حرف الألف / الإجماع

           

الإجماع مصدر للفعل الرباعي: أَجْمَعَ. والجيم والميم والعين أصل واحد يدل على تَضَامِّ الشيء، يقال: جمعت الشيء جمعًا.
وللإجماع في اللغة معنيان:
الأول: العزم المؤكد، فيقال: أجمع فلان على السفر إذا عزم عليه، ومنه قوله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ} [يونس: 71] ؛ أي: اعزموا أمركم.
الثاني: الاتفاق، فيقال: أجمع القوم على كذا؛ أي: اتفقوا عليه[1].


[1] انظر: مقاييس اللغة (1/479) [دار الجيل، ط2]، ولسان العرب (8/57 ـ 58) [دار صادر، ط1]، والقاموس المحيط (3/14)، [المطبعة المنيرية، ط3].


يعرَّف الإجماع في الاصطلاح بأنه: اتفاق مجتهدي أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم بعد وفاته في عصر من الأعصار على حكم شرعي[1].


[1] انظر: الجدل لابن عقيل (61) [مكتبة التوبة، ط1، 1418هـ]، والعدة لأبي يعلى (1/170)، والتمهيد لأبي الخطاب (1/61) [طبعة جامعة أم القرى، ط1]، وقواطع الأدلة في الأصول (1/461) [مكتبة التوبة، ط1، 1419هـ]، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (20/10) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، وشرح الكوكب المنير لابن النجار (2/211) [طبعة جامعة أم القرى، 1408هـ].


حجية الإجماع:
الإجماع: حجة، وقد حكى غير واحد من أهل العلم الاتفاق على حجيته، والعمل به واجب[1].
الحقيقة:
الإجماع في أبواب الاعتقاد قد يكون إجماعًا نطقيًّا، ويسمى الإجماع القولي، أو الصريح، وذلك بأن يتفق مجتهدو الأمة جميعهم على النطق بصريح الحكم في مسألة ما، وذلك كإجماعهم على أن الإيمان قول وعمل[2].
وقد يكون إجماعًا استقرائيًّا، بأن يستقرئ العالم أقوال العلماء في مسألة ما، فلا يجد فيها خلافًا، أو أن يشتهر القول في القرآن، ولا يعلم أن أحدًا أنكره، فهذا الإجماع حجة، وهو قطعي إذا احتفّت به القرائن[3]. ومنه ما ذكره الإمام سفيان بن عيينة رحمه الله بقوله: «أدركت مشايخنا منذ سبعين سنة، منهم: عمرو بن دينار، يقولون: كلام الله ليس بمخلوق»، وقد نقل ذلك عنه الإمام البيهقي رحمه الله، ثم سمَّى بعض من ذكر ذلك من السلف، ثم قرر أن هذا «حكاية إجماع منهم»[4].
ومن ذلك ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في إجماع الصحابة على كفر من سب النبي صلّى الله عليه وسلّم، حيث استعمل في ذلك الإجماع السكوتي الإقراري، فقال: «وأما إجماع الصحابة رضي الله عنهم، فلأن ذلك نقل عنهم في قضايا متعددة ينتشر مثلها ويستفيض، ولم ينكرها أحد منهم، فصارت إجماعًا، واعلم أنه لا يمكن ادعاء إجماع الصحابة على مسألة فرعية بأبلغ من هذا الطريق»[5].
ومن الطرق التي يقرر بها الإجماع في العقائد في هذا المقام، أن يكون ظاهر النص يدل على حكمٍ بيِّن ظاهر، ثم نرى السـلف الصـالح مـن الصحابة فمن بعدهم من القرون المفضَّلة يسمعون تلك النصوص، ثم يجرونها على ظاهرها، ويقرون بها، ولا يتكلم أحد منهم بتحريفها عن معناها الظاهر لها، فهذا يدل دلالة بيِّنة على إجماعهم على المعنى الظاهر من تلك النصوص.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «فمن المعلوم أن القرآن نطق بالعلو في مواضع كثيرة جدًّا، حتى قد قيل: إنها نحو ثلاثمائة موضع، والسنن متواترة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم بمثل ذلك، وكلام السلف المنقول عنهم بالتواتر يقتضي اتفاقهم على ذلك، وأنه لم يكن فيهم من ينكره»[6].
ثم إن العلماء بعدما قرروا حجية الإجماع تكلموا على ما يفيده الإجماع؛ أيفيد القطع أم الظن؟ والتحقيق في ذلك التفصيل:
فما اتفق عليه العلماء المعتبرون فإنه حجة قطعية، أما ما اختلفوا فيه؛ كالإجماع السكوتي الذي لم تحتف به القرائن، أو ما ندر مخالِفُهُ، فإنه حجة ظنية.
قال ابن تيمية: «والصواب التفصيل بين ما يقطع به من الإجماع، ويعلم يقينًا أنه ليس فيه منازع من المؤمنين أصلاً، فهذا يجب القطع بأنه حق...»[7].


