قال ابن فارس: «الياء والدال: أصلُ بناء اليَدِ للإنسانِ وغيره، ويستعار في المِنَّة فيقال له: عليه يدٌ. وتصغير اليد يُدَيَّة. وجَمَع ناسٌ يدَ الإنسان على الأيادِي ويَدَيْتُه: ضَربتُ يدَه»[1]. وقال الأزهري نقلاً عن ابن الأعرابي: «اليَدُ النِّعْمَة، واليَدُ القُوّة، واليد القُدرة، واليدُ المِلْك، واليَدُ السلطان، واليَدُ الطاعةُ، واليد المجاعة، واليد الأكل، وتُجمع يَدُ النعمة: أياديَ ويدِيّا، وتُجْمَعُ اليَدُ التي في الجَسد: الأيدِي»[2]. ومن هذه النقول يتضح لنا أن اليد تأتي لمعان عديدة، ولكن من خلال القرائن والسياق يتضح المعنى المراد في كل موطن من تلك المعاني العديدة.
[1] مقاييس اللغة (6/151) [دار الجيل، ط2].
[2] تهذيب اللغة (14/168، 169) [دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1، 2001م].
دلَّت النصوص الكثيرة من الكتاب والسُّنَّة والإجماع على ثبوت صفة اليد لله كما يليق بجلاله وعظمته، منها قول الله تعالى: {قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، وقوله عزّ وجل: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] .
ومن السُّنَّة حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «إن الله عزّ وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها»[1].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «احتج آدم وموسى، فقال موسى: يا آدم أنت أبونا خيبتنا، وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله عليّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟ فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: فحج آدم موسى، فحج آدم موسى»[2].
قال أبو الحسن الأشعري: «وأجمعوا على أنه عزّ وجل يسمع ويرى وأن له تعالى يدين مبسوطتين»[3].
[1] أخرجه مسلم (كتاب التوبة، رقم 2759).
[2] أخرجه البخاري (كتاب القدر، رقم 6614)، ومسلم (كتاب القدر، رقم 2652).
[3] رسالة إلى أهل الثغر (225) [مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، ط2، 1422هـ].
قال ابن خزيمة: «بَاب ذكر إثبات اليد للخالق البارئ والبيان أن الله تعالى له يدان كما أعلمنا في محكم تنزيله أنه خلق آدم بيديه. قال عزّ وجل لإبليس: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، وقال تكذيبًا لليهود حين قالوا: {يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] ، فكذبهم في مقالتهم وقال: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] وأعلمنا أن الأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه، و{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] ، وقال: {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ *} [يس] ، وقال: {وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *} [آل عمران] ، وقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] »[1].
وقال أبو القاسم الأصبهاني بعد أن أورد جملة من الأحاديث الدالة على صفة اليدين: «وأمثال هذه الأحاديث، فإذا تدبره متدبر، ولم يتعصب بان له صحة ذلك وأن الإيمان واجب، وأن البحث عن كيفية ذلك باطل، وهذا لأن اليد في كلام العرب تأتي بمعنى القوة يقال لفلان يد في هذا الأمر أي: قوة وهذا المعنى لا يجوز في قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ، وقوله: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] ؛ لأنه لا يقال: لله قوتان. ومنها: اليد بمعنى النعمة والصنيعة، يقال: لفلان عند فلان يد؛ أي: نعمة وصنيعة، وأيديت عن فلان يدًا؛ أي: أسديت إليه نعمة، ويديت عليه؛ أي: أنعمت عليه، وهذا المعنى أيضًا لا يجوز في الآية؛ لأن تثنية اليد تبطله، ولا يقال لله نعمتان وقد تكون اليد بمعنى: الملك والتصرف. يقال: هذه الدار في يد فلان؛ أي: في تصرفه وملكه، وهذا أيضًا لا يجوز لتثنية اليد، وليس لله تعالى ملكان وتصرفان.
