حرف الباء / البعث

           

البعث: قال ابن فارس: «الباء والعين والثاء أصل واحد: وهو الإثارة، يقال: بعثت الناقة إذا أثرتها»[1]، ويأتي بمعنى: الإرسال، والنشر[2]، والمعاد[3]. يقال: بعثه إذا أرسله وأوصله[4].


[1] انظر: مقاييس اللغة (1/266) [دار الفكر].
[2] انظر: الصحاح (1/273) [دار العلم للملايين، ط4]، ولسان العرب (2/117) [دار صادر، ط3].
[3] انظر: لسان العرب (3/317).
[4] انظر: القاموس المحيط (211)، والمصباح المنير (1/72).


البعث: إعادة الخلق الفاني، كما كان عليه في الدنيا حيًّا، بعد النفخة الثانية في الصور.
قال السفاريني: «جمع أجزاء الإنسان بعد تفريقه ثم إحياء الأبدان بعد موتها»[1].
وهذا التعريف يشمل بعث الإنسان والجانّ والجماد.
وأما البعث الذي يترتب عليه الثواب والعقاب في الآخرة، والذي يكفِّر العلماءُ منكرَه فهو: إعادة الإنسان حيًّا بعد الموت، على هيئته التي كان عليها في الدنيا، من عجب الذنب بعد نفخة الصور الثانية[2].


[1] لوامع الأنوار البهية (2/158).
[2] انظر: رسائل الآخرة (3/678)، وراجع: تفسير ابن كثير (5/390)، فتح الباري (11/393).


يسمى البعث أيضًا: المعاد، والنشور، والبعث الآخر، الإحياء بعد الموت.



الإيمان بالبعث واجب؛ إذ هو جزء من الإيمان باليوم الآخر الذي هو ركن من أركان الإيمان، فلا يصح إيمان إلا به، ومنكره كافر؛ لقوله عزّ وجل: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الأَغْلاَلُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ *} [الرعد] ، وقوله عزّ وجل: {...وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا * ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِيدًا *} [الإسراء] .



يراد بالبعث هنا: إحياء الأموات وخروجهم من قبورهم ونحوها إلى حكم يوم القيامة، ليحاسبهم الله سبحانه وتعالى على أعمالهم[1].


[1] انظر: فتح الباري (11/393).


تضافرت الأدلة على إثبات المعاد بأساليب كثيرة ومتنوعة، فمن ذلك:
ـ الاستدلال بالبدء على الإعادة، كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِىءُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ *} [العنكبوت] .
ـ الاستدلال بالأجل الأعظم على الأيسر الأصغر، كما في قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ *} [الأحقاف] .
ـ الاستدلال بالأطوار والمراحل التي يمر بها الإنسان، كما في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً *أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى *ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى *فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى *أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى *} [القيامة] .
وقد أقسم الله تعالى بوقوع البعث، كما في قوله سبحانه: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا *} [النساء] .
وقال صلّى الله عليه وسلّم: «بخ بخ لخمس من لقي الله مستيقنًا بهن دخل الجنة: يؤمن بالله واليوم الآخر، وبالجنة، والنار، والبعث بعد الموت، والحساب»[1].
وفي حديث جبريل عليه السلام لما سأل النبي صلّى الله عليه وسلّم ما الإيمان، قال: «تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت»[2].
وقال صلّى الله عليه وسلّم: «قال الله: كذَّبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذبيه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدًا»[3].
وكان صلّى الله عليه وسلّم يقول إذا أصبح: «اللَّهُمَّ بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك المصير»[4].
وقد حكى الإجماع على كفر منكر البعث غير واحد، قال ابن حزم: «اتفق جميع أهل القبلة ـ على تنابذ فرقهم ـ على القول بالبعث، وعلى تكفير من أنكر ذلك»[5].


