حرف النون / النُّور

           

قال ابن فارس: «النون والواو والراء أصل صحيح يدل على إضاءة»[1]. وقال الجوهري: «النور: الضياء، والجمع أنوار»[2].
والنُّور : الضوء المنتشر الذي يعين على الإبصار، جمعه: أنوار، والمنير: مرسل النور، والموضِّح والمبيِّن، والتنوير: الإنارة، والمنارة: (مَفْعَلة) من الاستنارة موضع النور، ومنار الأرض حدودها وأعلامها، سميت بذلك لبيانها وظهورها[3].


[1] مقاييس اللغة (2/531) [دار الكتب العلمية، ط1420هـ].
[2] الصحاح (2/838) [دار العلم للملايين، ط4].
[3] انظر: تهذيب اللغة (15/230، 231، 236، 237) [الدار المصرية، ط1، 1387هـ]، والقاموس المحيط (628) [مؤسسة الرسالة، ط5]، والمعجم الوسيط (2/961، 962) [دار الدعوة، ط2، 1972م].


إن الله عزّ وجل موصوف بالنور، ونور الله تعالى صفة ذاتية له سبحانه، ثابتة لله كما يليق بجلاله وعظمته[1].


[1] انظر: صفات الله عزّ وجل للسقاف (356) [دار الهجرة، الرياض، ط3، 1426هـ]، ومعجم ألفاظ العقيدة للعالم عبد الله فالح (439، 440) [مكتبة العبيكان، ط2، 1420هـ].


يجب الإيمان بهذه الصفة لدلالة القرآن والحديث عليها، ويجب إثباتها لله تعالى كما يليق بجلاله وكبريائه وعظمته سبحانه، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل.



إن الله عزّ وجل موصوف بالنور، والنور الذي هو صفة من صفات الله تعالى وقائم بذاته سبحانه جاء بيانه وتقريره تارة بتسمية الرب نورًا، وتارة بإضافة النور إليه، وتارة بأنه نور السماوات والأرض، وتارة بأن حجابه نور، فهذه أنواع من الأدلة جاء فيها ذكر صفة النور لله تعالى، وإضافة النور إليه سبحانه وتعالى في هذه النصوص هي من باب إضافة الصفة إلى الموصوف، وليست من باب إضافة المخلوق إلى الخالق والمملوك إلى المالك؛ لأنها لو كانت كذلك لكان نور الشمس ونور القمر ونور المصباح بل الأنوار كلها نوره سبحانه، وهذا معلوم الفساد بالضرورة[1].


[1] انظر: مختصر الصواعق المرسلة (2/193) [مكتبة الرياض الحديثة، ط1349هـ].


قال الله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقَيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ *} [النور] ، وقال : {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ *} [الزمر] .
ومن السُّنَّة : عن أبي ذر رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هل رأيت ربك؟ فقال: «نورٌ أنى أراه؟»[1].
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا قام من الليل يتهجد قال: «اللَّهُمَّ لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد لك مُلْكُ السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض»[2].


[1] أخرجه مسلم (كتاب الإيمان، رقم 178).
[2] أخرجه البخاري (كتاب التهجد، رقم 1120)، ومسلم (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، رقم 769).