[1] انظر: أصول السرخسي (1/295) [دار المعرفة]، وقواطع الأدلة في الأصول (1/188)، والتبصرة للشيرازي (153) [دار الفكر، ط1، 1403هـ]، والموافقات للشاطبي (1/37) [دار المعرفة]، والإحكام للآمدي (1/257) [دار الكتاب العربي، ط1، 1404هـ]، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (1/17)، وإعلام الموقعين (4/152) [دار الجيل، 1973م].
[2] انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة للالكائي (1/194) رقم (320)، و(5/956) رقم (1593)، والإبانة الكبرى لابن بطة (2/814 ـ 826)، ومجموع الفتاوى لابن تيمية (7/209).
[3] مجموع الفتاوى لابن تيمية (19/267).
[4] الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد (105، 106) [دار الآفاق الجديدة، ط1، 1401هـ].
[5] الصارم المسلول (2/378) [دار ابن حزم، ط1، 1417هـ]، وانظر أمثلة أخرى لذلك في رسالة: دعاوى الإجماع عند المتكلمين في مسائل أصول الدين لياسر اليحيى (39 ـ 50)، [أطروحة ماجستير، جامعة الإمام].
[6] منهاج السُّنَّة النبوية (2/645) [مؤسسة قرطبة، ط1،1406هـ]، وانظر: دعاوى الإجماع عند المتكلمين (55 ـ 61).
[7] مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (7/39)، وانظر: مجموع الفتاوى (19/270)، وروضة الناظر لابن قدامة (1/386 ـ 387) [مكتبة الرشد، ط4، 1416هـ].


مما استدل به العلماء على حجية الإجماع:
1 ـ قوله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا *} [النساء] .
ووجه الدلالة من الآية: أنها دلت على أن من اتبع غير سبيل المؤمنين فقد استحق الوعيد المذكور، فكما أن من شاقَّ الرسول صلّى الله عليه وسلّم فقد استحق الذم، فكذلك من اتبع غير سبيل المؤمنين، ولو كان اتباع غير سبيل المؤمنين مباحًا لما جمع بينه وبين المحظور في الوعيد، واتباع غير سبيل المؤمنين تكون بمخالفة أقوالهم وأفعالهم[1].
2 ـ قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] والوسط: العدل الخيار[2].
ووجه الاستدلال: أن الله تعالى وصف هذه الأمة بالعدالة والشهادة، فدل على أن قبول قولهم واجب؛ لأنه لا يجوز أن يصفهم بالعدالة ويجعلهم شهداء على الناس ثم لا يقبل قولهم ولا يجعله حجة، فإنه تعالى وهو العليم الحكيم يمتنع أن يصف أمةً بالخيرية ليشهدوا على كل الناس وهو عالم بأنهم كلهم يقدمون على الكذب فيما يريدون، فدل على أنه تعالى علم أنهم لا يقدمون إلا على الحق حيث وصفهم بما وصفهم[3].
3 ـ ومن السُّنَّة: ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: «من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد»[4].
ووجه الدلالة: ما ذكره الإمام الشافعي رحمه الله في شرح قوله صلّى الله عليه وسلّم: «فليلزم الجماعة» ، حيث قال: «إذا كانت جماعتهم متفرقة في البلدان فلا يقدر أحد أن يلزم جماعة وأبدان قوم متفرقين... فلم يكن في لزوم الأبدان معنى؛ لأنه لا يمكن، ولأن اجتماع الأبدان لا يصنع شيئًا، فلم يكن للزوم جماعتهم معنى إلا ما عليه جماعتهم من التحليل والتحريم والطاعة فيهما، ومن قال بما تقول به جماعة المسلمين فقد لزم جماعتهم، ومن خالف ما تقول به جماعة المسلمين فقد خالف جماعتهم التي أمر بلزومها، وإنما تكون الغفلة في الفرقة، فأما الجماعة فلا يمكن فيها كافّة غفلة عن معنى كتاب ولا سُنَّة ولا قياس إن شاء الله»[5].
4 ـ عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن أمّتي لا تجتمع على ضلالة، فإذا رأيتم اختلافًا فعليكم بالسواد الأعظم»[6].
وفي رواية: «إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة»[7].