[1] أخرجه أحمد (24/430) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وقال الهيثمي: «رجاله ثقات». مجمع الزوائد (1/49) [مكتبة القدسي]، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (3/202).
[2] أخرجه بهذا اللفظ أحمد (1/315) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب الإيمان، رقم 168)، وصححه الألباني في صحيح الجامع (رقم 2798).
[3] أخرجه البخاري (كتاب تفسير القرآن، رقم 4482).
[4] أخرجه أبو داود (كتاب الأدب، رقم 5068)، والترمذي (أبواب الدعوات، رقم 3391) وحسنه، وابن ماجه (كتاب الدعاء، رقم 3868)، وأحمد (14/290) [مؤسسة الرسالة، ط1] واللفظ له، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 262).
[5] الفصل (4/137) [دار الجيل، 1405هـ]، وانظر: الدرة فيما يجب اعتقاده (215) [مطبعة المدني، ط1].


قال ابن عبد البر: «وقد أجمع المسلمون على أن من أنكر البعث، فلا إيمان له ولا شهادة»[1].
وقال ابن كثير: «البعث هو المعاد وقيام الأرواح والأجساد يوم القيامة»[2].
إلى غير ذلك من أقوال أهل العلم[3].


[1] التمهيد (9/116) [وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1387هـ].
[2] تفسير ابن كثير (3/206).
[3] انظر: مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والمعتقدات (196) [دار الآفاق الجديدة، ط1]، والدرة فيما يجب اعتقاده (206)، والفصل (4/137) [دار الجيل].


المسألة الأولى: عموم البعث:
إن البعث عام يشمل الجن والإنس والجماد والنبات والحيوان وكل رطب ويابس، ومن شواهد ذلك: قوله جلّ جلاله: {وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ *} [الصافات] ، وقوله عزّ وجل: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَامَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ} [الأنعام: 128] .
وقال صلّى الله عليه وسلّم في المؤذّن: «لا يسمع صوته شجر ولا مدر ولا حجر ولا جن ولا إنس إلا شهد له»[1].
وقال صلّى الله عليه وسلّم فيه أيضًا: «المؤذّن يغفر له مدى صوته، ويشهد له كل رطب ويابس»[2].
المسألة الثانية: أول من يبعث يوم القيامة:
إن النبي صلّى الله عليه وسلّم أول الناس بعثًا من الخلائق؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر...»[3].
المسألة الثالثة: يبعث الإنسان على ما مات عليه:
وإن الإنسان يبعث على ما مات عليه من نية وعمل وحال، لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «يبعث كل عبد على ما مات عليه» [4]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا أراد الله بقوم عذابًا أصاب العذاب من كان فيهم، ثم بعثوا على أعمالهم» [5]، وقوله صلّى الله عليه وسلّم في الحاج الذي وقصته الناقة: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبين، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه، فإنه يبعث يوم القيامة ملبِّيًا»[6].
وإن القرآن أول ما يلقى المؤمن عند بعثه؛ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «... وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره، كالرجل الشاحب، فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك! فيقول له: هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك! فيقول: أنا صاحبك القرآن، الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن كل تاجر من وراء تجارته، وإنك اليوم من وراء كل تجارة، فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا، فيقولان بم كسينا هذه؟ فيقال: بأخذ ولدكما القرآن، ثم يقال له: اقرأ، واصعد في درجة الجنة وغرفها، فهو في صعود ما دام يقرأ، هذًّا كان أو ترتيلاً»[7].
المسألة الرابعة: تمييز أمة النبي صلّى الله عليه وسلّم عند البعث:
إن الله يميِّز أمة محمد صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة عند البعث فتكون على تل في العرصات، قال صلّى الله عليه وسلّم: «يبعث الناس يوم القيامة، فأكون أنا وأمتي على تل، ويكسوني ربي تبارك وتعالى حلة خضراء، ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول، فذاك المقام المحمود»[8].