قال ابن أبي زمنين: «واعلم بأن أهل العلم بالله وبما جاءت به أنبياؤه ورسله يرون الجهل بما لم يخبر به عن نفسه علمًا، والعجز عن ما لم يدع إليه إيمانًا، وأنهم إنما ينتهون من وصفه بصفاته وأسمائه إلى حيث انتهى في كتابه على لسان نبيه. وقد قال وهو أصدق القائلين»، وذكر جملة من الآيات القرآنية منها قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [النور: 35] الآية، ثم قال: «ومثل هذا في القرآن كثير. فهو تبارك وتعالى نور السماوات والأرض كما أخبر عن نفسه، وله وجه ونفس وغير ذلك مما وصف به نفسه ويسمع ويرى ويتكلم» ثم ذكر جملة من الأحاديث في الصفات منها قوله صلّى الله عليه وسلّم في دعائه: «نور السماوات والأرض» ثم قال: «فهذه صفات ربنا التي وصف بها نفسه في كتابه، ووصفه بها نبيه، وليس في شيء منها تحديد ولا تشبيه ولا تقدير؟ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *} [الشورى] ، لم تره العيون فتحدّه كيف هو، ولكن رأته القلوب في حقائق الإيمان»[1].
وقال ابن تيمية: «النصُّ في كتاب الله وسُنَّة رسوله قد سمى الله نور السماوات والأرض، وقد أخبر النص أنَّ الله نور، وأخبر أيضًا أنه يحتجب بالنور؛ فهذه ثلاثة أنوار في النص». وقال أيضًا: «وقد أخبر الله في كتابه أنَّ الأرض تشرق بنور ربها، فإذا كانت تشرق من نوره؛ كيف لا يكون هو نورًا؟!»[2].
وقال ابن القيم: «النور الذي هو من أوصافه قائم به، ومنه اشتق له اسم النور الذي هو أحد الأسماء الحسنى، والنور يضاف إليه سبحانه على أحد وجهين: إضافة صفة إلى موصوفها، ومفعول إلى فاعله، فالأول كقوله عزّ وجل: {وَأَشْرَقَتِ الأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا} [الزمر: 69] ، فهذا إشراقها يوم القيامة بنوره تعالى إذا جاء لفصل القضاء»[3].


[1] أصول السُّنَّة (60 ـ 74) [مكتبة الغرباء الأثرية، المدينة المنورة، ط1، 1415هـ].
[2] مجموع الفتاوى (6/386 و392) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف، 1416هـ]. وانظر: مختصر الصواعق المرسلة (2/198 ـ 199).
[3] اجتماع الجيوش الإسلامية (14) [مكتبة دار البيان، دمشق، ط3، 1421هـ].


النُّور المضاف إلى الله تعالى على قسمين:
القسم الأول: وهو صفة لله تعالى، قائمة بذاته سبحانه كما يليق بجلاله وعظمته، وإضافة هذا النور إلى الله عزّ وجل من باب إضافة الصفة إلى موصوفها.
والقسم الثاني: وهو مخلوق، وإضافتها إلى الله عزّ وجل من باب إضافة المخلوق إلى خالقها، وهذا النور على نوعين:
أ ـ النور الحسي : مثل نور الشمس ونور القمر، ونور السراج وغيرها من الأنوار المحسوسة.
ب ـ النور المعنوي : مثل نور العلم والمعرفة والإيمان والإسلام والطاعة.
قال ابن القيم في نونيته:
والنور ذو نوعين مخلوق ووَصْـ
ـف ما هما واللَّه متحدان
وكذلك المخلوق ذو نوعين محـ
ـسوس ومعقول هما شيئان[1]
وقال السعدي: «ومن أسمائه الحسنى (النور)، فالنور وصفه العظيم، فأسماؤه حسنى، وصفاته أكمل الصفات والنور الذي هو وصفه من جملة نعوته العظيمة، وأما النور المخلوق فهو نوعان: نور حسي : كنور الشمس والقمر والكواكب وسائر المخلوقات المدرك نورها بالأبصار، والثاني: نور معنوي : وهو نور المعرفة والإيمان والطاعة، فإن لها نورًا في قلوب المؤمنين بحسب ما قام في قلوبهم من حقائق المعرفة ومواجيد الإيمان وحلاوة الطاعة وسرور المحبة، وهذا النور هو الذي يمنع صاحبه من المعاصي، ويجذبه إلى الخير، ويدعو إلى كمال الإخلاص لله، ولهذا كان من دعاء النبي صلّى الله عليه وسلّم: «اللَّهُمَّ اجعل في قلبي نورًا، وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يميني نورًا، وعن يساري نورًا، وفوقي نورًا، وتحتي نورًا، وأمامي نورًا، وخلفي نورًا، واجعل لي نورًا» [2]، وهذا النور الذي يعطيه الله عبده أعظم منة منه عليه، وهو أصل الخير، وهذا النور مهما قوي فإنه مخلوق»[3].