[1] انظر: التمهيد لابن عبد البر (1/143) [طبعة وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، المغرب، 1387هـ]، والفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/400) [دار ابن الجوزي، ط2، 1421هـ]، وقواطع الأدلة في الأصول (1/464)، وروضة الناظر (1/131)، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (19/178 ـ 179)، وإعلام الموقعين (4/152).
[2] انظر: صحيح البخاري (4/1632)، وسنن الترمذي (5/207).
[3] انظر: الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/406)، وقواطع الأدلة في الأصول (1/464)، والإبهاج شرح المنهاج للسبكي (2/358) [دار الكتب العلمية، ط1، 1404هـ]، إرشاد الفحول (140).
[4] أخرجه الترمذي (أبواب الفتن، رقم 2165) وصححه، وأحمد (1/268) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والنسائي في الكبرى (كتاب عشرة النساء، رقم 9177)، وابن حبان (كتاب التاريخ، رقم 6728)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (1/792).
[5] الرسالة للإمام الشافعي (475) [دار الكتب العلمية، تحقيق: أحمد شاكر].
[6] أخرجه ابن ماجه (كتاب الفتن، رقم 3950)، وضعفه البوصيري في مصباح الزجاجة (4/169) [دار العربية، ط2، 1403هـ]، وأخرجه أحمد (45/201) [مؤسسة الرسالة، ط1]، والطبراني في الكبير (2/280) [مكتبة ابن تيمية، ط2]، عن أبي بصرة الغفاري رضي الله عنه بنحوه. قال الهيثمي: وفيه راوٍ لم يسم. مجمع الزوائد (7/221) [مكتبة القدسي]، وأخرجه الترمذي (كتاب الفتن، رقم 2167)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وقال: حديث غريب، وروي عن غيرهم من الصحابة أيضًا. انظر: المقاصد الحسنة (716) [دار الكتاب العربي، ط1]. والحديث ضعَّفه ابن حزم في الإحكام (4/527) [دار الحديث، ط1، 1404هـ]، والنووي في شرحه على مسلم (13/67) [دار إحياء التراث، ط2]، لكن أشار الحافظ ابن حجر إلى أن هذا حديث مشهور له طرق كثيرة، لا يخلو واحد منها من مقال، وساق من رواية ابن أبي شيبة (كتاب الفتن، رقم 38347) [دار القبلة، ط1] أن أبا مسعود رضي الله عنه قال: «وعليكم بالجماعة؛ فإن الله لا يجمع أمّة محمد على ضلالة»، وصحح سنده، وقال: «ومثله لا يقال من قبل الرأي». التلخيص الحبير (3/295 ـ 296) [مؤسسة قرطبة، ط1، 1416هـ]، وحسَّنه الألباني بمجموع طرقه. السلسلة الصحيحة (3/320).
[7] أخرجها ابن أبي عاصم في السُّنَّة (1/41) [المكتب الإسلامي، ط1، 1400هـ]، من حديث أنس رضي الله عنه، وحسنه الألباني، كما تقدمت الإشارة إليه قريبًا.


