يوم الدين، وأحسن الخالقين، وجامع الناس ليوم لا ريب فيه، ومقلِّب القلوب، وغير ذلك مما ثبت في الكتاب والسُّنَّة، وثبت الدعاء بها بإجماع المسلمين»[2].
ولا شك في أن (خير الناصرين) من هذا القبيل.
وقال أيضًا: «بل كل ما ثبت للرب تعالى من الأسماء والصفات يختص به مثل أنه بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، وما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه أرحم الراحمين، وأنه خير الناصرين»[3].
وقال أبو القاسم الأصبهاني: «ومن أسمائه: خير الناصرين: النصر والناصر بمعنى، ومعناه: ينصر المؤمنين على أعدائهم ويثبت أقدامهم عند لقاء عدوهم ويلقي الرعب في قلوب عدوهم»[4].
المسألة الثانية: إطلاق اسم (الناصر) على الله:
عدَّ بعض أهل العلم (الناصر) من أسماء الله، ومن ذكر هذا الاسم قال: إن معناه هو نفس معنى اسم: النصير.
والصواب: عدم تسمية الله بهذا الاسم؛ لأنه لم يثبت بدليل صحيح صريح.
[1] تفسير ابن كثير (3/207) [مؤسسة قرطبة، ط1، 1421هـ].
[2] مجموع الفتاوى (22/485) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، 1425هـ].
[3] بيان تلبيس الجهمية (2/508) [مكة المكرمة، ط1، 1392هـ].
[4] الحجة في بيان المحجة (1/165) [دار الراية، ط2، 1419هـ].
1 ـ إن الله عزّ وجل هو النصير الذي ينصر رسله وأنبياءه ومن اتبعهم من المؤمنين، ولا ناصر سواه، ولا يكون النصر إلا منه، فالمنصور من نصره الله، والمخذول من خذله.
قال القرطبي: «فيجب على كل مكلف أن يعتقد أن النصر على الإطلاق إنما هو لله تعالى، كما قال: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ} [آل عمران: 160] ، وأن الخذلان منه، ولكن لا يجوز أن يقال منه: خاذل؛ لأنه لم يرد به إذن... ثم يجب عليه إن كان له قوة ينصر بها ظالمًا أو مظلومًا فعل، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا ، قالوا: يا رسول الله: هذا ننصره مظلومًا فكيف ننصره ظالمًا؟ قال: تأخذ فوق يديه»[1]»[2].
2 ـ «إن المؤمنين ما لم يجاهدوا أنفسهم على تحقيق الإيمان، والإتيان بمقومات النصر على الأعداء لا يتحقق لهم نصر؛ بل يتسلط عليهم أعداؤهم بسبب ذنوبهم وتقصيرهم، فيحتاج العباد للانتصار على العدو الظاهر أن يجاهدوا العدو الباطن من النفس الأمارة بالسوء والشيطان، فما لم ينتصروا على هذا العدو فلا نصر لهم»[3].
[1] أخرجه البخاري (كتاب المظالم والغصب، رقم 2444).
[2] الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى (1/319، 320).
[3] فقه الأسماء الحسنى (243، 244). وانظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (6/450) [دار العاصمة، ط1، 1414هـ]، والفوائد لابن القيم (59) [دار الكتب العلمية، ط2]، وإغاثة اللهفان (2/182، 183) [دار المعرفة، ط2، 1395هـ].
1 ـ «الأسماء والصفات»، للبيهقي.
2 ـ «الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى»، للقرطبي.
3 ـ «فقه الأسماء الحسنى»، لعبد الرزاق البدر.
4 ـ «كتاب التوحيد»، لابن منده.
5 ـ «الحجة في بيان المحجة»، لأبي القاسم التيمي.
6 ـ «بيان تلبيس الجهمي»، لابن تيمية.
7 ـ «إيثار الحق على الخلق»، لابن الوزير.
8 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، للتميمي.
9 ـ «القواعد المثلى»، لابن عثيمين.