[1] الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية (3/736).
[2] أخرجه البخاري (كتاب الدعوات، رقم 6316)، ومسلم (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، رقم 763).
[3] توضيح الكافية الشافية (388، 389) [مركز صالح بن صالح الثقافي بعنيزة، ط2، 1412هـ].


المسألة الأولى: النور من أسماء الله تعالى الحسنى:
النُّور اسم من أسماء الله الحسنى، وقد ذكره فيها وعَدَّه منها عامة أهل العلم الذين اعتنوا بأسماء الله الحسنى» وصنفوا فيها[1].
فأهل السُّنَّة والجماعة كلهم يعتقدون أن النور اسم من أسماء الله الحسنى. قال ابن القيم: «النور جاء في أسمائه تعالى، وهذا الاسم مما تلقته الأمة بالقبول، وأثبتوه في أسمائه الحسنى ولم ينكره أحد من السلف، ولا أحد من أئمة أهل السُّنَّة، ومحال أن يسمي نفسه نورًا وليس له نور، ولا صفة النور ثابتة له، كما أن من المستحيل أن يكون عليمًا قديرًا سميعًا بصيرًا ولا علم له ولا قدرة، بل صحة هذه الأسماء عليه مستلزمة لثبوت معانيها له، وانتفاء حقائقها عنه مستلزم لنفيها عنه، والثاني باطل قطعًا، فتعين الأول»[2].
المسألة الثانية: ما أثر عن بعض السلف في تفسير النور لا يعتبر تأويلاً:
لقد أثر عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [النور: 35] أنه قال: «الله سبحانه هادي أهل السماوات والأرض»[3]، وقال ابن جرير الطبري: «هادي من في السماوات والأرض، فهم بنوره إلى الحق يهتدون، وبهداه من حيرة الضلالة يعتصمون»[4].
وهذا المعنى صححه ابن تيمية وأقره، ولكن كونه هاديًا لا ينافي كونه نورًا؛ لأن من عادة السلف أن يذكر أحدهم في تفسير الكلمة بعض معانيها أو لازمًا من لوازمها أو الغاية المقصودة منها أو مثالاً ينبه السامع على نظيره، فيكون ذكره للمعنى الذي ذكره من باب التمثيل وليس من باب الحصر والتحديد، وهذا كثير في كلامهم لمن تأمله، ولذلك كونه سبحانه هاديًا لا ينافي كونه نورًا بل هو معنى من معانيه، قال ابن تيمية: «قول من قال من السلف: هادي أهل السماوات والأرض، لا يمنع أن يكون في نفسه نورًا؛ فإن من عادة السلف في تفسيرهم أن يذكروا بعض صفات المفسر من الأسماء أو بعض أنواعه؛ ولا ينافي ذلك ثبوت بقية الصفات للمسمى، بل قد يكونان متلازمين، ولا دخول لبقية الأنواع فيه، فقول من قال: {نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [النور: 35] : هادي أهل السماوات والأرض كلام صحيح؛ فإن من معاني كونه نور السماوات والأرض أن يكون هاديًا لهم؛ أما أنهم نفوا ما سوى ذلك فهذا غير معلوم، وأما أنهم أرادوا ذلك فقد ثبت عن ابن مسعود أنه قال: إن ربكم ليس عنده ليل ولا نهار نور السماوات من نور وجهه[5]. وقد تقدم عن النبي صلّى الله عليه وسلّم من ذكر نور وجهه[6]، وفي رواية «النور» ما فيه كفاية؛ فهذا بيان معنى غير الهداية»[7].


