قال ابن فارس رحمه الله: «الواو والتاء والراء باب لم تجئ كلمُهُ على قياس واحد، بل مفردات لا تتشابه. والوِتر والوَتر: الفرد»[1].
الوتر في العدد خلاف الشفع، وهو العدد المفرد، والشفع العدد المزدوج، قال تعالى: {وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ *} [الفجر] ، وأوتر في الصلاة، صلى الصلاة وترًا أي: بعدد مفرد من الركعات، كالواحد والثلاث والخمس ونحوها، وأوتر العدد: أفرده، والتواتر: تتابع الشيء وترًا؛ أي: فرادى، وجاؤوا تترى، قال تعالى: {ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا} [المؤمنون: 44] ؛ أي: متتابعين واحدًا بعد الآخر[2].
[1] مقاييس اللغة (6/83، 84) [دار الجيل، 1420هـ].
[2] انظر: تهذيب اللغة (14/310 ـ 314) [الدار المصرية، ط1، 1387هـ]، والصحاح (2/842، 843) [دار العلم للملايين، ط4]، ومفردات ألفاظ القرآن (853) [دار القلم، ط2، 1418هـ]، والقاموس المحيط (631) [مؤسسة الرسالة، ط5، 1416هـ]، والمعجم الوسيط (2/1009، 1010) [دار الدعوة، ط2، 1972م].
الوتر : هو الفرد الذي لا شريك له ولا نظير له، والواحد في ذاته وفي أسمائه وصفاته، وفي أفعاله لا معين له[1].
[1] انظر: شأن الدعاء (104) [دار الثقافة، ط3، 1412هـ]، والمنهاج في شعب الإيمان (1/190) [دار الفكر، ط1، 1399هـ]، ونقض المنطق (93) [دار الكتب العلمية، ط1، 1419هـ]، وفتح الباري (11/227) [دار الريان، ط1، 1407هـ]، وتعليقات الألباني على سنن ابن ماجه (208) [مكتبة المعارف، ط1، 1417هـ]، وفقه الأسماء الحسنى للبدر (319) [دار التوحيد، ط1، 1429هـ].
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «لله تسعة وتسعون اسمًا مائة إلا واحدًا، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر»[1].
وعن علي رضي الله عنه قال: الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة، ولكن سنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقال: «إن الله وتر يحب الوتر، فأوتروا يا أهل القرآن»[2].
[1] أخرجه البخاري (كتاب الدعوات، رقم 6410)، ومسلم (كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، رقم 2677).
[2] أخرجه أبو داود (كتاب الصلاة، رقم 1416)، والترمذي (أبواب الوتر، رقم 453) وحسنه، والنسائي (كتاب قيام الليل وتطوع النهار، رقم 1675)، وابن ماجه (كتاب إقامة الصلاة والسُّنَّة فيها، رقم 1169)، وأحمد (2/174) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وصححه الألباني في صحيح أبي داود رقم (1274) [مؤسسة غراس، ط1].
قال مجاهد بن جبر رحمه الله: «كل شيء خلقه فهو شفع؛ السماء شفع، والوتر: الله عزّ وجل»[1].
وقال ابن تيمية رحمه الله: «ففي الكتاب والسُّنَّة أسماء ليست في ذلك الحديث: وأيضًا فقد ثبت في الصحيح عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إن الله وتر يحب الوتر» ، وليس هذا الاسم في هذه التسعة والتسعين»[2].
وقال ابن القيم رحمه الله: «والرب تعالى يحب أسماءه وصفاته، ويحب مقتضى صفاته، وظهور آثارها في العبد؛ فإنه جميل يحب الجمال، عفو يحب أهل العفو، كريم يحب أهل الكرم، عليم يحب أهل العلم، وتر يحب أهل الوتر، فإذا كان سبحانه يحب المتصفين بآثار صفاته، فهو معهم بحسب نصيبهم من هذا الاتصاف»[3].