لقد عنون الإمام اللالكائي رحمه الله لكتابه في العقائد بـ: «شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة من الكتاب والسُّنَّة وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم»، ومما ذكره في مقدمته قوله: «فإن أوجب ما على المرء: معرفة اعتقاد الدين، وما كلف الله به عباده من فهم توحيده وصفاته وتصديق رسله بالدلائل واليقين، والتوصل إلى طرقها، والاستدلال عليها بالحجج والبراهين، وكان من أعظم مقول وأوضح حجة ومعقول: كتاب الله الحق المبين، ثم قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وصحابته الأخيار المتقين، ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون»[1].
وقال ابن عبد البر رحمه الله: «ليس في الاعتقاد كله في صفات الله وأسمائه إلا ما جاء منصوصًا في كتاب الله، أو صح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، أو أجمعت عليه الأمة»[2].
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «الطريق الرابع [أي: من الطرق التي تثبت بها الأحكام الشرعية]: الإجماع، وهو متفق عليه بين عامة المسلمين من الفقهاء والصوفية وأهل الحديث والكلام وغيرهم في الجملة، وأنكره بعض أهل البدع من المعتزلة والشيعة»[3].


[1] شرح أصول اعتقاد أهل السُّنَّة والجماعة (1/9) [دار طيبة، 1402هـ].
[2] جامع بيان العلم وفضله (2/96) [دار الكتب العلمية، 1398هـ].
[3] مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (11/341).


المسألة الأولى: الإجماع المعتبر:
لقد قرر جمع من العلماء ـ كابن تيمية وغيره ـ أن «الإجماع الذي ينضبط: هو ما كان عليه السلف الصالح، إذ بعدهم كثر الاختلاف وانتشرت الأمة»[1].
وعلى هذا فإن خلاف أهل البدع في العقائد لا يعتد به، ولا يقدح في انعقاد الإجماع في أبواب العقيدة.
يقول ابن القطان رحمه الله: «الإجماع عندنا إجماع أهل العلم، فأما من كان من أهل الأهواء فلا مدخل له فيه»[2]. بل إن أئمة السلف لم يكونوا يعدون أهل البدع من العلماء أصلاً، ولا يقبلون شهادتهم، فضلاً عن أن يعتدوا بخلافهم في العقائد.
قال ابن عبد البر المالكي رحمه الله: «أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ، ولا يُعَدُّون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه، ويتفاضلون فيه بالإتقان»[3].
ثم حكى قول الإمام مالك بن أنس رحمه الله: «لا تجوز شهادة أهل البدع وأهل الأهواء»[4].
ونقل بعدها عن محمد بن أحمد بن إسحاق بن خويز منداد المصري المالكي رحمه الله في تأويل قول مالك السابق قوله: «أهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام، فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع، أشعريًّا كان أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في الإسلام أبدًا، ويهجر، ويؤدب على بدعته، فإن تمادى عليها استتيب منها»[5].
وعليه؛ فالإجماع المعتبر في حكاية عقيدة أهل السُّنَّة والجماعة هو إجماع السلف الصالح من أئمة القرون المفضلة، الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، دون من جاء بعدهم، ودون من عاصرهم من أصحاب البدع.
وأهل السُّنَّة والجماعة متفقون والحمد لله على سائر أصول الاعتقاد.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: «إن أئمة السُّنَّة والحديث لم يختلفوا في شيء من أصول الدين»[6]، وقرر «أن أقوال الأئمة في أصول الدين متفقة»[7].
المسألة الثانية: حكم من خالف الإجماع:
المخالف للإجماع على نوعين:
الأول: من أنكر حجية الإجماع، ونفى أن يكون دليلاً، فمن العلماء من حكم بكفره[8]، ومنهم من قال: إنه لا يكفر، بل يبدّع أو يفسق[9].
الثاني: مخالفة حكم ثبت بالإجماع، وذلك على مراتب:
1 ـ أن يكون الحكم معلومًا من الدين بالضرورة، وقد انعقد عليه إجماع الخاصة والعامة؛ كتوحيد الله تعالى، ونبوة محمد صلّى الله عليه وسلّم، وأصول الشرائع من الصلاة والزكاة وغيرها، فمنكر هذا لا شك في كفره، وقد حكي الاتفاق على تكفيره.
2 ـ حكم ثبت بالإجماع القطعي؛ كتحريم الجمع بين المرأة وعمتها، وتحريم الكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فمنكر هذا يكفر أيضًا؛ لأنه أنكر حكمًا قد ثبت بالإجماع القطعي.
ولكن هذا القسم دون سابقه، ولهذا فرَّق بعض العلماء في هذا القسم بين ما كان معلومًا مشتهرًا من الإجماعات، فيكفر منكرها، وبين ما لم يكن كذلك، بل لا يعلمه إلا العلماء، فلا يكفر منكره من العامة، بل يعذر لجهله.
3 ـ حكم ثبت بالإجماع الظني؛ كالإجماع السكوتي الذي لم تحتف به قرائن تفيد قطعيته، فهذا قد حكي الاتفاق على عدم تكفيره، وإنما يُبدَّع ويفسَّق؛ لأنه خالف دليلاً يجب العمل بمقتضاه عند الجمهور وإن كان ظنيًّا[10].