[1] أخرجه ابن خزيمة (كتاب الصلاة، رقم 389)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/56) [مكتبة المعارف، ط5]، وأصله عند البخاري (كتاب الأذان، رقم 609) بلفظ: «لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء، إلا شهد له يوم القيامة».
[2] أخرجه أبو داود (كتاب الصلاة، رقم 515)، وابن ماجه (كتاب الأذان، رقم 724)، وأحمد (13/52) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن خزيمة (كتاب الصلاة، رقم 390)، وابن حبان (كتاب الصلاة، رقم 1666)، قال الحافظ في الفتح (2/88): وصححه ابن السكن، وصححه الألباني في صحيح أبي داود (رقم 528) [مؤسسة غراس، ط1].
[3] أخرجه البخاري (كتاب الجنائز، رقم 1265)، ومسلم (كتاب الحج، رقم 1206).
[4] أخرجه مسلم (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم 2878).
[5] أخرجه مسلم (كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، رقم 2879).
[6] أخرجه البخاري (كتاب الجنائز، رقم 1206) [دار ابن كثير، ط4، 1410هـ].
[7] أخرجه ابن ماجه (كتاب الأدب، رقم 3781)، وأحمد (38/41) [مؤسسة الرسالة، ط1] واللفظ له، والدارمي (كتاب فضائل القرآن، رقم 3434)، وقال الهيثمي: «رجاله رجال الصحيح». مجمع الزوائد (7/159) [مكتبة القدسي]، وحسَّنه ابن كثير في تفسيره (1/152) [دار طيبة، ط2]، وذكر لبعض ألفاظه شواهد.
[8] أخرجه أحمد (25/60) [مؤسسة الرسالة، ط1]، وابن حبان (كتاب التاريخ، رقم 6479)، وقال الهيثمي: «رجاله رجال الصحيح». مجمع الزوائد (7/51) [مكتبة القدسي]، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (رقم 2370).


إحياء الله تعالى للعباد، وبعثهم يوم القيامة، ليحاسبهم على ما قدموا من خير وشر، وبذلك يظهر عدل الله تعالى في عباده، ورحمته سبحانه بالموحدين.



خالف في المعاد طائفتان؛ فطائفة أنكرته بالكلية، وطائفة أنكرت بعث الأجساد دون الأرواح.
أما الطائفة الأولى فيمثلها الدهرية، ومشركو العرب، والتناسخية.
وإنكار الدهرية مبني على إنكارهم للخالق سبحانه وتعالى، وقد حكى الله مقولتهم في القرآن ونقضها في نفس الموضع، قال تعالى: {وَقَالُوا مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلاَّ الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ *} [الجاثية] .
وأما مشركو العرب فإنكارهم مبني على الاستبعاد دون إنكار الخالق، قال سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ *} [الزخرف] ، ومع ذا قالوا: {إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ *} [الدخان] ، وقال فريق منهم: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ *}، وقد ردَّ الله عزّ وجل هذا الاستبعاد، فقال تبارك وتعالى : {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ *قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ *الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ *أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاَّقُ الْعَلِيمُ *} [يس] .
وأما التناسخية من الباطنية[1] وغلاة الشيعة[2] فإنكارهم مبني على زعمهم انتقال الأرواح إلى أبدان أخرى بعد الموت وفيها يكون النعيم والعذاب، وهو مذهب باطل لمناقضته لنصوص الوحي كما تقدم، ولكونه في أصله متلقى «من المجوس المزدكية، والهند البرهمية، ومن الفلاسفة والصابئة»[3]، وما كان كذلك فمردود، قال الأشعري عن هذه الطوائف الغالية: «أهل الغلو: ينكرون القيامة والآخرة، ويقولون: ليس قيامة ولا آخرة، وإنما هي أرواح تتناسخ في الصور، فمن كان محسنًا جوزي بأن يُنقَلَ روحه إلى جسد لا يلحقه فيه ضرر ولا ألم، ومن كان مسيئًا جوزي بأن يُنْقَل روحه إلى أجسام يلحق الروح في كونه فيها الضرر والألم، وليس شيئًا غير ذلك، وأن الدنيا لا تزال أبدًا هكذا»[4].
والتناسخ يهدف في حقيقة الأمر إلى هدم عقيدة المعاد التي جاءت بها الرسل؛ لأن مضمونه إنكار البعث والحشر والحساب والجنة والنار وسائر أمور الآخرة.
وأما الطائفة الثانية فيقولون ببعث الأرواح دون الأجساد، وهم طائفة من الفلاسفة المنتسبين إلى الإسلام ومنهم ابن سيناء والفارابي[5]، ووافقهم بعض أهل الكلام من المعتزلة والكرامية[6].
ومن أبرز شبهاتهم: زعمهم امتناع إعادة المعدوم بعينه؛ لأنه يتحلل ويتحد بغيره[7].
وهذا يبطله ما تقدم من النصوص المتواترة في بعث الأجساد كما تقدم، والقائل به مكذِّب لصريح القرآن والسُّنَّة وهذا كفر وضلال، وقد عرض الغزالي رحمه الله لمذهب المتفلسفة الإسلاميين كابن سيناء والفارابي وغيرهما، فقال: إن «مجموع ما غلطوا فيه يرجع إلى عشرين أصلاً، يجب تكفيرهم في ثلاثة منها، وتبديعهم في سبعة عشر»[8]، وذكر مما يوجب تكفيرهم: إنكارهم لحشر الأجساد، وقال شيخ الإسلام رحمه الله: «والملاحدة المنكرون للمعاد تعود شبههم كلها إلى ما ينفي علم الرب تعالى أو قدرته أو مشيئته أو حكمته، ونفي العيّ[9] يثبت هذه الصفات، فتنتفي أصول شبهتهم»[10].