ومنها اليد التي هي معروفة، فإذا لم تحتمل الأوجه التي ذكرنا لم يبق إلا اليد المعلوم كونها، والمجهولة كيفيتها، ونحن نعلم يد المخلوق وكيفيتها لأنا نشاهدها ونعاينها فنعرفها، ونعلم أحوالها، ولا نعلم كيفية يد الله تعالى؛ لأنها لا تشبه يد المخلوق، وعلم كيفيتها علم الغيب ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى»[2].
وقال ابن القيم: «ورد لفظ اليد في القرآن، والسُّنَّة، وكلام الصحابة، والتابعين؛ في أكثر من مائة موضع، ورودًا متنوعًا، متصرفًا فيه، مقرونًا بما يدل على أنها يد حقيقة، من الإمساك، والطي، والقبض، والبسط، والمصافحة»[3].
[1] كتاب التوحيد لابن خزيمة (1/118) [دار الرشد، ط1، 1408هـ].
[2] الحجة في بيان المحجة (2/276 ـ 278).
[3] مختصر الصواعق المرسلة (405).
المسألة الأولى: مذهب أهل السُّنَّة إثبات يدين لله عزّ وجل بصيغة التثنية:
مذهب أهل السُّنَّة والجماعة: إثبات يدين حقيقيتين لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته، لدلالة الكتاب والسُّنَّة وإجماع سلف الأمة على ذلك، قال الله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64] .
ومن السُّنَّة حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن المقسطين عند الله، على منابر من نور، عن يمين الرحمن عزّ وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا»[1].
فهذه النصوص ـ وغيرها كثير ـ صريحة في إثبات يدين حقيقيتين لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته، وعلى ضوئها أجمع السلف الصالح.
المسألة الثانية: الجمع بين ورود اليد بصيغة الإفراد والتثنية والجمع:
وردت اليد بصيغة الإفراد كما في قوله تعالى: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] ، وبصيغة التثنية كما في قوله سبحانه: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] ، وبصيغة الجمع كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] .
فيجمع بين هذه النصوص، فيقال: إن لله يدين لا أكثر؛ لقوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64] ومجيء اليد بصيغة الإفراد لا يمنع ما ثبت لله من أن له يدين اثنتين؛ لأن المفرد المضاف يفيد العموم والشمول، كما في قوله تعالى: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]
فـ (نعمت) مفرد مضاف يشمل نعمًا كثيرة، ولذا قال: {لاَ تُحْصُوهَا}.
وأما مجيء اليد بالتثنية فيدل على أن لله يدين لا أكثر؛ لقوله تعالى في قصة خلْق آدم عليه السلام: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ووجه الاستدلال: أن الله لو خلقه بأكثر من يدين لذكر ذلك لأن المقام مقام تشريف، فكلما ازدادت الصفة التي بها خلق الشيء ازداد تعظيم الشيء.
ولما ثبت أيضًا في السُّنَّة من حديث أبي هريرة وغيره عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: «يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار ، وقال: أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يغض ما في يده ، وقال: عرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان، يخفض ويرفع »[2]. وأما مجيء اليد بصيغة الجمع كما في قوله تعالى: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] فلا يخالف أيضًا ثبوت اليدين لله؛ لما يلي:
أولاً: أن أقل الجمع اثنان لنصوص عديدة؛ منها: قوله تعالى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] فالإخوة جمع والمراد الاثنان؛ لأن الأخ الواحد لا يحجب الأم عن الثلث، وإنما يحجبها اثنان فصاعدًا[3]، ويحصل أيضًا فضل صلاة الجماعة باثنين، وعليه فالمراد بالأيدي اليدان.
ثانيًا: أن الاثنين قد يخاطبان بلفظ الجمع، كما في قوله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: 4] فالخطاب في أوله مع الاثنين ثم عبر عن القلبين بالقلوب؛ لأن لكل واحد من الاثنين قلبًا واحدًا لا أكثر لقوله تعالى: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] والمرأة كذلك.