[1] انظر: معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى (220) [دار إيلاف الدولية، ط1، 1417هـ].
[2] مختصر الصواعق المرسلة (2/189).
[3] أخرجه ابن جرير في تفسيره (7/6051) [دار السلام، القاهرة، ط3، 1429هـ]، وإسناده حسن كما في التفسير الصحيح المسبور (1/221) [دار المآثر، المدينة المنورة، ط1، 1420هـ].
[4] تفسير الطبري (7/6051).
[5] أخرجه أبو داود في الزهد (157) [دار المشكاة، ط1]، والطبراني في الكبير (9/200) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، قال الهيثمي في المجمع (1/85) [مكتبة القدسي]: فيه أبو عبد السلام، قال أبو حاتم: مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الثقات، وعبد الله بن مكرز لم أرَ من ذكره.
[6] أخرجه مسلم (كتاب الإيمان، رقم 179).
[7] مجموع الفتاوى (6/390، 391). وانظر: مختصر الصواعق المرسلة (2/198، 199).


النُّور صفة من صفات الله الذاتية، وهي من جملة الصفات التي أنكرتها الفلاسفة والجهمية والمعتزلة الذين ينكرون الصفات بالكلية[1].
وذهب المعطلة النفاة من الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم إلى نفي ثبوت اسم النور في حق الله عزّ وجل ونفي صفة النور عنه تبارك وتعالى ، بدعوى أن ذلك مجاز، وأن معناه منوّر هذه السماوات والأرض بالنور المخلوق؛ لأن كل عاقل ـ بزعمهم ـ يعلم بالضرورة أن الله عزّ وجل ليس هو هذا النور المنبسط على الجدران، ولا هو النور الفائض من جرم الشمس أو القمر، أو أن معناه: هادي أهل السماوات والأرض، وليس له معنى سوى ذلك[2].
وقد أفاض كلٌّ من شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم في الردّ على هذه الدعوى من أوجه عدة، نختصر أبرزها، وهي:
الأول: أن النور جاء في أسمائه تبارك وتعالى، وأن هذا الاسم مما تلقته الأمة بالقبول، فلم ينكره أحد من سلف هذه الأمة وأئمتها.
الثاني: قوله صلّى الله عليه وسلّم في دعائه: «اللَّهُمَّ لك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن» الحديث[3]، وهذا يقتضي أن كونه نور السماوات والأرض مغاير لكونه رب السماوات والأرض وقيومهما، فدل ذلك على أن كونه نور السماوات والأرض أمر زائد على ربوبيته لها، فإن الحديث دلّ على ثلاثة أمور؛ هي ربوبيته للسماوات والأرض، وقيوميته لهما، وأنه نورهما، فكونه ربًّا لهما، وقيومًا لهما، ونورًا لهما أوصاف له، فآثار الربوبية والقيومية والنور قائمة بهما، وصفة الربوبية والقيومية والنور قائمة به، فنفس الصفة لا تفارقه، وآثارها تحل بغيره، ومقتضاها هو المخلوق المنفصل عنه.
الثالث: أن هذا الفهم الفاسد من أن إثبات كون الله نورًا وإثبات صفة النور لله يلزم منه أن يكون الله هو هذا النور الواقع على الجدران أو المتعلق بالأجرام منشؤه التشبيه الذي يقع فيه أهل التعطيل أولاً، ومن ثمَّ ينفون ما أثبته الله لنفسه أو أثبته له رسوله صلّى الله عليه وسلّم، وهذا فهم فاسد وإنكار للمعنى الحق، فإثبات أهل السُّنَّة والجماعة إثبات بلا تشبيه، كما أن نفيهم نفي بلا تعطيل.
الرابع: أن النور صفة كمال، وضده صفة نقص؛ ولهذا سمى الله عزّ وجل نفسه نورًا، وأثبته لنفسه، وسمى كتابه نورًا، وجعل مادة خلق الملائكة الذين هم من أشرف الخلق من نور، وجعل لأوليائه النور، ولأعدائه الظلمة، فثبوت النور لواهب النور سبحانه وتعالى أولى من ثبوته للمخلوق، فكل كمال لا نقص فيه ثبت للمخلوق فالخالق أولى وأحق به.
الخامس: أن جماهير الأمة أثبتت هذا الاسم لله تعالى، وأثبتت له صفة النور، حتى متكلمة الصفاتية؛ كابن كلاب والأشعري وابن فورك ومن وافقهم أثبتوا أن الله عزّ وجل نور لا كالأنوار، ولم يذكروا الخلاف فيه إلا عن الجهمية والمعتزلة، فهو قول أهل البدع ويكفي هذا في بيان بطلانه[4].
وكثير من المتصوفة الذين لم يفرقوا بين نور الله الذي هو من صفاته، وقائمة بذاته، ولا يحل بمخلوق، وبين نور الإيمان والعلم والمعرفة والطاعة والعبادة الذي يجعله الله في قلوب عباده الصالحين وقعوا في أخطاء وشطحات وضلالات عظيمة؛ وذلك لأنهم لما تألهوا وتعبدوا لاحت لهم أنوار التعبد في قلوبهم؛ لأن العبادة لها نور في القلوب، فظنوا أن هذا النور هو نور العيان فزعموا أن الله يتجلى لهم وأنهم يشاهدون نور الذات المقدسة... وبعد ذلك حصل منهم من الشطح والضلال والكلام القبيح ما الله به عليم[5].