[1] انظر: الحركات الباطنية في العالم الإسلامي (111) [دار عالم الكتب، ط2]، والأصول الإيمانية لدى الفرق الإسلامية (483) [دار المعرفة الجامعية، 1990م]، والبابية عرض ونقد (205 ـ 208) [دار ترجمان السُّنَّة، ط6]، والموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة (63، 387، 396) [الندوة العالمية، ط2، 1409هـ].
[2] انظر: الملل والنحل (1/205) [دار المعرفة، ط1]، ومقالات الإسلاميين (1/67، 78) [المكتبة العصرية].
[3] الملل والنحل (1/206).
[4] مقالات الإسلاميين (1/119).
[5] انظر: درء تعارض العقل والنقل (7/384، 386) [جامعة الإمام، ط1]، وإغاثة اللهفان (2/381) [المكتب الإسلامي، 2]، وشرح العقيدة الطحاوية (2/590، 598) [مؤسسة الرسالة، ط1]، ولوامع الأنوار البهية (2/157) [المكتب الإسلامي، ط3]، ولوائح الأنوار السنية (2/220) [مكتبة الرشد، ط1].
[6] انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل (4/138)، وعقائد الثلاث والسبعين فرقة (2/343) [مكتبة العلوم والحكم، ط1]، ولوائح الأنوار البهية (2/157)، ولوائح الأنوار السنية (2/220).
[7] انظر: تاريخ الفرق الإسلامية (260) [دار المنار، ط1]، والمنقذ من الضلال (106) [دار الأندلس]، ولوائح الأنوار البهية (2/157)، ولوامع الأنوار السنية (2/220).
[8] المنقذ من الضلال (98، 106).
[9] المقصود بالعي ما جاء في قوله تعالى: {أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ} [ق: 15]، فليس المقصود به الإعياء الذي هو التعب، وإنما عدم الهداية لوجه الأمر. انظر: درء تعارض العقل والنقل (7/383).
[10] درء تعارض العقل والنقل (7/384).


1 ـ «الأصول الإيمانية لدى الفرق الإسلامية»، لعبد الفتاح أحمد.
2 ـ «درء تعارض العقل والنقل» (ج1، 7)، لابن تيمية.
3 ـ «الدرة فيما يجب اعتقاده»، لابن حزم.
4 ـ «الروضة الندية شرح العقيدة الواسطية»، لابن فياض.
5 ـ «شرح العقيدة الطحاوية»، لابن أبي العز.
6 ـ «فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام»، لغالب عواجي.
7 ـ «لوائح الأنوار السَّنية»، للسفاريني.
8 ـ «لوامع الأنوار البهية»، للسفاريني.
9 ـ «مجموع الفتاوى»، لابن تيمية.
10 ـ «مراتب الإجماع في العبادات والمعاملات والمعتقدات»، لابن حزم.