الثالث: أو يقال: إن المراد بالجمع في الآية: التعظيم، وعليه فلا تخالف بين ورود اليد بصيغة الإفراد والتثنية والجمع[4]، وسيأتي مزيد بيان لهذه الآية.
المسألة الثالثة: من أوصاف اليد: الكف، اليمين، الساعد:
أولاً: الكف:
فقد جاءت النصوص الشرعية بوصف اليد المضافة إلى الله بـ(الكف)، قال ابن فارس: «الكاف والفاء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على قبض وانقباض، من ذلك الكَفُّ للإنسان، سمِّيت بذلك لأنَّها تَقبِض الشّيءَ»[5].
وأما تعريف صفة الكف في الشرع فهي: صفة ذاتية خبرية ثابتة لله كما يليق بجلاله وعظمته.
ومما ورد في بيان ثبوتها لله عزّ وجل حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما تصدق أحد بصدقة من طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، إلا أخذها الرحمن بيمينه، وإن كانت تمرة، فتربو في كف الرحمن، حتى تكون أعظم من الجبل، كما يربي أحدكم فلُوَّه أو فصيله»[6].
ثانيًا: اليمين:
فقد جاءت النصوص بوصف يد الله باليمين، كما قال الله عزّ وجل: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ *} [الزمر] . ومن السُّنَّة حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن المقسطين عند الله، على منابر من نور، عن يمين الرحمن عزّ وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا»[7].
الثالث: الساعد:
وجاء وصف اليد المضافة إلى الله بـ(الساعد)، فقد روى الإمام أحمد بإسناده عن أبي الأحوص عن أبيه عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، وفيه: «ساعد الله أشد من ساعدك» [8]. وهو دال على ثبوت صفة الساعد لله تعالى كما يليق بجلاله وعظمته[9].
المسألة الرابعة: هل لله تعالى شمال؟.
ورد ذكر الشمال في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «يطوي الله عزّ وجل السماوات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون. ثم يطوي الأرضين بشماله، ثم يقول: أنا الملك أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟»[10].
فإطلاق الشمال على إحدى يدي الرحمن هو من باب التسمية وكلاهما يمين من حيث الشرف والفضل، ولذا فهو لا يعارض حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما الذي قال فيه: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن المقسطين عند الله، على منابر من نور، عن يمين الرحمن عزّ وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا»[11].
وقد جمع بذلك بعض أهل العلم، قال ابن باز في هذين الحديثين ونحوهما: «كلها أحاديث صحيحة عند علماء السُّنَّة، وحديث ابن عمر مرفوع صحيح، وليس موقوفًا، وليس بينها اختلاف بحمد الله. فالله سبحانه توصف يداه باليمين والشمال من حيث الاسم، كما في حديث ابن عمر وكلتاهما يمين مباركة من حيث الشرف والفضل، كما في الأحاديث الصحيحة الأخرى[12]»[13].
المسألة الخامسة: المراد بقول الله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: 71] .
هو أحد الأمور التالية:
الأول: أن المراد بالجمع هنا التعظيم وهو لا يعارض ما جاء من ثبوت اليدين لله[14].
الثاني: حمل الجمع على التثنية لما تقدم من النصوص التي جاء فيها لفظ الجمع مرادًا به التثنية.
الثالث: أن المراد بـ(أيدينا) الذات الموصوفة باليد، وهذا تعبير سائغ كما في قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ *} [الروم] ؛ أي: بما عملوا. وعليه فإن الأنعام لم يخلقها الله بيده، بخلاف آدم عليه السلام فهو مخلوق باليدين[15].
الفروق:
الفرق بين اليد والأيد:
تختلف اليد عن الأيد تمامًا؛ فاليد هي اليد المعروفة التي يبطش بها والأيد هي القوة[16]، ولذا يفرقون بينهما في المعاجم اللغوية فيجعلون هذه غير تلك[17]. فالأيد من آد يئيد أيدًا؛ إذا قوي واشتد، ومنه قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ *} [الذاريات] قال ابن كثير في تفسيرها: «(بأيد)؛ أي: بقوة. قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والثوري، وغير واحد»[18].