[1] العقيدة الواسطية ضمن مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (3/157)، وانظر: قطف الثمر في بيان عقيدة أهل الأثر لصديق حسن خان (144) [شركة الشرق الأوسط للطباعة، ط1، 1404هـ].
[2] نقله عنه الزركشي في البحر المحيط (3/515) [دار الكتب العلمية، ط1، 1421هـ].
[3] جامع بيان العلم وفضله (2/95).
[4] المصدر نفسه.
[5] المصدر نفسه.
[6] درء تعارض العقل والنقل (10/306).
[7] درء التعارض (2/308)، وانظر: المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع (58 ـ 67).
[8] انظر: كشف الأسرار (3/266).
[9] انظر: منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان علي حسن (1/149 ـ 150) [مكتبة الرشد، ط4، 1418هـ].
[10] انظر: الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/434)، وشرح النووي على صحيح مسلم (1/205) [دار إحياء التراث العربي، ط2، 1392هـ]، والفروق للقرافي (4/259) [دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ]، ومجموع الفتاوى لشيخ الإسلام (7/39)، و(19/269 ـ 270)، والإحكام للآمدي (1/344)، والبحر المحيط للزركشي (3/566 ـ 569)، وإيثار الحق على الخلق لابن الوزير (112) [دار الكتب العلمية، ط2، 1987م]، وتيسير التحرير (3/153، 259) [دار الفكر]، وشرح الكوكب المنير (2/263)، وحاشية البناني (1/201 ـ 202) [دار الكتب العلمية، ط1، 1418هـ]، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد (1/149 ـ 150).


1 ـ «إعلام الموقعين»، لابن القيم.
2 ـ «الأم»، للإمام الشافعي.
3 ـ «دعاوى الإجماع عند المتكلمين في مسائل أصول الدين»، لياسر اليحيى [أطروحة ماجستير، جامعة الإمام].
4 ـ «الرسالة»، للإمام الشافعي.
5 ـ «الفقيه والمتفقه»، للخطيب البغدادي.
6 ـ «قواطع الأدلة في الأصول»، لأبي المظفر السمعاني.
7 ـ «مجموع الفتاوى»، لشيخ الإسلام ابن تيمية.
8 ـ «المسائل العقدية التي حكى فيها ابن تيمية الإجماع»، لخالد الجعيد، وعلي العلياني، وناصر الجهني.
9 ـ «منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد»، لعثمان بن علي حسن.
10 ـ «نقد مراتب الإجماع»، لشيخ الإسلام ابن تيمية.