[1] انظر من كتب أهل السُّنَّة: مجموع الفتاوى (6/374 ـ 396)، ومختصر الصواعق المرسلة (2/188 ـ 205). وانظر من كتب المعتزلة: الكشاف للزمخشري (4/306 و5/323، 324) [مكتبة العبيكان، ط1، 1418هـ] ومن كتب الأشاعرة: أصول الدين لعبد القاهر البغدادي (78) [مدرسة الإلهيات بدار الفنون التركية، إستانبول، ط1، 1346هـ]، وأساس التقديس للرازي (105 و129، 130) [مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، 1406هـ]، ومن كتب الماتريدية: بحر الكلام للنسفي (103) [دار الفرفور، دمشق، ط2، 1421هـ].
[2] انظر: مختصر الصواعق المرسلة (3/1024، 1025).
[3] تقدم تخريجه قريبًا.
[4] انظر: فصل في الكلام على اسم الله (النّور، والهادي)، ضمن مجموع الفتاوى (6/374 ـ 396)، وبيان تلبيس الجهمية (5/486 ـ 530، 8/66 ـ 76)، ورسالة الحقيقة والمجاز ضمن مجموع الفتاوى (20/468 ـ 469)، مختصر الصواعق المرسلة (3/1024 ـ 1060)، واجتماع الجيوش الإسلامية (44، 45) [مكتبة الرشد، ط2، 1415هـ].
[5] انظر: الحق الواضح المبين للسعدي (261)، وتوضيح الكافية الشافية له (389).


1 ـ «اجتماع الجيوش الإسلامية»، لابن القيم.
2 ـ «أصول السُّنَّة»، لابن أبي زمنين.
3 ـ «توضيح الكافية الشافية»، للسعدي.
4 ـ «صفات الله عزّ وجل الواردة في الكتاب والسُّنَّة»، لعلوي بن عبد القادر السقاف.
5 ـ «الفتوى الحموية الكبرى»، لابن تيمية.
6 ـ «الكافية الشافية في الانتصار للفرقة الناجية» (ج3)، لابن القيم.
7 ـ «مجموع الفتاوى» (ج6)، لابن تيمية.
8 ـ «مختصر الصواعق المرسلة» (ج2)، لابن القيم.
9 ـ «معتقد أهل السُّنَّة والجماعة في أسماء الله الحسنى»، لمحمد بن خليفة التميمي.
10 ـ «معجم ألفاظ العقيدة»، لعالم عبد الله فالح.