[1] أخرجه مسلم (كتاب الإمارة، رقم 1827).
[2] أخرجه البخاري (كتاب التوحيد، رقم 7411، 7419)، ومسلم (كتاب الزكاة، رقم 993).
[3] انظر: تفسير ابن كثير (2/228) [دار طيبة، ط2، 1420هـ].
[4] انظر: جامع المسائل لابن تيمية (2/338، 339) [دار عالم الفوائد، ط1، 1422هـ]، وشرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (1/299 ـ 302) [دار ابن الجوزي، الرياض، ط5، 1419هـ]، والصفات الإلهية في الكتاب والسُّنَّة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه لمحمد أمان الجامي (304 ـ 309) [الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ط1، 1408هـ].
[5] مقاييس اللغة (5/129) [دار الجيل، ط2]. وانظر: تهذيب اللغة (9/335).
[6] أخرجه مسلم (كتاب الزكاة، رقم 1014).
[7] تقدم تخريجه.
[8] أخرجه أحمد (25/223) [مؤسسة الرسالة، ط2، 1420هـ]، وابن حبان (المقدمة، رقم 5615)، والحاكم (كتاب الإيمان، رقم 65) وصححه، وصححه الألباني كما في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان (8/166) [دار باوزير، جدة، ط1، 1424هـ].
[9] انظر: مقدمة محقق كتاب الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية لسليمان الطوفي (1/129) [مكتبة العبيكان، ط1، 1419هـ].
[10] أخرجه مسلم (كتاب صفة القيامة والجنة والنار، رقم 2788).
[11] تقدم تخريجه.
[12] أخرجه الترمذي (أبواب تفسير القرآن، رقم 3368) وحسَّنه، وابن حبان (كتاب التاريخ، رقم 6167)، والحاكم (كتاب الإيمان، رقم 214) وصححه، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 5209).
[13] مجموع فتاوى ابن باز (25/126)
[14] وهذا الوجه رجحه الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في تفسير الآية. انظر: أضواء البيان (7/287) [دار الفكر، 1415هـ].
[15] انظر: شرح العقيدة الواسطية للعلامة ابن عثيمين (1/301، 302).
[16] انظر: كتاب التوحيد لابن خزيمة (1/191).
[17] انظر: مقاييس اللغة (1/163).
[18] تفسير ابن كثير (7/424). وانظر: شرح العقيدة الواسطية لابن عثيمين (1/303) والصفات الإلهية لمحمد أمان الجامي (306).
ذهبت الجهمية والمعتزلة والرافضة ومتأخرو الأشاعرة وغيرهم إلى تأويل صفة اليدين بالذات، أو القدرة أو النعمة أو العناية والاهتمام ونحو ذلك[1].
[1] انظر: نقض الدارمي على المريسي (63) [أضواء السلف، ط1، 1419هـ]، وأصول الدين لعبد القاهر البغدادي (111) [طبع ونشر مدرسة الإلهيات، دار الفنون التركية، إستانبول، ط1، 1346هـ]، والإرشاد إلى قواطع الأدلة للجويني (155) [مكتبة الخانجي، 1369هـ]، وأساس التقديس للرازي (161 ـ 167) [مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة]. والعقائد السلفية بأدلتها النقلية والعقلية لأحمد بن حجر البنعلي (1/115، 116) [دار الكتب القطرية، ط1، 1415هـ].
تأويل اليد بالقدرة أو النعمة أو العناية والاهتمام ونحو ذلك من التأويلات كلها مردودة، لما يلي:
الأول: أن إطلاق لفظ (اليد) على القدرة أو النعمة خلاف الأصل.
الثاني: أن ذلك التأويل خلاف الظاهر أيضًا.
الثالث: أن تأويل اليد بالقدرة أو النعمة صرف للفظ عن الأصل والظاهر بغير دليل، وهو مردود.