وقال الألباني رحمه الله: ««إن الله وتر»: بكسر الواو، وتفتح؛ أي: واحد في ذاته، وواحد في صفاته، لا مثيل له، ولا شبيه، وواحد في أفعاله لا معين له: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ *} [الشورى] »[4].
وقال ابن عثيمين رحمه الله: «يحتمل أن يكون اسمًا ـ يعني: الوتر ـ من أسماء الله، ويحتمل أن لا يكون؛ لأن بعض العلماء ذكر قاعدة، قال: ما جاء معرفًا بأل فهو من أسماء الله، وما لم يأت معرفًا فهو صفة من صفات الله، وبعض العلماء يقول: كل صفة من صفات الله وصف الله بها نفسه، ووصفه به رسوله فإنها اسم، وعلى هذا فيتنزل الجواب؛ إن قلنا: إن أسماء الله هي المقرونة بأل، فالوتر لا أعلم جاء مقرونًا بأل، وإن قلنا: كل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله، سواء بأل أو بغير أل فهو اسم، قلنا: إن الوتر من أسماء الله، والله أعلم»[5].
وقال الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله: «وهذا الحديث يدل على أن الوتر من أسماء الله، وأنه يحب مقتضى هذا الاسم الذي هو الوتر»[6].
[1] صحيح البخاري (كتاب الأنبياء، باب خلق آدم صلوات الله عليه وذريته).
[2] مجموع الفتاوى (22/484) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط1، 1416هـ].
[3] عدة الصابرين (85) [دار عالم الفوائد، ط1]. وانظر كذلك: (544).
[4] تعليقات الألباني على سنن ابن ماجه (208) [مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ط1، 1417هـ].
[5] لقاء الباب المفتوح مع الشيخ ابن عثيمين ـ موقع الشيخ ابن عثيمين ـ رقم الشريط (62) الوجه (2)، الدقيقة: (34:25:00).
[6] شرح سنن الترمذي، رقم الشريط (172)، موقع الشيخ عبد المحسن العباد.
إن إيمان العبد بأن الله وترٌ يوجب عليه نفي الشريك من كل وجه، في الذات والصفات والأفعال، وإقراره بتفرد الله عزّ وجل بالعظمة والكمال وصفات المجد والجلال، وأن يفرده بالعبادة والذل والخضوع.
كما يدل هذا الاسم على حبّه عزّ وجل لكل وتر شرعه، حيث أمر ورغّب الوتر في كثير من الأعمال والطاعات، كما في الصلوات الخمس، وقيام الليل، وأعداد الطهارة، وتكفين الميت، وغير ذلك من الشرائع، وكان صلّى الله عليه وسلّم يحرص على الوتر في كثير من شؤونه، ومن حبّ الله عزّ وجل للوتر خصّ تسعة وتسعين اسمًا من أسمائه الحسنى بأن من أحصاها دخل الجنة[1].
[1] انظر: فقه الأسماء الحسنى (320 ـ 322).
1 ـ «أسماء الله وصفاته»، للأشقر.
2 ـ «تفسير أسماء الله الحسنى»، للزجاج.
3 ـ «تفسير أسماء الله الحسنى»، للسعدي.
4 ـ «الحق المبين شرح الكافية الشافية»، للسعدي.
5 ـ «عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين»، لابن القيم.
6 ـ «قاعدة جامعة في توحيد الله وإخلاص الوجه والعمل له عبادة واستعانة»، لابن تيمية.
7 ـ «قاعدة حسنة في الباقيات الصالحات»، لابن تيمية.
8 ـ «عقيدتنا عقيدة القرآن والسُّنَّة»، لهراس.
9 ـ «شأن الدعاء»، لأبي سليمان الخطابي.
10 ـ «شرح أسماء الله الحسنى»، للقحطاني.
11 ـ «فقه الأسماء الحسنى» لعبد الرزاق البدر.