الرابع: أن حمل اليد على القدرة أو النعمة مجازًا مردود؛ لأن المجاز لا يصح استعماله بلفظ التثنية، وصفة اليد قد جاءت في النصوص الشرعية مثناة وهذا لا يعرف استعماله قط إلا في اليد الحقيقية.
الخامس: أن يد النعمة والقدرة لا يتجاوز بها لفظ اليد، فلا يتصرف فيها بما يتصرف في اليد الحقيقية، فلا يقال: فيها إصبع وإصبعان ولا كف، ولا يمين ولا شمال، ولا ساعد.
السادس: أن اقتران لفظ الطيّ والقبض والبسط، والإمساك باليد يجعلها يدًا حقيقية.
السابع: أن حمل اليد في قوله تعالى: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] على القدرة يسقط الفضيلة التي خص الله به آدم؛ لأن جميع المخلوقات خلقت بالقدرة، وما كان كذلك فهو باطل.
الثامن: أن يد القدرة والنعمة لا يعرف استعمالها البتة إلا في حق من له يد حقيقة.
التاسع: أن الله لم ينكر على اليهود إثبات اليد له، وإنما أنكر عليهم وصفها بالنقص والعيب، وهذا يدل على ثبوت اليد له تعالى[1].
العاشر: أن تأويل اليد أو الكف ونحوهما بالعناية والاهتمام بالشأن فاسد لمصادمته النصوص الصريحة في معناها كقوله صلّى الله عليه وسلّم: «فوضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله على صدري فعلمت ما في السماوات والأرض» [2]. فالتعبير عن الاهتمام والاعتناء بمثل هذا اللفظ ظاهر البطلان في اللغة حقيقة أو مجازًا[3].
الحادي عشر: أن تأويل اليدين بالنعمة أو القدرة ونحوهما في مثل قوله تعالى: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75] ممتنع؛ لأنه إذا أضيف الفعل إلى الفاعل ثم عدي بالباء إلى يده أو يديه فهو مما باشرته يداه[4].
[1] انظر: بيان تلبيس الجهمية (7/372 ـ 378) [مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، ط1، 1426هـ]. ومختصر الصواعق المرسلة (399)، والعقائد السلفية بأدلتها النقلية والعقلية لأحمد بن حجر البنعلي (1/115، 116).
[2] أخرجه الترمذي (أبواب تفسير القرآن، رقم 3235)، وأحمد في مسنده (36/422) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وقال الترمذي: حسن صحيح، ونقل عن البخاري مثل ذلك. وصححه الإمام أحمد أيضًا، وقوَّاه ابن خزيمة، كما في تهذيب التهذيب (6/186) [دار الفكر، ط1]. وانظر: إرواء الغليل (رقم 684).
[3] انظر: بيان تلبيس الجهمية (7/372) وما بعدها.
[4] انظر: الصواعق المرسلة (1/270) [دار العاصمة، الرياض، ط3، 1418هـ].
1 ـ «بيان تلبيس الجهمية»، لابن تيمية.
2 ـ «الحجة في بيان المحجة» (ج/2)، للأصبهاني.
3 ـ «الرد على الجهمية»، لابن منده.
4 ـ «رسالة إلى أهل الثغر»، لأبي الحسن الأشعري.
5 ـ «الصفات الإلهية في الكتاب والسُّنَّة النبوية في ضوء الإثبات والتنزيه»، لمحمد أمان الجامي.
6 ـ «العقائد السلفية بأدلتها النقلية والعقلية» (ج1)، لأحمد بن حجر البنعلي.
7 ـ «كتاب التوحيد» (ج1)، لابن خزيمة.
8 ـ «كتاب التوحيد» (ج2)، لابن منده.
9 ـ «مختصر الصواعق المرسلة»، للموصلي.
10 ـ «نقض عثمان بن سعيد على المريسي الجهمي العنيد فيما افترى على الله في التوحيد»، للدارمي.